المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الابتزازي وأبواقه الشرقية



كاظم فنجان الحمامي
03/05/2015, 09:18 AM
الابتزازي وأبواقه الشرقية

كاظم فنجان الحمامي

كلنا يعرف (الشرقية)، ويعرف أهدافها المعلنة والمخفية والابتزازية، فقد تبين لنا الخيط الوطني من الخيط التآمري. وكلنا يدرك مخاطر برامجها المشفرة استفزازياً بقصد الإساءة للعراق وأهله، وندرك أيضاً الآثار السلبية لنظرتها الأحادية، وانحيازها لشريحة بعينها من الشعب، ونشعر بتجاهلها للشرائح الأخرى. لكننا لم نكن نتصور أن يصل بها التسويق الإعلامي العابث إلى التضليل، الذي انتبذت به من العراقيين مكانا غربياً، فتحركت بعكس اتجاه بوصلتها الشرقية لتقلب الحقائق رأساً على عقب، وتتقاطع مع وحدتنا ولُحمتنا وتكاتفنا.
لطالما تفاخرت (الشرقية) بنكهتها الموصلية المعطرة بعبق جذورها الآشورية والكلدانية والحضرية، لكنها كانت في طليعة الفضائيات، التي ظلت تتجاهل ما حل بالمسيحيين والأيزيديين من مآسي ومصائب وكوارث حتى يومنا هذا.
وهي الفضائية العراقية الأولى التي لا تسمي الأشياء بمسمياتها، فهي تطلق على داعش (تنظيم الدولة الإسلامية)، وتطلق كلمة (ميليشيات) على الحشود الوطنية الشعبية. وهي الفضائية الوحيدة التي لم تشر لا من بعيد ولا من قريب لمعاول التخريب والتفجير التي طالت المساجد والكنائس والمعابد، ونبشت قبور الأنبياء وأضرحتهم المطهرة، وشملت المتاحف والجامعات ومراكز البحث العلمي.
لم تتحدث (الشرقية) في يوم من الأيام عن قوافل السبايا والمغتصبات من بنات الموصل، ولم تتحدث عن غربة العوائل المسيحية الهائمة في البراري والوديان، حتى لا تتسبب بإزعاج الدواعش، أو بإزعاج أربابهم الذين علموهم النحر والسحل والقتل على الهوية. فانسلخت من عراقيتها وشرقيتها وعروبتها وإنسانيتها، وراحت تلفق الأخبار، وتقلب الحقائق، وتشوه صورة الشعب العراقي.
يتفاخر (البزاز) الآن باكتسابه الجنسية البريطانية، ويكشر عن أنياب طائفية حادة. يهاجم بها كل شريف من أبناء الشعب العراقي، ويروج عبر برامجه لقيام الشرق الأوسط الجديد في قلب الوطن العربي، فكانت قناته مصدراً مزعجاً للعراق وشعبه بما تبثه من سموم طائفية مؤذية. لا يشعر بها المواطن غير المتعلم، ولا يكترث لها المواطن المثقف.
مما لا ريب فيه أن البزاز أول من مارس الإبتزاز الطائفي بتقسيماته المثبتة في بوصلته الشرقية، عندما قسّم العراق إلى ثلاث مناطق. الأولى: كردية، والثانية: ذات أغلبية سنية، والثالثة: ذات تواجد شيعي. بهذه التقسيمات تتحدث الشرقية، وعلى إيقاعات الطائفية البغيضة تعزف نعيق التنافر والتناحر، لتطلق حملاتها المناوئة لتطلعات الشعب العراقي كله. تطل علينا الشرقية هذه الأيام بمذيعاتها الحسناوات، لتنقل بعض المقاطع الفيديوية المنتخبة لأرملة تمارس التسول في الشارع. فتتحول إلى مادة رئيسة تلوك بها ألسن المذيعات، وتجترها النشرات الإخبارية المنطوقة والمرئية، بمتوالية متكررة تستمر لأيام وأيام، لكنها لم ترصد لنا صورة واحدة لحرائرنا اللواتي تعرضن للبيع في أسواق النخاسة وسط مدينة الموصل، التي تنتشر فيها الفرق الإعلامية التابعة للشرقية، ولم تنقل لنا لقطة واحدة للأمهات الأيزيديات والمسيحيات اللواتي يفترشن الأرض في الجبال والوديان القريبة من الموصل. فوطنية البزاز ترسمها فرشاته الانتقائية، وتبثها استوديوهاته التحريضية، ولن يهدأ له بال حتى يمزقنا ويبعثرنا بأبواقه التضليلية.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين