المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. نزيه بريك
الأستاذ الكريم مسلك ميمون ، بداية تحياتي لك والحمد لله على سلامتك، ودمت متعافيا، وتحياتي الى الأخ عبد الوهاب الجبوري صاحب هذا النص الرائع
عوده الى نقاش النص
الشهيد
عبدالوهاب محمد الجبوري
من هول الصدمة راح يمشي على أقدام نائمة وأوغل في نفق مظلم كي يصحو بلا عينين ..
راح يتأمل دماءها المضرّجة بالحب وهي تتعطر في معاني التسبيح وكان آخر أنفاسها تكبيرة شوق .......
تذكر أن النعش لا يمكن أن يسبق الكفن وعليه أن يختصر التراب قبل أن تتزاحم الأفلاك في ميراثها .. فصام
وشدّ على بطنه الحجر ، ثم قرر أن لا يفطر إلا على مائدة الله .. مع الأنبياء والشهداء ..
نناقش هذا النص انطلاقا من النقط التالية، حتى لا يشتط بنا النقاش :
1 ـــ معمارية النص Archi – texte
2 ـــ ماذا عن الإضمار L’implicitation
3 ـــ ماذا عن القفلة أو المفارقة Paradoxe
معمارية النص:
* يأخذ النص بمضمون أحداثه شكلا (أود أن أسميه ) هرمياً، حيث (وككل النصوص) يبدأ بالرأس (العنوان) ، لكنه يتسع نحو القاعدة (النهاية) وذلك من خلال
تسارع وتكاثف الأفعال (
راح يمشي، أوغل، يصحو، راح يتأمل، تتعطر، تذكر، يسبق، يختصر، تتزاحم، صام، شدّ، قرر)
* العنوان يكشف الفاعل والفعل، دون أن يفضح أسباب الفعل
* تقوم حركة النص على صيغتين من الأفعال ( الماضي والمضارع)، وفي رأيي حبذا لو اعتمد صيغة فعل الماضي، ليقلل من حروف العطف
وجاء النص على النحو التالي:
من هول الصدمة مشى على أقدام نائمة، أوغل في نفق مظلم فصحا بلا عينين ..
تأمل دماءها المضرّجة بالحب وهي تتعطر في معاني التسبيح وكان آخر أنفاسها
تكبيرة شوق .......
تذكر أن النعش لا يسبق الكفن، اختصر التراب قبل أن تتزاحم الأفلاك في ميراثها .. فصام
وشدّ على بطنه الحجر ، ثم قرر أن لا يفطر إلا على مائدة الله ..
* النص يقوم على استعمالات الجمل القصيرة والطويلة’ وذلك بسبب الانتقال في صياغة النص ما بين أفعال الماضي والمضارع،
فلو اعتمد الكاتب صيغة الفعل الماضي، لجاءت الجمل كلها قصيرة، كما يتبين في الصيغة التي طرحتها سابقاً.
* يبدأ النص بشبه جملة (
من هول النص) والتي أحالت القارئ من البداية الى وضعية التساؤل
عن سبب الصدمة، وبذلك فتح شهيته على المتابعة بشغف لمعرفة أسباب الصدمة.
* يزخر النص بالجمل البلاغية التي تحمل صوراً شعرية جميلة ، وبصياغات لها دلالات صوفيه (
يمشي على أقدام نائمة،
يصحو بلا عينين، تتعطر بمعاني التسبيح) كلها تعابير تأخذنا إلى مشهد صوفي، حيث يصبح المشي حالة من التحليق فيفقد الإحساس بقدميه،
ويصبح الصحو ليس من خلال العينين، بل من خلال إغلاق العينين واستدعاء العالم الآخر، ويشعر بالتعطر من خلال التسبيح
أما القفلة " قرر أن لا يفطر إلا على مائدة الله" فقد جاءت قوية في صياغتها التعبيرية، لكنها ضعيفة بفقدانها عنصر المفاجئة، ذلك أن العنوان " الشهيد"،
وما سبق القفلة من مفردات، سلب من القصة عنصر المفاجئة.
أتأمل أني فعلت خيرا، والا معذرة على التطفل
دمتم بخير
نزيه بريك
المفضلات