المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين يدي مؤتمر الأردن



مصطفى الزايد
26/08/2013, 07:33 AM
بين يدي مؤتمر الأردن

نطالب «الائتلاف» والعرب بإثبات صدق نواياهم باستصدار قرارات لا تهدد مستقبل سورية.
نريد من أمريكا وأوربا حظراً جوياً وسلاحاً .. أما التدخل العسكري فيكون عربياً- تركياً فقط.
حاجتنا إلى التدخل العسكري الأمريكي وقلقنا منه خلقا تذبذبا في موقفنا تجاهه.


بعد أن ساهم الجميع من حيث يدرون أو لا يدرون بجعل القطب الواحد يبسط هيمنته على العالم، لم تعد مخاوفنا في حدود الانقلابات والحرب الأهلية التي تتهدد شعوبنا في مصر وسورية وتونس وربما اليمن. نعم إنها مخيفة، لكن هناك أمراً آخر مرعباً أكثر؛ فنحن اليوم نطالب الغرب و«أمريكا» تحديداً بوضع حد لمعاناة الشعب السوري، ومساعدته في إسقاط النظام عبر حل عسكري. وفي الوقت نفسه نخاف من مجيء القوات الأمريكية إلى بلادنا، لأنها لن تأتي وتقاتل من أجل الإنسانية، أو لنصرة المظلومين، أو لنشر الديمقراطية كما يدعون.

وقد أوردت صحيفة «الحياة» أمس الأحد/ 25/ آب/2013 في مقالة بعنوان: (واشنطن تدرس خيار كوسوفو لمعاقبة النظام) أن مسؤولاً في الرئاسة الأمريكية قال: «سنتصرف بطريقة محسوبة بغية اتخاذ قرارات تتوافق ومصالحنا الوطنية وتقويمنا لما يمكن أن يحقق أهدافنا في سورية».
وبما أن أمريكا سبق أن قيمت «جبهة النصرة» في قائمة الإرهاب، ومن خلال حوارات عدة كانت بيني وبين عدد من الضباط المنشقين الذين التقوا مسؤولين «أمريكيين» و«أوربيين» في تركيا، عرفت كثيراً من الشروط التي رفضها شرفاؤهم، ولا نعلم إن استطاعوا التنسيق مع غير الشرفاء، فكان من أوائل هذه الشروط أنهم لا يريدون «كتائب إسلامية» مطلقاً، فمن المتوقع أن تضم إلى جبهة النصرة في ذلك التقييم «دولة العراق والشام»، و«أحرار الشام»، ثم جميع «الكتائب الإسلامية»، لأنه كما أن لنا بعبعاً يخيفنا هو الترسانة العسكرية، فهم أيضا لهم بعبع يخيفهم هو «الجهاد»، ولذلك لا يريدون وصول الإسلام إلى الحكم في أية دولة.

وبناء عليه فأمريكا إذا شنت حربها على سورية في صورة مشروعة تحت ضغوط المطالب الشعبية، وفي ظل الشرعية الدولية، فستقوم بتدمير ما تبقى من بنى تحتية في سورية تضمن إضعافها عشرات السنين، ولا بد أن تترك وراءها نائبا لها يضمن مصالحها في سورية بالحفاظ على «أمن إسرائيل» من جهة، وقمع «الكتائب الإسلامية» ومطاردتها والقضاء على «الفكر الجهادي» في المنطقة من جهة أخرى.
وما أوصلنا إلى هذا التناقض في موقفنا من أمريكا، وحال الهلع من مستقبل مريع يخايل لعيوننا كلما تذكرنا «العراق»، هو الحكومات العربية، التي وقفت متفرجة، وابن الحلال الذي يسمح لشعبه بالتبرع الإغاثي للمنكوبين، وكلما هاجت إشاعات عن فكرة «تدخل عربي» كذبها الواقع، وكلما تجرأ أحد بتصريح سارعت أمريكا إلى دفعه إلى التراجع أو لزوم الصمت، وكان آخر هذه الصيحات اجتماع العلماء في مؤتمر القاهرة وإقرار الجهاد، مما دفع أمريكا إلى المسارعة بإعطاء إبرة مخدر للضمير العربي بوعد باتخاذ إجراءات، فسكت العلماء، وخمد حماسهم وحماس الشعوب، حتى مرت أسابيع ولم تتخذ أمريكا أي تدبير فطولب العلماء بمطابقة الفعل للقول، اعتذروا وكأنهم تلقوا تهديداً ما.

الخلاصة التي أستطيع التصريح بها – على رغم أنني في فمي ماء - هي أن الدول العربية لا تملك اتخاذ أي قرار حتى ضمن منظومة «جامعة الدول العربية»، لكن في حال قررت أمريكا التدخل، فإن الدول العربية ستسارع إلى صياغة تصريحات أقوى من التصريحات الأمريكية وستظهر العاطفة العربية والإسلامية جياشة تجاه الشعب السوري وتهب النخوة الأصيلة لإنقاذه! ولكن في ظل القرار الأمريكي الذي سيحدد الزمان والأمكنة والنوعية والكيفية، وستخوض الحرب للقضاء على نظام الأسد، لكن تحت القيادة الأمريكية بتبعية مطلقة.

وفي حين كانت مطالبنا حظراً جوياً من أمريكا وأوربا، ودعماً عسكرياً أو عتادياً من الدول العربية، لم نحصل منه على أضعف الإيمان وهو «الحظر الجوي».
ونحن اليوم بين نار معاناتنا وظل مخاوفنا، وبين حاجتنا وقلقنا الذي خلق تذبذباً في شأن التدخل الأمريكي «العالمي» فإننا ننظر إلى الاجتماع المقرر عقده اليوم في الأردن والذي تشارك فيه كل من أمريكا والسعودية وقطر وتركيا وبريطانيا وتركيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وكندا، وبالتأكيد سيكون الممثل السوري فيه «الائتلاف» بعين الخوف وعدم الاطمئنان إلى النوايا. ولذلك فإننا نطالب الائتلاف أولاً والعرب ثانياً بإثبات صدق نواياهم باستصدار قرار دولي بحظر جوي، وتدخل عسكري عربي- تركي فقط، أما الغرب فنريد منهم السلاح، والبقية على الله ثم على شعبنا الباسل.
أما التدخل العسكري الغربي فسيجعلنا نترحم على حكومة «الأسد» على إجرامها، إلا إذا كانت الحكومات العربية تريد تقديم الموعظة لشعوبها كي يحذفوا فكرة «الربيع» من قاموس الرؤى الشعبية.
مصطفى الزايد