المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحَيَاةُ وَالحُبُّ وَالعِشْقُ



حسين أحمد سليم
27/02/2014, 11:20 PM
الحَيَاةُ وَالحُبُّ وَالعِشْقُ

بقلم: حسين أحمد سليم
كاتب وفنّان تشكيلي عربي من لبنان

تَجَلَّىْ الله فِيْ الأَزَلِ, شَاءَ مَا شَاءَ, كَيْفَ شَاءَ. بِالحُبِّ الأَقْدَسِ المُطْلَقِ, وَالعِشْقِ الأَكْمَلِ الأَطْهَرِ. كُنْ, فَكَانَ الكَوْنُ وَالوُجُوْدُ, وَكَانَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ, وَكَانَتِ الحَيَاةُ, وَكَانَ الخَلْقُ, وَكَانَ الإِنْسَانُ. وَكَانَ الوَحْيُ, وَكَانَ الأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ, وَكَانَتِ الأَدْيَانُ السَّمَاوِيَّةُ, وَكَانَتِ الكُتُبُ المُقَدَّسَةُ, لله تَدْعُوْا بِالحُبِّ الأَخْلَصِ, وَلِلإِيْمَانِ تَهْدِيْ بِالعِشْقِ الأَسْمَىْ.
تَارِيْخُ البَشَرِيَّةِ, بَدَأَ مُبَارَكًا, بِرَحْمَةِ وَمَوَدَّةِ الله, الَّتِيْ أَوْدَعَ أَمَانَتِهَا, بِصَدْرِ آدَمَ الحُبِّ وَصَدْرِ حَوَّاءَ العِشْقِ. وَكَانَتْ أُسْطُوْرَةً تَجْرِيْدِيَّةً لِمَسْرَحِيَّةِ الْحُبِّ, وَكَانَتْ مِيْثُوْلُوْجْيَا سُوْرْيَالِيَّةً لِفُلِكْلُوْرِ الْعِشْقِ. وَكَانَتْ سِمَتَهَا مُوَشَّاةً بِأَبْجَدِيَّةِ التَّرْمِيْزِ, فِيْ مَحَارِفَ هِجَائِيَّةِ اللغَةِ الأُوْلَىْ, تَرْجَمَةً تَعْبِيْرِيَّةً أُخْرَىْ لِلإِيْمَانِ, فَإِذَا الإِيْمَانُ هُوَ لُغَةُ الحُبِّ وَهُوَ أَبْجَدِيَّةُ العِشْقِ.
بَيْنَ الحَيَاةِ وَالإِنْسَانَ وَالأَرْضَ, كَانَ الإِيْمَانُ وَالحُبُّ, وَكَانَ العِشْقُ, وَبِيْنَ السَّمَاءِ وَالإِنْسَانَ وَالخَالِقَ, كَانَ الحُبُّ, وَكَانَ العِشْقُ وَالإِيْمَانُ. وَكَانَ الحُبُّ وَالعِشْقُ وَالإِيْمَانُ, صِلَةُ الوَصْلِ بَيْنَ الجَمِيْعِ. وَكَانَتْ المَوَدَّةُ وَالرَّحْمَةُ, المُنَزَّلَةُ مِنْ لَدُنِ الله فِيْ صَدْرَيْ آدَمَ وَحَوَّاءَ, قِوَامُ الحُبِّ وَالعِشْقِ, وَضَمَانُ الإِسْتِمْرَارِ فِيْ إِمْتِدَادَاتِ العَيْشَ وَمَعْظَمَةَ الحَيَاةِ.
لَوْلاَ حُبُّ الحَيَاةِ لِلإِنْسَانِ, وَعِشْقُ الإِنْسَانَ لِلْحَيَاةِ, مَا كَانَ الإِنْسَانُ حَيًّا فِيْ الوُجُوْدِ, وَمَا كَانَتِ الحَيَاةُ لِتَكْتَمِلَ إِلاَّ بِوُجُوْدِ الإِنْسَانِ. وَلَوْلاَ حُبُّ السَّمَاءِ لِلأَرْضِ, وَعِشْقُ الأَرْضَ لِلْسَّمَاءِ, مَا كَانَتْ الطَّبِيْعَةُ, وَلاَ كَانَتْ المَخْلُوْقَاتُ وَالكَائِنَاتُ. وَلَوْلاَ حُبُّ الله لِلْمَخْلُوْقِ, مَا كَانَ الوُجُوْدُ, وَلَوْلاَ عِشْقُ المَخْلُوْقِ لِلْخَالِقِ, مَا كَانَتِ صَلَوَاتُ الحُبِّ وَإِبْتِهَالاَتُ العِشْقِ.
وُلِدَ الوُجُوْدُ مِنَ كَنَفِ الحُبِّ وَرَحَمَ العِشْقِ, وَمِنَ قَلْبِ الحُبِّ وَمَكْنُوْنِ العِشْقِ إِنْطَلَقَ وَإِبْتَدَأَ كُلُّ شَيْءٍ, وَصَارَ بِرُوْحِ الحُبِّ وَالعِشْقِ, كُلَّ شَيْءٍ فَاتِنًا وَجَمِيْلاً, وَكُلُّ شَيْءٍ مُنْسَجِمًا وَمُعَبِّرًا, وَكُلُّ شَيْءٍ كَامِلاً وَمُتَّقَنًا. فَمَسْحَةُ الجَمَالِ حُبّْ, وَجُوْدَةُ الإِتِّقَانِ عِشِقْ, وَحُسْنُ التَّعْبِيْرِ حُبّْ, وَإِكْتِمَالُ الكَمَالِ عِشِقْ, وَهَارْمُوْنِيَّةِ الإِنْسِجَامِ حُبٌّ وَعِشْقٌ.
الحَيَاةُ حُبٌّ, وَالوُجُوْدُ عِشْقٌ, وَالتَّكَامُلُ وَالكَمَالُ حُبٌّ وَعِشْقٌ. تُحِبُّ السَّمَاءُ وَتَعْشَقُ, فَتَفِيْضُ بِعُذُوْبَةِ الحَيَاةِ. تَعْشَقُ الوُرُوْدُ وَتُحِبُّ, فَتَضُوْعُ بِالشَّذَىْ وَالعَبِيْرِ الفَوَّاحِ. تُحِبُّ الأَرْضُ وَتَعْشَقُ, فَتُشَكِّلُ المَشْهَدِيَّاتَ الخَلاَّبَةَ. وَحُبُّ الله وَعِشْقُهُ لِلإِنْسَانِ, تَجَلَّىْ فِيْ عَظَمَةِ بَدِيْعِ الصُّنْعِ والخَلْقِ. وِفٍيْ حُبِّ الإِنْسَانَ وَعِشْقِهِ لله, يَتَجَلَّىْ مُسْتَوَىْ الإِيْمَانِ.
أَنْأَىْ بِذَاتِيْ بَعِيْدًا عَنِ الجُمُوْعِ, وأَخْتَلِيْ بِنَفْسِيْ, وَأُدْرِكُ كَأَنَّنِيْ وَالجُمُوْعُ وَاحِدٌ لاَ يَتَجَزَّأُ, وَالوُجُوْدُ مَعْبَدٌ. وَأُصَلِّيْ لله صَلاَةَ الحُبِّ وَالعِشْقِ, وَأَبْتَهِلُ إِلَىْ خَالِقِيْ بِإِبْتِهَالِ الحُبِّ وَالعِشْقِ, وَأُنَاجِيْ رَبِّيْ مُنَاجَاةَ الحُبِّ وَالعِشْقِ, وَأَتَهَجَّدُ لِلْقُدُّوْسِ تَهَجُّدَاتَ الحُبِّ وَالعِشْقِ, وَأَسْتَغِيُثُ بِالرَّحْمَنِ إِسْتِغَاثَاتَ الحُبِّ وَالعِشْقِ, وَأَخْشَعُ لِلأَعْلَىْ خُشُوْعَ الحُبِّ وَالعِشْقِ.
أَهْرُبُ مِنْ صَمْتِ الحَيَاةِ إِلَىْ سُكُوْنِ الحَيَاةِ حِيْنًا, لأَحْيَا قُدْسِيَّةَ حَيَاةَ الإِيْمَانِ وَالحُبِّ وَالعِشْقِ. وَأَبْتَعِدُ عَنْ ضَجِيْجِ الحَيَاةِ أَحْيَانًا, لأَرُوْدَ مُعْتَرَكَاتَ الحَيَاةِ, وَلأَعِيْشَ الصَّمْتَ وَالهُدُوْءَ, بِالإِيْمَانِ وَالعِشْقِ وَالحُبِّ. وَأَعُوْدُ مِنْ وِحْدَةَ تَصَوُّفِيْ فِيْ وَحْشَةِ خَلْوَتِيْ, لأُصَلِّيْ صَلاَةَ الإِيْمَانِ وَالحُبِّ وَالعِشْقِ فِيْ الكُثْرَةِ وَالجُمُوْعِ وَالحَرَكَةِ, كَارِزًا بَيْنَ النَّاسِ بِالحُبِّ وَالعِشْقِ.
كَمَا إِعْتِكَافِيْ مُتَصَوِّفًا فِيْ سِجْنِ وِحْدَتِيْ جَوْفَ وَحْشَةِ صَوْمَعَتِيْ, أُصَلِّيْ صَلاَةَ الإِيْمَانِ وَالحُبِّ وَالعِشْقِ. هَكَذَا فِيْ الجُمُوْعِ وُجُوْدِيْ, صَلاَةَ إِيْمَانٍ وَحُبٍّ وَعِشْقٍ, وَإِبْتِهَالاَتِيْ لأَجْلِ الجُمُوْعِ, إِبْتِهَالاَتَ إِيْمَانٍ وَحُبٍّ وَعِشْقٍ, وَأَعِيْ مُدْرِكًا وَعَارِفًا أَنَّ عِبَادَتِيْ الحَقِيْقِيَّةِ, تَتَجَلَّىْ فِيْ الحُبِّ وَالعِشْقِ لِلآخَرِيْنَ, وَالمَعَابِدُ الحَقَّةُ, القُلُوْبُ الَّتِيْ تَنْضُجُ بِالحُبِّ وَالعِشْقِ.