المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مهازل المجتمع الدولي لا تنتهي



عزت السيد أحمد
21/12/2013, 01:39 AM
مهازل المجتمع الدولي لا تنتهي
الدكتور عزت السيد أحمد

تقرير منظمة العفو الدولية أمس الخميس 19 كانون الأول 2013م عن حقوق الإنسان في عام 2013م ليس إلا استمراراً لمهازل المجتمع الدولي التي لا تستطيع إلا أن تتحفنا بين الحين والحين بما يشق الشدق من الضحك، إن كان في مقدرونا الضحك.
من حسن حظنا أننا لا نستطيع الضحك، ولا نمتلك القدرة عليه بحال من الأحوال، ولذلك لا بد أن نبكي، لأن الوضع وضع شر البلية ما يضحك...
شر البلية ما يضحك
نعم، شر البلية ما يضحك
لقد انتهى تقرير منظمة العفو الدولية إلى أن النظام والمعارضة يرتكبان جرائم حرب، فكلاهما يعتقل المدنيين اعتقالاً تعسفياً. وكلاهما يقتل من دون محاكمة نظامية.
قررت أنا شخصياً وأكثر من ثلاثين دولة أوروبية وأمريكية وعربية ومحافظة حمص أن نعترض على هذا التقرير في هيئة الأمم المتحدة، لأنه قرار غير متوازن...
ليت أن هذا المثال التشبيهي يكفي سخرية من هذا التقرير الأممي. إنَّ أكبر سخرية أقل من أن تحط من شأنه بما يجب أن يكون. لأنه تجاوز لكل حدود المنطق والعقل والقيم والأخلاق، فمنهى الفظاعة والبشاعة أن تساوي بين الضحية والجلاد، بين من كف القمح وبيدر القمح، بين بين من يقتل الالاف بساعات تشفياً ووحشية ومن يقتل ثوراً هائجاً دفاعاً عن النفس...
نحن لا نقول بعدم وجود انتهاكات من قبل الجيش الحر أو الكتائب المسلحة، ولكن هيهات هيهات أن يقبل المنطق أن نساوي بين مجازر النظام التي لم تترك نوعاً ولا لوناً ولا شكلاً ولا أسلوباً... إلا وارتكبته وبين ارتكابات الجماعات المسلحة التي لا تصل إلى واحد بالمئة ألف مما يفعله النظام، هذا إذا لم نقل واحد بالمليون.
هذا التقرير ليس الأول على أي حال، فقد صدرت تقارير مشابهة نصاً ومضموناً عندما لم تكن هناك أي ارتكابات للمجموعات الثورية المسلحة. بدأت تقارير الأمم المتحدة بكل مؤسساتها وبعض المنظمات الدولية بالمساواة بَيْنَ شلال جرائم النظام ومجارزه وبين ممارسات الثوار في مقاومة العدوان منذ قتل زينو بري في 31/7/2012م... صارت التقارير منذ ذۤلكَ الحين تساوي مساواة واضحة بَيْنَ الطرفين.
هل نعد الأمثلة على ذۤلكَ؟ إنها عبث بالتأكيد، تذكروا الضجة العالمية على إعدام القاتل زينو بري الذي قتل العشرات واعتدى على المئات من أهالي حلب الذين ثاروا أو ناصروا الثورة. وبعد ذۤلكَ كيف صار وحدة كفة ترجيح الميزان في التقارير الدولية فقتله يساوي فيها كل جرائم النظام. كم جريمة ارتكبها الثوار حَتَّى نهاية 2012م؟ حاولوا أن تتذكروا أو تحصوا من فضلكم.
ومع تعذر اكتشاف جريمة تعد جريمة ارتكبتها الثورة بحق النظام أو أنصاره فإنَّ التَّقرير العالمي لحقوق الإنسان عن أحداث 2012م كان نسخة من تقرير هٰذا العام، يقرر حقائق فعلية ويدمج معها هٰذه المساواة العمياء بَيْنَ القاتل والضحية، قتل آلاف الأبرياء وقتل واحد دفاعاً عن النفس. يقول التقرير: «زادت دموية الانتفاضة السورية في عام 2012م مع استمرار القمع الحكومي للمظاهرات المعارضة للحكومة، ومع تحول الاحتجاجات إلى نزاع مسلح واضح». ويتابع التقرير: «بعض قوات المعارضة نفذت بدورها انتهاكات جسيمة مثل الاختطاف والتعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء».
في هٰذا التقرير الذي صدر في نهاية 2012م قال بأن «بعض قوات المعارضة»، ولم يكن حينها شيءٌ اسمه قوات معارضة ولا سيطرة للجيش الحر على أي مكان إلا النزر اليسير. ولٰكنَّ بعد هٰذا التقرير صارت كل التقارير تقريباً تقول «قوات المعارضة» وتساوي بَيْنَ الطرفين مساواة عمياء.
تقارير كثير من المنظمات المسماة منظمات دولية، عاملة تحت مظلة الأمم المتحدة تحذو هٰذا الحذو الحذائي في المساواة العمياء، أعتذر ليست مساواة عمياء إنها مساواة مقصودة لأسباب كثيرة على رأسها تسويغ التخاذل الدولي من جهة، وتحويل الثورة إلى صراع مسلح بَيْنَ طرفين في سوريا، وتكريس صيغة الاحتراب الداخلي لنزع شرعية الثورة وإسقاط المسار الثوري، ورُبَّما يكون في طرف المطاف مشروع التسوية الحوارية أو السلمية التي تنتهي حكما بانتقال السلطة من طرف إلى آخر لتكريس شرعية النظام بكل اتفاقاته ومعاهداته وعلاقاته التي يفترض أنَّها مرفوضة من قبل الثورة عند انتصارها.