المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( الحالة النفسية للرياضي ))



تميم فخري الدباغ
28/08/2013, 01:51 PM
الحالة النفسية للرياضي (نشر في مجلة الشباب والرياضة )
أود قبل كل شيء أن ازيل بعض الغموض العلمي حول عنوان الحديث (نفسية الرياضي) فهو لا يشبه تماماً ما نقصده بقولنا (نفسية الطبيب) أو نفسية المهندس أو المدرس .. الخ لأن ذلك يتعلق بنفسية صاحب المهنة، فنفسية الرياضي اصطلاح قد يدل على (نفسية الرياضي الممتهن الرياضة) أو على نفسية الرياضي الذي يزاول الرياضة كجزء مهم من حياته وأنا أميل إلى المعنى الثاني لأن مهنة الرياضة هي مهنة العيش والتعامل التجاري مع النوادي، أما الرياضي الهاوي فهو انسان آخر يختلف عن الرياضي الحرفي وإن كانت هناك نقاط التقاء في جو اللعب وفي التعاون وفي السعي لتحقيق النصر ... الخ.
ما هي الرياضة؟:- وللحديث عن الحالة النفسية للرياضي يقتضي –من باب الفائدة والايضاح- معرفة بعض الامور والحقائق النفسية عن الرياضة بحد ذاتها وهي:-
1- الرياضة لعبة منظمة واللعب عند الاطفال مثلاً لا يعتبر في نظر علم النفس مجرد لهو أو عبث بل أنه عملية نمو ونضج، أو هو رياضة عضوية وفكرية تعتبر من جملة تجارب الحياة.
2- الرياضة كمجهود عضوي نفسي تعمل بمثابة صمام أمان أو متنفساً لكثير من الأزمات والصراعات والمشاكل الذاتية أو الجماعية، ولو تجاوزنا نظرية فرويد إلى غيره من علماء النفس لوجدنا مثلاً أن العالمة (ميلاني كلاين) تؤكد على كون عريزة الاعتداء والعنف موجودة في الانسان الطفل مثل غريزة البقاء والأكل والشرب والجنس، فالاعتداء أو لنقل (العراك والصدام) طاقة مغروسة في الانسان منذ صغره وهو يعبر عنها بشتى الطرق. ولا يخفي الطفل ميله للاعتداء بل يعبر عنه ببساطة ووسائل مباشرة كالتحطيم وضرب الدمى واللعب التي يشتريها له ذووه وهكذا لكن عملية التأقلم الاجتماعي والتربية تجعل من الطفل شاباً أو بالغاً ناضجاً مؤدباً لا يعتدي إلا في حالة عراك فعلي واضطراري وهنا تبرز الرياضة لدى الشباب والكبار لتصبح المجال المشروع والفعالية المسموح بها للتعبير عن كل نوازع العنف والمكر
والفر، ويتجلى ذلك بصورة جيدة في العاب الملاكمة والمصارعة ثم الركبي فكرة القدم ... الخ.
3- وبما أن الرياضة الرسمية محاطة بأنظمة وقوانين تسيرها فإن (العنف الرياضي) يعلم الانسان معنى النظام والقانون ويجعله انساناً اجتماعياً رغماً عنه حتى من خلال تمتعه باشباع نزعته إلى القوة والعنف.
4- وتقول نظرية (ادلر) في علم النفس الفردي ان الانسان يميل إلى الظهور والسيطرة والقوة فالشهرة الرياضية لدى البعض تشبع هذه الرغبة، كما أن غير الرياضي يمكن أن يشبع ذاته ونزعته عن طريق التفوق في الادب أو الشعر أو الفيزياء والاختراع. فالرياضة إذن إحدى وسائل اشباع التفوق الغريزي وعلاج الشعور بالنقص أحيانا.
5- كذلك فإن كثيراً من الامراض النفسية العصابية والانطواء والانغماس في الشذوذ أو الادمان يمكن علاجها بممارسة الرياضة التي تفسح المجال للاختلاط والانفتاح على الآخرين والعطاء والانشراح والجهد الجسمي والتي تساعد وتخفف عن الجهد الفكري والحصر والتوتر النفسي.
ومن كل ما تقدم يمكن ان نفهم نفسية الرياضي وعوامل الربح والخسارة التي تلعب دورها في مجالات الرياضة المتعددة والتي يمكن إجمالها بما يلي:-
1- لا يلعب الرياضي لنفسه فقط بل لغيره أيضاً، ويمثل هنا بالفريق الذي ينتمي اليه وبالمجموعة التي يمثلها الفريق، فإذا كان الفريق يمثل مجموعة الكلية أو المدرسة الفلانية او المؤسسة أو المنظمة فإنه يلعب من أجل رفع سمعة تلك الجهة والحقيقة ان اختلاف الوان البسة وشعارات الفرق الرياضية ليس لمجرد معرفة وتمييز الفرق المتساقة بل أن اللباس والشعار واللون يوحد اعضاء الفريق الواحد ويجمعهم حول رمز معين ويزيد من شعورهم بالانتماء والوحدة وحتى الاعلام التي تميز المدارس والكليات والمؤسسات عن بعضها تخدم هذا الغرض.
2- وعندما تتسع رقعة التمثيل والانتماء فإن الرياضي يشعر بأنه يمثل قطره بصورة عامة أو يمثل أمته، وهكذا وفي جميع تلك الحالات يبرز دور الجماعة وتأثيرها على الفرد الواحد ويشعر الرياضي أنه لا يلعب لمجرد اللعب بل لأنه يحمل رسالة اجتماعية أو قومية أو سياسية.
3- إن تشبع الرياضي بأنظمة وقوانين اللعبة تخلق فيه روح التسامح والنظام والطاعة وتصقل فيه روح الخشونة وتزيل عنه آثار الانانية والاعتداء والغدر واصطلاح الروح الرياضية (Sportsmanship) هي الخلة أو العادة التي نريد أن نغرسها في الجيل الناشء لأنها مثال الاخلاق الرفيعة.
4- ولكي لا تختفي العوامل الفردية في الرياضية فإن التشجيع من قبل المشاهدين والصحافة والاعلام، والجوائز التقديرية تشبع في الرياضي الواحد ميله المشروع في حب الشهرة والبطولة وبدون أن يشعر الرياضي بأهميته كفرد في بنيان الفريق ونجاحه وشهرته فإن حماسه واندفاعه يكون آلياً بارداً ومشوباً بالفشل لذلك يكون من المهم لرئيس مدرب الفريق أن يشير ويؤكد على أهمية دور كل رياضي في فريقه كلما سنحت له الفرصة والمناسبة.
5- ومن واجب المبرزين والمشهورين في الفريق المعين أن لا ينفردوا ويحتكروا شهرتهم بل أن يجعلوها عامة وشاملة لكل اعضاء الفريق وذلك في أحاديثهم ولقائاتهم وحفلاتهم الخاصة، فالاشادة بدور فلان وفلان عندما سجل أحدهم الهدف الفلاني يشعر الجميع بأن تسجيل الهدف لم يكن مقتصراً عليه بل أن الآخرين ساعدوه على ذلك. إن العاب الفريق الرياضي وتجسيد التعاون بين الأعضاء أصبح يطلق على كل الاعمال الاخرى في مجالات العلوم والصناعة عندما يحتاج إي مشروع أو عمل إلى مجموعة من أشخاص فالعملية الجراحية التي يجريها الطبيب لا تعتبر عمليته هو فقط بل عملية الفريق الجراحي الذي معه من ممرضة ومخدر وأطباء مساعدين ....الخ.