المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الناسخ والمنسوخ



محمد مزكتلي
21/10/2014, 11:12 PM
أعزائي القراء:
أبدأ موضوعي بسؤال: تصوروا أن مجموعة من الناس يحتكمون إلى كتاب يحتوي على أحكام,لكنهم يختلفون على تحديد الأحكام العاملة والأحكام الملغية؟.
هل يمكن لهؤلاء أن يتفقوا!؟.
أنطلق من هنا لعرض بعض الأثار السلبية للقول بالنسخ في القرآن الكريم.
أولا...تعطيل بعض الأحكام الشرعية.
هنا لن أتتبع كل الأحكام التي قالوا بألغائها لأنهم لم يتفقوا عليها,لكن لابد من بعض الأمثلة.
جاء في سورة النساء:(واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فأشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً).
هذه الآية نصت على حبس من عملت عملاً هابطاً أو سلكت سلوكاً مشيناً,ويجب منع هؤلاء من الأختلاط بغيرهن إلى أن يصلحن أو يتزوجن أو يجعل الله لهن سبيلاً.
ذلك أن الزنا لم يثبت عليهن,بل ثبت ما دون ذلك.
وهذه الآية بالنسبة للغالبية العظمى من العلماء لا يجوز العمل بها,لأنها منسوخة.
جاء أيضاً في سورة النساء:(إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم و بينهم ميثاق أو جائوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن أعتذلوكم و لم يقاتلوكم و ألقوا إليكم السلم فلا جعل الله لكم عليهم سبيلاً).
نصت هذه الآية على شرعية مبدأ الحياد وأن من ألقى إلينا السلم فلا يجب قتاله.
وهذه أيضاً بالنسبة لهم لا يعمل بها لأنها منسوخة..ملغية.
وجاء في سورة البقرة:(والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول من غير إخراج).
هذه الآية أكدت على حق المرأة في السكن و النفقة من مال زوجها المتوفى عاماً كاملاً بالأضافة إلى ميراثها المحدد.
وهذه أيضاً بالنسبة لهم ملغية..منسوخة.
وهناك العديد من الأحكام القيمة تم إلغائها بأجتهادات قدمت على كتاب الله المجيد.
ثانياً...عدم التعمق في فهم النصوص القرأنية.
طالما أن الآيات القرآنية قابلة للنسخ فبمجرد ظهور تعارض ظاهري بين آيتين لجأ البعض إلى القول بنسخ المتقدم منها لكنهم لو كانوا يعلمون أن الآيات كلها محكمة لبذلوا جهداً أكبر في فهم النصوص فكان القول بالنسخ مخرجاً و مهرباً لكثير من العلماء.
ثالثاً...تقديم أحاديث الأحاد ظنية الثبوت على آيات القرآن القطعية الثبوت.
مادامت آيات القرآن قابلة للنسخ أكثر من قابلية الحديث بذلك,فهو مقدم.
سواء بقصد أو تصريح أو غير ذلك.
لقد كتب في نسخ القرآن عدد كبير من المصنفين,بينما قل المصنفون في نسخ الأحاديث.
ورغم أن العلماء يقرون أن الغالبية العظمى من الأحاديث النبوية هي ظنية الثبوت نرى بعضهم يتعاملون معها على أنها أكثر قطعية في ثبوتها من القرآن لذا نراهم يحتجون بشدة على تضعيف حديث عمرة بنت عبدالرحمن عن عائشة وغيره من الأحاديث التي لا يمكن تصديقها لمعارضتها صريح القرآن وللعقل أيضاً.
ويلاحظ المتتبع لأجتهادات بعض العلماء أنهم لا يرون بأساً في أن يكون هناك أيات قرئانية كاملة نسيت أو عطلت أحكامها لكنهم يشتعلون غضباً لو قيل لهم أن في صحيح البخاري او مسلم حديث ضعيف.
والسؤال هنا أي الكتب أكثر قداسة عملياً.
رابعاً...إظهار الدين بمظهر أنتهازي.
عندما يقولون بنسخ الآيات التي تتصف بالعفو والصفح و المعاملة بالحسنى بحجة أنها نزلت حينما كان المسلمون في حالة ضعف,أليست هذه هي الأنتهازية بعينها.
والأمثلة كثيرة تحت هذا العنوان.
جميعنا يعلم كيف كان رسول الله يدعو أهل مكة المعادين للأسلام إلى أن يكفوا أيديهم عن المسلمين وأن لا يعذبوهم ويترك كل فريق ليتعبد كما يشاء فنزل قوله تعالى(لكم دينكم ولي دين).
هل يعقل أن يمنع رسول الله هذه الحرية التي كان ينادي بها,أو أن يخير المشركين بين قبول الأسلام أو السيف أو يخير فريقاً آخر ما بين الأسلام و السيف و الجزية كما قال بعض الفقهاء أهل نسخ أحكام القرآن.
بدون دراسة شاملة للواقع والأخطار التي كانت تهدد الكيان الأسلامي الوليد.
فقد نسخوا قول الله تعالى(لا أكراه في الدين)بعضهم نسخ الحكم كله وقال يجب أكراه مشركي العرب على دخول الأسلام,وبعضهم ألغى جزءاً منه و قال لا أكراه في دخول الدين ولكن هناك أكراه على عدم الخروج منه وبالتالي حكموا على المرتد بالقتل مع أنهم كانوا يعرفون كيف كان رسول الله ينتقد أهل مكة لمنعهم الناس من الخروج من دينهم والدخول في دين الأسلام.
ما أريد تأكيده هو أن القرآن الكريم يؤكد الحرية الدينية ويؤكد على ذلك بنصوص جلية واضحة أهمها لا أكراه في الدين ولا يوجد في القرآن نص يتعارض معه أطلاقاً والذي عارضه حديث مروي عن ابن عباس مداره على عكرمة الذي ضعفه كثير من المحدثين كمالك ابن أنس.
خامساً...تضاعف الخلاف الفقهي .
لا شك أن القول بالنسخ قد أضاف تعقيدات جديدة للآراء الفقهية المتعددة المختلف عليها أصلاً ولن أبالغ إذا قلت أن للأعتقاد بوجود النسخ دور كبير في تشعب الآراء في بعض فروع الفقه خصوصاً في مجال التعامل مع أهل الذمة و ومعاملة الأسرى وفي تحديد فيما إذا كان الأصل في تحديد علاقتنا مع المشركين,الحرب أو السلم وفي قضية الفدية عن الأفطار في رمضان,وأحكام نفقة المتوفى عنها زوجها وفي كثير من أبواب الفقه التي ورد فيها آيات قال بعض العلماء بنسخها .
سادساً...الخوض في تفصيلات و خلافات في موضوع النسخ لا قيمة لها.
أصل أهل النسخ وفرعوا في هذا الموضوع أبواباً يصعب حصرها,هذا الذي أدخلهم في خلافات جديدة,ومع كثرة القائلين بالنسخ نراهم غير متفقين في تفريعاته على أي شيئ يذكر وهذا بعض ما أختلفوا فيه_أينسخ القرآن القرآن فقط,أم ينسخ القرآن و السنة_.
_أتنسخ السنة القرآن,أم أنها لا تنسخ إلاالسنة.
_ أينسخ الأجماع و ينسخ به,أينسخ القياس و ينسخ به.
_أيكون النسخ إلى بدل أم يجوز أن يكون بغير بدل.
_أيجوز أن يكون الناسخ أخف من المنسوخ أوأثقل منه أو مساوياً له.
_هل يجوز نسخ الحكم قبل أن يعمل به...دققوا في هذه أيها القراء هل يجوز نسخ الحكم قبل أن يعمل به!؟.
_أيقتصر النسخ على الأحكام والأوامر والنواهي أم يتعدى الأخبار.
_ماهي أنواع النسخ وهل يوجد نسخ تلاوة من غير حكم وهل يجوز نسخ حكم مع أبقاء التلاوة.
_ماهي شروط النسخ وما هي أركانه و طرائق معرفته.
_أيشترط التمكن من الفعل بدخول وقته لجواز النسخ.
_أيصير الناسخ منسوخاً.
وغير ذلك من الأمور التي لم يتفقوا على شيئ منها.
سابعاً...إضافة شرط إلى شروط الأجتهاد يستحيل تحقيقه.
من أهم شروط الأجتهاد كما يراها المتأخرون هي معرفة الناسخ و المنسوخ في القرآن و السنة أنا هنا لا أشكك في أهمية هذا العلم إذا كان وفق المفهوم الأصلي الذي فهمه صحابة رسول الله.
لأن معرفة تخصيص العام و تقيد المطلق وتفسير المجمل من الشروط الضرورية للأجتهاد لكن الذي لا أقبله هو معرفة الناسخ و المنسوخ بناء على ما هو معروف حالياً ألا و هو إلغاء حكم شرعي بحكم شرعي متأخر عنه وذلك لأن هذا الشرط لا يمكن تحققه فالآيات المنسوخة لا يعرف عددها من قبل القائلين بالنسخ فقد يقول أحدهم اليوم أن المنسوخ هو عشرون آية لكنه قد يأتي بعد سنة ويقول لقد نجحت بالتوفيق بين خمس منها ولم يعد منسوخاً سوى خمسة عشر آية.
مرة أخرى أقول هذا الشرط يستحيل تحققه لأنه ليس محدداً فلا القرآن حدد هذه الآيات ولا رسول الله أشار إليها كما لم ترد عن أحد من الصحابة.
ثامناً...ضعف ثقة المؤمنين بأحكام دينهم.
إذا كان الدستور يحتوي أحكام ملغاة,فما هو المرجع الثابت؟.
العقل يقول عندما يتعارض قانون مع الدستور الأساسي فإنه يتم إلغاء هذا القانون.
فما بال بعض العلماء يقرر نسخ آية إذا عارضها حديث أو إجماع وهمي أو قياس مزعوم.
القرآن الكريم هو المعجزة الباقية و ركيزة الأسلام ومن خلاله نثبت لغير المسلمين صدق سيدنا محمد وثبوت رسالته ومن خلال القرآن الكريم نثبت للملحدين وجود الله الخالق وصحة رسالة الأسلام.
من هنا كان لا بد من الأهتمام بهذا الكتاب و تعظيمه وتنزيهه عن كل فكر بشري وليس إضعاف الثقة به بتقديم الظنيات عليه كما فعل القائلون بالنسخ ويفعلون.
عاشراً...تعريض كتاب الله للتشكيك من قبل أعداء الدين.
هناك من يأتي بنية البحث عن الثغرات ويتمسك بها لأدخال الريب إلى هذا الكتاب الذي لا ريب فيه ومن يقوي حجتهم هي أخطاء علماء المسلمين فلماذا تعطوهم هذه الفرصة وتهدمون دينكم بأيديكم!؟.
هذه بعض الأثار السلبية للقول بالنسخ في القرآن الكريم لكن ما الذي دفع بالعلماء للقول بالنسخ وأستخدام هذا المصطلح؟.
1_خلط مفهوم النسخ بمفاهيم تخصيص العام وتقدييد المطلق وتفسير الأستثناء و المجمل.
2_أدخال مواضيع في النسخ ليست منه في شيئ وهذا يشمل إلغاء ما كانوا عليه في الجاهلية.
من المعروف أن أحكام الأسلام نزلت بالتدريج حيث ظل الخمر مسكوتاً عنه لأكثر من خمسة عشر سنة بعد البعثة كما ظل المسلمون يتعاملون بالربا حتى نزول تحريمه في السنة التاسعة للهجرة وكان الصحابة يسمون هذا نسخاً ولا شك أنه ليس نسخاً لآيات القرآن بل هو نسخ لما كانوا يقومون به من أعمال والأمثلة كثيرة(فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع) هي ناسخة لما كانوا عليه في الجاهلية و مدة من الأسلام فكان للرجل أن يتزوج ما يشاء من النساء فنسخ الله ذلك بهذه الآية وجعل أقصى ما يجوز للرجل هو أربعة نساء.
بعض العلماء قال أن قول الله تعالى(وقوموا لله قانتين) ناسخ لما كانوا عليه من كلام في الصلاة لرد السلام و تشميت العاطس و هذا واضح أنه ليس ألغاء حكم في القرآن لأن إباحة كل هذه الأمور لم ترد أًصلاً في القرآن.
3_توهم وجود تعارض بين نصين.
هذا الأمر جر الكوارث على هذه الأمة ومن خلاله قالوا بنسخ عدد كبير من الأحكام القيمة التي شاء الله تعالى أن تكون أبدية وهنا لا بد من التذكير أن ما أوردته من أمثلة هو غيض من فيض و هي التي يذكرها كثير من العلماء على أن النسخ فيها مسلم به لكن بعض العلماء نسخ الكثير و الكثير من الآيات.
الأن هنا أسأل العلماء هل في النسخ حكمة!؟.
جاء القائلون بالنسخ بما أطلقوا عليه حكم النسخ.
ولا أظنهم مقتنعين بكل ما أوردوه و سيتبين عدم واقعية هذه الحكم المدعاة.
هل توجد حكمة في نسخ الحكم و بقاء التلاوة؟.
يقولون إن القرآن كان يتلى ليعرف الحكم منه ويعمل به وأنه يتلى أيضاً في كونه كلام الله تعالى فيثاب عليه فتركت التلاوة لهذه الحكمة وقالوا أيضاً أن النسخ يكون غالباً للتخفيف فأبقيت التلاوة تذكيراً بالنعمة في رفع المشقة.
وهنا أرد و أقول يوجد في القرآن أكثر من ستة آلاف أية و يستطيع المسلم أن يقرأ ما أستطاع ليثاب على قرائته فلا تعطى أهمية لخمس أو عشر آيات مقارنة بألاف الآيات المحكمات كما أنه لا يختلف عاقلان في أن أبقاء النصوص الملزمة أولى من أبقاء النصوص الملغى حكمها فما بالهم يقولون بأزالة آيات بقي حكمها و أبقاء آيات زال حكمها فلنتعبد بتلاوة الآيات باقية الحكم!؟.
بمعنى أنه كان من الأولى أن تبقى الآية المزعومة_الشيخ و الشيخة_لأن حكمها باق كما يقولون.
أما الحكمة الثانية فيجاب عنها إذا كانت هناك أحكام أبدلت بأخف منها فإنه هناك أحكام أستبدلت بأثقل منها طبعاً كما هم يقولون فأين التذكير بالنعمة في رفع المشقة هنا وقد أجابوا عن هذه بأن الحكمة في هذا النوع هي التدرج حيث أن الأنسان يجد حرجاً في ترك فعل أعتاده طوال عمره.
أرد على ذلك بوجهين.
لم ينسخ حكم بأثقل منه في الآيات التي ذكرها البعض على أنها منسوخة إذاً لاوجود لهذه الحكمة بالنسبة لهؤلاء.
أما بالنسبة لمن حكم بنسخ الكثير من الآيات فلا نجد حكماً نسخ بأثقل منه كما يقولون إلا في آية واحده(ولا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى).
لو قبلنا بأن هذه الآية منسوخة لا يجوز أن نستنتج حكمة نعممها من خلال حادثة واحدة و إذا كانت الحكمة من نسخ الأثقل بالأخف هي التذكير بالنعمة في رفع المشقةوالحكمة من نسخ الأخف بالأثقل هي التدرج فما هي الحكمة من نسخ حكم بما يساويه بالشدة!؟.
ولا ينبغي أن يظن أحد أني أنكر أن الله قد نسخ أحكاماً بأخف منها أو أثقل منها أو مساو لها فهذا حصل لكن في الكتب السماوية السابقة الذي نسخها القرآن العظيم وحصل أيضاً في الشريعة الأسلامية نفسها لكن لم يحصل نسخ في القرآن الكريم إطلاقاً بل ظلت آياته محكمات منذ نزلت وستبقى كذلك لأن الله قرر هذا.
فمن أمثلة نسخ الحكم بما هو أثقل منه نسخ يوم عاشوراء الذي لم يثبت في القرآن أصلاً ونسخ بصوم رمضان الذي ثبت في القرآن.
ومن أمثلة نسخ الحكم بما هو بأخف منه تحريم الرفث إلى الزوجات في رمضان الذي لم يثبت بالقرآن أيضاً فأباحه القرآن الكريم.
ومن أمثلة نسخ الحكم بحكم مساو له نسخ التوجه في الصلاة إلى بيت المقدس نسخ بالتوجه إلى الكعبة.
من الوجهه الأخرى أسأل:هل توجد حكمه في نسخ التلاوة و بقاء الحكم؟.
يقول الزرقاني(لقد نسخ الله تلاوة الشيخ و الشيخة للأشارة إلى شناعة هذه الفاحشة و بشاعة صدورها من شيخ و شيخة حيث سلكها مسلك بما لا يليق أن يذكر فضلاً على أن يفعل و سار بها في طريق يشبه طريق المستحيل الذي لا يقع كأنه قال نزهوا الأسماع عن سماعها والألسنة عن ذكرها فضلاً عن الفرار منها ومن التلوث برجسها).أنتهى كلام الزرقاني.
وقال السيوطي(الحكمة من نسخ هذه الآية التخفيف على الأمة بعدم تلاوتها و كتابتها في المصحف وإن كان حكمها باقياً لأنه أشد الأحكام و أثقلها و أغلظ الحدود وفيه إشارة إلى ندب الستر)أنتهى كلام السيوطي.
أقول هنا مادام الأمر كذلك كان الأولى أن ينسخ الله قول من قالوا إن الله فقير ونحن الأغنياء أو قول من قالوا يد الله مغلولة أو قول من قالوا إن الله ثالث ثلاثة كما كان من الأولى بناءً على هذه الآية أن ينسخ قوله تعالى(إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف).
فهذه أيضاً أفعال قبيحة و تلك أقوال شنيعة ولو أتفقنا مع الزرقاني والسيوطي على هذه الحكمة فما الحكمة من نسخ لو كان لأبن أدم واديان من مال لأبتغى ثالثاً أو نسخ آية الرضعات الخمس طبعاً كما هم يزعمون إذاً لماذا كان هناك نسخ في الكتب السماوية السابقة؟.
بدل الله تعالى الشرائع السماوية السابقة بالشريعة الأسلامية والبشرية مطالبة اليوم بالألتزام بما جاء في القرآن الكريم وليس بما ورد في الكتب السماوية السابقة الذي ألغيت أحكام منها و نسيت أحكام أخرى ولما لم تعد الشرائع السابقة تفي بحاجات الأنسانية في مرحلتها التي أنتهت إليها أنزل الله شريعة جديدة نسخ بها ما سبقها من شرائع و أستمر الحال على ذلك إلى أن وصلت البشرية إلى كمالها وبلغت أشدها و أستوت.
فأنزل الله الشريعة الأسلامية التي هيئها بنصوص و قواعد عامة وخطوط عريضة صالحة للبشرية إلى قيام الساعة حيث أمر المسلمون بأستنباط الأحكام الفقهية من خلال هذه القواعد وفتح باب الأجتهاد ليواكب الفقه تطورات العصر ولتبقى الشريعة الأسلامية صالحة لكل زمان و مكان ولن تأتي شريعة ناسخة للقرآن الكريم و لن يلغى حكم من أحكامه إلى قيام الساعة فقد و عد الله تبارك و تعالى بحفظه وذكر أنه من أبتغى غيره لن يقبل منه بينما أخبر الأقوام السابقة أن أحكامهم مؤقتة كما جاء في أرميا أصحاح31.
أخيراً تجدر الأشارة إلى أمر مهم لا يوجد كتاب قديم أو حديث في موضوع الناسخ و المنسوخ إلا و أشار إلى وجود علماء ينفون النسخ عن القرآن و نجد أنتقاداً لاذعاً لهم فهم من المتأخرين الذين خالفوا المتقدمين_هكذا يقولون عنهم_لكن هل هذه هي الحقيقة؟.
لقد بينت أن أصحاب رسول الله كانوا يستعملون مصطلح النسخ يريدون به أموراً أخرى ويبدو أنه عندما كتب في هذا الموضوع بعض من جاء بعدهم لم ينتبهوا لهذه النقطة ومن كثرة ما نقل إليهم من أقول الصحابة بوجود النسخ صار عندهم النسخ مسلم به لكن على فهمهم هم وتعريفهم هم لا كما فهمه صحابة رسول الله.
لم يكن أبو مسلم الأصفهاني الوحيد الذي قال أن لا نسخ في القرآن لكن أسمه لمع لما كان لديه من علم غزير و حجة دامغة فكثير غيره من العلماء نفوا النسخ عن القرآن.
كتب أبو جعفر النحاس المتوفى سنة 338هـ (تكلم العلماء من الصحابة في الناسخ و المنسوخ فمنهم من جرى على سنن المتقدمين فوفق ومنهم من خالف ذلك فأجتنب فمن المتأخرين من قال ليس في كتاب الله ناسخ ولا منسوخ)أنتهى كلام النحاس.
يتضح من كلام النحاس المتوفى سنة 338هـ أن نفاة النسخ لم يكونوا قليلوا العدد في القرن الثالث الهجري فلو كان أبو مسلم الأصفهاني لوحده لما تحدث النحاس بهذه الصيغة كما نزه القرآن الكريم عن النسخ كثير من العلماء المعاصرين البارزين ومنهم الشيخ محمد الغزالي حيث عقد فصلاً حول النسخ في كتابه نظرات في القرآن نفى فيه النسخ بأنواعه كلها بصورة واضحة.
أنا أؤمن أن لانسخ في القرآن المجيد والقرآن العظيم من باء البسملة إلى سين الناس قابل للعمل ولن ينفك هكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها و الحمد لله يعتقد اليوم كثير من المسلمين تنزيه القرآن عن الناسخ و المنسوخ ولم يعد سهلاً على أعداء هذا الدين العظيم أن يجدوا منفذاً بعد أن سدت هذه الثغرة ولا يقدر هؤلاء أن يعتقدوا أعتقاد بعض المسلمين بالنسخ يمثل ثغرة.
ذلك لأن أهل النسخ لا دليل لديهم سوى التقليد.
اللهم إن كنت قد أخطأت فأنت الذي لا يخطئ وإن كنت قد أصبت فأنت الذي يجزئ.
والسلام عليكم و رحمة الله.