المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشعب يريد تقسيم العراق



كاظم فنجان الحمامي
19/05/2015, 09:28 PM
الشعب يريد تقسيم العراق

كاظم فنجان الحمامي

لسنا واهمين إذا اعترفنا بأننا من الشعوب الذين يهدمون بشمالهم ما بنوه بيمينهم، ويردمون بأرجلهم ما حفروه بأظافرهم، ويخربون بيوتهم بأيديهم من دون اكتراث لما سيحل بهم بعد تقسيم وطنهم وتجزئته. فالوارث الأكبر لهذه الازدواجية القديمة هو نحن أنفسنا، لأننا وبكل بساطة جزء من الشعب الذي أراد أن يجمع بين انتصاره لطائفيته التي تدعوه للتخندق، وانتصاره لأهدافه الوطنية المصيرية، التي توجب عليه التمسك بوحدة أرضه وشعبه بجميع مكوناته. فالطائفية كالزنا. نلعنها أمام الناس، ونمارسها في الخفاء.
نتأرجح بين الولاء للعراق والرضوخ لأعداء العراق. نبدي تذمرنا الدائم من التناحر ونحن الوقود الذي أشعل فتيل التنافر. نشكو الفرقة ومع ذلك لا نكلف أنفسنا مشقة السعي نحو توحيد صفوفنا، وتقريب توجهاتنا بكل تناقضاتها الموروثة. ننتقد الحكومة ونستخف بقراراتها، ونحن الذين انتخبناها واخترناها وصفقنا لفوز عناصرها في الانتخابات. نتظاهر بشجب دعوات التقسيم في الوقت الذي نحفز فيه أولادنا بشحنات التعبئة ضد الآخر. نكره الجواسيس والتجسس، ونبغض العملاء والخونة، لكن بعضنا يتسامحون كثيراً مع الذين يولون وجوههم صوب الذين غدروا بنا وطعنونا في ظهورنا. نحارب أنفسنا، ونقنع بعضنا أننا على حق، ونستعد لبذل المستحيل من أجل ذلك، ثم نتنازل بسرعة، وربما نتستر على بعضنا على الرغم من أننا متأكدون أنهم ضد الوطن والمجتمع بذريعة انتمائهم إلى جهات سياسية وتنظيمية فرضت نفسها بالترهيب. وإن رفع أحدنا راية الثورة ضد التقسيم نعتبره من الخارجين عن الوطن وضد المصلحة القومية أو الطائفية فنحاربه.
هنالك فجوات كبيرة في عقولنا. بين ما نقوله وما نفعله. ولهذه الفجوات الكثير من الدلائل الملموسة، فالازدواجية التي نمارسها في حياتنا اليومية هي التي جلبت لنا الويلات والكوارث، ووضعتنا أمام اختبارات قاسية كان فيها الفشل الذريع من نصيبنا. فأصبحنا مثلما وصفنا سيد البلغاء بقوله: (مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ، وَأَهْوَاءٌ مُنْتَشِرَةٌ، وَطَرَائِقُ مُتَشَتِّتَةٌ).
تعالت في الآونة الأخيرة الأصوات المطالبة بالتقسيم لأسباب تعرفونها. حتى صار التقسيم فاكهة المهاترات اليومية على موائد السيرك السياسي. في الوقت الذي يبدي فيه الأكراد عدم اكتراثهم بما يدور حولهم داخل العراق، وكأنهم لا ينتمون إلينا، فقد أنصبت اهتماماتهم هذه الأيام على المسار الأخطر في بحار دعوات التقسيم، لأنه المسار الذي يرسم صورة دولتهم الكردية التي يحلمون بها منذ قرون، فالتقسيم والانفصال يمثل أهم أهدافهم المصيرية حتى لو تهشم العراق كله.
من هنا نستنتج أن العوامل الخارجية لم تنجح في تقسيمنا وبعثرتنا. بقدر ما نجحت العوامل الداخلية المتمثلة بمواقفنا الوطنية المتناقضة مع أبسط مقومات الثبات والبقاء والتماسك والصمود بوجه المخططات المشبوهة. فنقاط ضعفنا تكمن في نفوسنا نحن، وفي عجزنا وعدم قدرتنا على مقاومة عوامل التفكك الداخلي، التي تغلغلت في أوساطنا الاجتماعية بفعل هذا الكم الهائل من الفضائيات التي ظلت تنفخ في نيران الفتنة حتى يومنا هذا. وبفعل حملات التضليل والتأجيج والتحريض، التي تقودها العواصم المتحالفة ضدنا. ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. والله يستر من الجايات.