المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نحن لا نستقطب الكفاءات



كاظم فنجان الحمامي
24/03/2014, 11:38 PM
نحن لا نستقطب الكفاءات


كاظم فنجان الحمامي

من أغرب الغرائب وأعجب العجائب أن بعض البلدان العربية, وبخلاف معظم أقطار السماوات والأرض, صارت هي التي تستقطب شذاذ الآفاق وأرباب السوابق, وهي التي ترحب بهم, وتوفر لهم الدعم والإسناد, وتمدهم بالمال والسلاح, وتمنحهم تأشيرات المرور والجوازات الخاصة, وهي التي تحتضن الخلايا الإرهابية, وتستثمرها لتحقيق أهدافها الطائفية والتوسعية والتخريبية والعبثية, لكنها لا تستقطب أصحاب الكفاءات العلمية العالية, ولا ترحب بأصحاب المواهب الخلاقة, حتى لو كانوا من أبناء جلدتها, ولسنا مغالين إذا قلنا أنها برعت بوأد الكفاءات, وتخصصت بتهميشهم وتهجيرهم وإقصائهم وإبعادهم إلى المنافي البعيدة.
هل سمعتم بدولة عربية تجنس الكفاءات العربية ؟, الجواب كلا, وألف كلا. وهل سمعتم بدولة عربية تأوي العلماء العرب الفارين من بلدانهم ؟, الجواب كلا, وألف كلا, فمثل هذه الأمثلة لم نسمع بها إلا في الأقطار الغربية, التي دأبت على استقطاب العلماء العرب, واعتادت على احتضان رجال الأعمال, ورعاية أصحاب المواهب والكفاءات الوافدين عليها من كل حدب وصوب, فمنحتهم جنسيتها, ووفرت لهم الأمن والأمان, وأعطتهم ما كانوا يستحقونه من امتيازات سخية, ورعاية علمية.
أما أنظمتنا العربية الغارقة في الدكتاتورية, والمنشغلة بإثارة الفتن الطائفية, وتأجيج النزاعات القبلية, فلا تمنح جنسيتها للعرب, ولا توافق على تأشيرات الدخول لأغراض الزيارة إلا بشق الأنفس, لكنها متساهلة إلى حد الخذلان مع الأمريكان, ومتفاعلة جداً مع المشاريع التوسعية المعادية لنا, حتى قيل أن إسرائيل نفسها, بما عرف عنها من بطش وإجرام وتآمر, لم تتسبب في إيذاء العرب مثلما فعلت بهم بعض الأقطار العربية, ولم تجلب لهم الكوارث مثلما جلبتها لهم الزعامات العربية الغارقة في ممارسة الرذيلة السياسية المدعومة بفتاوى وعاظ السلاطين.
المضحك المبكي في سياساتهم أنهم على استعداد تام لتجنيس نجوم الرياضة, وعلى وجه الخصوص نجوم كرة القدم, من الأرجنتينيين والبرازيليين والكينيين والأوغنديين, لكنها لا تجنس الرياضيين العرب.
ومما يؤسف له أنها بلغت من الطغيان ما لم تبلغه روديسيا العنصرية في تعاملها السيئ مع مواطنيها, فأطلقت على أشقائنا صفة (البدون), وحرمتهم من أبسط استحقاقاتهم الوطنية, ووزعتهم إلى فئات دونية, مصنفة ضمن جداول الاستعباد الشامل للجنس البشري, ومارست ضدهم أبشع الضغوط العنصرية الخسيسة, التي لم تمارسها الحكومات الهمجية في عصور الجاهلية الأولى.
والأنكى من ذلك كله أن أولئك الزعماء هم الذين يتظاهرون اليوم بالورع والتقوى, ويتحدثون عن العفة والنزاهة, ويتبنون في العلن حملات التواد والتراحم, لكنهم يمارسون في السر هوايتهم المفضلة في إيواء الأوكار الإرهابية, واحتضان البؤر التخريبية, ويديرون ظهورهم إلى أصحاب الكفاءات.
والله يستر من الجايات