كاظم فنجان الحمامي
06/08/2014, 02:17 PM
خرائب العرب ومؤشرات انهيارهم
صابر بن حيران
تحولت مدننا العربية منذ بضعة أعوام إلى بؤر كونية من بؤر الأزمات المتفجرة بالشر. النازفة بالجراح. المكبلة بالظلم. المتفسخة بالفساد. الممعنة بالتخلف. بات العنف الزاحف نحو ثغور حدودنا، والعبث المتغلغل في دروب عواصمنا ينذر بوقوع ما لا يُحمد عقباه. حتى صرنا نقف الآن على مشارف التمزق والتشرذم والتجزئة، وباتت كل الاحتمالات الكارثية وشيكة الوقوع.
مدن قلقة. شعوب حائرة. دويلات فقدت استقرارها. حكومات متخبطة تمر بأسوأ أيام ضعفها. كيانات سياسية هشة. غير عابئة بالمحارق اليومية التي صهرت الآلاف. منظمات وطنية فقدت وطنيتها، ولم تعد تكترث بضحايا المجازر اليومية التي شردت الآلاف، ودفنت الآلاف، وصادرت حقوق الملايين.
صار التوصيف الطائفي للناس عنواناً تعريفياً يحملونه على جباههم حيثما رمتهم الأقدار، وصار التصنيف العرقي رمزاً مصيرياً من رموز العزلة والانفصال. هذا سني سعودي، وذاك شيعي عراقي، وعلوي سوري، وكردي سوري، وبربري ليبي، وحوثي يماني، ويماني شمالي، ودرزي لبناني، وإيزيدي وزيدي وزيادي، فتجزأت التجمعات السكانية بجدران التنابز، واختفت المدن المختلطة.
حتى الانتخابات الديمقراطية فقدت تركيبتها السحرية في بلاد العرب، فالشيعي لا يمنح صوته إلا للشيعي، والسني لا يمنح صوته إلا للسني، وانسلخ الكردي من عراقيته، وتخلى الحوثي عن أرث بلقيس، وتعالت صيحات التكفير، فكممت الكنائس نواقيسها، وغرق المندائيون في جداول دجلة وتفرعاتها الهجينة.
كانت مفاجأة عظيمة عندما انتفض الشعب العربي من سباته. خرج الناس بشعارات موحدة من شرق الأرض إلى غربها (ارحل - ارحل). فرحلت قوافل الرؤساء ومكثت قوافل الأمراء. ثم صاحوا بأعلى أصواتهم: (الشعب يريد إسقاط النظام)، فسقطت عروش الأنظمة الجمهورية، بينما انشغلت المصانع الملكية بإنتاج وتوزيع معلبات الموت والدمار. ثم انهار كل شيء تقريباً في دهاليز الأفيون الطائفي.
نعيش اليوم في خضم هذه الفوضى العارمة التي عصفت بنا كلنا من الخليج إلى المحيط. تحولت سرايا جيوشنا العربية إلى ثكنات بوليسية تطارد الناس وتفتش بيوتهم وتحرس قصور الساسة، ثم وقعت الانقسامات في معسكراتهم، فتحولت الأفواج والألوية إلى أداة من أدوات البطش الطائفي. صارت المضارب القبلية والتجمعات العشائرية هي التي تمسك بزمام الأمور، وهي التي تحمل صولجانات السلطة. طغت قوة الميليشيات الطائفية على قوة الجيوش النظامية. تفككت مؤسساتنا الحكومية بمعاول المحاصصة. صارت أوكار الجريمة تتلقى التمويل من بيت الزكاة، وتلقى الصفح والدعم والتشجيع من رجال الدين. أصبحت الأرض العربية مسرحاً مفتوحاً للإرهابيين والمجرمين والمهرجين وقرود السيرك السياسي، فسقطت مدننا بيد الفرس والأتراك والشيشان والأفغان والصبيان وجنود الشيطان.
نبشوا قبور الصحابة. نسفوا أضرحة الأنبياء. أحرقوا المكتبات، زرعوا العبوات الناسفة في المساجد والكنائس ودور العبادة. مزقوا تاريخ الأمة. نهبوا المتاحف. قتلوا العلماء والأدباء. ثم خرج علينا زعماء الرذيلة برايات الحقد والكراهية فتشوهت صورتنا بين الشعوب والأمم، ولم يعد وراءنا وراء.
صابر بن حيران
تحولت مدننا العربية منذ بضعة أعوام إلى بؤر كونية من بؤر الأزمات المتفجرة بالشر. النازفة بالجراح. المكبلة بالظلم. المتفسخة بالفساد. الممعنة بالتخلف. بات العنف الزاحف نحو ثغور حدودنا، والعبث المتغلغل في دروب عواصمنا ينذر بوقوع ما لا يُحمد عقباه. حتى صرنا نقف الآن على مشارف التمزق والتشرذم والتجزئة، وباتت كل الاحتمالات الكارثية وشيكة الوقوع.
مدن قلقة. شعوب حائرة. دويلات فقدت استقرارها. حكومات متخبطة تمر بأسوأ أيام ضعفها. كيانات سياسية هشة. غير عابئة بالمحارق اليومية التي صهرت الآلاف. منظمات وطنية فقدت وطنيتها، ولم تعد تكترث بضحايا المجازر اليومية التي شردت الآلاف، ودفنت الآلاف، وصادرت حقوق الملايين.
صار التوصيف الطائفي للناس عنواناً تعريفياً يحملونه على جباههم حيثما رمتهم الأقدار، وصار التصنيف العرقي رمزاً مصيرياً من رموز العزلة والانفصال. هذا سني سعودي، وذاك شيعي عراقي، وعلوي سوري، وكردي سوري، وبربري ليبي، وحوثي يماني، ويماني شمالي، ودرزي لبناني، وإيزيدي وزيدي وزيادي، فتجزأت التجمعات السكانية بجدران التنابز، واختفت المدن المختلطة.
حتى الانتخابات الديمقراطية فقدت تركيبتها السحرية في بلاد العرب، فالشيعي لا يمنح صوته إلا للشيعي، والسني لا يمنح صوته إلا للسني، وانسلخ الكردي من عراقيته، وتخلى الحوثي عن أرث بلقيس، وتعالت صيحات التكفير، فكممت الكنائس نواقيسها، وغرق المندائيون في جداول دجلة وتفرعاتها الهجينة.
كانت مفاجأة عظيمة عندما انتفض الشعب العربي من سباته. خرج الناس بشعارات موحدة من شرق الأرض إلى غربها (ارحل - ارحل). فرحلت قوافل الرؤساء ومكثت قوافل الأمراء. ثم صاحوا بأعلى أصواتهم: (الشعب يريد إسقاط النظام)، فسقطت عروش الأنظمة الجمهورية، بينما انشغلت المصانع الملكية بإنتاج وتوزيع معلبات الموت والدمار. ثم انهار كل شيء تقريباً في دهاليز الأفيون الطائفي.
نعيش اليوم في خضم هذه الفوضى العارمة التي عصفت بنا كلنا من الخليج إلى المحيط. تحولت سرايا جيوشنا العربية إلى ثكنات بوليسية تطارد الناس وتفتش بيوتهم وتحرس قصور الساسة، ثم وقعت الانقسامات في معسكراتهم، فتحولت الأفواج والألوية إلى أداة من أدوات البطش الطائفي. صارت المضارب القبلية والتجمعات العشائرية هي التي تمسك بزمام الأمور، وهي التي تحمل صولجانات السلطة. طغت قوة الميليشيات الطائفية على قوة الجيوش النظامية. تفككت مؤسساتنا الحكومية بمعاول المحاصصة. صارت أوكار الجريمة تتلقى التمويل من بيت الزكاة، وتلقى الصفح والدعم والتشجيع من رجال الدين. أصبحت الأرض العربية مسرحاً مفتوحاً للإرهابيين والمجرمين والمهرجين وقرود السيرك السياسي، فسقطت مدننا بيد الفرس والأتراك والشيشان والأفغان والصبيان وجنود الشيطان.
نبشوا قبور الصحابة. نسفوا أضرحة الأنبياء. أحرقوا المكتبات، زرعوا العبوات الناسفة في المساجد والكنائس ودور العبادة. مزقوا تاريخ الأمة. نهبوا المتاحف. قتلوا العلماء والأدباء. ثم خرج علينا زعماء الرذيلة برايات الحقد والكراهية فتشوهت صورتنا بين الشعوب والأمم، ولم يعد وراءنا وراء.