المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آخر حروب العرب ضد العرب



كاظم فنجان الحمامي
09/03/2015, 07:51 PM
آخر حروب العرب ضد العرب

كاظم فنجان الحمامي

بات من المسلم به أن الحرب التي تخوضها داعش ضد فصائل المعارضة العربية في الشام هي آخر الحروب التي يخوضها العرب ضد العرب. فلو عدنا قليلا إلى الوراء لاكتشفنا أن المعارضة السورية أحرزت تقدماً متواصلا نحو الاستحواذ على السلطة، وكانت أمامها خيارات متعددة للحلول التي تنهي الصراع لصالحها. الأمر الذي دفع القوى العربية نحو الاستعانة بعصابات همجية للقضاء على جيش (النصرة) والجيش (الحر). ولو عدنا قليلا إلى الوراء لاكتشفنا أيضاً أن الإعلام الطائفي المتخبط كان يقف ضد الدواعش، ويحسبهم على إيران أو على النظام السوري بكافة فصائلها. لكن هذا الإعلام نفسه انقلب بعد بضعة أشهر ليؤازر الدواعش، متجاهلا مجازرهم البشعة، ومتجاهلا الخسائر الكبيرة، التي تكبدها الشعب السوري نفسه بأسلحة الدواعش.
فجأة خرج علينا من يصفنا بالطائفية لأننا اعترضنا على همجية الدواعش، فأما أن نكون معهم، أو يحسبوننا مع النظام السوري. صار الأفغاني والشيشاني والتركي والباكستاني والصومالي، هو الذي يخوض غمار الحرب التي افتعلها العرب ضد العرب، ما أدى إلى تبعثر تشكيلات المعارضة السورية، لأن انتصارها لا يصب في مصلحة الأقطار العربية الداعمة للتنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها (قطر) المحرضة على العنف في الوطن العربي كله.
قطر الآن تخوض حربها ضد سوريا بمرتزقة التنظيمات الظلامية، ويتعين على الإعلام العربي الشريف أن يسمي الأشياء بمسمياتها، ويضع النقاط على الحروف، ويعلن صراحة عن هذه الحرب، التي يخوضها العرب ضد العرب للاستحواذ على موارد حقل (ليفياثان)، الذي يقع في المياه الإقليمية السورية، ويُعد من أكبر حقول الغاز في كوكب الأرض. بيد أن الإعلام العربي تجاهلها، أو ربما لا يعلم بأسرارها حتى الآن.
وهكذا تحولت الحرب في منطقتنا من عربية - صهيونية إلى عربية - عربية، ولم يعد يخفى على كل لبيب أنها تصب في مصلحة أعداء الأمة. رغم أنها تقوم على قواعد دونية خبيثة. يراد منها تحقيق مكاسب سياسية، أو سيطرة مذهبية، أو شهوة سُلطانية.
كانت حرب اجتياح الكويت التي سبقت هذه الحرب، من الحروب العربية – العربية التي حاول فيها العراق ابتلاع الكويت، والاستحواذ على حقولها النفطية بالقوة، ثم اشتركت قطر في حرب (فجر الأوديسا) لإسقاط نظام القذافي، فتقاسمت الثروات الليبية مع الناتو، وها نحن نقف اليوم على مسافة قريبة جداً من خنادق الحرب المتفجرة في الشام، والتي انطلقت شرارتها الأولى بتكليف من الأقطار المستفيدة من مشروع أنابيب (نابوكو)، والمشتركة في هذه اللعبة الجيوسياسية المريبة، وذلك من أجل فرض سيطرتها على حقول شرق البحر الأبيض المتوسط، تمهيداً لبسط هيمنتها على الثروات الكامنة تحت الماء بموازاة السواحل السورية، لكن أبواق التضليل قامت بتسويق الحرب بسيناريوهات طائفية شديدة التطرف عبر محطاتها الإعلامية ومنابر وعاظ السلاطين.
الحقيقة أن حروب قطر وأخواتها لها أبعادها الإستراتيجية المعقدة. فهي تهدف في المقام الأول إلى تجزئة الأرض العربية وتقسيمها، وتهدف أيضاً إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وبث الفرقة الطائفية، وطمس هويتنا العربية، وتدمير آثارنا الحضارية القديمة، ونسف معالمنا العقائدية، ونهب ثرواتنا النفطية، والهيمنة على حقولنا الغازية التي لا يعلم بها عامة الناس. وهذا ما أشار إليه الباحث السياسي الأمريكي (وليم جونز) أكثر من مرة في تحليلاته المتلفزة، لكن أصحاب العقول المشفرة لا يريدون سماع صوت الحق، بل أكثرهم للحق كارهون.
والله يستر من الجايات