المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإلحاد..نقطة نظام



سامح عسكر
30/12/2013, 09:54 AM
بقلم:سامح عسكر
الإلحاد..نقطة نظام

البعض منا يذهب في سُبات عميق وهو مطمئن لمكانة الدين بين الناس، أو أنه لم يبذل مجهوداً لمعرفة آرائهم في ما يجري وتأثيره على عقائدهم بل ورؤيتهم للأخلاق..لقد فشى في البلاد ظهوراً جديداً للإلحاد والمروق من الأديان كنتيجة طبيعية لفقر الخطاب الديني وجهل القائمين عليه، علاوة على سلوك القائمين على الدين والمتحدثين باسمه، فمن الطمع والجشع السياسي إلى الكذب والخيانة إلى استحلال الدماء جميعها تُسكِن بذور الإلحاد بين صفوف الشباب، وعليه كان السؤال، هل دخلنا في مرحلة شك على غرار ما حدث في عصور النهضة والتنوير الأوربيين؟..أم هي الفوضى الهدامة؟.. أما هي الخلاقة التي بشرنا بها الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق؟

أما هي مرحلة زمنية قصيرة تضطرب فيها الأحوال ثم تعود لطبيعتها؟..وهل يمكن أن تعود لطبيعتها بعد هذا الكم الرهيب من الغزو المعلوماتي والتواصل الإنساني الذي بدا وكأنه حصان طروادة لتعميم ثقافة الأقوى؟..الإجابة صعبة ولا يمكن التكهن بما سيحدث لأننا عاجزين عن تفسير ما يحدث أصلاً..لم يعد هناك معنىً للكلام وقد رأينا من يُجاهر بالخيانة ويرفع لواء القتل والتدمير دون حياء...نعم دون حياء، ففي الماضي كان الجبابرة يقتلون ثم يترفعون عن المسئولية، أما الآن فما أسهل أن تقتل الأبرياء ثم تجد من يوافقك ويشد من أزرك بدعوى الانتقام..

لقد اختل العقل الإنساني وبالذات في مناطق الصراع العربية، فأصبح الدين والمذهب مرجعية للظلم والكذب وسفك الدماء، وتراجعت بل وانحسرت الأخلاق إلى معدلات تنذر بالخطر على الحياة في هذا الكوكب، لعل ما يحدث هو نتيجة لتأثير الميثوس mythos على حياة البسطاء بل وبعض المثقفين..والميثوس يعني الأسطورة أو الخيال أو الأمنيات التي تجاوز واقع الزمان والمكان، وفي تقديري أن العقل العربي متشبع بهذا الميثوس إلى درجة أفقدته التواصل بينه وبين نفسه، فكلما أراد النهوض..نهض على سرابٍ خادع ليس له وجود فيتعرض للتجارب القاسية التي تفاقم من الأزمة وتصعد بها إلى مستويات الانتقام فتشيع الكراهية على الصغائر.

ربما ليست المسألة بهذا السواد..وما يُعطي بعض الطمأنينة هو حاكمية العقل البشري المتمدن، والذي أصبح يرفض أي أشكال التمييز على أسس الاعتقاد، ونحن هنا لا نتحدث عن عقل جمعي، فلا وجود لهذا العقل كما بحثنا في الماضي، بل هو عُرف إنساني نتج عن ثورة المعلومات واتحاد العلوم، وهو ذاته العقل الفردي الذي يقرأ المعلومة ويرصد ويفسر الظواهر ، وهو نفس العُرف الذي ذرع بذور التمرد على الأديان، أي أننا تأثرنا –في المنطقة العربية- بهذا العُرف الإنساني ، وهو الذي مهد إلينا الديمقراطية كي نفهمها بهذا الشكل كمرحلة لابد من تجربتها كضرورة للوصول إلى اليقين.

إن تمدد الإلحاد هو نتيجة للعقلانية المفرطة والمشبّعة بعواطف متمردة على ظلم ذوي الأديان، وهو إشارة إلى نزوع الإنسان للانطلاق إلى فضاء أوسع من الخوف والأسطورة، ونحن هنا لا ننكر بالكلية على هذا التوجه، فالانطلاق لو كان بحدود وقواعد آمنة تُتيح لصاحبها الانتقال عبر منهج منضبط لكان من السهل التعرف على الأدواء العارضة وخلعها من السياق الديني المرفوض، فأكثر ما يعيب الإنسان هو القياس على النماذج ..وهو قياس ناقص، أي أنه لا يمكن الحكم على الأديان بأعمال البعض، حتى لو كانت الأغلبية فاسدة فالأقلية الحسنة تصلح كنموذج، فلماذا لا يجري اعتبار هذا النموذج معياراً نقيس به ظلم النماذج الأخرى؟

وماذا لو ظهر لنا أن أمر الأديان أكبر من أن يناقشه عقل؟..وماذا لو كانت للروح وظائف اعتقادية وسلوكية مُضافة ومرتبطة بالعقل؟..وهل العقائد هي مجرد أفكار وأقوال أم هي منظومة فكرية وسلوكية متكاملة؟..وهل المضمون الديني هو تعايشي أم لا؟..وماذا لو لم يكن.. فهل هناك نماذج متعايشة أخرى؟..وهل الإلحاد يصلح لأن يكون نموذجاً محمياً من نزعات وأهواء الإنسان؟..فإن لم يكن محمياً فما مصير من ماتوا فداءً للشيوعية الملحدة لا المؤمنة؟..بمعنى أن التحرك نحو هدف مرسوم مسبقاً بقصد إعادة إنتاجه للدفاع عن الرأي ليس من أمراض المتدينين فقط، بل هو مرض إنساني يصيب الجميع، فلا يمكن اعتباره سبّة في جبين الدين دون أن يكون دليلاً لهدم فكرة الإلحاد..

في تقديري أن فكرة الجواهر والأعراض تنطبق على الدين..فلكل دينٍ جوهر لا يمسه أحد إلا بسُلطة عليا تخلعه من سياق الدنيا وتقذفه في رحاب الدين، أو ما يسميه البعض.."بالكشف النوراني"..من جراء التزام الإنسان بالصدق وعلو منزلته العقلية والروحية والسلوكية...وهذا في حد ذاته تساؤل مشروع حول ماهية الإنسان ..هل هي مادية أو روحية أم هي الاثنين معاً؟ ..فلا يمكن اعتبار الفهم البشري ديناً دون التعرض للانقسام داخل كل فكرة دينية..والانقسام كذلك لا يمكن مناقشته دون التعرض للبنية الوجدانية والأخلاقية للإنسان، وهي بالمناسبة بنية بعيدة كل البعد عن إطار الدين، إذ هي موجودة عند جميع البشر وتأثيراتها على الجميع..كذلك فلو اعتبرنا أن الدين هو مجرد فكرة شأنها شأن جميع الأفكار.. فهل نجحت هذه الفكرة في إيجاد مجتمع منظم؟

الأسئلة كثيرة وهي تدور في محاور متعددة على مستوى الفرد والمجتمع بل والسياسة، وهي أسئلة مشروعة يجب طرحها قبل التعرض للانتقال الفكري سواء بتأُثير العقل أو بتأثير العاطفة، فنحن هنا لا نتحدث عن فكرة مقابل فكرة، بل نتحدث عن فكرة وردود أفعالها، فالفكرة التي تجابه الفكرة تكون في أجواء مستقرة مدعمة بالدلائل والقرائن، وأصحابها على مستوى عقلي وسلوكي جيد، حتى لو افتقدنا هذه الأجواء فقدومها مسألة وقت بتأثير التواصل، أما ردود الأفعال فعادةً ما يتحكم فيها المتعصبين، وقتها لن يبحث أحد عن صحة الفكرة، بل سيكون عنوان البحث هو الدفاع عن النفس والانتصار للعقائد.

سعيد نويضي
04/01/2014, 09:23 AM
بسم الله و الحمد لله و سلام الله على الفاضل سامح عسكر

حقا إن اللحظة التاريخية التي تعيشها الأمة الإسلامية و الإنسانية جمعاء لحظة جمعت من المتناقضات ما يحار العقل في فهمها فكيف بحل ما فيها من إشكالات متعددة و متنوعة...
هل حقا تعيش الأمة الإسلامية "لحظة البحث عن اليقين...؟" كما حدث تاريخيا في العالم الغربي...أم هي لحظة تؤسس لمنطلقات عقلانية إسلامية على أسس تأخذ بعين الاعتبار مادية الإنسان و روحانيته في نفس الوقت...
لم يعد خاف عن أحد أن الإنسان مادة وروح...مادة من الأرض بكل مكوناتها المعدنية و روح من السماء لا يعرف كنهها و حقيقتها إلا خالقها...

من هذه الكلمة البسيطة أعتقد أن عنوان المقالة التي طرحت العديد من الأسئلة ،و التي لا أزعم أن الإجابة عنها تبدو واضحة أو بسيطة أقول و الله المستعان...

معنى إلحاد في قاموس المعاني. قاموس عربي عربي
1. إلحاد :
1 - مصدر ألحد . 2 - كفر . ع
المعجم: الرائد
2. إلحاد - إلْحَادٌ :
[ ل ح د ]. ( مصدر ألْحَد ). " لاَ إلْحَادَ لِمَنْ أَسْلَمَ ": لاَ كُفْرَ ، لاَ ارْتِدَادَ . " رَمَوْهُ بِالإِلْحَادِ ".
المعجم: الغني
3. إلحاد :
1 - مصدر ألحدَ / ألحدَ إلى / ألحدَ عن / ألحدَ في .
2 - ( الفلسفة والتصوُّف ) مذهب من يُنكرون الألوهيّة ، ويتضمّن رفض أدلّة المفكّرين على وجود الله .
المعجم: اللغة العربية المعاصر
4. ‏ إلحاد ‏:
‏ الكفر بكل الأديان وعدم الاعتراف بها ولا بوجودها

لو استعملنا لغة الرياضيات و من مفرداتها ما يسمى المعادلة...
الإلحاد=الكفر...و بالمقابل إذا استعملنا التعريف بالنقيض من باب أن التناقض يرفضه المنطق...الإيمان=هو تصديق و اعتقاد
إِيمان ( الجذر: ءمن - المجال: عــام ) : تَصْدِيقٌ واعْتِقاد[قاموس المعاني].
و هذا رابط فيه سياقات كلمة إيمان من التوضيح ليس إلا...
http://www.almaany.com/home.php?language=arabic&lang_name=%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A&word=%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86

الإلحاد=الكفر و الإيمان=التصديق.

اقتباس:
"لقد اختل العقل الإنساني وبالذات في مناطق الصراع العربية، فأصبح الدين والمذهب مرجعية للظلم والكذب وسفك الدماء، وتراجعت بل وانحسرت الأخلاق إلى معدلات تنذر بالخطر على الحياة في هذا الكوكب، لعل ما يحدث هو نتيجة لتأثير الميثوس mythos على حياة البسطاء بل وبعض المثقفين..والميثوس يعني الأسطورة أو الخيال أو الأمنيات التي تجاوز واقع الزمان والمكان، وفي تقديري أن العقل العربي متشبع بهذا الميثوس إلى درجة أفقدته التواصل بينه وبين نفسه، فكلما أراد النهوض..نهض على سرابٍ خادع ليس له وجود فيتعرض للتجارب القاسية التي تفاقم من الأزمة وتصعد بها إلى مستويات الانتقام فتشيع الكراهية على الصغائر."

الخلل الذي أصاب العقل الإنساني (بما فيه الإسلامي و العربي و المتواجد في المنطقة العربية و غيره من العقول...)نتيجة الأسطورة[أُسْطُورَة ( الجذر: سطر - المجال: أدب وشعر ) : حِكَايَةٌ يَسُودُهَا الخَيالُ].[قاموس المعاني].و في الرابط ما يشبع القارئ عن معنى و دلالة الأسطورة...
http://www.almaany.com/home.php?language=arabic&lang_name=%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A&word=%D8%A3%D8%B3%D8%B7%D9%88%D8%B1%D8%A9

لكن ما الفرق بين الأسطورة الخيال و الحقيقة /الواقع التي سطرها الحق جل و علا عن الدين الحق...[إذا اعتبرنا أن هناك الدين الحق و هناك الدين الباطل].
لقد وردت كلمة أساطير في تسع آيات بينات في مواضع مختلفة و في سياقات متنوعة تعبر عن الخلل في العقل الإنساني في رؤيته للحقيقة و للواقع...
و لا أعتقد أن العقل القويم و الفكر السليم يقول عن الدين الحق أن فيه آساطير الأولين إلا إذا كان هناك انحراف و اعوجاج في التفكير...لكن الخلل موجود و هذه حقيقة و إلا ما كنا لنتحدث في هذا و لا لنضع نقطة نظام...كما أشرت في عنوان المقال...
إذن الخلل في الرؤية التي تحكم الأطر الفكرية التي من خلالها يفكر و يتصرف الإنسان بصفة عامة...

اقتباس:
"ربما ليست المسألة بهذا السواد..وما يُعطي بعض الطمأنينة هو حاكمية العقل البشري المتمدن، والذي أصبح يرفض أي أشكال التمييز على أسس الاعتقاد، ونحن هنا لا نتحدث عن عقل جمعي، فلا وجود لهذا العقل كما بحثنا في الماضي، بل هو عُرف إنساني نتج عن ثورة المعلومات واتحاد العلوم، وهو ذاته العقل الفردي الذي يقرأ المعلومة ويرصد ويفسر الظواهر ، وهو نفس العُرف الذي ذرع بذور التمرد على الأديان، أي أننا تأثرنا –في المنطقة العربية- بهذا العُرف الإنساني ، وهو الذي مهد إلينا الديمقراطية كي نفهمها بهذا الشكل كمرحلة لابد من تجربتها كضرورة للوصول إلى اليقين."

حقا ليست المسألة بهذا السواد...و الحمد لله لا زال و ما زال الخير في هذه الأمة حتى تقوم الساعة...
حقا كذلك الذي يميز الإنسان هو العقل و هو المخاطب الأول في الإنسان و عليه يقوم التكليف من عدمه...لكن هل إليه يحتكم الإنسان سواء في الشرق أو في الغرب...؟ أعتقد أن العقل السليم يتناقض مع الهوى في من يقود التاريخ...و أن العقل الجمعي لا وجود له بل هناك عقول تتبع ما تعارفت عليه كل بحسب معتقداتها و تصوراتها...و الطمأنينة التي بددت القلق و الحيرة و الشك الذي أصاب الفكر الغربي عموما و من في فلكه قد طمأنه العلم و ما وصل إليه من نتائج محمودة في بعض جوانبها مذمومة في البعض الآخر...العلم بلا أخلاق كالنور بلا ضياء...فالديمقراطية كطموح و كمرحلة لم تصل بعد إلى مرحلة اليقين...بدليل أنها نتاج حداثة انقلبت على نتائجها إلى ما يسمى ما بعد الحداثة فشككت في كل شيء...و كأن بوادر نهضة أخرى تتمخض في الغرب انطلاقا مما يسمى "التناقضات التي لا تقبلها الفطرة"...فاليقين الذي يؤدي إلى الطمأنينة الحق هو الذي يوافق الفطرة...فطرة كل الناس و ليس ما وصلت إليه مناهج العلوم من اتحاد في الطريقة و اختلاف في الغاية...

اقتباس:
"إن تمدد الإلحاد هو نتيجة للعقلانية المفرطة والمشبّعة بعواطف متمردة على ظلم ذوي الأديان، وهو إشارة إلى نزوع الإنسان للانطلاق إلى فضاء أوسع من الخوف والأسطورة، ونحن هنا لا ننكر بالكلية على هذا التوجه، فالانطلاق لو كان بحدود وقواعد آمنة تُتيح لصاحبها الانتقال عبر منهج منضبط لكان من السهل التعرف على الأدواء العارضة وخلعها من السياق الديني المرفوض، فأكثر ما يعيب الإنسان هو القياس على النماذج ..وهو قياس ناقص، أي أنه لا يمكن الحكم على الأديان بأعمال البعض، حتى لو كانت الأغلبية فاسدة فالأقلية الحسنة تصلح كنموذج، فلماذا لا يجري اعتبار هذا النموذج معياراً نقيس به ظلم النماذج الأخرى؟"

حقا هي العقلانية المفرطة هي الني جعلت من كل الأديان في كل المجتمعات و كأنها على شاكلة و احدة و لا اختلاف بينها...و هذا لا يقبل لا المنطق السليم و لا العقل القويم...فإذا سلمنا أن كل دين يجمل "عقلانية" معينة إن صح التعبير ارتبطت بالأسطورة أو ارتبطت بالحقيقة فهدا يشكل حتما اختلاف في النتائج التي تترتب على هده العقليات...فإذا سلم المسلمون كافة بأن كتاب الله عز و جل و سنة نبيه عليه الصلاة و السلام الصحيح منها يشكلان قمة العقلانية الإسلامية الوسطية، إذا سلموا بهذه الفرضية كمقدمة سليمة و هي سليمة بلا أدنى شك و لا ريب توصلوا إلى تحقيق ما عجز عنه الغرب و هو إقامة التوازن بين الجانب المادي و الجانب الروحي في المعادلة الإنسان المطمئن في دنياه و في آخرته...
فكون العقلانية المفرطة اتبعت الهوى فمالت عن الفطرة فاعوجت الفكرة و انحرف الإنسان عن القيم إلى اللاقيم التي بشرته به الحداثة و تنتقده تيارات ما بعد الحداثة...
فالنموذج الذي يمكن أن تقوم عليه البشرية جمعاء لا وجود له على أرض الواقع في الوقت الحالي...اللهم في بطون الكتب و المؤلفات التي حاول كتابها و مؤلفوها أن يجدوا مخرجا و طريقا و سبيلا إلى ما يدعو إليه كل من عرف الحق و اتخذه سبيلا...
و أداة القياس كأداة لبلوغ نموذج أفضل مما هي عليه النماذج الحالية...لا يخلو من واقعية...لكن يظل السؤال قائما على أي نموذج يقيس الإنسان...؟ على النموذج الغربي...ففيه من التناقضات ما لا يعد و لا يحصى...؟على النموذج الشرقي...ففيه من التناقضات ما لا يمكن القياس عليه...؟ إذن على من يقيس الإنسان...؟ لو رجع الإنسان و بحث عن النموذج المثال الذي اعترف به الغرب [و الغرب و هو الذي حكم مقياس العقل في كل شيء]و الشرق [و من هم العرب الذي نزل فيهم كتاب الله يحثهم على اتخاذه أسوة و قدوة]...فالغرب و الشرق على حد سواء صنفوه و جعلوه أفضل نموذج على الإطلاق...و لذلك فلم و لن يجدوا غير نموذج الرسول عليه الصلاة و السلام و الصحابة الذين اتبعوه...فأين نحن من الخيرية التي أتى بها...؟

اقتباس:
"وماذا لو ظهر لنا أن أمر الأديان أكبر من أن يناقشه عقل؟..وماذا لو كانت للروح وظائف اعتقادية وسلوكية مُضافة ومرتبطة بالعقل؟..وهل العقائد هي مجرد أفكار وأقوال أم هي منظومة فكرية وسلوكية متكاملة؟..وهل المضمون الديني هو تعايشي أم لا؟..وماذا لو لم يكن.. فهل هناك نماذج متعايشة أخرى؟..وهل الإلحاد يصلح لأن يكون نموذجاً محمياً من نزعات وأهواء الإنسان؟..فإن لم يكن محمياً فما مصير من ماتوا فداءً للشيوعية الملحدة لا المؤمنة؟..بمعنى أن التحرك نحو هدف مرسوم مسبقاً بقصد إعادة إنتاجه للدفاع عن الرأي ليس من أمراض المتدينين فقط، بل هو مرض إنساني يصيب الجميع، فلا يمكن اعتباره سبّة في جبين الدين دون أن يكون دليلاً لهدم فكرة الإلحاد.."

أسئلة مشروعة يطرحها كل من له عقل نقدي يبحث به عن الحقيقة...و لا أقول أنني أملكها لكنني جزء من هذا العالم و لي كلمة أقولها...الدين كما قلت و صدقت القول أكبر من ان يناقشه عقل...لأنه العقل ذاته في أحد تجلياته...فلا يسأل إلا العقل يوم السؤال...و لا تتحمل إلا النفس و الجسد الذي يأويها و يحتويها النتائج التي أثمر عنها مجهود العقل...أما الروح فهي من علم و أمر ربي...و العلم بحقيقتها يظل من علم الغيب...
أما كون الإلحاد يصلح نموذجا للتعايش...يقاس عليه و يتخذه البعض نموذجا...فالخالق جل في علاه الذي انفرد بالخلق و الأمر...ترك مساحة شاسعة لمن شاء أن يؤمن و من شاء أن يكفر[الإلحاد=كفر] و [الإيمان=تصديق[...و لو تأملت قليلا لوجدت أن من يجعو للإلحاد يدعو لإله الهوى...و من يدعو للإيمان يدعو لإله الهدى...و مناط التكليف هو العقل الذي عليه أن يختار بينهما...و أن لا يفرض أحد على أحد شيئا...فمن اعتقج أن القوة هي التي تفرض هيمنتها على الباقي فالله عز و جل هو القوي و هو المهيمن و لكن أكثرهم لا يبصرون و لا يعقلون و لا يفقهون...
فالحسابات الدنيوية تبدو أن القوى المسماة كبرى هي المهيمة هي المسيطرة على كل شيء من لقمة العيش إلى رحلات السياحة في الفضاء...لكن من أمدها بذلك...؟من سخر لها العقل الذي وصلت به لذلك...؟
العلم بدون أخلاق كالإنسان بدون روح...فالمادة الصماء تعمل طبق برامج محددة...فهل الإنسان مادة صماء...؟ فالعلم مادة لا تعرتف اساسا بشيء اسمه الروح...الروح التي لا تعريف لها سوى عند الخالق جل في علاه...
لذلك يظل الإلحاد دين الهوى و الإسلام دين الهدى...الذي ابتدأ مع آدم عليه السلام و كمل مع آخر الأنبياء و المرسلين عليه الصلاة و السلام...

اقتباس:
"في تقديري أن فكرة الجواهر والأعراض تنطبق على الدين..فلكل دينٍ جوهر لا يمسه أحد إلا بسُلطة عليا تخلعه من سياق الدنيا وتقذفه في رحاب الدين، أو ما يسميه البعض.."بالكشف النوراني"..من جراء التزام الإنسان بالصدق وعلو منزلته العقلية والروحية والسلوكية...وهذا في حد ذاته تساؤل مشروع حول ماهية الإنسان ..هل هي مادية أو روحية أم هي الاثنين معاً؟ ..فلا يمكن اعتبار الفهم البشري ديناً دون التعرض للانقسام داخل كل فكرة دينية..والانقسام كذلك لا يمكن مناقشته دون التعرض للبنية الوجدانية والأخلاقية للإنسان، وهي بالمناسبة بنية بعيدة كل البعد عن إطار الدين، إذ هي موجودة عند جميع البشر وتأثيراتها على الجميع..كذلك فلو اعتبرنا أن الدين هو مجرد فكرة شأنها شأن جميع الأفكار.. فهل نجحت هذه الفكرة في إيجاد مجتمع منظم؟"

كل ما خلق الله جل في علاه يتضمن جوهر أو جواهر و عرض أو أعراض...و الدين كحالة أو ظاهرة أو كفكرة هي الأخرى لها جوهر أقول و الله أعلم يتمثل في الفطرة كفكرة موجودة عند كل البشر مؤمنهم و كافرهم...الفطرة التي تشكل المشترك الديني عند الكل و بدون استثناء و هي الجوهر...و ما يتخللها من الأعراض و هي الشرائع التي أرسلت بها الرسل و الأنبياء صلوات الله و سلامه عليهم علة فترات من الزمن باعتبار أن الأزمان تتغير و تتوالى و تختلف من حقب لأخرى...فتتغير معها الشرائع...و يظل الجوهر واحد لا يتغير...كما أن الفطرة تظل عند الذين لا يدينون بأي دين سماوي بل يعتقدون في الدين الذي أنتجته عقولهم"أهوائهم"...فالعقل السليم لا يناقض الفطرة إلا إذا أصابه انحراف...
فالبيئة و المجتمع بسقفهما الثقافي و المعرفي هما الذي اللذان يشكلان الفضاء و المناخ الذي يكيف الأطر الفكرية التي من خلالها يفكر المرء و يتصرف...

اقتباس:
"الأسئلة كثيرة وهي تدور في محاور متعددة على مستوى الفرد والمجتمع بل والسياسة، وهي أسئلة مشروعة يجب طرحها قبل التعرض للانتقال الفكري سواء بتأُثير العقل أو بتأثير العاطفة، فنحن هنا لا نتحدث عن فكرة مقابل فكرة، بل نتحدث عن فكرة وردود أفعالها، فالفكرة التي تجابه الفكرة تكون في أجواء مستقرة مدعمة بالدلائل والقرائن، وأصحابها على مستوى عقلي وسلوكي جيد، حتى لو افتقدنا هذه الأجواء فقدومها مسألة وقت بتأثير التواصل، أما ردود الأفعال فعادةً ما يتحكم فيها المتعصبين، وقتها لن يبحث أحد عن صحة الفكرة، بل سيكون عنوان البحث هو الدفاع عن النفس والانتصار للعقائد. "

و من حق الإنسان أن يتساءل...فالإنسان هو الكائن الوحيد في الوجود الذي يطرح السؤال على الله جل في علاه و على ذاته و على غيره...
فالتساؤل هو من قبيل رد فعل الإنسان أمام الجهل أمام الغموض أمام دهشة الإنسان لما هو واقع و حقيقة يعيش صمنهما إلى أجل مسمى...أطال الله في عمرك ز عمر الأحبة الكرام من أهل واتا و هدى الأمة الإسلامية لأقرب من هذا رشدا ...فلا عيب أن يكون للإنسان رد فعل فهذا شيء طبيعي...و لا دخل له بالعصبية أو شيء من هذا القبيل...
و كما قلت المسألة قضية وقت و قضية تفاعل حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا...فإن أصبنا في قولنا فمن هدى الله و إن أخطأنا فمن أنفسنا و من جهلنا...
حتى ذلك الحين الذي نحتكم فيه للعقل/القلب حياك الله و هدانا و إياك لما هو حق و لما هو خير و السلام عليكم و رحمته الله و تعالى...

سامح عسكر
05/01/2014, 11:26 AM
رائع هذا التفسير أستاذنا سعيد نويضي

ولكن فاجأتني بعدم اعترافك بالعقل الجمعي لأنني ظننت بأنني الوحيد الذي يتحدث في هذه القصة، وفي تقديري أن العالَم الآن ربما يبدأ مرحلة عدم يقين يستكشف فيها المستقبل الواضح أنه مُلبّد بالغيوم ،وهناك تنبؤات تُفضي إلى نتائج غريبة الشكل والمضمون كانقضاء الدول وإحلال الشركات محلاً عنها كنتيجة لسطوة المال..وأشياء أخرى غريبة ولكن أعتقد أن اليقين سيبدأ من نهضة عربية كُبرىتُراعي فيها قيم الحداثة.

سعيد نويضي
06/01/2014, 12:58 AM
رائع هذا التفسير أستاذنا سعيد نويضي

ولكن فاجأتني بعدم اعترافك بالعقل الجمعي لأنني ظننت بأنني الوحيد الذي يتحدث في هذه القصة، وفي تقديري أن العالَم الآن ربما يبدأ مرحلة عدم يقين يستكشف فيها المستقبل الواضح أنه مُلبّد بالغيوم ،وهناك تنبؤات تُفضي إلى نتائج غريبة الشكل والمضمون كانقضاء الدول وإحلال الشركات محلاً عنها كنتيجة لسطوة المال..وأشياء أخرى غريبة ولكن أعتقد أن اليقين سيبدأ من نهضة عربية كُبرىتُراعي فيها قيم الحداثة.

بسم و الحمد لله و سلام الله على الفاضل سامح عسكر...

هناك العديد من المقولات التي لا وجود لها في الواقع ،اللهم في ذهن الإنسان...هناك في حقيقة الأمر ذاكرة جماعية...و تصرفات مشتركة...و سلوكات عامة...لكن أن يكون عقل جمعي فهذا ينفي عن العقل خاصيته الأساسية و هي التفكير...فحتى التوأم لا يفكر بنفس الطريقة التي يفكر فيها التوأم الآخر...فكيف بالجماعة...؟ هناك حد متعارف عليه من القيم و الأعراف يعتقد فيها الكل أو البعض...و هذا يشكل سلوكا عاما بين الجميع...فلو كان هناك عقل جمعي ﻷشار إليه الكتاب الكريم و رسوله عليه الصلاة و السلام...و ما سورة الشورى إلا دليل على عدم وجود عقل جمعي [أي عقل يفكر بنفس الطريقة التي تفكر بها الجماعة]...قد تكون للجماعة أو المجتمع أو الأمة أهداف مشتركة و غايات كبرى متفق على العمل من أجلها و مع ذلك هذا لا يعني أن هناك عقل جمعي...اللهم إذا سلخنا خاصية طريقة التفكير التي تميز كل شخص عن الآخر...

القصة التي تتحدث عنها هي نفس القصة التي يتحدث عنها الكل...لكن كل بطريقته و كل بأسلوبه و كل طبق تصوراته و بحسب غاياته...و من هنا كان الاختلاف ابتلاء...أمن أجل تعميق الاختلاف حتى يصبح خلاف أم من أجل بلوغ الحد الأدنى من الائتلاف...؟ و هذا سؤال تتجدد الإجابة عنه لتصبح الأجوبة أسئلة من جديد...

و اليقين الذي اشرت إليه يبدا مع الفرد في علاقاته ذات الأبعاد الثلاثة: علاقته بربه و علاقته بنفسه و علاقته بالآخر...و لذلك تاخرت نهضة العرب مثلما تأخرت نهضة الغرب يوم كان العرب في أوجه حضارتهم و نهضتهم نتيجة الخلل الموجود في المعادلة ذات الأبعاد الثلاثة... فلا يمكن لبناء ان يصمد إلا إذا وقف على ثلاثة قواعد...فطاولة على سبيل المثال لن تصمد لهبة نسيم إذا وقفت على عمود واحد...اللهم إذا كان هذا العمود يتسع لكل ثقل قد يشمل الأطراف...فكيف بعواصف رهيبة...؟

و القواعد الثلاثة التي أبتغي اﻹشارة إليها هي الإسلام و الإيمان و الإحسان...كما ورد في الحديث الصحيح...فهذه الأعمدة الثلاثة التي لو اختل عمود فيها انهار البنيان و هذا ما يشهد عليه الواقع الحالي و الواقع التاريخي...

تحيتي و تقديري...

سامح عسكر
07/01/2014, 08:32 PM
أكثر من رائع..يبدو أنني سأتابع مفكراً في واتا...

كسر الحواجز، تفكير خارج الصندوق ،يجعلني أكثر شغفاً بهذه الأفكار