المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قبل أن يعبدوا العبادي



كاظم فنجان الحمامي
13/08/2014, 09:05 AM
قبل أن يعبدوا العبادي


كاظم فنجان الحمامي

نحن الآن في الأيام الأولى لاستقبال رئيس الوزراء العراقي الجديد الدكتور حيدر العبادي. المرشح الذي وقع عليه الاختيار لتشكيل الحكومة في صفحة جديدة من صفحات العمل السياسي.
رجل لا نعرف عنه الكثير، لكننا نعلم أنه مواطن عراقي بسيط من أبناء الجنوب. عاش في بغداد وترعرع في ضواحيها، وتخرج في جامعتها، وأكمل دراسته العليا في المملكة المتحدة. لم يكن من طبقة الأمراء ولا من طبقة التجار ولا من كبار الفقهاء ولا من أصحاب المواهب الخارقة. لذا يتعين على الأبواق الإعلامية أن ترحمنا وترحمه منذ الآن، ولا تجعل منه رمزاً ومثلاً أعلى يتمتع بالحصانة المطلقة، ويحتكر صناعة القرارات الارتجالية كيفما يشاء ومتى ما يشاء وحيثما يشاء، حتى إذا انتهت ولايته الدستورية قالوا يصعب علينا زحزحته، وقالوا يتعذر علينا الاستغناء عنه، وقالوا ليس من السهل استبداله وتعويضه وتغييره واستبعاده.
نحن لسنا رعية مستضعفة تقدس الحاكم إلى درجة العبادة، ولا قطعان مدجنة تتشبث بالصنمية وتخضع لإرادتها الغاشمة، لكننا نعلم علم اليقين بأن القوى النفعية الوصولية المتخصصة بالتزلف، ومن خلفها بعض الزعامات العشائرية الانتهازية هي التي ستباشر منذ الآن ممارسة طقوس التمجيد والتعظيم والتقديس.
ها هو الدكتور العبادي في أيامه الأولى، فهل سيحوله الإعلام المنافق إلى مارد جبار على شاكلة الجبابرة الذين تسيدوا علينا وتربعوا فوق عروشنا في الجولات السابقة، حتى طغوا واستبدوا وتكبروا وتجبروا وتبطروا، فظنوا أن العراقيين كافة مجرد تركة ثقيلة تراكمت فوق أكتافهم، وأنهم ابتلوا بنا وبأهلنا وبمشاكلنا المستعصية.
هنالك الكثير من الرغبات الجامحة التي يتعين على أبواق السلطة تجاوزها، وفي مقدمتها الرغبة في تقديس الحكام وزبانيتهم، ويتعين على القوى العشائرية (المساندة) التحرر من ثنائية صناعة الأبطال وتمجيدهم.
فقبل أن يعبدوا العبادي ويقدسونه مثلما عبدوا وقدسوا الزعماء الذين تعاقبوا قبله فوق سدة الحكم، يتعين على العبادي نفسه أن يعلم علم اليقين أن رأس الحكمة مخافة الله، وأن العدل أساس الملك، وأن آفة الرأي الهوى.
نأمل أن يبذل قصارى جهده نحو حث السلطات التشريعية لإصدار قانون صارم يمنع تجديد الولاية الثالثة، ويمنع تمديد فترات الرئاسات الثلاث لأكثر من دورتين انتخابيتين متواليتين مهما كانت الأسباب والظروف والمسوغات والمبررات.
ختاما نقول: ليس هنالك طغاة بل العبيد هم الذين يصنعونهم، والانتهازيون يقدسونهم ويمجدونهم، ولا مكان بعد الآن للعبيد والطغاة بين صفوفنا.