المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مداهمة



مالكة عسال
07/05/2007, 11:26 PM
مداهمة
سمع طرقا خفيفا ،حدَج ببصره في الظلام ..تتالى الطرق ..قام وأشعل الضوء ..أصاخ السمع ...لم يتوقف الطرق ،حرك زوجته ..فركت عينيها،ربضت ككلبة صيد للارتماء على طريدتها ...عاود الدق صعدا ..ركل السرير ..انتفض من جبة الدهشة ،تقدم بقدمين حافيتين يصارع التردد، وحيرة ما تنخر الدواخل ،تصاحبها قشغريرة تستوطن كل بقعة من جسده ...ماكادت يده تلامس المزلاج ،حتى مرق ثلاثة غرباء في خفة البرق ،تمركزوا في قلب الفناء...بخطى مسلولة ،زحزحت الزوجة جسدها نحو المشهد ،وصهد المباغثة يخنق تحت لسانها طفيليّ{ الكلام ..استندت إلى حائط تتابع غرابة الحدث ..توغل المقتحمون ،تفرقوا في أرجاء البيت ،الكراسي تنقلب ،الأواني تتطاير وتسقط شظايا ،الكتب تقبل الأسقف مجتمعة وتهوي مبعثرة ..الأقلام تتدحرج بين الأقدام ...لم تكن معركة ،ولاشجار بين الزوجة والزوج،،ولا زلزال حتى ،هي حركات وحشية وأنا أدري تماما منبع عاصفتها ..المهم ..تلاحق زئير الثيران ..اشتد وقع الأقدام ..لم يرتعب الزوج ،فقد ألِفَ المداهمات من هذا النوع،وكان يقابلها بجرأة وتحد فولاذيين ..الزوجة تبتلع ريقها بامتعاض لتمتص التشنجات ..الأطفال لم يستيقظوا ،لأنهم أبيدوا في أول لقاء تحت اتفاقية تأجيل الإنجاب، ريثما يكتمل المشروع ..اتفاقية عقداها سويا ،وبالضبط قبل الاستكانة إلى عش الزوجية حين كانا معا بنفس الجامعة، بنفس المدرج ...
كانت كالغصن المياس بين الطلبة بقدها الممشوق ،ولباسها المتناسق ..تتحرك تحت هالة من الإشراق ،تضيئ وجهها الصبوح ابتسامة ساحرة ..خفة في الحركة ،ينط من عينيها ذكاء وقاد..تنسدل من الأدراج كدمية بارباري ،تصعدها كالغزال ،صوتها الرخيم يخاتل السمع ..
كان هو كالديك الرومي ،ينبلج من بين الطلبة كالضوء ..يلتفون حوله ،ليلتقموا مقذوفات خزانه المعرفي ،وخبراته الرشيدة، يتشربون مبادئه المؤثثة لغد أفضل ..كان يتابع سواقي المعرفة حتى الجذور ،ينهل من أبوابها بنهم ،لايعرف لقراءة الكتب مللا ،ولا في تمحيص القضايا الاجتماعية رهقا ،ولا في الشؤون السياسية عسرا ..نشيط خفيف ،محب للحياة ،يسكنه طيف التغيير حتى النخاع ..
اقتنصتها نظراته صدفة ،فتنصل من بين الطلبة وقابلها ..تكررت اللقاءات ،إلى أن سقطت كالعصفورة في الشباك ،التحمت المشاعر ..تلاقحت الأفكار ..أدرك على التو أن هذه الأنثى هي رفيقة الدرب ،هي بالضبط من ستضخ في جسم خطته دماء جديدة ،وفي جسده شحنة محفزة ..اتفقا على على إمساك ناصية اختيارهما الصعب ،والمضي في أنفاقه حتى المرفأ الوضيء ...
بعد أن تحول البيت إلى أوبرا ،غادروه جارين على لحاف التوتر جثثهم الثخينة ...ضم الزوج زوجته هامسا في أذنها :
- لن يصلوا إلى أي شيء ...نحن صامدون.. صامدون ....وسيوفنا لن تنحني حتى النصر ..
مالكة عسال
بتاريخ 02/03/2007

محمد فؤاد منصور
11/05/2007, 09:06 AM
عزيزتى
قصتك جميلة عبارتك القصيرة الرشيقة تنم عن مقدرة هائلة على إمتلاك ناصية الحكى وإختيارك الموفق للتلميح دون التصريح عن قدر الواعدين فى بلادنا يشهد ببراعتك
أهنئك..
د.محمد فؤاد منصور

مالكة عسال
27/08/2007, 12:34 AM
أحييك أخي فؤاد
تعليقك المتين ترك أثرا جميلا
في العمق ..سيظل شهادة أعتز بها مدى العمر
موتي