المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلامة حسن الكرمي في ذمة الله



منذر أبو هواش
07/05/2007, 08:54 AM
http://www.arabswata.org/forums/uploaded/1_1168981170.jpg

رحيل الأديب والإعلامي الفلسطيني حسن الكرمي
عمان - بترا - توفي الأديب والإعلامي الفلسطيني المرحوم حسن سعيد الكرمي مساء امس الاول في عمان بعد حياة حافلة بالعطاء الانساني والادبي في مجال الشعر والكتابة الادبية على مدى أكثر من قرن من الزمان .

وقد ولد المرحوم الكرمي في مدينة طولكرم عام 1906 وكان والده الشيخ سعيد الكرمي رجل علم وفقه ومن ثم تلقى تعليمه الابتدائي في طولكرم وانتقل الى دمشق حتى اكمل تعليمه الثانوي فيها وبعدها التحق بالكلية الإنكليزية في القدس عام 1925 .

وعمل الأديب الكرمي مدرساً للإنكليزية والرياضيات في مدينة الرملة ثم انتقل منها عام 1934 ليدرس في الكلية العربية في القدس .

وتخصص الكرمي بجامعة لندن في أصول التربية والتعليم وعلم الإحصاء التربوي عام 1937و1938 ،وبعد عودته إلى القدس انتقل إلى إدارة المعارف الفلسطينية برتبة مساعد مفتش .

ولما انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1948، التحق بالقسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية مراقباً للغة، وخلال فترة عمله اعد سلسلة دروس لتعليم الإنكليزية في الراديو وإعداد وتقديم برنامجه المعروف قول على قول الذي استمر في تقديمه ثلاثين عاماً متتالية ونشرت مواد هذا البرنامج في أكثر من ثلاثة عشر مجلداً. ومن أهم مؤلفاته قاموس المنار إنكليزي/ عربي عام 1970، ثم سلسلة معاجم المغني إنكليزي/ عربي وعربي/ إنكليزي ومعجم عربي اسمه الهادي إلى لغة العرب اضافة الى ترجمته للعديد من الكتب وله مقالات ومؤلفات في التربية وفي إصلاح المعجم العربي باللغتين الإنكليزية والعربية.

وفي عام 1969 أنعمت عليه الملكة إليزابث بوسام لخدماته في العمل الإذاعي وفي عام 1983 منح لقب عضو شرف في مجمع اللغة العربية الاردني وفي عام 2006 منح دكتوراة فخرية من قبل جمعية المترجمين العرب.

والمرحوم مقيم في عمان منذ 1989 الى ان توفاه الله وسيشيع جثمانه اليوم من مسجد القواسمي الى مقبرة سحاب .

عن جريدة الرأي الأردنية


http://www.alrai.com/pages.php?news_id=155247&select=الكرمي

http://www.arabswata.org/forums/showthread.php?t=3633

http://www.arabswata.org/forums/showthread.php?t=3633

راوية سامي
07/05/2007, 09:36 AM
رحم الله العلامة الكرمي وأدخله فسيح جناته وجعل ما أنتج من علوم في ميزان حسناته وعلم ينتفع به إلى يوم الدين.


شهادة الدكتوراه الفخرية التي منحتها الجمعية للعلامة حسن الكرمي

http://www.arabswata.org/forums/uploaded/123_1178519647.jpg
صورته رحمه الله في لوحة الدكتوراه الفخرية:
http://arabswata.org/site/honorary_doctorate/index.html

كما اعتلى رحمه الله عليه قمة هرم المكرمين من الأعلام والعلماء الذين كرمتهم الجمعية في الأول من يناير، 2007
http://arabswata.org/site/annual_honor/a_2007.html

إنا لله وإنا إليه راجعون

عامر العظم
07/05/2007, 02:41 PM
رحم الله الكرمي
رحم الله الفقيد..إن وفاة عالم جليل تدعو إلى الحزن. تحدثت مع حفيده (عمر) هاتفيا وراسلتني ابنته (سهام) قبل وبعد التكريم السنوي الثالث وكنت أتمنى أن أعرف شعوره عندما رأى صورته الجميلة منشورة ضمن لوحات المكرمين والحاصلين على شهادة الدكتوراه الفخرية.

الجمعية تنعى هذا العلامة الجليل. (http://arabswata.org/site/news/155.html)

غالب ياسين
07/05/2007, 03:05 PM
رحم الله الفقيد واسكنه فسيح جنانه
انا لله وانا اليه راجعون
ولا حول ولا قوة الا بالله

يسري حمدي
07/05/2007, 04:37 PM
اللهم أرحم الفقيد برحمتك، وأدخله جنتك ،وأسقه شربة هنيئة من حوض نبيك الكريم لا يظمأ من بعدها أبداً بقدر ما خدم العلم وترك تراثاً نافع ننهل منه جمعياً.

مع خالص عزائي

رامي
07/05/2007, 04:46 PM
حسن الكرمي هو قرن فلسطيني، قرن الشهادة التاريخية

ناداك تحنـــــاني فما أسمــعك
فاذهب فداك الشوق قلبي معـــك
سرنا معــــــاً حينــــاً وخلفتني
وحدي على الدرب الذي ضيّـعك


بلغ الاذاعي والمعجمي الفلسطيني حسن الكرمي في 1/7 من العام المنصرم مئة عام، قرن فلسطيني، زيتونة معمرة عبر عنها شقيقه الراحل ابو سلمي الذي اطلق عليه لقب زيتونة فلسطين ، حسن الكرمي(ولد عام 1905)، هو سليل العائلة المعروفة، من الكرميين الذين ينتمون الي مدينة طولكرم ولجهاد وثقافة الشيخ سعيد الكرمي (1852 ـ 1935) تلميذ الافغاني ومحمد عبده ( للمصادفة يحتفل هذا العام بمئة عام علي وفاة محمد عبده)، حسن الكرمي هو قرن فلسطيني، قرن الشهادة التاريخية ، وقرن من العمل الدائب لخدمة اللغة العربية والثقافة الاسلامية، وآخر حلقة الكبار من الكرميين، او عائلة الشيخ سعيد الكرمي التي لعبت دورا هاما في الثقافة الفلسطينية وممثليها الكبار، الشيخ سعيد الكرمي وابنائه الذي لمعوا قي مجالات هامة، خاصة احمد شاكر الكرمي الكاتب والأديب (1895 ـ 1927)، وعبد الكريم الكرمي (ابو سلمي) (1907 ـ 1980)، الشاعر والمناضل وحسن الكرمي الاذاعي واللغوي اضافة الي نبهان، حسين محمود وعبدالله الكرمي . وتظل حياة الكرمي صورة عن تقلبات القرن العشرين، وعن تاريخ القضية الفلسطينية بشكل عام. فالكرمي عايش فلسطين العثمانية والانتدابية والاردنية وفلسطين المحتلة ورأي ايضا حكم السلطة الوطنية (في المراحل الثلاث الاخيرة كان في الخارج)، وظل خلال هذه التقلبات والاهوال التي مرت علي وطنه وعايشها في غربته وفيا للقلم وللكتاب، حيث يقضي أيامه في عمان، باحثا في معاجمه ومطورا اياها ومحاولا انجاز ما لم ينجز من الابحاث والقراءات، ومن هنا فالكرمي آخر ممثل للجيل الذي تربي في فلسطين الانتدابية وعاش معظم حياته في بريطانيا، وكون نفسه بنفسه.
يقول حسن الكرمي في مذكراته ان ولد عام البطيخ في طولكرم وهو العام الذي فاض فيه الموسم وصدر ما تبقي منه في المراكب الي مصر. وكان في صغره كبير الرأس كما يقول في مذكراته التي نشرتها القدس العربي في عام 1990. وادخله والده في الكتاب، في الحارة القبلية في طولكرم. ويتذكر الكرمي والده سعيد الذي حكم بالاعدام عام 1916.ويقول الكرمي انه تلقي تعليمه في مكتب عنبر في دمشق حيث كان والده يعمل في مجمع اللغة العربية الدمشقي، وكان هو واخوته الفلسطينيون الوحيدون في المكتب، ويرسم الكرمي صورة حية عن الحياة والتعليم في سورية في مفتتح القرن العشرين. ويتذكر العديد من قادة الفكر والثقافة في سورية والذين ساهموا في بناء الحياة التعليمية في سورية والعالم العربي مثل عبد القادر المبارك وسليم الجندي وغيرهما. ويتذكر الكرمي اليوم الذي قرر فيه الجنرال غورو زيارة المدرسة والاطلاع علي مستوي التعليم فيها وكيف قابله طلبتها بالصراخ. وعبر الكرمي عن نزعة نحو الثورة حينما شارك في مظاهرة ضد الوجود الفرنسي في سورية. ويقول الكرمي انه التقي في مكتب عنبر بثلة من الطلاب الذين قادوا الحركة الادبية في سورية مثل انور العطار وزكي المحاسيني وغيرهما. . بعد عودة الكرمي لفلسطين اشتغل بالتعليم. ويقول الكرمي انه اسس جمعية سرية اثناء دراسته في المكتب.
عاش الكرمي في فترة الثلاثينات الثورة الفلسطينية، ولم يكن مؤيدا للمجلسيين وقيادة الحاج امين الحسيني لهم، حيث اتهمه البعض بالتعامل مع الانكليز وعاش فترة من الزمن خلف الاضواء خوفا علي حياته. وفي عام 1938 ارسل في بعثة لبريطانيا، واعتبر ممالئا للسلطة، والمعارض في ذلك الزمن كان مشكوكا في وطنيته الحزبية في البلاد. ويبدو غضب الكرمي واضحا علي جماعة الحسيني نظرا لان شقيقه محمود تم اغتياله من بعض مؤيدي الحسيني في بيروت.
وفي عام 1945 تلقي الكرمي بعثة اخري من المجلس البريطاني، وخلال هذه الفترة نمي الكرمي قراءاته وعلاقته باللغة الانكليزية التي دأب علي شراء معاجمها.
وبعد عودته الي فلسطين عرض عليه مدير البنك العربي عبد الحميد شومان منصبا للعمل في البنك، وكان الكرمي بين عقلين، حيث نصحه مدير التعليم في السلطة الانتدابية برفض الطلب. في عام 1948 انتسب الكرمي للقسم العربي في هيئة الاذاعة البريطانية. ويحمل الكاتب الفلسطيني صورة عن الوضع العام في القسم والتنافس بين العاملين فيه من فلسطينيين ومصريين، والتحزبات التي حملها كل فريق عن الاخر، وضمن هذا السياق يتذكر الكاتب جهوده في توحيد المصطلحات بين العاملين في القسم، ومحاولاته الدائبة لتصحيح الاستخدام اللغوي. ولان الاقران لا يؤخذ منهم كما يقول علماء الجرح والتعديل في علم الحديث، فان الكرمي كان شديدا في نقده للباحث والمؤرخ الفلسطيني عبد اللطيف الطيباوي. ولا يخفي ان التنافس والتناحر بين الاقران يكون موجودا في كل اماكن العمل والاتصال. وحديث الكرمي عن الطيباوي واقرانه في هيئة الاذاعة البريطانية / القسم العربي لا يخرج عن هذا السياق.
وخلال عمله في البي بي سي قام بزيارات عديدة للدول العربية منها زيارته لافريقيا، حيث زار السودان في اواخر الخمسينات من اجل تغطية الانتخابات البرلمانية فيها، واجتمع مع العديد من القيادات السودانية واقترح عليهم مشروعا لحل ما اسماه الازمة في الجنوب السوداني، وقابل الكرمي في زيارته الافريقية اسماعيل الازهري احد الزعماء التاريخيين السودانيين. وشملت زيارته ايضا نيجيريا التي زار فيها احياء الجالية اللبنانية فيها، وزار الولايات الشمالية فيها ذات الغالبية الاسلامية ونقل بعضا من تقاليدها التي اعتبرها غريبة، حيث قال ان القرآن لا يذاع في الاذاعة النيجيرية في لاغوس بطلب من السلاطين المسلمين ولديهم تفسير خاص لهذا الامر وهو الآية الكريمة التي تقول واذا قرأ القرآن فاستمعوا له وانصتوا... ، ومن هنا فانه في حالة اذاعة القرآن ولم ينصت له احد لا يحل شرعيا، واستغرب الكرمي من هذا التفسير وعلق قائلا ان الاثم علي المستمع وليس علي قارئه في هذه الحالة.
كما زار غانا واجتمع فيها مع الزعيم التاريخي كوامي نكروما، كما نقل شيئا من عادات المسلمين وتقاليدهم هناك، وصورة عن الخلافات بين الجاليتين اللبنانية والسورية والتي كان لكل واحدة منهما ناد، ووجد نفسه موضع احراج حينما تلقي دعوات من الجاليتين. وبنفس الطريقة التي تحدث فيها الكرمي عن تخلف المسلمين في نيجيريا وعاداتهم الغريبة، ونقل شيئا من عادات المسلمين في غانا منها ان الشيخ فيها يحل له ان يتزوج 3333 زوجة. ولم يغفل الكرمي في رحلته هذه من البحث عن النكات اللغوية والتعبيرات العربية في لغة الهوسا والفولاني.
بعد عودته الي لندن، اذاع الكرمي عددا من الاحاديث عن رحلته الافريقية، وبدأ بتقديم حلقات برنامجه الذي ارتبط به وعرف بالعالم العربي، بل وطارت شهرته في الافاق نتيجة له وهو برنامج قول علي قول ، ويقول الكرمي ان فكرة البرنامج تنبع من محاولته لايجاد وسيلة تؤدي بالناس عامة وبالطلاب خاصة الي التعرف علي اللغة العربية وأساليب التغير فيها، وذلك عن طريق ذكر الاشعار، والاقوال في مناسباتها، لأن مناسبة القول في بيت الشعر عون علي فهم معناه بالتحديد .
واقترح الكرمي عددا من الشروط لمن يريد تقديم البرنامج ان يكون المجيب علي معرفة تامة بالشعر العربي في أول عهده، وان تكون له فراسة في الشعر العربي بعد طول الدراسة والممارسة، وان تكون لديه مكتبة شعرية كاملة تعينه علي البحث والدراسة. وقد اشتهر البرنامج، حيث ظل يذاع حتي نهاية الثمانينات، وحينما قرر الكرمي ايقاف البرنامج نظرا لكبر العمر، تلقي آلاف الرسائل من المعجبين به من معظم انحاء العالم العربي الذين طالبوه باعادة البرنامج.
وكان الكرمي يردد في البرنامج لازمة معروفة تقول وسألني سائل من القائل وما المناسبة؟ . ونظرا لانتشار البرنامج فان العديد من الاذاعات العربية حاولت تقليده دون جدوي، فأني لها بشخص بثقافة وتوسع الكرمي. ويقول الكرمي ان جمال عبد الناصر نفسه تساءل عن عدم سبب وجود برنامج للشعر مثل هذا البرنامج، وكان الملك فيصل بن عبد العزيز احد المعجبين به، والرئيس العراقي السابق احمد حسن البكر، والشيخ زايد بن سلطان الذي ارسل في طلب الكرمي ليسأله عن بيت شعر غريب، فلما وجده الكرمي اعطاه الشيخ زايد هدية 300 جنيه استرليني .
ويتحدث الكرمي انه حاول بعد طباعة كتابه قول علي قول في ثلاثة عشر مجلدا ان يدفع الوزارات العربية لتقريره علي المدارس العربية، ولكن محاولاته باءت بالفشل، وقيل له ان السعودية رفضت تقرير الكتاب بسبب احتواء الكتاب علي اشعار الخمر. واستمر الكرمي في تقديم برنامجه حتي بعد تقاعده من العمل في القسم العربي في هيئة الاذاعة البريطانية، في اواخر الستينات.
من الجوانب الاخري المهمة في حياة الكرمي، والتي تتعلق ايضا بخدمة اللغة العربية، كان انشغاله الدائم بتطوير المعجمية العربية، ويبدو ان هم تطوير المعاجم العربية الثنائية منها والاحادية كانت هما يوميا ودائما. ويقول الكرمي في هذا السياق انه لم يترك معجما بالعربية او الفرنسية او الانكليزية الا واقتناه، كما فرز كل ترجمات القرآن الكريم للغة الانكليزية واعجبته ترجمة محمد اسد، فيما لم يستحسن ترجمة يوسف علي. ويعود اهتمام الكرمي بالمعجم العربي الي ايام عمله في القسم العربي بهيئة الاذاعة البريطانية حيث انتقد طريقة ترجمة الاخبار، واشار الي عدم الدقة في فهم معني الكلمة العربية حينما يتم وضعها في سياق سياسي او اقتصادي. وفي هذا الاتجاه كثيرا ما عاب الكرمي علي الكتاب الذين اتخذوا من ترجمة الكتب العربية للانكليزية تجارة رابحة، حيث وسم الباكستانيين الذين اتخذوا ترجمة الكتب الاسلامية للانكليزية صنعة للتكسب. وضمن هذا السياق قدم الكرمي سلسلة معاجمه التي ابتدأت بـ المنار عام 1970، و المغني ، و المغني الكبير و المغني الاكبر ، و الهادي الذي كان معجما احاديا.كانت لعبة الكرمي طوال حياته القراءة، حيث يقول في هذا السياق انه كان يقرأ قبل النوم وبعد النوم، وقبل الطعام وبعده وفي البيت والحديقة والشارع وفي القطار، ونتيجة لذلك كانت القراءة هوس حياته، وفي مذكراته يتحدث كثيرا عن طبيعة الكتب التي كان يقرأها خاصة الفلسفية والتاريخية واللغوية، اضافة الي الكتب الرياضية التي يقول انها كانت تساعده علي تمرين الذاكرة.
يعتبر جهد الكرمي المعجمي جهدا شخصيا، حيث حاولت العديد من مجامع اللغة العربية تبني عمله، ولاسباب غير معروفة ظل جهده ومشروعه شخصيا يقوم علي حماية اللغة العربية وتطويرها، وادخال العديد من المفردات اليها باعتبارها لغة حية متطورة.
وفي عام 1983 عينه مجمع اللغة العربي الاردني عضوا فخريا فيه. ونال في عام 1969 وساما من الملكة البريطانية اليزابيث الثانية علي خدماته في مجال العمل الاذاعي.مثل حسن الكرمي آخر الكرميين الكبار الذين ظهروا علي سطح الحياة الفكرية والسياسية في فلسطين في بدايات القرن العشرين، فوالده الشيخ سعيد بن علي بن منصور ولد في طولكرم، واليها نسبت اسرته منذ ان استوطنها جد والده. وقد روي الشيخ سعيد لصاحب كتاب الاعلام خير الدين الزركلي، ان اسرته تنحدر من عرب اليمن الذين جاؤوا مع عمرو بن العاص لفتح مصر واستقروا فيها، واول من جاء منهم الي فلسطن جد والده في اواخر القرن الثامن عشر، كما يبدو. انهي الشيخ سعيد دراسته الابتدائية في طولكرم ثم ارسله والده الي الأزهر لاكمال دراسته، وحضر دروس الشيخ جمال الدين الافغاني، واتصل بالشيخ محمد عبده، وبقيت الصلة وثيقة بينهما بعد ذلك. وبعد حصوله علي شهادة العالمية عاد الي بلده وعين مفتشا للمعارف في قضاء بني صعب طولكرم، ثم اصبح مفتيا ولما الفت الجمعيات الوطنية العربية انتمي الشيخ سعيد الي حزب اللامركزية واصبح معتمدا للحزب في قضاء بني صعب، وعندما اعلنت الحرب العالمية الاولي وزعت في دمشق منشورات تدعو للثورة علي الاتراك موقعة باسم حزب الثورة العربية.
وطاردت السلطات العثمانية رجال الحركة العربية فالقت القبض في فلسطن علي حافظ السعيد (يافا) ، والشيخ سعيد الكرمي وسليم عبد الهادي (جنين) من نشطاء حزب اللامركزية وبعد محاكمة قصيرة في عاليه نفذ في 21 آب (اغسطس) 1915 حكم بالاعدام في احد عشر شخصا منهم عبدالهادي، اما حافظ السعيد والكرمي فابدل حكم الاعدام عليهما بالسجن المؤبد، وفي شباط (فبراير) عام 1918 اطلق سراح الشيخ سعيد بفضل مساعي الشيخ عبد القادر المظفر وغيره.
وفي سنة 1918 عاد الشيخ سعيد من دمشق الي طولكرم بعد الافراج عنه من سجن القلعة، ولما الفت الحكومة العربية في دمشق في تشرين الاول (اكتوبر) 1918 دعي للعاصمة السورية وعين في شعبة الترجمة والتأليف من آذار (مارس) حتي ايلول (سبتمبر) 1920، ثم عين عضوا في المجمع العلمي العربي فنائبا لرئيس المجمع المذكور بين تشرين الاول (اكتوبر) 1920 ونيسان (ابريل) 1922. وكان قد حضر المؤتمر الفلسطيني الاول في شباط (فبراير) 1919، وشارك في بعض انشطة الحركة الوطنية في تلك الفترة.
وفي 6 أيار (مايو) 1922 غادر الشيخ سعيد دمشق الي عمان وعين قاض للقضاة في مجلس المستشارين مجلس الوزراء ورئيسا لمجلس المعارف وبقي في عمان يشغل منصب قاضي القضاة حتي عام 1926 وعين بعده الشيخ حسام الدين جار الله، وعاد بعد ذلك الي مسقط رأسه واعتزل السياسة واشتغل في اواخر حياته مدرسا في مسجد طولكرم.
ويقال ان سبب تركه العمل في الامارة له علاقة بوقفية ابو عبيدة بن الجراح.
ترك الشيخ سعيد من المؤلفات قليلة وذلك لانشغاله بالسياسة والمناصب الحكومية، كما يبدو بالاضافة الي اشعاره التي لم تجمع، و طبعت له في صدر شبابه رسالة في التصوف بعنوان واضح البرهان في الرد علي اهل البهتان .
وشعره يجنح للفظة الجاهلية والصورة الصحراوية البدائية او التراثية ولكنه حسن السبك متين العبارة، وهو فوق ذلك خطيب مفوه عالم بالتصوف والفقه واسرار اللغة وعلوم القرآن والتاريخ والسيرة وغير ذلك من المعارف وكانت له بين الناس حظوة مثلما كانت له مكانة رفيعة عند ذوي الشأن.
وحسن الكرمي كان احد اولاد الشيخ سعيد الكثر واخرهم، فقد توفي اولهم وانجبهم من الناحية الفكرية والثقافية احمد شاكر في حياة والده في دمشق بعد ان اصدر مجلة ادبية مؤثرة الميزان والتي لعبت دورا في تشكيل الحركة الثقافية والادبية العربية في عشرينيات القرن الماضي، وكتب احمد شاكر العديد من المقالات وترجم عددا من الاعمال الانكليزية للعربية منها مي او الخريف والربيع التي عربها عن الانكليزية للشاعرة الامريكية ماريون كروفورد ورواية الوردة الحمراء لاوسكار وايلد، بالاضافة لمجموعة مقالاته المعنونة بـ الكرميات ، اما عبد الكريم الكرمي (1907 ـ 1980) فقد كان احد شعراء المقاومة الفلسطينية، البارزين والذي عايش فترة الثلاثينات في فورتها الشعرية والنضالية، وعمل في الاذاعة الفلسطينية مع شاعر فلسطين ابراهيم طوقان، واشتغل بالمحاماة قبل ان ينتقل لدمشق التي اتخذها مسكنا له، وفيها عمل في الاذاعة، كما وتفرغ للعمل الثوري ومثل فلسطين في اكثر من لجنة للتضامن والسلم، وكتب ابو سلمي اجمل القصائد عن فلسطين وجبل المكبر والقسام وعرف بديوانه المشرد ، ويعتبر الكرمي كما وصفه محمود درويش البيدر الذي تربي عليه شعراء فلسطين قاطبة، وقد حصل ابو سلمي علي العديد من الاوسمة والجوائز، وتمثل عائلة الكرمي كما قال عجاج نويهض في كتابه رجال من فلسطين مجموعة لها اهمية في الفكر في فلسطين حيث يقول ان الشيخ سعيد الكرمي وابناءه يؤلفون رهطاً له وزنه في حركة الاذهان في فلسطين، ولا نكاد نعلم ان بيتا اخر في هذه البلاد قام فيه الاب وتبعه علي دروبه ابناؤه في حياته ومن بعده كما قام هذا المشعل . وفي مذكرات كريمته غادة البحث عن فاطمة صورة حية لحياة العائلة في حي القطمون في القدس، ورحلتها لدمشق، ومن ثم الرحيل الي بريطانيا. وتقول غادة انه بعد النكبة (1948) ورحيل العائلة لدمشق، اخذ والدها يدرس خيارات العمل، فعمان كانت بلدة صغيرة، ومقارنة مع جو القدس الليبرالي المتحرر، كانت دمشق محافظة.
ولهذا جاء اختيار لندن، ربما عن نية او غير نية، فغادة تقول ان والدها لم يخف دائما علاقة الحب والكره مع بريطانيا، فهو من جهة وان اعجب بتقاليد الامبراطورية والادب والثقافة الانكليزيتين انغلوفايل الا انه كان في داخله يشعر بالغبن التاريخي الذي اقترفته بريطانيا بحق الفلسطينيين عندما منحت ارضهم لشعب غريب فـ لولاهم لما كان هناك غزو يهودي لارضنا ولما كانت اسرائيل ، ونظرا لطبيعة عمله في الادارة الانتدابية، في قسم التعليم، فقد تعرف علي بريطانيا من خلال الرحلات التدريبية لبريطانيا، حيث سافر في نهاية الثلاثينات وعام 1946، في لندن، وكان في العاصمة البريطانية اثناء تفجير فندق الملك داوود، حيث كتب رسائل في ذلك الوقت عن الشعور العام والغاضب لما حدث في الفندق.
ولكن حسن الكرمي، مثل كل المثقفين الذين زاروا مدينة الضباب وقع في حب المدينة، حيث يقول لندن تكبر في داخلك، فهي مدينة لا تحب من النظرة الاولي، ويجب ان تعيش فيها حتي تحبها . ولهذا السبب تقول انه عندما قدم طلبا للعمل مع هيئة الاذاعة البريطانية كان يريد توثيق صلاته مع المدينة، وبعد التهجير عاد وقدم طلبا من جديد حيث تلقي ردا جيدا، وسافر للقاهرة للمقابلة حيث عين مشرفا للغة في الاذاعة.تقول غادة ان والدتها كانت تحبذ لو عمل الوالد في القاهرة التي كانت تحمل في ذهن العرب حسا عن السحر، وكل ما هو جميل ويرتبط بعالم النجوم والسينما، فالقاهرة كانت ولا تزال مصنعا للنجوم. وعلي خلاف التوقع هذا، قرر حسن الكرمي السفر للندن وبناء علي نصيحة الادارة في الاذاعة سافر وحده ذلك ان بريطانيا كانت تتعافي من آثار الحرب العالمية الثانية ومعني هذا ان يعيش حسن الكرمي وحيدا لمدة عام في لندن قبل ان تصل العائلة في خريف قاتم ورمادي، لمطار هيثرو، حيث كانت الطائرة تحمل اماً وفتاتين وصبياً ومعهم حقائب كثيرة مليئة بكل خيرات سورية، وهذه الرحلة كانت بداية مرحلة جديدة في حياة العائلة. ويتذكر الكاتب المصري حسين احمد امين، ايام حسن الكرمي في بي بي سي قائلا:اما حسن الكرمي فصاحب المعجم الانكليزي العربي الشهير المغني الأكبر والبرنامج الاذاعي في الأدب والشعر قول علي قول ، والقائم وقتذاك علي اعداد سلسلة تعليم الانكليزية بالراديو . كان يشغل منصب مراقب اللغة. فهو في مكتبه عن مكتبه في طابق علوي يستمع من طريق سماعة الرأس الينا معشر المذيعين ونحن نقرأ نشرات الأخبار في الاستوديو تحت سطح الأرض، ويسجل في ورقة أمامه ما ننزلق اليه من أخطاء في النحو، أو النطق أو الترجمة، حتي اذا ما انتهت نوبتنا في الاستوديو كان علينا أن نصعد اليه في مكتبه علي الفور ليسرد علينا بيان هذه الأخطاء. وهو أحياناً يفاجئنا في الحجرة المخصصة لمترجمي النشرات الاخبارية ليراجع ويصحح مانكون قد فرغنا من ترجمته من فقرات . ويري امين ان الكرمي كان له فضل كبير عليه، بعد والده احمد امين في الارتقاء بلغتي العربية، فعلي رغم أنني كنت في مصر أعتبر نفسي مجيداً لتلك اللغة، اذاً بي أجد الكرمي يسجل من أخطائي خلال النشرة الاخبارية الواحدة التي لا تستغرق قراءتها أكثر من الساعة، ما يملأ صفحة أو يزيد! غير أنه كان ثمة ما يخفف عني شعوري بالاحباط: فالأخطاء المذكورة لم تكن مما يقع فيها الطلاب أو الصحافيون أو السياسيون فحسب، وانما كان معظمها ما يسميه الحريري صاحب المقامات بأوهام الخواص، أي تلك التي يقع فيها حتي من ظن في نفسه اتقان اللغة ، ويضيف قائلا لم يكن رؤساؤنا من الانكليز يحترمون أحداً منا احترامهم لحسن الكرمي ، ويضيف كان نادراً ما يبتسم، ونادراً ما ينفعل، بارد العاطفة، أو هكذا خيل الي، كذلك خُيل الي أنه شديد الحرص في الانفاق، ربما لأني لم أكن أراه في مطعم الاذاعة ساعة الغداء الا وأمامه كوب من اللبن الزبادي لا يتجاوزه الي غيره. أما المؤكد فهو أنه كان دودة كتب ، لا حديث له الا في ما يقرأ أو يكتب، في تصريف فعل أو أصل كلمة، ولا اهتمام له خارج حدود الكتب وعمله الاذاعي، ولا غرام يشغل قلبه غير الغرام باللغة العربية. فهو ملم بتراثها الماماً يندر أن تجده في غيره، وما كان ليبزّه فيه من معاصريه غير الأستاذ محمود محمد شاكر ، مشيرا الي ان اهتمامات الكرمي بالمسرح او الموسيقي والسينما وفنون التصوير والنحت والباليه والأوبرا، كان معدومة، علي الاقل من خلال حديثه.
ويقول عن لقائه رحب بي عند تسلمي العمل ترحيباً حاراً اذ علم أني ابن لأحد أمين، غير أنه ما تبين بمرور الأيام أني لست حجة في اللغة، ولا حتي من مُتقنيها، حتي فترت حرارته، وصار شأني عنده شأن الآخرين من غوغاء الاذاعة .
:hi: :hi: :hi: :hi: :hi: :hi: :hi:

هري عبدالرحيم
07/05/2007, 04:49 PM
رحم الله الفقيد الذي كان عزيزا على قلوبنا،إنا لله وإنا إليه راجعون.
عشنا سنوات مع برنامجه المتميز"قول على قول"من هيئة الإذاعة البريطانيةBBC ،وهذه السنة أجرت معه قناة الجزيرة حوارا جميلا في برنامج "زيارة خاصة".
أتمنى أن يعطى لأعمال الفقيد ما يستحق،وأدعو الإخوة الفلسطينيين،والأردنيين أن يُحاولوا نشر إنتاجه في الجمعية حتى نستفيد من علم الرجل أكثر.
تعازي الحارة لأسرته ولكل الفلسطينيين،وعموم أحبته،أسكنه الله فسيح جناته وجعل أعماله وعلمه في كفة حسناته .

Dr. Schaker S. Schubaer
07/05/2007, 05:28 PM
إنا لله وإنا إليه راجعون
رحمه الله رحمة واسعة وغفر له
كما نعزي أسرته الكريمة

الشربيني المهندس
07/05/2007, 05:31 PM
إنا للـه وإنا اليه راجعون
رحم اللـه استاذنا اللـه وتغمده بواسع مغفرته
وأسكنه الجنة بفضله وكرمه
وشكرا للاستاذ منذر علي هذا الواجب
وللأستاذ رامي علي هذه البانوراما التاريخيه
وحقا قالوا
السيرة الحسنة مثل شجرة الزيتون تعمر طويلا

عامرحريز
07/05/2007, 06:30 PM
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

سليمان أبو ستة
07/05/2007, 09:56 PM
لقد كان حقا شيخ المعجميين العرب، ومن اللافت للنظر أنه ركز كل جهوده في العمل المعجمي الشاق في الأعوام الأخيرة من عمره الذي امتد مخترقا حاجز القرن. وأذكر أنه قابلته، رحمه الله، عام 1994 في شقته الكائنة بالشميساني بعمان وكان مكتبه مليئا بالأوراق والجذاذات التي يستعين بها في تأليفه المعجمي الذي ربما كان يستغرق إتمامه ربع قرن أو يزيد . أليس في هذا عبرة وعظة بأن العمل الشاق ، إذا تعلق به قلب المرء ، قد يزيد في عمرة.
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه، وألهم أهله ومريديه الصبر والسلوان بعده.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.

هدى الصاوي
07/05/2007, 10:11 PM
إنا لله وإنا إليه راجعون
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

كلنا لها..

شيزر منيب علوان
07/05/2007, 10:28 PM
إنا لله وإنا إليه راجعون

رحمه الله تعالى وأدخله جنات النعيم وجعله من المقربين إليه.

أدعو إدارة الجمعية إلى تخصيص منتدى خاص بإرث علامتنا حسن الكرمي رحمه الله حتى لا تذهب إبداعاته سدى, وحتى تبقى قدوته ماثلة لنا على الدوام.

معتصم الحارث الضوّي
07/05/2007, 11:10 PM
رحمه الله رحمة واسعة و أدخله فسيح جناته ، المصاب و الله جلل بوفاته .

أكمل المغربي
08/05/2007, 03:18 PM
إنا لله وإنا إليه راجعون
رحمه الله رحمة واسعة وغفر له

سليم الحكيم
08/05/2007, 06:48 PM
عندما أسمع خبر رحيل أحد الأعلام الشامخين، أشعر بوحشة السائر في غابة يستهدي بباسقات الشجر كبوصلة من نوع آخر ليكتشف الطريق، وفجأة تسقط الشجرة الأخيرة التي كانت ستدله على البداية التالية للطريق الطويل في غابة أصبحت الأدغال فيها أكثر من الشجر. هكذا شعور انتابني و أنا أقرأ خبر رحيل العلامة حسن الكرمي، فصوته ما يزال يرن في أذني وهو يبدأ برنامجه .. قول علي قول ..
رحمه الله و طابت ذكراه.
سليم الحكيم

غالب ياسين
11/05/2007, 08:38 AM
رحيل آخر الكرميين الكبار
أمجد ناصر

11/05/2007

قبل أيام رحل حسن الكرمي الإذاعي الفلسطيني الشهير ورجل المعاجم اللغوية العربية وثنائية اللغة، وبرحيله تنتهي حياة مديدة تجاوزت قرنا من الزمان بعامين، وانطوي فصل من تاريخ منطقة وبلد وعائلة. انه آخر الكرميين الاربعة الكبار الذين اسهموا في وعي بلادنا وتقدمها بتنوع انجازاتهم وفرادة شخصياتهم.
حتي عام 1990 وبعد سنة من صدور هذه الصحيفة كنت أعرف كرميين اثنين: عبد الكريم الكرمي (ابو سلمي)، الشاعر الذي سمي من قبل الشعراء والمثقفين الفلسطينيين (زيتونة فلسطين)، وشقيقه حسن الكرمي، صاحب البرنامج الاذاعي الشهير (قول علي قول). ابو سلمي عرفته في بيروت وحضرت قراءة شعرية له في امسية تكريمية اقيمت علي شرفه لمناسبة نيله جائزة ادبية رفيعة من الاتحاد السوفييتي، قال فيها محمود درويش بانه الغصن الذي نبتت عليه القصيدة الفلسطينية الحديثة. اما حسن الكرمي فمن منا لم يسمع حلقات من برنامجه الاذاعي (قول علي قول) الذي دأب علي بثه من القسم العربي في هيئة الاذاعة البريطانية عندما كانت الاذاعات هي الوسيط الاعلامي العابر للحدود والفضاءات.
لكني لم أكن أعلم، مثل كثيرين من أبناء جيلي، بوجود كرمي آخر. كرمي لو كتبت له حياة أطول لكان له شأن كبير في الحياة الثقافية العربية: إنه أحمد شاكر الكرمي.
كانت سنة قد مرت علي هذه الصحيفة عندما قدم لنا الصديق الشاعر نوري الجراح مذكرات حسن الكرمي. كان حسن الكرمي ما يزال، يومها، في لندن ولم يكن قد نشر شيئا من سيرته المديدة المكتنفة بأسرار وتضارب في الرأي حول بعض مواقفها السياسية. حملت سيرة حسن الكرمي الكثير من المفاجآت والحكايات الطريفة ، منها رده علي تهمة تعامله مع الانكليز التي قالت بها جماعة الحاج أمين الحسيني وكادت أن تودي بحياته. ولكن أهم ما نتج عن حلقات تلك السيرة التي نشرت تباعا في القدس العربي هو اعادة الكشف عن الكرمي الغائب مبكرا: أحمد شاكر.
منذ تلك اللحظة سيعكف نوري الجراح علي البحث عن آثار هذا الكرمي الفذ في المصنفات القديمة، وصادف انه حصل، من خلال عمله مع رياض الريس في دار النشر و(الناقد) علي أعداد مجلته الشهيرة (الميزان) التي أصدرها في دمشق، وكانت علامة فارقة، ليس في الصحافة الأدبية العربية فقط، بل في طرح مفاهيم وتصورات للأدب مثاقفة مع (الآخر) لم تعرفها، في نضجها وسعة اطلاعها، أي مجلة عربية عاصرتها.
كان أحمد شاكر الكرمي مخيفا في نقده، عميقا في اطلاعه علي التراث العربي والغربي، متجاوزا لحظته بعقود. كان مخيفا الي درجة ان المازني قال عنه (ويل لأشواك الأدب من هذا المنجل الغاضب).. قيل هذا الكـــلام عن شاب مات في الثلاثين من عمره!
كشفت لنا مذكرات حسن الكرمي عن دوحة عائلية كاملة. فالأب هو الشيخ سعيد الكرمي تلميذ الأفغاني ومحمد عبده، نائب رئيس المجمع اللغوي في دمشق، قاضي القضاة في الاردن. نبغ ابنه احمد شاكر في النقد والترجمة والصحافة الادبية وادب الرحلة، واصبح ابنه ابو سلمي صاحب القصيدة الشهيرة التي يقول مطلعها:
انشر علي لهب القصيد شكوي العبيد الي العبيد، الغصن الذي نبتت عليه، حسب وصف درويش، القصيدة الفلسطينية المعاصرة، وذاع اسم ابنه الثالث حسن الكرمي علي كل شفة ولسان من خلال أثير اذاعة لندن. كشفت المذكرات كذلك عن اختصار تاريخ فلسطين المعاصر في هذه العائلة التي عرفت اواخر السلطة العثمانية، ثم الثورة العربية الكبري والحكومة الفيصلية والانتداب البريطاني وتدفق العصابات الصهيونية، في ركاب الانتداب ووعد بلفور، علي أرض فلسطين، وما أعقب ذلك من تواريخ مرة وانعطافات حادة مرت بها قضية العرب (الكبري).
تاريخ كامل في عائلة وعائلة تصنع تاريخا. قلة هي العائلات العربية التي يمكن رؤية احداث قرن من الزمان بتلوناته الادبية والسياسية كما يمكن ملاحظته في عائلة الشيخ سعيد الكرمي. لا ادري كم هو منصف وحقيقي القول ان الاختلافات الفكرية والسياسية التي مثلها افراد تلك العائلة قادرة علي عكس مثيلتها في الحياة العربية: فالاب رجل دين وعلم، ابنه احمد شاكر من الذين أسسوا لمفهوم النقد الأدبي في الثقافة العربية، وابنه أبو سلمي شاعر شيوعي أو قريب من الشيوعيين بدليل قوله: قالوا يساريين قلت أجلّهم قولا ومبدا
هذه المطارق والمناجل تحصد الظلاّم حصدا،
أما ابنه حسن فقد كان أقرب الي الليبرالية والاعتدال في مواقفه السياسية، الي حد ان تيار الحاج أمين الحسيني قد وصمه بتهمة التعامل مع الانكليز، ويبدو أن ابنه محمود اغتيل في بيروت علي يد جماعة (المفتي) بتهمة مشابهة.
الكرميون عائلة في تاريخ عربي عاصف. تاريخ لا يرحم. يكفي أن تختلف مع بعض قيمه أو سلطاته السياسية أو الايديولوجية حتي تصبح عميلا او خائنا. تاريخ مزق ابناءه. تاريخ لم يصنع عبرة ولا تاريخا يُبني عليه، فهو دائما في حال استئاف وعود علي بدء. الدوحة الكرمية الكبيرة مرآة لهذا التاريخ العربي الذي لا ينكتب بل تمحو فصوله بعضها بعضا.
من سيكتب سيرة الكرميين سيري نفسه وجها لوجه أمام غدر هذا التاريخ في تنكره ومكره.. وعدم تاريخيته.

زاهية بنت البحر
11/05/2007, 09:23 AM
رحم الله الفقيد وألهم أهله الصبر والسلوان

د. عبد المطلب صديق
08/06/2007, 08:12 PM
اليوم فقط نثني عليك كما نفعل دوما ، اذ لا نذكر مناقب الناس الا بعد رحيلهم ، اليوم يتلفت اهل العربية يمنة ويسرى فلا يجدوا قيثارتهم الطروب وديوانهم الثر ، مضت سنوات طوال وبرنامجك قول على قزل هو المعلم والمرشد والهادي الى لغة العرب . تقبلك الله القبول الحسن وجعل الجنة مثواك بقدر ما قدمت لاهلك وعشيرتك وامتك العربية والاسلامية .
د . عبد المطلب صديق