المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دولة شعارها العدل أساس المُلك



كاظم فنجان الحمامي
08/05/2015, 11:10 AM
دولة شعارها العدل أساس المُلك

كاظم فنجان الحمامي

دولة أوربية جديدة شعارها: (العدل أساس المُلك)، وبلدان إسلامية عريقة تمزقها خناجر الظلم، وترعبها متفجرات المنظمات الظلامية. هكذا هو حال الدنيا في هذا الزمن الأغبر، الذي صارت فيه الطائفية هي المعيار القياسي الفاصل في التفريق بين الناس، وصار فيه أصحاب العقول المشفرة هم الذين يقودون الأمة نحو حتفها، وهم الذين يرمونها في منزلقات الضياع والانقراض. وإلا بماذا تفسرون هذه الويلات التي صبت حممها فوق رؤوسنا في سوريا والعراق واليمن ؟، وما الذي اقترفتاه من ذنب حتى يكون مصيرنا بين التحقير والتهجير والتفجير والتكفير ؟. ولماذا نتعرض للفناء بخناجر الأخوة الأعداء، التي تخصصت بصناعة الموت والدمار، بينما يسعى العالم كله نحو التلاحم والتعاضد، ونحو إرساء قواعد العدل والإنصاف كلما كان ذلك ممكناً ومتاحاً من النواحي العملية والأخلاقية، فقد ظهرت دولة جديدة في قلب أوربا. تأسست في منتصف الشهر الماضي، وعلى وجه التحديد في الثالث عشر من نيسان (أبريل) 2015. أطلق عليها اسم (جمهورية ليبرلاند الحرة) في منطقة متنازع عليها من كرواتيا وصربيا، ولم يصلا إلى أي أتفاق، ليقوم بتأسيسها (فيت جيدليكا Vit Jedlicka) بمواصفات قريبة من مواصفات المدينة الفاضلة، وهو الآن يحث الخطى في البحث عن مواطنين ينتمون لدولته، شريطة أن يكونوا من مختلف الأعراق والجنسيات، وليسوا من ذوي السوابق. من دون تمييز طائفي، ومن دون فوارق عرقية. وستضمن الدولة لمواطنيها الأمن والاستقرار والعدل والمساواة، وقد باشرت بتسجيل الراغبين بالانتماء إليها على الموقع التالي:-
http://liberland.org/en/main/
تبلغ مساحة (ليبرلاند) سبعة كيلومترات مربعة، أي أقل بثلاثة كيلومترات من مساحة المنطقة الخضراء، التي أسستها قوات الاحتلال الأمريكية في بغداد، بعد غزوها العراق عام 2003، وهي من أقوى المواقع الحصينة، وفيها أهم مقار الحكومة، وبعض المنظمات والوكالات الأجنبية. لكنها كانت الوكر الذي انطلقت منه شرارة المحاصصة الطائفية والعرقية، وربما تتحمل الوزر الأكبر في تعطيل العملية السياسية، وما ترتب عليها من تصدع وتشرذم وتفكك وتباعد وتناحر، فنموذج دولة المحاصصة الطائفية التي انبثقت من المنطقة الخضراء، هو الذي هشم المقومات السياسية، وحال دون خلق المشترك الوطني، والهوية الوطنية المعبرة عن عامة الشعب.
لقد أدى التخندق الطائفي والتعصب العرقي إلى تنامي الشعور بالغبن والدونية لدى معظم القوميات والمذاهب الأخرى في عموم الأقطار العربية، فعزز لديها الشعور بالاستعباد والاستبعاد، وحال دون اندماجها الحقيقي في الدولة، ثم قادها ذلك إلى الانكفاء والغربة بين جدران الوطن. لم يعد نموذج الكيانات المحتكرة للسلطة على أساس من الأكثرية أو الأقلية العرقية أو الطائفية أو القبلية بقادر على الصمود، إنه عصر انهيار السلطات التقليدية، التي احتكرت الدولة والسلطة والثروة، وهو الذي أدى إلى توسع الثغرات وتزايد الهفوات. والله يستر من الجايات.
https://www.youtube.com/watch?v=u-Yla48UQxs