المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغرب أعلم بما فعله بنا السفهاء



كاظم فنجان الحمامي
08/03/2015, 01:54 PM
الغرب أعلم بما فعله بنا السفهاء

كاظم فنجان الحمامي

يخطئ من يظن أن الناس في أوربا لا يفهمون الإسلام، ولا يعرفون أهدافه السلمية النبيلة، ويخطئ من يظن أنهم لا يدركون توجهاته الإنسانية. فالناس هناك على دراية تامة بحقيقة الدين، الذي يدعو للتعايش السلمي مع كل الشعوب والأمم، ويدعو إلى التحلي بمكارم الأخلاق، وإبداء الرحمة والتسامح، وإشاعة العدل والمساواة، ونشر الموعظة الحسنة. لكن التكفيريين والظلاميين والطائفيين والمنافقين وأصحاب الضمائر المعطوبة، هم الذين انحرفوا عن الصراط المستقيم، بعدما وضعوا كتاب الله وراء ظهورهم واتبعوا فقهاء السوء وأئمة الجريمة، فتحجرت قلوبهم، وتلوثت عقولهم. وكانوا أول من أساء للدين الحنيف، وأول من شوه صورتنا في شرق الأرض وغربها.
قبل بضعة أيام كنت في عرض البحر. أتحدث مع ربان سفينة أجنبية عن المفاهيم الإسلامية السامية، فأجابني بنبرة غاضبة: (أنتم تضيعون أوقاتكم بهذه الحوارات البليدة. فنحن نعرف عنكم ربما أكثر مما تعرفون أنتم عن أنفسكم. عودوا لكتابكم العظيم، وطبقوا ما فيه من سلوكيات ومبادئ، وإذا أحسنتم التطبيق ستجدون الناس يدخلون في دينكم أفواجا، من دون حاجة لهذه المحاولات الاستعراضية).
ثم أردف قائلاً: (أنتم تمتهنون الكذب والنفاق. تقولون ما لا تفعلون. تميلون للفوضى والتمرد. تكرهون النظام والتنظيم. لا تحترمون الوقت. لا تحسنون الظن بالآخرين. محتالون وعندكم ألف طريقة مشرعنة للغش والاحتيال. عنصريون. طائفيون. فاسدون تسرقون لقمة غيركم من أبناء شعبكم. تنهبون المال العام بأساليب ملتوية. لا تهتمون بالنظافة. تعبدون الحكام والسلاطين. تعظمون شأن الأقوياء. تصادرون حقوق الضعفاء. تأتمنون الخائن. تخوّنون الأمين. تصدقون الكاذب. تكذبون الصادق. لا تحترمون علماؤكم. فالإسلام الذي عرفناه في الغرب دين بسيط رائع جميل متسامح. ينظم علاقات الناس مع بعضهم البعض. يرفض الظلم والغدر والقهر والحقد. يهدي المرء للعبادة بطقوس سهلة وواضحة ومباشرة. يعلمه كيف يحسن التعامل مع والديه ومع زوجته وأولاده وجيرانه وأقاربه. لكنكم تمارسون سلوكيات متناقضة تماما مع ما جاء به دينكم من تعاليم ومفاهيم. وتتقاطعون مع أصوله وقواعده. وها أنتم تخرجون علينا اليوم بسلسة من الجرائم التي انتهكتم فيها حقوق الناس، فلم يسلم المسلمون أنفسهم من بطشكم وبشاعتكم).
قلت له: أنت تتحدث عن داعش وعن التنظيمات الإرهابية. فقال لي: (وما الفرق، فسجلاتكم حافلة بالمجازر والفواجع والكوارث والنكبات والمصائب، التي جلبتموها أنتم لأنفسكم بمحض أرادتكم. حتى أصبحتم من أكثر شعوب الأرض تخلفاً وتراجعاً، وعادت بكم الأيام إلى الحقبة الجاهلية التي انتشلكم منها الإسلام، ووضعكم على جادة التحضر. فكنتم خير أمة أخرجت للناس. لكنكم اليوم من أتعس الأمم. إن لم تكونوا أسوأها).
ما أن انتهى الربان الأجنبي من كلامه، الذي نزل على رأسي كما الصواعق، حتى وجدت نفسي في وضع لا اُحسد عليه. فقد انتابني شعور بالحزن والضياع لما آلت إليه أحوالنا في الألفية الثالثة على يد فقهاء السوء وزعماء الفتنة والتطرف.
اللهم لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا يا رب