المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأفول ق ق ج



محمد طيب الحواط
04/09/2013, 12:22 AM
الأفول


نشأ معافى يعيش في رغد
ثم غطت سماءه غربان
تنتزع أطرافه ، تقتسم خيراته .
بيسر استسلم .
دس أفوله في أعماق رماله الشاسعة .
صار غثاء كأن لم يكن .

عبدالله بن بريك
05/09/2013, 06:58 AM
نصّ سرديّ بديعٌ.توفرت فيه الفكرة العميقة
و الرهان الهادف و الإضمار المحبّب و الشاعرية العالية،
كما توسّل برمزية ناجحة تثير تأويل المتلقي و تستنفر تفكيره.
تقديري العميق،أستاذ "الحواط"

سعيد نويضي
05/09/2013, 06:01 PM
الأفول


نشأ معافى يعيش في رغد
ثم غطت سماءه غربان
تنتزع أطرافه ، تقتسم خيراته .
بيسر استسلم .
دس أفوله في أعماق رماله الشاسعة .
صار غثاء كأن لم يكن .






بسم الله و الحمد لله و سلام الله على الأديب الفاضل الحواط...

الأفول عنوان يضع الإنسان عموما و القارئ خصوصا أمام حقيقة البقاء و الفناء...فلمن البقاء و لمن الفناء...؟

"نشأ معافى يعيش في رغد"

النشأة على الفطرة هي القيمة الكبرى التي يجي أو من المفروض الحفاظ عليها ،حتى لا تعبث بها الأيادي التي تعفنت بشكل أو بآخر...
و العيش في رغد لا يسد كل أبوب الانفلات أو الانحراف...الرغد البحبوحة من العيش...يفيد إلى حد ما أن جانبا معيا قد لا يتعب الإنسان في تحصيله...لكنه لا يشكل كل ما يحتاجه المرء لكي يظل "معافى"...بل قد يكون ذلك سببا من أسباب الانحراف الذي قد يأتي بفساد كبير إن لم يصاحب ذلك "حسن التدبير و التفكير...و العديد من الواوات..."

"ثم غطت سماءه غربان"...

ثم تغير الفضاء الذي من خلاله يتنفس القيم..."الغربان" نذير شؤم في الثقافة الشعبية و الأساطير...في حين أن الغراب قد أشار إلى أحد ابني آدم عليه السلام حتى يعلمه ما غاب عنه من علم...
لكن غربان "الإنس" أشد قسوة و أشد فتكا...فالحقيقية لا تأخذ إلا ما يسر لها الحق أما الثانية فتأخذ ما لها و ما لغيرها...كدليل على فساد "الفطرة" الذي لوتثتها البيئة بحكم تدافع الحق و الباطل كسنة كونية من سنن الخالق جل في علاه...

"بيسر استسلم ."

سلبية الإنسان ليست معطى طبيعي...بل هي نتيجة الكسل و الخمول و الاتكال على الغير و العديد من الأمراض القلبية سواء منها الذاتية أو الموضوعية / النفسية أو الاجتماعية...

"دس أفوله في أعماق رماله الشاسعة ."

و كل سلبي لا يحمل موجب فمصيره الأفول...إلى أن يشحن بالطاقة الإيجابية...و الأمة الإسلامية هي وليدة بيئة الصحراء...وليدة ظروف قاسية...لكن نور الإيمان...الطاقة الإيجابية العظمى و القيمة الكبرى التي أسسها سيد الخلق و المرسلين قد شابها شيء من "الأفول" كظاهرة المد و الجزر التي تعرفها "الحضارة الإنسانية" فقد علا نجمها في سمائها لما كانت على الحق المبين و افلت لما حادت عن طريقها القويم...
فإذا كانت الأمة "جسد" فقيمها لا تنتهي بل هي خالدة خلود السماوات و الأرض...و ما أفل فيها هو الشكل هو الجسد الذي إن شاء الله جل و علا بعث فيه ما بعث في الأمم السابقة من عوامل النهضة و من بواعث اليقظة حتى تستقيم على الحق...
الحق باق و الباطل للأفول ذاهب...و الحق حق و الباطل إلى الزوال يسير...
لكن لك شيء جعل الله سببا...و كل سبب هو شرط...فكما كان للأفول شروط فللإشراق كذلك شروط...فلو أدركوا السنن التاريخية التي جعلها الحق جل و علا كالسنن الطبيعية...لكان لهم المستقبل الذي يرضاه الحق جل و علا للأمة الإسلامية و من بعدها الأمة الإنسانية..."كنتم خير أمة أخرجت للناس..."الآية...
فالخروج من حالة الأفول إلى حالة الإشراق و اليقظة و النهضة...هو أشبه بمعادلة ليست بالمستحيلة بل تتطلب الصبر الجميل...الصبر الذي لا يتبعه اليكاء على ماض قد كان و ولى بل على حاضر همه هو معرفة السنن التاريخية التي تعادلها السنن الطبيعية التي تجعل من الماء كظاهرة طبيعية يتبخر عند الدرجة المائة مثلما يستجيب الله جل و علا "القادر على كل شيء" للدعاء عندما تتحقق شروطه الموضوعية التي لا تنفصل عن الشروط الذاتية...[و هذا مجرد مثال لحقيقة السنن الإنسانية و السنن الطبيعية]...


"صار غثاء كأن لم يكن ."

و الجميل في القفلة أنها مفتوحة على عدة تأويلات و قراءات...لكن ما راق لي كقراءة و كمدخل سليم لتحقيق ما سبق من قول هو الحديث الواقعي الذي أخبر به سيد الخلق و المرسلين عليه الصلاة و السلام...

"فصار كمن لم يكن"

هذا هو الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر به قبل ما يزيد على أربعة عشر قرناً من الزمن، ورسم له العلاج الوحيد الذي تعود به الأمة إلى قديم عهدها وسابق مجدها، ألا وهو الرجوع إلى الله تعالى، فما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي، فهو الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حيث يقول: يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ فقال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنّ الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت. رواه أبو داود.

و العودة إلى الله لا تعني العودة بالزمن إلى الوراء كما يفهمها البعض بل إحياء ما أصابه الأفول من قيم الإسلام...الدين الخاتم...

قال الله عز و جل:

{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85.

ومن يطلب دينًا غير دين الإسلام الذي هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة, والعبودية, ولرسوله النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم بالإيمان به وبمتابعته ومحبته ظاهرًا وباطنًا, فلن يُقبل منه ذلك, وهو في الآخرة من الخاسرين الذين بخسوا أنفسهم حظوظها.[التفسير الميسر].

فالله الغني عنا و عن أعمالنا لا يريد للإنسانية إلا خيرا...
فالإشراق لا يكون بالإكراه بل يكون بحب الحق و بحب الصدق و بحب الباقية على الفانية...

أما الذين تفرون منه فإنه آت لا محالة...سنة الله في خلقه و مخلوقاته...

الأفول كقصة قصيرة جدا و كنص يضع القارئ بين كراهية الإنسان عموما للأفول كحالة للكينونة و الحضور كرغبته كبرى في تاكيد مستوى معين من الوعي و التساؤل عن كينونة الشيء من عدمه أو اللاشيء من وجوده يذكرني و يذكر القارئ بقصة ابراهيم الخليل عليه الصلاة و السلام عن إشكالية الأفول الفاني و الحضور الباقي...

الأفعال التي وردت في القصيصة تقاسمت الزمن بين ماض و حاضر...لكن مع غياب للفعل في المستقبل باعتباره زمن لم يحن وقته بعد...

فمعنى "صار" الذي تعني في القاموس الرائد [صار:انتقل من حالٍ إِلى أُخرى ] أي أنه انتقل من الكينونة إلى عدمها...فهل الكينونة هي الأثر الذي يتركه الكائن بعدما تافل قواه الجسدية و العقلية و يصير إلى ما صار إليه الأولون...؟
أم هي إشارة إلى القولة المشهورة "أن تكون أو لا تكون تلك هي الإشكالية؟"...أو "أكون أو لا أكون ذلك هو السؤال"...
هل هو سؤال الهوية أم سؤال الكينونة...؟

و هل إثبات الذات يتم انطلاقا من الغاية بالوسيلة المناسبة...؟
أم أن إشكالية الذات هي مبدئيا في وعيها بذاتها قبل البحث عن تحقيقها و إثباتها...؟

فالأديب شكسبير والثابت أن أباه كان رجلاً له مكانته في المجتمع، وكانت أمه من عائلة ميسورة الحال. وقيل إنه بلغ حداً من التعليم...لم يعرف مشاكل الفقر إلى حد ما...و من تم لم تشغله لقمة العيش و لم تاخذ من مساحة اهتماماته إلا الشيء القليل الشيء الذي جعله يتمثل معاناة الآخر في كتاباته مع لمسة من إحساسه "برغد العيش"...
فقد ورد في ويكيبيديا "أشد المآسي قسوة في أعماله لا تخلو من لحظات تزخر بالهزل المكشوف وهو يصور الحياة التي تنبض في صوت مكتوم على توقيع العواطف والشهوات، والمتناقضات, بلغة تتسم أحيانا بالغرابة, وأحيانا أخرى بالعاطفة. أكسب أعماله طابع المأساة العالية..."

فتأمل قولته التالية: "إننا نعلّم الآخرين دروساً في سفك الدماء.. فإذا ما حفظوا الدرس قاموا بالتجربة علينا.."

فشتان بين أن يكون الإنسان العاقل متسائلا بين الهدى و الهوى و بين أن يكون بينهما حائرا أو تائها أو غافلا...

تحيتي و تقديري...

محمد طيب الحواط
07/09/2013, 01:33 AM
الشاعر المفوه

القاص المبدع

الفاضل

عبد الله بنبريك

ممتن لاهتمامك وتتبعك

مقدر لقراءتك وتقييمك

وتشجيعك

لك بالغ شكري ومودتي

محمد طيب الحواط
07/09/2013, 01:40 AM
الأديب المتمكن

المحلل المتقن

الفاضل

سعيد نويضي

لا أستطيع إخفاء إعجابي

بمداخلتك وتحليلك

كما لا مناص لي من الاعتراف

بأني استفدت كثيرا من منهجك

المتميز .

لك بالغ شكري وتقدير ومودتي