المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متى تغضب أنت يا صاحب السمو ؟



كاظم فنجان الحمامي
11/06/2015, 11:00 AM
متى تغضب أنت يا صاحب السمو ؟

كاظم فنجان الحمامي

أغرب ما تمر به أمتنا اليوم هو هذا التناقض العجيب الذي يستفز المواطن العربي بين أقوال زعماء النفط والغاز، وبين أفعالهم ومواقفهم السياسية المخالفة للأصول والأعراف الإنسانية. أما الجزء المثير في هذا التناقض. هو عندما يتقمص زعماء الأنظمة العربية أدوار الفقهاء، ويتظاهرون بخدمة الدين والعقيدة. أو عندما يتحولون على الورق إلى مجاهدين وثوريين ومناضلين بألقاب كاذبة وعناوين زائفة ونياشين رخيصة. يمنحونها لأنفسهم من وقت لآخر لتعظيم مكانتهم وإعلاء شأنهم، فذاكرتنا المزدحمة بالمآسي تمتلئ بمجموعة هائلة من ألقاب التمجيد. من مثل: العابد الفقير، وعبد الله المؤمن، وخادم الحرمين، والسلطان العادل، وحامل راية الحق.
ويكاد يكون الشيخ محمد بن راشد آخر المتبجحين بالثورية الكارتونية بقصيدته الجديدة، التي حملت عنوان (رسالة إلى الأمة)، والتي تحولت مؤخراً إلى نشيد وطني من ألحان (فهد الناصر)، وغناء لطفي بوشناق ولطيفة التونسية. يقول مطلع القصيدة:
ما يَصنَعُ الشّعرُ فينا أيها العَرَبُ
ما دامَ قدْ مات في أرواحنا الغَضَبُ
وأينَ مِنا يدُ التَّاريخِ توقظنا
فرُبَّما القومُ ناموا بعدَما تَعِبوا
وأيُّ سيفٍ نضوناه لنكبتنا
حتى ولو كان سيفاً أصلُه لُعبٰ
يا أمَّةَ الشَّجبِ والتنديدِ ما صنعت
فينا بطولاتُ منْ دانوا ومن شجبوا
عجبت من حالنا والدهرُ يسألني
أهؤلاءِ هم الأخيارُ والنجبُ؟!
وأينَ ما كانَ منْ أحلامِ وَحدَتنا
وَما مَضَغْناهُ حتَّى مَلَّتِ الخُطَبُ
لو كان كاتب هذه الكلمات غير محمد بن راشد لأخذنا له تعظيم سلام، ورددنا معه كلمات هذه الأنشودة الحماسية المشحونة بالغضب، لكن كاتبها أمير من أمراء الأقطار التي أسرجت وألجمت وزحفت مع الغزاة والزاحفين لدك حصون بغداد والبصرة، وكاتبها لم يشجب ولم يندد، ولم يعترض على الأساطيل التي استولت في مضيق هرمز على جزر بلاده، وصادرتها بالقوة منذ عقود. وكاتبها يمنع نزول أي بحار عربي في موانئ بلاده، وبخاصة عندما يكون هذا البحّار من السوريين أو العراقيين. وكاتبها يمتلك صلاحية إصدار القرار الحاسم لحل مشكلة (البدون العرب)، الذين ولدتهم أمهاتهم فوق أرض الإمارات، ويعيشون الآن في أتعس الظروف، من دون هوية تعريفية، وكاتب كلمات هذا النشيد اللاوطني سبق له أن أبدى تأييده للقرار الجائر الذي أصدرته حكومته، عندما قررت تسفير (عرب البدون) إلى جزر القمر.
ختاماً نقول: لو كان الشاعر (أحمد مطر) هو الذي كتب هذه القصيدة لما اضطررنا لكتابة هذه المقالة. ولو كان كاتبها (تميم البرغوثي) أو (أدونيس). أو أي شاعر من شعراء الوجع العربي المزمن لصدحت حناجرنا معه، لكن كاتبها رجل لا يغضب إلا عندما يمرض حصانه الأدهم.