المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مفصلية الوجود لحركة فتح



سميح خلف
25/08/2014, 04:33 PM
مفصلية الوجود لحركة فتح

بالتاكيد ان ادبيات حركة فتح ما زالت صالحة وجامعة لقوى شعبنا بصرف النظر عن مالاقته هذه الحركة من قوى مضادة وما رفعته هذه القوى من خطاب سياسي اضر سياسيا وامنيا وسلوكيا بالمعادلة الوطنية وثوابتها الاصيلة ولذلك فتح بعد هذه المعركة والمتغيرات الجديدة اما ان تنحاز لادبياتها او تتحول الى حزب سياسي يعبر عن القوى المضادة المسيطرة على اقدارها.
لا أعتقد أن هناك صياغات وطنية وثورية يمكن أن تتجاوز أطروحات حركة فتح واهدافها وغاياتها المتلاحمة تلاحماً كلياً مع بنود الميثاق الوطني الأصيل، وقبل أن يعبث العابثون في بنوده من حذف وتأويل وتأرجح.
لو رجعنا تاريخياً للوراء لم تخلو حركة فتح ومنذ سنواتها الأولى من صراعات تدور في مجملها على محوريات عملها ومدى إرتباط قيادتها بما طرحته من أدبيات، الصراع تركز بشكل أساسي بين قيادات الصف الأول وقيادات الصف الثاني وأخذ أوجه أخرى بين قيادات العاصفة ووجهة نظرها في آليات تطبيق تلك الأدبيات وأهدافها السامية وبين قيادة الصف الأول ووجهة نظرها السياسية التي تخلت عن شعار أن السياسة تنبع من فوهة البندقية- بل استخدمت البندقية للتحريك واستنزاف لحالة غرق يمكن أن يتعلق هذا الغريق بريشة أو قشة ليعتقد أنه سيحقق آماله وآمال الشعب الفلسطيني من خلال الاتصال المباشر مع العدو الصهيوني وبشكل مبكر قبل أن تنضج ضربات البندقية وضربات المقاتل لتصنع توازناً في الرعب على الأقل- ولذلك دخلت حركة فتح في التخلي المتباعد تدريجيا عن أهدافها ومنطلقاتها إلى أن تم احتضانها واستيعابها في أيقونة المبادرات الدولية التي لا تعبر عن جوهر أمني مبتعدة تماماً عن الجوهر السياسي والوطني لأيقونة القضية الفسطينية..
مرت حركة فتح بعدة منعطفات أثرت على سلوكها وطريقة إعداد كادرها بما يتناسب مع برنامجها السياسي وفي كل مرحلة كان الشعار المرفوع "من ليس معي فهو ضدي"، في حين أن المعارضة الداخلية هي وجه من أوجه الصحة والمناخات المناسبة للوصول لعمل وطني مدروس توضع له المحاذير الوطنية عند صقل أو إتخاذ أي قرار قد يغير المنهجية أو التكتيك أو الإستراتيجية، فالمعارضة الداخلية في داخل التنظيم هي الحصانة لصحة التنظيم والحركة التي تخلت عنها حركة فتح ومستزلمين خطها على مدار تلك المنعطفات والتي فقدت فيها حركة فتح خيرة كوادرها ومناضليها على قاعدة الولاء للفرد وليس الولاء للبرنامج.
مسيرة طويلة لحركة فتح ومازال إسمها مرفوعاً خفاقاً عبر كل الأجيال حتى التي لم تعاصر الكفاح المسلح وبطولات الآباء والأجداد، يكاد هذا الجيل أن يندثر ولكن التطور الموضوعي لحركة النضال الوطني الفلسطيني والذي لم تقم به حركة فتح أو تخلت عنه ولم تستمر فيه قد ملأت فراغه فصائل أخرى وإن حاول البعض وبشكل متشرذم أن يموه أو يذبذب تلك الصورة وفي الحقيقة، أن الشعب الفلسطيني في تطوره النضالي هو من يختار المربعات النضالية ويعطيها لمن يشاء ومن هو صادق.
بعيداً عن الشخصنة وتحديد الأسماء فإن حركة فتح وأمام أطروحات قديمة جديدة كانت متلازمة مع أطروحات الحل السلمي وأطروحات أوسلو كان البعض ينادي بأن تتحول لحزب وكانوا سواء بحسن نية أو سوء نية يعتقدون أن أوسلو ستنتج لهم سويسرا أو فرموزا، ولكن الحقيقة أن تطورات الصراع وتوزيع القوى الفلسطينية من جديد على الساحة الفلسطينية لم يعطي هؤلاء ما أرادوا وإن تنازلوا عن 82% من اراضي الوطن.
بلا شك أيضا أن الساحة الفلسطينية مقبلة على تغيرات كثيرة قطعت المواعيد التي حددها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لانعقاد المؤتمر السابع بعد حملة من التصفيات على غرار سابقاتها في المؤتمرات الماضية، فهو قد فصل تعسفيا وبشكل يعارض النظام العديد من الكوادر الحركية مكانيا وزمانيا وكذلك طالت تلك القرارات من هم دخلوا من قادة في وعاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري أو إقصاءات أو إهمال وبدون قرارات فصل وكالعادة أيضاً إستخدموا لغة الراتب كطريقة عقابية لكل من يعترضهم أو يعترض سلوك برنامجهم الأمني والسياسي أو ينادوا بالإصلاح أو إعادة الإعتبارية لأيقونة حركة فتح تمتلك قاعدة عريضة لأخذ دورها الوطني والطليعي في الصراع العربي الصهيوني.
قد تكون معركة العصف المأكول أو البنيان المرصوص، أو ما سماها الإحتلال الجرف الصامد قد تغير الكثير من الأوراق وتخلطها، فالرئيس الفلسطيني مازال هو رئيس حركة فتح ومازال يحاول أن يقتنص أي إنجاز حققه الشعب الفلسطيني بمقاومته في غزة التي دفع لها ثمناً غالياً من الأرواح والبنية التحتية، سجال قد يأتي فيما بعد وبعد إنتهاء المعركة وربما صراع قد يتجدد بين الإصلاحيين في داخل حركة فتح وبين من ظلموا نضاليا ووطنيا ومعيشيا مع هذا التيار الذي مازال يلعب بنفس الأوراق القديمة ويفصل تفصيلاً أطر حركة فتح كما يهوى لإنعقاد مؤتمر حركي سابع قد يحدد مصير حركة فتح بناء على برنامج السلطة ورئيسها السياسي والأمني وقد تتحول لحزب وهنا نقول أن حركة فتح بأجنحتها التي تخلت عنها اللجنة المركزية من كتائب شهداء الأقصى ومكونات حركة فتح النضالية والأدبية والثقافية والإعلامية قد شاركت في تلك المعركة التي قد أعادت جزئيا الروح النضالية للكادر الفتحاوي وإرضاء لتاريخها، وهنا ما هو مصير الفصائل المقاتلة، بل نكاد نقول أن مصيرها هو من نفس مصير الفصائل المقاتلة الأخرى، في تصور الحل السياسي القادم الذي يحاول فيه رئيس حركة فتح أن يشمل أي إنجاز في خطوات الحل الشامل والمفاوضات التي عجزت أن تحقق له شيئا في ظل أطروحات تنحي حركة فتح عملاً وتطبيقا عن الكفاح المسلح بالاضافة إلى الاجراءات القمعية التي اتخذتها السلطة بحق مناضلي حركة فتح في الضفة الغربية والتي منعت من أن نحقق إنجازا حاسما أمام الاحتلال في عدوانه الأخير على غزة لو تحركت الضفة الغربية بمناضليها على كافة المستويات، بل كان أداء السلطة الذي يرأسها الرئيس محمود عباس وفي نفس الوقت يرأس حركة فتح هي الحاجز والمحبط لأي عمل شعبي وأي عمل مقاوم مؤثر ليتلاحم مع صمود المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في غزة.
ربما الأيام القادمة سينتج عنها أحزاب جديدة واستنساخات جديدة إن بقي الرئيس الفلسطيني متمترسا بأطروحاته وهروبه للأمام تمسكاً بمقولاته المعلنة والمعروفة بالحل السياسي والدبلوماسي للقضية الفلسطينية وبدون أي أوراق قوة يمتلكها والتي رأى الآن أن التوافق مع المقاومة والإصلاحيين هو بمثابة إحتواء أي إنجاز لتنفيذ برنامجه والذي يمارس نشاطاته الدولية والإقليمية بناء عليه.
قضايا شائكة ومعقدة ستواجه الشعب الفلسطيني بمكوناته النضالية والسياسية بعد توقيع أي إتفاق ومهما كان شكله، بل سيتوقف الصراع الداخلي على ماهية بنود الإتفاق وعلى قيادة العمل الوطني في الساحة الفلسطينية وهل هو عمل في التحول إلى دولة أو أيقونة من ضمن أيقونات الشغل الإقليمي في المنطقة والدول المحيطة بفلسطين أم الهدنة طويلة الأمد في الصراع الحضاري والتكنولوجي والإعداد الداخلي لبناء القوة الفلسطينية المقاومة لمعركة أخرى ستأتي ولو بعد حين.

بقلم/ سميح خلف