المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نافذة و سؤال...



سعيد نويضي
27/09/2013, 03:14 AM
http://www.wata.cc/forums/mwaextraedit6/extra/46.gif




نافذة و سؤال...

يحكى أن شيخا كان لديه نصيب من نعمة السؤال...كلما استعصى عليه أمر ...أحس بضيق في الصدر ...شيء ثقيل على اللسان...كأنها غصة في الحلق إلا بحث عن فسحة في الآفاق...كثيرا ما كان يهرول إلى فتح النوافذ...حتى يرى ما في الآفاق على نور القمر أو ضوء النجوم أو على امتداد مصابيح المدينة...تلك التي تتلألأت شوارعها بالأحلام و الآمال و الآلام...

كل الأفكار كانت هناك...و حتى السؤال كان له نصيب من ذلك الفتح...كان الزمن يسير عند البعض بسرعة تفوق الخيال و عند البعض الآخر لا يكاد يبرح مكانه... الزمن لا يمكن الإمساك به حتى ولو وضعته على معصمك أو أسكنته في إحدى جيوب سترتك...فهو فضاء تسبح فيه الكائنات بقدر...

كان السؤال فعلا...يقوم على حركة نبش المجهول...المسكوت عنه...المغلف بألف قناع و قناع...كان السؤال يحرك الفاعل كلما سمحت له ظروف الحال ليملأ فراغ المقام...النوافذ أسئلة مغلقة...

النافذة بلا رؤيا ظلام...يستوي فتحها أو إغلاقها...النافذة بلا نور جهل يزيد الظلمة سوادا...النافذة شاشة مفتوحة على كل الاتجاهات...الشاشة حياة بنوافذ متعددة الزوايا... شاشة جمعت أدنى الأرض بأقصاها كلما فتحت زرا من أزرارها...تسرب نور ملأ المكان...و قهر الظلام...أو عم الزمان ضباب حجب مواقع الكلام و سحب الحقيقة من تحت اللسان...

قبل أن يتعلم فعل القراءة كانت كل النوافذ مقفولة...كان أول مفتاح هو فعل “اقرأ”...تبعه فعل “افتح” كتابا أو “نافذة” أو “صفحة»...أو افتح “سؤالا” طالما ظل معلقا في سقف صمت رهيب...

الصمت سقف يقتل الأنفاس...يحتجز الكلام تحت اللسان...في عقد لا حصر لها...كل عقدة تثقل كاهل الشفتين و اللسان... بركام لا معنى له من الزيف أو الخوف...ركام لا يفيد حتى الصمت في أجمل و أرقى تأملاته...
ــــــــــــــــــ

أمام البيت أول شيء يداعب نظرتك حديقة ضمت مجموعة أزهار...أرخت أوراقها تزين بها فسيفساء المكان و تتزين بما لها للعابرين...كتب على كل ورقة من أيامها“حكاية”...تستهلكها في ثانية ليظل أثرها لساعات طويلة يعصر مخك و مخييك و كلك بأجمعك...

أضاء الحرف وجه الشاشة...طلت عليه أولى القصص و ليست بأولاها...فقد سبقت القصة حكايات انطوت تحت ستار النسيان...فما قصة “أصل الحكاية“...؟ تلك التي نبتت على أطراف الشاشة...تولدت من قراءتها أسئلة كثيرة...و كان سؤال العنوان...هو السؤال الذي أثار حفيظة الجواب لكي يفوز المعنى فوز المبنى في المسابقة...؟

فكل شيء في سباق ضد شيء آخر أو برفقة شيء آخر...حتى عقارب الساعة لا تهدأ عن اللحاق ببعضها في سباق مع ظلالها...

و قبل أن يأتيه الجواب راح ذهابا و إيابا بين السطور و على مر العصور...و لم ينتبه إلا و قد برز إليه الجواب في قصة أخرى ،تلك التي وردت بمشيئة الله ،و ليست صدفة كما يدعي أصحاب الصدفة ظلما و جهلا بحقيقة الأسباب...فالحياة كقصص يخرج بعضها من بعض و تتناسل من بعضها البعض...
ـــــــــــــــــــــــ
نزل الجواب بردا و دهشة في عنوان يحمل من الوضوح مثلما يحمل من الغموض... و كأنه استفزاز لذوي العقول الطيبة و لذي القلوب التي ضاعت مفاتيحها و هي في غفلة من أمرها...إنه جواب كالـــــ “فراغ”...تقرأه لعدة مرات لتجد نفسك و كأنك لم تقرأ شيئا...فراغ كاللاشيء...فراغ في الماذا و الكيف و المتى و الأين و في كل أدوات السؤال...؟ فراغ في الشكل أم في المضمون...؟ثم راود السؤال سؤال من جديد...كيف يستطيع الفراغ أن يكون سببا في «أصل الحكاية»...؟

تراجع السؤال قليلا ثم وضع يده على خده مهموما يبحث في فراغ لامتناهي و كأنه ركب سفينة التيه دون أن يدري... و بعد جهد و مخاض بزغت بين حروفه فكرة مفادها...أن لكل شيء جعل الله سببا و غاية...فنظر نظرة في مرآة الوجود...اتضح له بعد ذلك أن الإنسان ما خلق عبثا...فما وظيفته في الكون...؟ و ما هي “مؤهلات الوظيفة”...؟

فإذا بـــ”رشفة نور” تضيء له أصل الحكاية...أطل على إثرها على واقع الحال و ما جاد به المقام...وجد العديد من البقع التي تشكو نزيفا غاضبا هائجا و بريقا مشعا منيرا و منها” أمنا حيفا»...فضرب كفا بكف حتى لا تسقط “العذارى حيارى” و يصيب أمتنا ما أصاب الأمم السابقة من فساد أنتج شخصية «اللقيط»... فمتى ضاعت الأمانة سقطت معها” الكرامة»... الكرامة الزائفة آيلة للسقوط كباقي القيم المنحرفة...بحكم سنة السقوط لكل ما هو ساقط...

و الحق أن الكرامة هي عنوان إنسانية الإنسان على مر العصور...و من الباطل جدا أن تختزلها المعاني بين جدران الحروف...أو تكون فيها المظاهر هي الأصول...

من أجل ذلك قامت ضجة في بداية الحكاية...و رفعت القضية إلى الاعالي ….بحكم سنة التعالي لكل ما هو عال...لكن بتهمة المتشابه...إن هذا الجنس” مشتبه فيه”...و لا يمكن أن يكون من الأجناس التي شب عليها آباءنا و أجدادنا...تربع سؤال اليقين على كرسي الحكمة و نادى في القوم...يا أهل الإجابات الجاهزة...كان الحضور غائبا بفعل مسكنات العصر...إلا من فقه و أدرك سورة العصر و قارن فهمه بطرح جملة من الأسئلة على الصورة التي تقدمها شاشات العصر... التي يعيش ضمن فتنتها هذا المسمى «الإنسان»...و مع ذلك من حكمة القول قبل الفعل... أن تجد في السؤال نصف الجواب...

أليست الحياة “سوق” كبير طويل عريض يبدأ بقصة المنتج و ينتهي بقصة المستهلك عبر وسيط هو التاجر...الذي لديه من القصص الشيء الكثير...؟ أليست التجارة قصة في منازل و مسالك الربح أو خراب و سراب ذات طوابق في عمارة الخسارة؟
ـــــــــــــــــــــ
فبماذا يضركم لو تمخض جيل السرعة المفتون بالآخر الناقم على الذات...الذي استوعب معادلة الأنا و الآخر في سياق علاقة الأرض بالسماء...السرعة التي لا يعرف البعض منها سوى الإسم...ذاك الإسم الذي يحمل بين أحضانه هموم العالم و أفراحه ، آلام الإنسان و آماله في جنس سريع الاستهلاك عصي الإنتاج...لا يقدر عليه إلا من أوتي من البيان سحرا و من العلم قدرا و من الحكمة حظا...؟

كان السوق مليء بالعلامات و بالألغاز...تكاثرت الأسئلة على جنبات الطرق...من الشك إلى اليقين...من السؤال إلى الجواب...من الوهم إلى الحقيقة...

قيل في بعض زوايا تلك الشاشة... قد يجد القارئ بعضا منه في” القصة القصيرة جدا”...أو يجد كله...و قد لا يجد إلا أسئلة جديدة تطل عليه من نوافذ قديمة...
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

من قصص الأحبة الكرام عشاق هذا الفن الجميل الذين ساهموا بشكل من الأشكال في إنتاج هذه القصة...

1/رؤية(عبد الستار زيدان).
2/أصل الحكاية(مديحة كامل).
3/فراغ(سعيد نويضي).
4/مؤهلات الوظيفة(يحيى البحاري).
5/رشفة نور(عبد الوهاب محمد الجبوري).
6/أمنا حيفا(عبد الوهاب محمد الجبوري).
7/عذارى الحي(حسن الختام).
8/اللقيط(الحواط).
9/كرامة(أحمد القاطي).
10/مشبه فيه(أحمد القاطي).
11/سوق(حسن لختام).

سعيد نويضي 2013/9/27.