المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معايير أخرى لتعاسة البلدان



كاظم فنجان الحمامي
01/06/2014, 08:32 AM
معايير أخرى لتعاسة البلدان


كاظم فنجان الحمامي

قبل الخوض في تفاصيل المعايير الدولية المُعتمدة في قياس سعادة الشعوب وتعاستها، وفي ضوء الفوز الكبير الذي استحقه الشعب النرويجي باعتباره أسعد الشعوب، ومن بعده الشعب السويسري والكندي والسويدي والنيوزيلندي، وذلك في التقييم السنوي الذي تخصصت به منظمة (ليغاتيوم). يحق لنا أن نتساءل فنقول: ألا يفترض بزعماء البلدان العربية أن يشغلوا أنفسهم بتطبيق تعاليم ديننا الحنيف في سعيهم الحثيث نحو إرساء قواعد العدل والإنصاف، سيما أن منظمة (ليغاتيوم) نفسها اعترفت باعتمادها المعايير الإسلامية في قياس مقدار الرفاهية التي تمتعت بها الشعوب والأمم في كافة بلدان العالم ؟.
مما لا ريب فيه أن سعادة الشعوب لا تتوقف على مواردها المالية والاقتصادية، وإنما على مقدار ما جنته من ثمار الشفافية في تطبيقات العدالة الاجتماعية، وفي مقدار ما ارتقت إليه من رفعة وعظمة في السلم الثقافي والحضاري والإنساني, وفي مقدار ما حققته من تناغم وتفاهم وانسجام وتواد في التعايش السلمي بين مواطنيها. من هذا المنطلق نجد شعوباً فقيرة تتسم بالسعادة بدرجة تفوق الشعوب الغنية.
ربما تسهم عوامل عديدة في تصنيف الشعوب التعيسة. نذكر منها: التلوث البيئي، وانتشار الأمراض الفتاكة، وغياب الأمن والأمان، وبشاعة الحروب والمعارك الداخلية، وتعاقب الانقلابات العسكرية الدموية، وارتفاع نسبة الأمية، وغياب الوعي الجماهيري، وتفشي الجهل والتخلف، واتساع دوائر الفساد، وتفاقم الصراعات الطائفية والعرقية والقبلية، وشيوع الجريمة المنظمة, وتشعب الأوكار والخلايا الإرهابية، ومقدار تعاطي الرذيلة، والإدمان على المخدرات.
وهكذا جاءت الإمارات في المركز الأول عربياً في مقياس السعادة، والمركز الرابع عشر دولياً، وجاءت سلطنة عمان في المركز الثاني عربياً، و(23) دولياً، وقطر بالمركز الثالث عربياً، و(27) دولياً، والكويت بالمركز الرابع عربياً، و(32) دولياً، تأتي بعدها السعودية بالمركز الخامس عربياً، و(33) دولياً، ثم يبدأ التباعد بين تصنيفات البلدان العربية، فتأتي الجزائر في المرتبة السادسة عربياً، والمرتبة (73) عالمياً، ومن بعدها الأردن بالمركز السابع عربياً، والمرتبة (74) عالمياً، ثم ليبيا بالمركز الثامن عربياً, و(78) عالمياً، ثم البحرين بالمركز العربي التاسع والدولي (79), ولبنان بالمركز العربي العاشر، والدولي (97)، ومن بعدها المغرب بالمركز الحادي عشر عربياً، والمرتبة الدولية (99)، ثم تونس بالمركز الثاني عشر عربياً، والمرتبة الدولية (104)، ويأتي العراق بالمركز العربي الثالث عشر, والمركز العالمي (105)، ومن بعده فلسطين بالمركز العربي الرابع عشر, والعالمي (113)، ثم جيبوتي بالمركز العربي الخامس عشر, والدولي (114)، ثم السودان بالمرتبة العربية السادسة عشر, والدولية (124)، ومن بعدها مصر بالمرتبة العربية السابعة عشر, والدولية (130)، ثم اليمن بالمركز العربي الثامن عشر, والعالمي (142)، ومن بعدها سوريا بالمركز التاسع عشر، ومركزها العالمي (148)، وتأتي جزر القُمر بالمركز الأخير عربياً، والمرتبة (149) عالمياً.
ختاماً نقول: أن البلدان التي جاء ترتيبها بعد التسلسل الدولي (100) تعد من البلدان التعيسة جداً، أو البائسة، بمعنى أن تسع دول عربية. هي: تونس والعراق وفلسطين وجيبوتي والسودان ومصر واليمن وسوريا وجزر القُمر تقع جميعها تحت خط البؤس العالمي.
يتضح مما تقدم أن السعادة الدولية لا علاقة لها بالدخل القومي، ولا علاقة لها بالموارد الطبيعية، ولا بتاريخ البلدان وعمقها الحضاري، ولا بدياناتها وقوتها وضعفها، فالسعادة تقاس باتساع مساحات الأمن والأمان في حياة المواطن، وبمقدار ما يتمتع به من حريات شخصية, وما يتوفر له من عدل وإنصاف ومساواة، ناهيك عن تطور شبكات الخدمات العامة، والاستقرار الاجتماعي، والرعاية الصحية. فما بالك بمن فقدها كلها أو معظمها، حتى صار يشعر بالغربة داخل وطنه.