المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العرب هم الذين خذلوا العرب



كاظم فنجان الحمامي
25/03/2015, 01:06 PM
العرب هم الذين خذلوا العرب

كاظم فنجان الحمامي

يحلو للزعماء العرب أن يصفوا ما نمر به من أزمات وويلات ونكبات بأنه أمر مدبَّر، وأنه يخضع لبرنامج منظمٌ ومرتبٌ، وأنه معدٌ مسبقاً، وأن الصهاينة لهم يدٌ في كل ما يجري، ولهم سهمٌ في كل ما يحدث، فلا شيء يقع في المنطقة من دون أن تكون لهم حصة فيه، فهم الذين يخططون لتدميرنا، ولهم في سبيل ذلك أدواتٌ قذرة، ومرتزقة وجواسيس، وأيدي خفية، وعيونٌ متلصصة، ووسائل خبيثة، وطرق مخادعة، وعملاء يمكنونهم من فعل ما يريدون، والوصول حيثما يشاءون، وكأنهم قوة أسطورية جبارة، قادرة على فعل المستحيل من أجل تحقيق أهدافهم التوسعية. المصيبة الكبرى أن الكيان الصهيوني يشعر بالقوة والزهو عندما يرى أن إعلام الحكومات العربية جعله يتمتع بهذا النفوذ الكبير، والأثر الواسع، والسطوة التدميرية الخارقة.
لكننا فوجئنا بعد عقود من التضليل والضياع. أن الذين علمونا كيفية التظاهر ضد العدو الصهيوني الغاصب كانوا من أعز أصدقاء تل أبيب، وأقرب المقربين إليها. وكانت مفاجأة كبيرة لنا عندما علمنا أن معظم الزعماء العرب يتبادلون الزيارات السرية مع الصهاينة، ويتواصلون معهم عبر الخطوط الهاتفية الساخنة.
فما أن تعفن جسد الإرهابي أرييل شارون حتى بكاه الزعماء العرب، وحزنوا على فراقه، ثم خرجت علينا قبائل الأعراب لتعلن الحداد على تلك المومياء الشارونية المتفسخة، وقبل بضعة أيام انطلقت المسيرات الجنائزية الحاشدة لمواساة الأسر اليهودية في باريس، والتي شارك فيها الزعماء العرب جنبا لجنب مع الإرهابي بنيامين نتنياهو، وظهرت عليهم علامات الحزن والألم، فكانت بمثابة هزة بركانية أيقظتنا من غيبوبتنا، وأعادت إلينا وعينا المفقود.
https://www.youtube.com/watch?v=3SsI1kZEGrs
كان الزعماء العرب ينخرون في عود هذه الأمة كما السوس، ويقضمون خيراتها كما الفئران. تميزوا بسلسلة لا متناهية من مواقف الرعونة والتهور، وبمتوالية متعاقبة من جرائم نهب الثروات، وسرقة الخيرات، وتهريب الآثار، وانتشار المخدرات، وانهيار الأسواق، وتفشي الفساد، وانخفاض الإنتاج.
مما لا ريب فيه أنهم يعلمون أنهم يفترون ويكذبون علينا، بإلقائهم التهم كلها على الصهاينة، الذين لا نبرأهم من معظم المصائب التي حلت بنا، لأنهم تمادوا في الجرائم الهمجية، وهذه هي طبيعتهم الدموية التي جبلوا عليها. بل أنهم يتباهون بها، ولا ينكرونها. لكن الحقيقة التي ينبغي أن لا نخفيها. أن الزعماء العرب هم الذين يقفون في طليعة المتآمرين علينا، وأحيانا نشترك معهم في التآمر على أنفسنا، حتى صار القمع والقتل والاعتقال والتعذيب والاحتيال والجشع والاحتكار والتزوير والمحسوبية والرشوة ووأد الكفاءات من العلامات الفارقة في سجلاتهم.
ختاما نقول: لا فرق بيننا نحن العرب في تلقي صفعات التراجع والخذلان مهما تباعدت المسافات بيننا، ومهما امتدت بنا الأرض من نواكشوط إلى آخر الشوط، فخداع الزعماء والسلاطين وما يمارسونه ضدنا من غش وأكاذيب هي التي احتفظت بها ذاكرتنا منذ زمن بعيد من دون أن نفكر في يوم من الأيام بمغادرة كهوف العتمة. ولا فرق بيننا أبداً في كبوات هذا السيرك السياسي العجيب، وهو يدور بنا في متلازمة الفشل، سيما أن الوعود بالتغيير لم تتغير على الرغم من تغير وجوه المتلاعبين بنا.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين