المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آه يا وطن؛ ليس بينك والمجد إلا المغفلون



عزت السيد أحمد
07/01/2014, 11:58 AM
آه يا وطن
ليس بينك وبين المجد إلا المغفلون
الدكتور عزت السيد أحمد

وجدت في أساطير الشرق القديم، قبل اليهودية والمسيحية والإسلام بأكثر من ألفي عام، من يقول بما معناه قول الشاعر:
نَعِيْبُ زَمَانَنَا وَالعَيْبُ فِيْنا
وَمَا لِزَمَانِنَا عَيْبٌ سِوَانا
هو الإنسان منذ وجد. لم يتغير شيء. سيرة الآخرين هي سيرة الأولين.
فليرتح قلبك يا من تموت غيظاً من الحمقى والمغفلين.
لا أحد يريد أن يتعلم من دروس الآخرين.
لا أحد يريد أن يتعلم من محنته هو.
أقول لا أحد يريد أن يتعلم حتى لا أقول لا أحد يريد أن يقرأ سيرة الآخرين، السابقين، المعاصرين، البعيدين، المجاورين... لأنه من محض الخطأ القول بذۤلكَ. لا نحتاج إلى نقرأ حَتَّى نعرف، العظات والعبر تصدم بالوجوه على رغم أنوف هٰذه الوجوه. ويبصقون عليها ويعملون بعكسها. ولا أبتعد كثيراً، أشهد أنَّ أناساً وُضِعَت النصائح في أنوفهم وآذانهم وحشيت برؤوسهم حشواً وأبت سفاهتهم إلا أن يعملوا بعكسها أو مخالفتها لمحض أن يقال إنهم خالفوا أو كان لهم رأي. وبعد المصائب التي أدت إليها مخالفتهم يعودون ويسمعون النصح والرأي السديد ويعيدون الكرة؛ كرة الغرور والعزة الكاذبة بالنفس والكبرياء الخادع.
النماذج أكثر من أن تحصى.
انظروا حولكم تجدون الكثير من هؤلاء الذين يؤمنون بأنفسهم ويعبدون غباءهم وهم يظنونه ذكاء.
المأساة الكبرى هي أنَّ الذين يتصدرون المشهد ويتنطعون للتفلسف والتنظير والتقرير والتثوير والتحمير لا يدركون ولا يريدون أن يدركوا أنهم يتكلمون باسم الملايين، ويقررون عن الملايين، وينظرون باسم الملايين... وليس هٰذا فحسب، بل إنهم يتصرفون باسم الوطن الآن ومستقبل الوطن..
لا يدرك هؤلاء الأغبياء أنهم بزلة يمكن أن يدمروا تضحيات الملايين، ومستقبل الوطن، لا يدركون أن الكلام باسم الوطن ليس لعبة، ولا استعراضاً، ولا طرسيًّا جنب السائق يجلس عليه أول الراكبين...
فكيف بالله عليكم وكل واحدٍ منهم أبغل من الآخر، وكلُّ تصريحٍ يهز الجبال، وما بلكم وأنهم مرتهنون للظهور برغبات المحطات الإعلامية ينافقون لها من أجل استمرار الظهور على الشاشة وتوزيع الابتسامات على المعجبين والمعجبات.
المأساة لا تقف هنا فقط.
لو كانت المعارضة السورية مخلصة
لو كانت المعارضة السورية غير مشبوهة
لو كانت المعارضة السورية تعمل لصالح سورية
لما كانت بهذا التشرذم الذي يأنف الصبيان الصغار أن يكونوا فيه إذا قاموا بأي عمل حتى اللهو واللعب.
عندما نتحدث عن جريمة المعارضة
المعارضة التي تدعي تمثيل الثورة السورية فنحن في حقيقة الأمر لا نتحدث عن جريمة واحدة، بل نتحدث عن مسلسل فظيع من الجرائم، وكل جريمة أعظم من أن توصف.
على رأسها إخفاقهم الذريع حَتَّى الآن في خدمة الثورة وفي التعبير عنها على قدر ما تستحق، وفي الدفاع عنها ولو في الحدود الدنيا، وفي تمثيلها على قدر ما تستحق من التمثيل...
وهنا أستحضر قول إبراهيم طوقان الذي كلأ صفحات النت والثورة كلها الذي يقول: عندما نكون مدافعين فاشلين عن قضية فالأحرى أن نغير المدافعين لا أن نغير القضية.
ألم يقرأوا ذۤلكَ؟
تلك إذن جريمة أخرى. كيف يمثلون ثورة لا يعرفون ماذا يدور على صفحاتها؟
الحقيقة أنهم قرأوا ذلك ولۤكنَّهُم غيروا القضية. حولوا الثورة من ثورة إلى صراع قوى... وأماتوا الثورة. أماتوا الثورة من أجل إحياء شوهاتهم.
هل نتابع في مسلسل الجرائم؟
الحقيقة التي لا بُدَّ أن نذكرها بجرأة وصراحة ووضوح. هي أن الذين تنطعوا ليمثلوا الثورة في الخارج هم الذين دمروا الثورة، ودماء الشهداء والجرحى، وعذابات المعتقلين والمشردين معلقة برقابهم مثلما هي معلقة برقبة النظام، هٰذا إن لم يحملوا هم الوزر الأكبر في ذۤلكَ.
عندما نتحدث عن جريمة المعارضة التي تدعي تمثيل الثورة السورية فنحن في حقيقة الأمر لا نتحدث عن جريمةٍ واحدة، بل نتحدث عن مسلسل فظيع من الجرائم، وكل جريمة أعظم من أن توصف. على رأسها إخفاقهم الذريع حَتَّى الآن في خدمة الثورة وفي التعبير عنها على قدر ما تستحق، وفي الدفاع عنها ولو في الحدود الدنيا، وفي تمثيلها على قدر ما تستحق من التمثيل...
هل نتابع في مسلسل الجرائم؟
مسلسل جرائم المعارضة السورية لا حدود له. لا حدود له ليس مبالغة أبداً. لا حدود له بالمقارنة مع الثورة وما قاموا به.
ليس التشرذم والتشتت أولها ولا آخرها، ولكن التشرذم والتشتت، وعدم وجود مركزية ومرجعية موحدة يمكن أن يقف على رأس الجرائم، لأنَّهُ أمر لا عذر يمكن أن يغفره أو يجيزه. والآفة العظمى التي استشرت بينهم أنَّ كل واحد رأس وقائد وزعيم وفيلسوف ونبي ولا يقبل إلا أن يكون زعيماً. وكل واحد له فلسفته الخاصة هي ا لتي يجب أن تمشي عليها الثورة مهما كان فيه وفيها من عيوب ومخاطر. ومن تتضرر مصالحه يمكن أن ينسف الثورة وسوريا غضباً على عدم الحصول على المكاسب التي يريد أو يرى أنه يستحقها.
وفوق ذلك كله أمامنا أيضاً على الأقل مصيبتان:
الأولى: لصوصية أكثريتهم، وعيشهم عالة على أموال الثورة... وقبل الثورة كانوا أصلاً عاطلين عن العمل أو ما يشبه ذۤلكَ في أرجاء العالم، ولم يعرفوا سوريا إلا على الخريطة رُبَّما.
الثانية: أنهم، وأستثني واحداً بالمئة، لا كفاءة لهم، ولا قيمة، ولا حضور، ولا أعرف مدى الغباء الذي يتسمون به. وضمن هٰذه المصيبة أضع ارتهانهم لمن يدفع لهم، لقد اعتادوا على البذخ على حساب الثورة، وصاروا مضطرين للمحافظة على هٰذا النعيم، ولذۤلك صاروا سلعةً لمن يدفع لهم. وباعوا الثورة. ولا أدل على ذۤلكَ من الانتخابات التي تديرها دولتان أو ثلاث ورُبَّما أكثر. الدولة التي تشتري أعضاء إعتلاف أكثر ينجح مرشحها. لم يعد للثورة مرشح، المرشح للدول التي تلعب بالثورة.
لا أقول سوريا تحترق، سوريا احترقت. وما زال الغباء والبلاهة واجهة الثورة السورية.
لقد رأيت كبار الناس مثل صغارهم.
لا يأخذ أحدهم بنصيحة القريب ولو كان صاحب الأعاجيب، ويقبلها من الغريب ولو كان بريئا من الفهم والفهم منه بريء.
ولماذا قالوا قديماً: لا كرامة لنبي بين أهله؟ أليس لأن طبع الإنسان كذلك؟
من الطبيعي أن أضرب مثلاً بابني، وكل ابن كذۤلكَ. عندما كان في السنوات الأولى من الدراسة الابتدائية، كان يقدس قول المعلم مهما كان، وإن قلت له عكس ذۤلكَ قال: ولٰكنَّ الأستاذ قال. هٰذا على الرَّغْمِ من أني جعلت منه خطيباً فصيحاً بالكاد يخطئ لغة قبل أن يصل إلى الروضة... ومع ذۤلكَ ظلَّ بضع السنوات الأولى في المدرسة يأخذ برأي طلابي الذين درسوه ولا يقبل قولي.
المفاجئ أن تعلم أن كثيراً من كبار العمر وربما على اختلاف مستويات ثقافتهم لا يختلفون عن هؤلاء الأطفال. يكون النبع بَيْنَ أيديهم ولا يشربون إلا من بعد ما تشرب الغنم.
هٰذه هي القصة أو معظمها