المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشروع المقاومة ومفاوضات القاهرة



سميح خلف
12/08/2014, 08:58 PM
مشروع المقاومة ومفاوضات القاهرة

عودتنا مقاومة الشعب الفلسطيني لكل الحلول الهزلية أن تكون رافعة سياسية ووطنية عبر مسيرة النضال الوطني الفلسطيني وبالرغم من ذلك فإن هناك من هو متصلب في مشروعه التفاوضي مع العدو الصهيوني القائم على مبادئ أوسلو التي أنهاها الاحتلال ولم يعد يعترف بأي وثيقة أو إتفاق تم أو أبرم مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ومن الشواهد لذلك قضية المنفذ البحري الذي تطالب به المقاومة والمطار وفك الحصار.
ثمة خطوط يجب تحديدها وتحديد منسوبها وأفقها من قيادة المقاومة بكافة فصائلها والتي للآن وبرغم النجاحات التكتيكية التي حققتها المقاومة الفلسطينية لم تتفق على قيادة موحدة أو جيشاً شعبياً موحداً أو جيشا وطنياً موحداً له غرفة عمليات أو قيادة أركان، وبالتأكيد لو حدث ذلك لكنا قد حققنا إنجازاً أكبر في المواجهة مع العدو الصهيوني وخاصة المواجهة الأخيرة التي دفع فيها أطفال فلسطين ونساء فلسطين وشيوخ فلسطين نصيبا كبيرا من التضحيات من أجل الإرتقاء سياسياً بالمطالب الوطنية للشعب الفلسطيني.
بلا شك أن المقاومة قد حققت إنجازاً في تجاوز الرعب والحصار حين أكد وزراء العدو الصهيوني بأنه لو استمرت المواجهة مع غزة ثلاثة شهور قادمة وبحرب الأنفاق هذا السلاح الاستراتيجي الذي يقوض أسطورة سلاح الجو الصهيوني والمدفعي والمشاة والمدرعات ستكون هي إنهيار للدولة الاسرائيلية حسب تعبيره.
كنا نتوقع أن نتناول السقف السياسي لحتمية المواجهة التفاوضية مع العدو الصهيوني بخطوط سياسية وطنية كاملة، لا البحث في طرق فك الحصار ومنافذ ومعابر ورواتب تلك التي تكرس إتصالنا ووجودنا الثابت كأيقونة تحت الإحتلال تطلب بعض المطالب التي لا ترتقي لمستوى المطلب الوطني، كان يمكن أن يرفع الوفد المفاوض في القاهرة بنداً واحداً فقط "هو إنهاء الإحتلال بكل تفاصيله ومعانيه ووجوده"، لا أن نتحدث في قضايا فرعية تكرس الاتصال المالي والاقتصادي والرقابي مع العدو الصهيوني، فما حققته المقاومة وتضحيات الشعب الفلسطيني شيء عظيم بل سيدرس في المراكز العسكرية الاستراتيجية وخاصة حرب الأنفاق التي مازال سكان فلسطين المحتلة من اليهود يعيشون ذعراً بسببها، ونعتقد أنها ستكون بوابة لحرب تحرير في المستقبل تستثني وتهمش كل الأسلحة التكنولوجية للعدو الصهيوني الذي تمكن من خلالها من هدم مئات البيوت وقتل آلاف المدنيين بنقطة فشل عسكرية وأمنية واضحة حيث لم يستطيع تحديد مكامن المواجهة مع قوات المقاومة التي أخذت استراتيجية حرب العصابات بما يلائم المساحة الطبوغرافية لغزة.
شيء جيد أن يتوحد تيار أوسلو مع المقاومة في وفد واحد ولكن كنا نتمنى من هذا الوفد الذي يرأسه عزام الأحمد أن يتخلى عن مشروع أوسلو ومشروع التنسيق الأمني والقيود التي تحتمها خارطة الطريق من التنسيق الأمني والاعترافات على قرار 242 و338، كان من المهم أن لا يستدرج الوفد التفاوضي الفلسطيني لمناقشة الفرعيات التي تلتزم بإتفاقيات أوسلو وإتفاقيات السلطة في رام الله مع العدو الصهيوني كوجود ورواتب ومانحة بل كان من المهم إحداث إنقلاب على الخط السياسي الذي اتبعته منظمة التحرير منذ عدة عقود الذي أوصلنا إلى استغلال اسرائيلي لهذا البرنامج لتحقيق حلمها فيما يسمى يوذا والسامرة، وتقويض أطروحة حل الدولتين وهذا ما يعبر عنه الواقع الجغرافي والديموغرافي في الضفة الغربية.
مهم أن تكون غزة هي طلعية المشروع الوطني بتجديد برنامج منظمة التحرير الفلسطينية قيادة وكوادراً وفعاليات، فلا يمكن أن يكون من وقع على إتفاقيات أوسلو وجرم المقاومة والصواريخ وصمود شعبنا واستهتر بقدرات شعبنا أن يستمر في تحقيق إنجازات على من استنكر وجودهم وذاتهم وفعالياتهم عبر أكثر من عقدين.
كنت أتصور لو كانت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بكامل قواها وطاقاتها البشرية والإمكانيات أن تكون مشتركة في المعركة سواء في غزة أو في الضفة وكنا نتصور لو كانت حركة فتح في الضفة الغربية وقطاع غزة رسمت أطرها على منهج المقاومة والكفاح المسلح لتغير الأمر بشكل مطلق أيضا فالمهم أن نفهم ماذا نريد في هذه المرحلة في ظل مشروع متعثر بل فاشل يقوده رئيس سلطة الحكم الذاتي الذي لا يريد أن يعترف بأخطاءه أو يعتذر أو يرحل ويترك إنجازات المقاومة لمن حقق تلك الانجازات وخاصة أن حركة فتح رفعت شعاراً مرحلياً امام اللغط الذي دار بين الأحزاب الفلسطينية في الستينات والفصائل بأن "الأرض للسواعد التي تحررها لا للسواعد التي تفرط بها" فلا يمكن أن يختلط الحابل بالنابل ولا يمكن أن يصعد من أضاعوا 60% من الضفة الغربية وفككوا حركة فتح وفصلوا كوادرها وقدتها وهتكوا في مصيرهم وحاصروهم ماليا وشوهوهم إعلاميا ليكونوا قادة وزعماء ورؤساء لشعب دفع الثمن ودفع من دماء أبناءه وأطفاله الشيء الثمين والغالي، فحركة فتح تحتاج إلى إعادة صياعة برنامجها على أسس نضالية وأن تلغى جميع الاجراءات والقرارات التي اتخذها رئيس السلطة بحق قادتها وكوادرها، وأن تعود استحقاقاتهم ومستحقاتهم الوطنية والشخصية أيضا، هكذا يجب أن تكون مواكبة تضحيات شعبنا وانجازاته، فالقصة ليست جلسة عرب أو عناق أو ضحكات صفراء ففلسطين أكبر من الجميع ويجب أن يلتحم أبناء حركة فتح في قطاع غزة بالبرنامج النضالي والوطني المتكامل مع مشروع المقاومة، وأن يعود كل أبناء حركة فتح وقادتها إلى قطاع غزة ليشاركوا في صناعة القرار الوطني.
نعم نحن مع الوحدة الوطنية مع برنامج وطني موسع لكي تكون غزة هي المحررة بمطلب وطني تحرري يشمل كل فلسطين والمحطة الثانية هي الضفة الغربية المطلوب كنس المستوطنات منها واعلانها جزء محرراً فما حدث في المعركة الأخيرة سيضفي ظلاله، فغزة ما قبل العدوان هي غزة ما قبل العدوان وتشكيلات القوى السياسية والوطنية يجب أن تتغير أيضا في غزة والضفة، فمشروعنا هو مشروع تحرر وطني أداته الكفاح المسلح والمقاومة وإن كنّا نريد مرحلياً فترة من التهدئة زمنية طويلة بشرط أن تكون غزة محررة لبناء الانسان الفلسطيني ولبناء القدرات الذاتية فلا يمكن من أبدعوا في فن الأنفاق أن يضيع تعبهم هباء، فهي بداية التغلب على الاستراتيجية العسكرية للمشروع الوطني الذي تهاوى أمنيا تحت ضربات المقاومة وفكرها الناضج.
بلا شك أن معركة المفاوضات هي معركة صعبة لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية مع الاحتلال، ولابد أن يكون الانجاز موازيا لتلك التضحيات، فاسرائيل وزعمائها يعيشون في رعب دائم، فعندما نرى أن رئيس غرفة العمليات على غزة في حرب 2008 يشكك في قدرة اسرائيل على اجتياح قطاع غزة أو البقاء فيها أو أن يكون سكان المستوطنات الشريطية يعيشون بأمان على حدود غزة فالمشروع الصهيوني في أزمة ومشروع يتهاوى مع ضربات المقاومة وفكرها والفضل كل الفضل لشباب فلسطين بالكامل، فهنا يجب التركيز على أن نخرج سوياً بغزة كجزء محرر في مشروع وطني متكامل لكل فلسطين من الضفة الى رأس الناقورة وإلى رفح والنقب في مشروع مرحلي متكامل نفهم ماذا نريد في كل مرحلة، فهنا نؤكد على أن المطلب السياسي في مفاواضات القاهرة بين الشد والجذب والضغوط يحاول احتواء انجازات المقاومة في مشروع أوسلو كانجاز لبرنامج أصبح مجهولاً وفاشلاً ومحبطاً فلا يمكن أن يعود شعبنا للوراء ولا يمكن للزمن أن يتراجع عن التوقيت القادم وهنا يجب أن نقف كثيراً ونفهم ماذا نريد.

بقلم/ سميح خلف