المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ولائم التماسيح الدولية القاطعة



كاظم فنجان الحمامي
14/06/2014, 09:59 AM
ولائم التماسيح الدولية القاطعة

كاظم فنجان الحمامي
كنا نحن العرب الكبش السمين لتلك الولائم العبثية, التي نصبتها التماسيح الدولية القاطعة فوق أرضنا وفي مضاربنا, فتقطعت أوصالنا, وتجزأت أرضنا وتبعثرت مدننا وضواحينا, وبان علينا الضعف والانكسار في اليوم الذي سمعنا فيه قرع طبول الحرب العالمية الأولى, فجاءت معاهدة (سايكس بيكو) لتفصلنا عن بعضنا البعض بإملاءات امبريالية تستند إلى شريعة المصالح الاستعمارية, فظهرت على الأرض دعامات الحدود الفاصلة بيننا, بخطوط مستقيمة ومتعرجة, لكنها لم تكن تحمل أي معنى, وليس لها أي مبرر منطقي. .
ولم تمض بضعة أعوام حتى صارت الحواجز الحدودية هي الواقع السياسي للكيانات العربية الموالية للغرب, فتغيرت الخرائط وتمددت وتقلصت وانكمشت بمرور الزمن,
ثم هبت علينا رياح التقسيم من جديد لتلغي الحدود المرسومة في القرن الماضي, وترسم صورة قاتمة قائمة على أملاءات التماسيح الدولية القاطعة, فظهرت ملامح الصورة الحدودية الأولى بخصائصها العرقية والطائفية والقومية المتنافرة, فانفصل جنوب السودان, وتجزأت الصومال, وقطف إقليم كردستان العراق ثمار الاستقلال الجزئي عن العراق, وظهرت ملامح الانفصال في المناطق الكردية السورية, وبدت أكثر تقربا واتصالا بنظيرها العراقي, وكأن الطوائف والقبائل هي التي ترسم الحدود الجديدة, لكن الحقيقة المفزعة تكمن في مشاريع تنفيذ الخطط البعيدة المدى, التي تحملها التماسيح الدولية المتخصصة بالتقطيع والتجزئة. بالأمس القريب كانت الحناجر العربية تصدح بكلمات فخري البارودي:
بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان
ومن نجدٍ إلى يمنٍ إلى مصر فتطوان
فتسللت إلينا التماسيح القاطعة, وعمقت الفجوات بيننا, فتباعدنا وتنافرنا وتنائينا وتعادينا وتناحرنا, فتغيرت كلمات نشيدنا الوطني الموحد, وصرنا نردده على انفراد بهذه الكلمات اليائسة:
لا نجد نجدي ولا تطوان تطواني
من قال: أن بلاد العرب أوطاني
أنا الغريب وأسعى في مناكبها
لا الشام شامي ولا بغدان بغداني
وبات واضحا أن إسرائيل اختارت التوسع, وفضلته على أمنها واستقرارها, وهي الآن تفكر في اجتياح لبنان وما تبقى من الجولان, في الوقت الذي ينشغل فيه العرب بتكريس فكرة الانقسام الطائفي بين السنة والشيعة, فتوحدت العواصم الخليجية في صراعها المذهبي المعادي لإيران, بينما اقتربت سوريا والعراق من الاصطفاف مع طهران, ووقفت أنقرة مع المؤيدين لها من العرب, ما أدى إلى ازدياد الشرخ عمقا وخطورة, ثم ظهرت بوادر التصدع الوطني في مصر وتونس ودول المغرب العربي في أوجه متعددة, تارة بين القوى العلمانية والتنظيمات المتدينة, وتارة بين الأقباط والمسلمين, وتارة أخرى بين العرب والأمازيغ, ثم انتقلت عدوى التقسيم إلى ميدان (تقسيم) في تركيا, فجاءت ردود أفعال أردوغان مشابهة تماماً لردود أفعال مبارك والقذافي في مواجهاتهما الحاقدة على القوى الشعبية الثائرة.
وانحرفت بوصلة الجهاد, وتغيرت اتجاهاتها من تل أبيب إلى بغداد ودمشق وصنعاء والصومال وبيروت وتونس والجزائر, وظهر جليا للقاصي والداني أن تماسيح البيت الأبيض هي التي اختارت قطط الحكم في قطر, فطردوا الهر الكبير, ونصبوا ابنه الصغير حاكما وأميرا بدلا عنه, وبات واضحا أن صيغة الإحلال التي اختارها لنا الاحتلال, هي الصيغة الجديدة المبتكرة لتداول السلطات في العواصم العربية الخاضعة كليا أو جزئيا للإرادة الأمريكية.
والله يستر من الجايات