محمد فؤاد منصور
11/05/2007, 01:32 AM
أحلام الشبراوى
--------------------
بقلم: دكتور/محمد فؤاد منصور
الأسكندرية
m_mansour47@hotmail.com
-------------------------------------
منذ لمح الأستاذ الشبراوى ذلك الشاب اليافع يدخل من باب المدرسة للمرة الأولى قدّر فى نفسه أنه لابد أن يكون المدرس الجديد الذى سينضم إلى مرءوسيه من مدرسى الرياضيات بالمدرسة فاستقبله هاشاً باشاً ولأمر ما تذكر المشادة اليومية التى تنشب بينه وبين زوجته تحية مع أن الموقف لم يكن يحتمل هذا الطيف العارض فاليوم الدراسى مايزال فى أوله وأمامه مسئوليات الأشراف على تنظيم دخول التلاميذ إلى فصولهم فى هدوء وإنضباط.
تقدم منه الشاب فى أدب ظاهر ومد يده مصافحاً فلفت إنتباهه سنّه الصغير وحياءه الزائد فأدرك أن طيف تحية لم يزره عبثاً فهى دائماً ما توجه له اللوم على تقصيره وعدم حنكته فى إصطياد عريس مناسب لأبنتهم إحسان التى أوشك قطار الزواج أن يفوتها بالرغم من أنّه مدرس أول وتحت إمرته العديد من الشبان صغار السن.
مشكلة الشبراوى الكبرى كانت فى كيفية الدخول إلى الموضوع دون أن يستشعر الحرج، هل يكون ذلك بشكل مباشر وبلا مقدمات كأن يهتف به فجأة " عندى عروسة تصلح لك.."
أشمأز الشبراوى من الفكرة وسارع بأستبعادها فهو لايكاد يعرف الشاب ومثل هذا السلوك يظهره كتاجر يحاول التخلص من بضاعة أصابها الكساد إلى جانب أن العرض يتطلب علاقة حميمية تزيل الحواجز وترفع الحرج مما لايسمح به كونه رئيساً للعمل فضلاً عن فارق السن الذى لايسمح بتجاوز حدود العلاقة بين الرئيس والمرءوس.
قدم للوافد الجديد كرسياً وأشار إليه أن يتفضل بالجلوس وهو يقدّم نفسه:
- مخلص الشبراوى مدرس أول الرياضيات.
- تشرفنا ياأستاذ مخلص أنا إحسان عبد الحميد جئت من الأدارة التعليمية.
أراد الزائر أن يكمل لكنّ الشبراوى قاطعه بحماس وأريحية
- ولاكلمة ياأستاذ إحسان لابد أولاً أن تشرب شيئاً .
- أشكرك ياأستاذ شبراوى لقد جئت..
عاد الشبراوى لمقاطعته بحماس أشد وقال وهو يشير لأحد العمال
- ليس قبل أن نقوم بالواجب هذه هى الأصول.
كأنما ساق له القدر الظروف المناسبة ليبدأ ماأنتواه هاهو شاب يحمل نفس أسم أبنته ستكون تلك المصادفة مدخلاً هائلاً لما عقد عليه العزم فليبدأ أذن فى إظهار كرمه الحاتمى.
"ياما أنت كريم يارب" هاهى الأقدار تتحفه بمدخل مناسب لم يكن فى الحسبان ،من جديد طاف برأسه خيال تحية وهى تبارك ذكاءه وتمتدح حنكته حين يزف إليها نبأ عثوره على عريس مناسب.
- أسم حضرتك إحسان يامحاسن الصدف إن أبنتى أيضاً أسمها إحسان.
لم يلحظ الشبراوى مافى حديثه من" جليطة" ،كان متعجلاً للوصول إلى هدفه من أقصر الطرق تعكّر وجه الزائر قليلاً واجاب بإقتضاب:
- نعم ياأستاذ شبراوى ذلك هو أسمى.
ثم فيما يشبه الدفاع عما تصوره يدور فى رأس الشبراوى
- لاتنس أنّ هناك كثيراً من الأسماء المشتركة بين الرجال والنساء كرجاء وسناء وعصمت ألخ..ألخ.
فطن الأستاذ الشبراوى إلى ماأثارته الملاحظة التى كانت ستفتح له الطريق إلى مايريد فأسرع يستدرك قبل أن تضيع الفرصة.
- طبعاً..طبعاً العفو ياأستاذ إحسان كنت أقصد .. أعنى أننى ..
أرتبك الشبراوى حين أوشكت البداية أن تفلت من يده فى موقفه للدفاع عما يقصد فسارع بأستئناف مابدأه
- ومع ذلك فإن إحسان أبنتى أفضل من جميع الشباب الّذين أعرفهم إنها خريجة جامعية شابة ومقبولة الشكل إلى جانب كونها "ست بيت" من الطراز الرفيع.
هزّ الشاب رأسه فى تسليم وتمتم.
- عظيم..عظيم ، هل حضر السيد المدير؟
يوشك اللعين أن يغيّر الموضوع ومع ذلك فما تزال الفرصة سانحة هكذا حدّثته نفسه فتجاوز السؤال عن عمد وأجاب فى سرعة
- مايزال الوقت مبكراً إنها فرصة لنتعرف أكثر حتى يصل السيد المدير.
ثم عاد إلى مابدأه بقوله
- كل الشباب أمثالك يتعجلون العمل هذه هى روح الشباب الحقة
ثمّ أضاف متعمداً الخطأ
- فرص العمل هنا كثيرة ياأستاذ حسن.
ضغط على الأسم الأخير كأنما يلفت أنتباهه للخطأ المقصود فسارع الزائر للتصحيح
- أسمى إحسان يبدو أنك سريع النسيان يا أستاذ شبراوى
خبط جبهته بباطن يده وكأنما تذكر خطأه للتو وفى لهجة تمثيلية مقصودة قال
-آسف يا أستاذ إحسان ماكان يجب أن أخطئ فى الأسم مع أنه أسم أبنتى من الآن سأعتبرك من الأسرة طالما تشترك فى الأسم مع أحد أفرادها
عاود إحسان هز رأسه وأبتسم أبتسامة لامعنى لها ثمّ كست ملامحه جدية مفاجئة وسأل فى إهتمام:
- قلت إن فرص العمل هنا كثيرة؟
بدا للشبراوى أن صيده الثمين قد بدأ فى إبتلاع الطعم فراح يغريه أكثر
- أكثر مماتتصور الدروس الخصوصية عندنا على"قفا من يشيل" كما يقال
ثم ّ كمن تذكر أمراً هاماً أقترب بكرسيه من أذن الضيف حتى يحكم خطته:
- سيكون بإمكانك أن تتزوج فى ظرف شهور معدودة لاشئ هنا أسمه حصص ودروس ووجع قلب .
أوشك أن يضيف إن العروس موجودة وجاهزة لكنه تريث حتى يتمكن من الصيد أكثر على حين سأل الأستاذ إحسان وقد بدا عليه الأهتمام بالأمر:
- وهل يفضل التلاميذ الدروس الخصوصية على الحصص العادية؟!
- التلاميذ لاشأن لهم بهذا نحن نجبرهم إجباراً ومن لايعجبه فليتفضل بطلب النقل إلى مدرسة أخرى هذه هى سياسة المدرسة.
عند هذا الحد دخل إلى الغرفة الأستاذ عفيفى مدير المدرسة فنهض الشبراوى وأحاط الأستاذ إحسان بذراعه ليقدمه للمدير بحميمية لاتناسب الموقف:
- الأستاذ أحمد عفيفى مدير المدرسة أقدم لسيادتك الأستاذ إحسان مدرس الرياضيات الجديد
بينما مد الأستاذ عفيفى يده ليصافح الزائر سارع الضيف يصحح ماقاله الشبراوى
- عفواً ياأستاذ أنا محقق من الأدارة التعليمية جئت أبحث شكوى إجبار التلاميذ على الدروس الخصوصية.
سقط ذراع الأستاذ الشبراوى إلى جانبه وعاد للجلوس على كرسيه وهوينظر ذاهلاً فيما أمامه.
******************************
دكتور/محمد فؤاد منصور
الأسكندرية
4/5/2007
--------------------
بقلم: دكتور/محمد فؤاد منصور
الأسكندرية
m_mansour47@hotmail.com
-------------------------------------
منذ لمح الأستاذ الشبراوى ذلك الشاب اليافع يدخل من باب المدرسة للمرة الأولى قدّر فى نفسه أنه لابد أن يكون المدرس الجديد الذى سينضم إلى مرءوسيه من مدرسى الرياضيات بالمدرسة فاستقبله هاشاً باشاً ولأمر ما تذكر المشادة اليومية التى تنشب بينه وبين زوجته تحية مع أن الموقف لم يكن يحتمل هذا الطيف العارض فاليوم الدراسى مايزال فى أوله وأمامه مسئوليات الأشراف على تنظيم دخول التلاميذ إلى فصولهم فى هدوء وإنضباط.
تقدم منه الشاب فى أدب ظاهر ومد يده مصافحاً فلفت إنتباهه سنّه الصغير وحياءه الزائد فأدرك أن طيف تحية لم يزره عبثاً فهى دائماً ما توجه له اللوم على تقصيره وعدم حنكته فى إصطياد عريس مناسب لأبنتهم إحسان التى أوشك قطار الزواج أن يفوتها بالرغم من أنّه مدرس أول وتحت إمرته العديد من الشبان صغار السن.
مشكلة الشبراوى الكبرى كانت فى كيفية الدخول إلى الموضوع دون أن يستشعر الحرج، هل يكون ذلك بشكل مباشر وبلا مقدمات كأن يهتف به فجأة " عندى عروسة تصلح لك.."
أشمأز الشبراوى من الفكرة وسارع بأستبعادها فهو لايكاد يعرف الشاب ومثل هذا السلوك يظهره كتاجر يحاول التخلص من بضاعة أصابها الكساد إلى جانب أن العرض يتطلب علاقة حميمية تزيل الحواجز وترفع الحرج مما لايسمح به كونه رئيساً للعمل فضلاً عن فارق السن الذى لايسمح بتجاوز حدود العلاقة بين الرئيس والمرءوس.
قدم للوافد الجديد كرسياً وأشار إليه أن يتفضل بالجلوس وهو يقدّم نفسه:
- مخلص الشبراوى مدرس أول الرياضيات.
- تشرفنا ياأستاذ مخلص أنا إحسان عبد الحميد جئت من الأدارة التعليمية.
أراد الزائر أن يكمل لكنّ الشبراوى قاطعه بحماس وأريحية
- ولاكلمة ياأستاذ إحسان لابد أولاً أن تشرب شيئاً .
- أشكرك ياأستاذ شبراوى لقد جئت..
عاد الشبراوى لمقاطعته بحماس أشد وقال وهو يشير لأحد العمال
- ليس قبل أن نقوم بالواجب هذه هى الأصول.
كأنما ساق له القدر الظروف المناسبة ليبدأ ماأنتواه هاهو شاب يحمل نفس أسم أبنته ستكون تلك المصادفة مدخلاً هائلاً لما عقد عليه العزم فليبدأ أذن فى إظهار كرمه الحاتمى.
"ياما أنت كريم يارب" هاهى الأقدار تتحفه بمدخل مناسب لم يكن فى الحسبان ،من جديد طاف برأسه خيال تحية وهى تبارك ذكاءه وتمتدح حنكته حين يزف إليها نبأ عثوره على عريس مناسب.
- أسم حضرتك إحسان يامحاسن الصدف إن أبنتى أيضاً أسمها إحسان.
لم يلحظ الشبراوى مافى حديثه من" جليطة" ،كان متعجلاً للوصول إلى هدفه من أقصر الطرق تعكّر وجه الزائر قليلاً واجاب بإقتضاب:
- نعم ياأستاذ شبراوى ذلك هو أسمى.
ثم فيما يشبه الدفاع عما تصوره يدور فى رأس الشبراوى
- لاتنس أنّ هناك كثيراً من الأسماء المشتركة بين الرجال والنساء كرجاء وسناء وعصمت ألخ..ألخ.
فطن الأستاذ الشبراوى إلى ماأثارته الملاحظة التى كانت ستفتح له الطريق إلى مايريد فأسرع يستدرك قبل أن تضيع الفرصة.
- طبعاً..طبعاً العفو ياأستاذ إحسان كنت أقصد .. أعنى أننى ..
أرتبك الشبراوى حين أوشكت البداية أن تفلت من يده فى موقفه للدفاع عما يقصد فسارع بأستئناف مابدأه
- ومع ذلك فإن إحسان أبنتى أفضل من جميع الشباب الّذين أعرفهم إنها خريجة جامعية شابة ومقبولة الشكل إلى جانب كونها "ست بيت" من الطراز الرفيع.
هزّ الشاب رأسه فى تسليم وتمتم.
- عظيم..عظيم ، هل حضر السيد المدير؟
يوشك اللعين أن يغيّر الموضوع ومع ذلك فما تزال الفرصة سانحة هكذا حدّثته نفسه فتجاوز السؤال عن عمد وأجاب فى سرعة
- مايزال الوقت مبكراً إنها فرصة لنتعرف أكثر حتى يصل السيد المدير.
ثم عاد إلى مابدأه بقوله
- كل الشباب أمثالك يتعجلون العمل هذه هى روح الشباب الحقة
ثمّ أضاف متعمداً الخطأ
- فرص العمل هنا كثيرة ياأستاذ حسن.
ضغط على الأسم الأخير كأنما يلفت أنتباهه للخطأ المقصود فسارع الزائر للتصحيح
- أسمى إحسان يبدو أنك سريع النسيان يا أستاذ شبراوى
خبط جبهته بباطن يده وكأنما تذكر خطأه للتو وفى لهجة تمثيلية مقصودة قال
-آسف يا أستاذ إحسان ماكان يجب أن أخطئ فى الأسم مع أنه أسم أبنتى من الآن سأعتبرك من الأسرة طالما تشترك فى الأسم مع أحد أفرادها
عاود إحسان هز رأسه وأبتسم أبتسامة لامعنى لها ثمّ كست ملامحه جدية مفاجئة وسأل فى إهتمام:
- قلت إن فرص العمل هنا كثيرة؟
بدا للشبراوى أن صيده الثمين قد بدأ فى إبتلاع الطعم فراح يغريه أكثر
- أكثر مماتتصور الدروس الخصوصية عندنا على"قفا من يشيل" كما يقال
ثم ّ كمن تذكر أمراً هاماً أقترب بكرسيه من أذن الضيف حتى يحكم خطته:
- سيكون بإمكانك أن تتزوج فى ظرف شهور معدودة لاشئ هنا أسمه حصص ودروس ووجع قلب .
أوشك أن يضيف إن العروس موجودة وجاهزة لكنه تريث حتى يتمكن من الصيد أكثر على حين سأل الأستاذ إحسان وقد بدا عليه الأهتمام بالأمر:
- وهل يفضل التلاميذ الدروس الخصوصية على الحصص العادية؟!
- التلاميذ لاشأن لهم بهذا نحن نجبرهم إجباراً ومن لايعجبه فليتفضل بطلب النقل إلى مدرسة أخرى هذه هى سياسة المدرسة.
عند هذا الحد دخل إلى الغرفة الأستاذ عفيفى مدير المدرسة فنهض الشبراوى وأحاط الأستاذ إحسان بذراعه ليقدمه للمدير بحميمية لاتناسب الموقف:
- الأستاذ أحمد عفيفى مدير المدرسة أقدم لسيادتك الأستاذ إحسان مدرس الرياضيات الجديد
بينما مد الأستاذ عفيفى يده ليصافح الزائر سارع الضيف يصحح ماقاله الشبراوى
- عفواً ياأستاذ أنا محقق من الأدارة التعليمية جئت أبحث شكوى إجبار التلاميذ على الدروس الخصوصية.
سقط ذراع الأستاذ الشبراوى إلى جانبه وعاد للجلوس على كرسيه وهوينظر ذاهلاً فيما أمامه.
******************************
دكتور/محمد فؤاد منصور
الأسكندرية
4/5/2007