المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أيتامنا في مخيم موخيكا



كاظم فنجان الحمامي
03/06/2014, 07:39 AM
أيتامنا في مخيم موخيكا


كاظم فنجان الحمامي

شاءت الأقدار أن تتولى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ترحيل أيتام سوريا، وتوزيعهم على البلدان المستضيفة، فكانت حصة الأورغواي (100) يتيم من أيتام المدن السورية التي طحنتها بلدوزرات الحروب والمعارك الساحقة، رحلة شاقة قطعوها من خرائب الشام إلى مخيمات موخيكا الواقعة على الوجه الآخر من كوكب الأرض، ولمسافة لا تخطر على بال عفاريت البؤس والعذاب، تقدر بنحو (12245) كيلومتراً، ليسجلوا أطول مسافة مشاها الأيتام في تاريخ البشرية. أي ما يعادل (7609) ميلاً برياً، و(6612) ميلاً بحرياً، فقفزوا بقدرة قادر من خط طول (36) شرق غرينتش، إلى خط طول (56) غرب غرينتش.
ربما لا يعلم عرب الشيخ متعب أن موخيكا هذا من أفقر رؤساء العالم، فهو يتقاضى (12) ألف دولار شهرياً. لكنه يتبرع بنحو (90%) منه للجمعيات الخيرية، ويحتفظ بالباقي. يقول موخيكا: إن (10%) من راتبه تكفيه ليعيش حياة كريمة، خاصة أن العديد من أفراد شعبه يعيشون بأقل من ذلك بكثير، لذلك حصل على اعتراف دولي باعتباره أفقر رؤساء العالم وأكثرهم سخاء.
https://www.youtube.com/watch?v=yqNBPTa4Mf4
يعيش موخيكا في بيت ريفي بمزرعته، ويرفض العيش في القصر الرئاسي، كما أنه لا يتمتع بالحراسة المشددة كبقية رؤساء العالم، ويستقبل الآن (100) يتيم سوري في مخيماته، بينما تستقبل مضارب الأنس والطرب مئات الراقصات والمطربات والداعرات من البلدان المتخصصة بالترفيه عن العشائر العربية المتأمركة والقبائل المتهتكة.
أي ضمير عربي هذا الذي يرضى باجتثاث جذور أطفالنا من انتماءاتهم القومية والدينية والثقافية ليغرسها غرب الأطلسي ؟، وأي جامعة هذه التي انعدمت عندها المشاعر الإنسانية والعربية ؟.
أما نحن العرب فلا شغل لنا الآن سوى إقامة المهرجانات في فنادق الدرجة الأولى لاختيار الصور الفوتوغرافية الفائزة بتوثيق مشاهد الأيتام وهم يتهافتون بلهفة للحصول على قطعة من الحلوى أو كسرة من الخبر اليابس، ففاز الإعلامي (عبد الله الشاووش) في مهرجان المنامة لالتقاطه صورة رقمية مؤلمة، تعبر عن خيبتنا وتردي أحوالنا، في حين تفتقت عقول الانتهازيين العرب عن دفعة من الأفكار الخبيثة. تستهدف تسويق محنة الأطفال السوريين واستثمارها تجاريا بقصد تحقيق المكاسب المالية، فظهرت علينا مئات المشاريع الارتجالية. اشتركت كلها بعنوان واحد، هو: (كفالة اليتيم السوري)، بأرقام حسابات مصرفية متباينة، وعناوين مختلفة. غير خاضعة للرقابة المالية، وغير مشمولة بالتدقيق الحسابي، ولا توجد منظمة واحدة في الوطن العربي معنية بإحصاء الأموال والأرصدة التي تم استحلابها حتى الآن من دموع الأيتام السوريين الهائمين على وجوههم في شرق الأرض وغربها، ولا نعرف حتى الآن الآلية التي تعمل عليها تلك الدكاكين الاستثمارية المتباكية على أيتامنا ؟. وخير دليل على صحة كلامنا هو هذا الكم الهائل من الجمعيات والوكالات والمنظمات والاتحادات الخيرية، التي عبرت كلها عن استعدادها لتوفير العناية والرعاية لأيتام سوريا، مقابل قيامنا بتحويل أموال التبرعات إلى الأرصدة المدرجة أرقامها تحت يافطات المؤسسات المئوية المتكاثرة هذه الأيام بالانشطار، من دون أن نعرف أين تذهب تلك الأموال ؟. ومن هي الجهة الرقابية المعنية برصدها ومراقبتها ؟؟. والأنكى من ذلك كله أننا لا نعرف أين اختفت التبرعات الدولية الرسمية ؟، ومن هو المخول بالتصرف بها.
أما موخيكا فلا أحد يشكك بمصداقيته، فالرجل شهد له الأعداء قبل الأصدقاء بالعفة والنزاهة والشفافية، لكن دوائر التشكيك والارتياب تحوم كلها حول مؤسساتنا المئوية، التي ماانفكت تتلقى التبرعات العشوائية الهائلة من كل حدب وصوب، من دون أن نشعر ولو للحظة واحدة بتحسن ظروف أيتامنا، الذين رمتهم الأقدار في مخيمات موخيكا.
والله يستر من الجايات