المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغش والتزوير والتدوير في الساحة الفلسطينية



سميح خلف
21/05/2014, 08:18 PM
ثمة ظواهر معقدة تعصف بالواقع الفلسطيني وهي ظواهر مشوهة وفوضى سياسية وأمنية وثقافية قد أرست أسهمها في عمق الكينونة الفلسطينية.
الغش والتزوير والتدوير في الساحة الفلسطينية هي سمة من سمة حكام الكينونة الفلسطينية التي تاهت بل خفتت أسهم قضيتها عربياً وإقليمياً عندما تعلو نرجسية هؤلاء الحكام في تقاسم كعكة الوطن المحتل والمختزل في بضع كيلو مترات هنا وهناك، إنهم أمراء النكبة وأمراء الشرذمة والأيقونات الضالة التي تحكمت في أقدار الشعب الفلسطيني.
هذا هو واقع الشعب الفلسطيني الذي مازالت قوى متعددة حاولت وتحاول أن تختزل مشروع التحرير في مفاهيم مغلوطة وفي لغط وتشويه لمعطيات القضية وأيقوناتها، قد سبق أن فشل طريق المزاوجة بين السياسة والمقاومة، ولا يمكن في قضايا التحرير أن تكون السياسة متزاوجة مع المقاومة إلا في لحظة توازن الرعب أو توازن أو تفوق للقوى الشعبية في مرحلة التحرير الشعبية.
طريق من الفشل ثم الفشل الذي سارت عليه منظمة التحرير وها هي مازالت بقايا القوى تحاول خداع الشعب ثقافيا ووطنيا بأن هناك يمكن المزاوجة بين السياسة والمقاومة في حين أن هناك شعاراً ثورياً عملت به كل الثورات في العالم بأن السياسة تنبع من فوهة البندقية، وليس سواها إذا كنا جادين في الخوض في عملية التحرير أو حرب التحرير الشعبية التي تسميها بعض القوى في الساحة الفلسطينية (المقاومة).
لقد أخذت تلك القوى منحى خطير في تفسير مرحليات العمل الوطني في تبادلية للشرعيات كقوى مركزية محتلة القرار الوطني الفلسطيني وتنسيقات وتبويبات لمستقبل أفضل من المغانم والمرابح في حين أن العدو الصهيوني والإحتلال مازال جاثما على أرضنا ويفرض إملاءاته على هؤلاء وبرنامجهم المتهاوي هنا وهناك هذا هو الواقع وطنياً.
واسألني عن واقع التشويه والتدوير، ربما ما سبق أحد أوجه التشويه، أما التزوير فهو تزوير في الشرعيات وتلاعب في النظام والقانون والقضاء أيضا وفقط لأننا نعيش في عصر النرجسيات الحزبية أو الفردية، وكلاهما يخدم الآخر ومصالحه.
ربما من أهم وأخطر ما تعرض له الشعب الفلسطيني التشويه الثقافي والتشويه المطلبي لحركة تحرر من انحراف يكاد يكون كاملاً من الأصل للتضاد حول مطالب الشعب من حركة التحرر الوطني، فعندما تكون سلطة تقودها نرجسيات مع إهمال للنظام ومع إهمال للمنظور الوطني والإنساني لواقع الشعب الفلسطيني الذي أصبح بدلا من أن يحمل بندقية ليحرر أراضيه أصبح يقاتل ويقاوم من أجل مصالحه في تحقيق لقمة العيش والحصول على رغيف الخبز هكذا اختزلت القضية الفلسطينية واختزل تاريخها وتجربتها ومشروعها النضالي.
من أهم المعوقات لنهوض هذا الشعب ليمسك معول الإصلاح والتصحيح لمسار العمل الوطني هي حلقة التقاسم والتقارب والتباعد ثم التقارب حيث أصبح الشعب الفلسطيني عبارة عن أيقونات مضمحلة متآكلة بين نرجسيات وأمزجة متى تتقارب ومتى تتباعد في حين أن القضية تخسر ثم تخسر ثم تخسر، ثم واقع الشعب ينحصر بلا خيارات بل خيار وممر إجباري يجب الركوع.. يجب الزحف على البطون، يجب أن تمتلئ صفحات المواقع والجرائد عن الحالات الانسانية وحالات الفقر في حين تتحدث التقارير أن هناك كروش ممتلئة مخزنة بثروات وأموال هذا الشعب لصالح البطانة والأبناء والأقارب ووساطات ومشاريع ربما يكون العدو الصهيوني طرفا فيها تحت قصة ومبرر التنمية ودعم المنطقة الصناعية في رام الله.
في حالة التزوير والتدوير والغش تتغير الحقائق وتتبدل فنصبح في اللامعقول ليصبح معقولاً وليصبح الدكتاتور هو مقرراً وحاسماً وقاضيا وحاكما وجلاد أيضا ليمتلك أدوات القهر والغل من أنداده ومن كل من يشعر بأنهم قد اقتربوا منه وسحبوا أملاكه وسطوته ونفوذه المرتبط بتصور ومشروع لا يخلوا من أن يكون العدو الصهيوني طرفا فيه، وهو مشروع مشبوه عندما يحاصر الشرفاء ويستبعدوا في تجاوز لكل الأدبيات والنظام سواء بالمنطق الثوري أو الوطني.
تفبرك القضايا وتدور وتحور ويدور النظام ويحور في إلتواءات وإنحاءات مصبها الحفاظ ربما على الحالة التوريثية للدكتاتور والطاغي الذي لا ترى طغيانه في ظل الاحتلال إلا على شعبه، في حين أن هذا الطاغي الذي صرح مراراً أنه أقل من حذاء إعتباريا لجندي إسرائيلي، هذا هو الواقع المحبط والواقع الذي تمر به الساحة الفلسطينية في صراع مع ذاتها وفي دوامات محلية ربما تعكس حال وخطر القضية الفلسطينية وحال ومأساة هذا الشعب الذي قدم وهو على استعداد أن يقدم ولكن النرجسيات والطغاة وتبادلية الشرعيات في إنتزاع مهين للوطنية من هذا الواقع يمارسون ويغدون ويأتون ويروحون وكأن لا هناك شعب ولا هناك مطالب ولا هناك حقوق واقتصرت الحقوق والمطالب على هؤلاء بما يبتغون وما يطلبون وما يسرقون وما ينزعون من جسد هذا الشعب الذي مازال يحلم بمشروع تحرير لأرضه ووطنه والعيش بكرامة.
دوامات مفبركة ومدروسة عندما يجير القضاء لخدمة الطاغي والطغاة والمشوهين والمزورين، إجراءات ارهابية لتكميم الأفواه تحت مطلب أن يعيش الشعب في عهد القيصر والكنيسة وهي مزاوجة في السلطات والتشريعات التي لا تخدم إلا القيصر ورجال الكنيسة، هذا هو واقع الشعب، ولكننا نقول سيكون هناك تضحيات وهناك آلام ولكن في النهاية ستنتصر الشعوب وينهزم الطغاة كما علمنا التاريخ على مقاصله وحباله ومطارداته لهؤلاء الطغاة الذين أجرموا بحق الشعب والوطن والمواطن.
بقلم/ سميح خلف