المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سيأتي أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ



كاظم فنجان الحمامي
17/11/2014, 12:12 PM
سيأتي أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ

كاظم فنجان الحمامي

قال طارق بن زياد لجنوده: العدو من أمامكم والبحر من خلفكم. ونحن أحاط بنا الأعداء من خلفنا ومن أمامنا، ومن فوقنا ومن تحتنا، وعن يميننا وعن شمالنا، لا نعرف عدونا من صديقنا. تطاردنا العربات المفخخة. تبعثرنا العبوات الناسفة. ترعبنا المسدسات الكاتمة. ترك الخوف بصماته في قلوبنا وفوق دفاتر أطفالنا. لا يوجد جيش في الكون إلا وله في العراق قواعد ومتاريس وخنادق وخلايا تراقب، حتى تحولت أرضنا إلى ثكنات جبارة تعج بالقوات المحلية والعربية والغربية. ثم تكاثرت عندنا الميليشيات بالانشطار، وتوافدت علينا فلول المرتزقة من كل الأطياف والألوان والاتجاهات.
شعبنا كله يحمل السلاح من شماله إلى جنوبه ومن صغيره إلى كبيره حتى جاء اليوم الذي صرنا فيه نحن أعداء أنفسنا، يُكَفّرُ بعضنا بعضا. يضطهد بعضنا بعضا. يقتل بعضنا بعضا. نطلق النار في كل المناسبات، ونطلقها عند التحاور مع بعضنا البعض، ونطلقها في المآتم والأعراس وفي حفلات الختان، وابتهاجا بفوز منتخبنا الوطني، أو حزنا على خسارته. ونطلقها على كل ثابت أو متحرك. عندنا قرى تقطع الطريق ليلاً وتقتل الناس على الهوية ، وأخرى تمتهن التهريب، وأخرى تزرع الأفيون.
الكورد الفيليون خسروا حقوقهم ومزقتهم مخالب ذوي القربى. الأيزيديون تقطعت أوصالهم في المجازر التكفيرية. المسيحيون يهيمون على وجوههم في المتاهات البعيدة. عرب الفلوجة يتأرجحون بين الانتحار بخناجر الصحوة، أو الذبح بسيوف الدواعش، أو القصف بالغارات الليلية، أو الفرار نحو المجهول على غير هدى. عرب الأهوار باعوا أبقارهم واشتروا بأثمانها أسلحة حديثة ليقتلوا بها أبناء عمومتهم وأبناء القبائل القريبة منهم.
القوات المسلحة تجوب الأزقة وتتبختر في الطرقات ولها ملايين النقاط التفتيشية خارج المدن وداخلها، لكنها لم توفر لنا الأمن والأمان، ولم تضع حداً لتنامي التشكيلات غير النظامية، ولم تنجح في كبح جماح القوى الغادرة والمستهترة والمتبطرة والمتكبرة. لا يمكن لأي منا أن ينكر خطورة الأوضاع الأمنية المزرية التي نرزح تحت حرابها، والتي تبدو مخيفة ومرعبة وقاسية بكل المقاييس، لأنها ارتبطت بوطن تخلى فيه الساسة عن مروءتهم، كل منهم يسعى الآن لإثبات تفوقه على الآخر بأي ثمن.
لم تعد أرضنا صالحة إلا لشركات الحفر والتنقيب النفطي. أما نحن فقد أصبحت الأسلحة النارية والقنابل اليدوية من مفردات حياتنا اليومية، وصارت الطائفية أنشودة يرددها أطفالنا في مدارسهم وملاعبهم على سبيل اللهو والمزاح. لم نكن مجتمعاً مستقراً أو آمناً في الانتخابات الماضية ولا قبلها ولا قبل التي قبلها. ولم تكن حوادث القتل والاختطاف والاغتيال وغيرها من الجرائم المروعة بعيدة عنا بل أصبحت من الظواهر الطبيعية، فالبلدان المجاور لنا والتي تُعد من البلدان المتدينة جداً، والمتمسكة بمبادئ حِسن الجوار، هي التي حرمتنا من نعمة العيش بسلام، وهي التي حرضت علينا كلابها وذئابها وضباعها، ثم جاء سفلتنا ليجهزوا علينا وينفذوا مخططات تشتيتنا وتمزيقنا.
لا وجود للإرهاب في الدوحة ولا في أنقرة ولا في طهران ولا في عمان. فالإرهاب ولد في حاضنات كواكب القردة ثم زحف علينا ببغاله الظلامية لينشر ثقافة الموت والدمار في ربوع الرافدين.
وسيأتي أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ