المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قطط البيت الإسلامي



كاظم فنجان الحمامي
13/07/2015, 09:07 AM
قطط البيت الإسلامي

كاظم فنجان الحمامي

لا نريد التطرق لتلك القطط السياسية التي دخلت التاريخ من أضيق زواياه، فقد أصبحت القطة (دوروثيا) من أشهر قطط البيت الأبيض، باعتبارها القطة المدللة لعائلة الرئيس الأمريكي أوباما وزوجته ميشيل. وكانت للرئيس الأمريكي الأسبق لنكولن قطته (تابي)، وكان وينستون تشرشل مولعا بقطته (كول). وربما انفردت انجلترا بتعيين قطة تعمل بدرجة (Chief mouser seat of government) في منزل رئيس الوزراء لمطاردة الفئران المتطفلة على حكومة التاج البريطاني.
ليس هذا موضوعنا بالضبط، فالقطط الإسلامية التي أقحمت نفسها في شؤون البيت العربي تختلف تماما عن تلك القطط الغربية، فقد أثبتت الوقائع الملموسة على الأرض أن العرب تركوا ثغورهم ومضاربهم مفتوحة على مصاريعها، فتسللت منها القطط الفارسية والقطط التركية، التي تناسلت وتكاثرت وتضخمت، مستغلة الكوارث المتوالية التي عصفت بالبيت العربي، وتركته فريسة لظواهر التفريس والتتريك. فاجتاحته قطعانها بألوان ومجاميع لا تخطر على بال الجن الأزرق.
صار من المألوف مشاهدة القطط التركية والقطط الفارسية وهي تمارس ألعابها المفضلة بين الخرائب السورية، أو تتنطط وتتقافز على هواها خلف الحدود العراقية، وربما نشاهد آثارها في الجبال اليمنية. بينما انقسمت البيوت العربية السياسية بين التعامل المرن مع هذا النوع، أو التعامل بحذر شديد مع النوع الآخر. في الوقت الذي اختفت فيه القطط العربية، ولم يعد لها وجود. لا في الثغور، ولا في الجحور.
كانت بصمات التعريب هي العلامة الفارقة في دفاتر الأقوام والشعوب المنتشرة في الأصقاع الممتدة من أسوار الصين إلى قلاع الفايكنغ، ومن ثلوج سيبيريا إلى الغابات الاستوائية. لكنها اختفت الآن للأسف الشديد، وطغت عليها بصمات التتريك والتفريس، فأخذت تلك القطط نصيبها من الخبث، وهكذا تحولت مدننا إلى حاضنات طبيعية لكل أنواع القطط الدخيلة، التي تسللت إلينا بعد سنوات الخراب العربي.
بات واضحاً أن ميزان القوى المهيمنة في المنطقة لم يعد في صالحنا نحن العرب. بمعنى أن العواصم العربية فقدت قدراتها في خضم هذه الفوضى العارمة التي دمرتها، وبالتالي فقدت قوتها اللازمة لحسم قضايانا المصيرية. وربما وصلت الأحوال السيئة إلى أبعد ما يمكن تصوره، خصوصا بعدما أصبحت بعض البلدان العربية مهددة بالتقسيم والتجزئة، وغير قادرة على الاحتفاظ بكيانها القديم كدولة موحدة.
أصبحت الساحة العربية من أكبر الساحات المعدة لاستقبال كل القطط الضارية المرشحة لخوض معاركها الشرسة فوق أرضنا. وسوف نكتشف في الأيام القادمة أن مستقبلنا تحول إلى كرة خيطية صغيرة تتقاذفها القطط الأجنبية. وإلا بماذا تفسرون هذا التناحر والتنافس المحموم بين إيران وتركيا للفوز بصولجان القيادة في الشرق الأوسط ؟. وكيف تفسرون تحولنا نحن العرب إلى مادة تفاوضية في الجدل القائم بين تركيا وإيران ؟.