المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما الذي تغير حتى الآن ؟



كاظم فنجان الحمامي
10/08/2015, 12:18 AM
ما الذي تغير حتى الآن ؟

كاظم فنجان الحمامي

ما الذي تحقق من شعارات الكيانات السياسية التي رفعتها وتشدقت بها في الانتخابات السابقة ؟، وكم نسبة المتحقق منها بعد فوزها بالانتخابات ؟، وما هي المشاريع الوطنية الفعلية التي أنجزتها الحكومة على الصعيد العلمي أو الصناعي أو الزراعي أو التجاري أو الصحي أو الاجتماعي التي لمسناها على أرض الواقع ؟، وهل الفساد المستشري في جسد مؤسساتها الخدمية والإنتاجية يعد امتداداً لتراكمات الفساد الموروث ؟، أم أنه يمثل كبوة جديدة من كبوات التراجع إلى الوراء، وانتهاكا صارخا لكل مؤشرات النزاهة التي لطالما تظاهرت بها الكيانات المخادعة المختبئة خلف سواتر العفة المصطنعة ؟.
هذه التساؤلات وغيرها من الاستفسارات المصيرية التي فرضت نفسها بمرور الوقت كحالة من حالات اليأس والإحباط، صارت هي الشغل الشاغل لعامة الناس، نسمعهم يثيرونها باستمرار كلما اجتمعوا في السوق أو في المقهى أو في مجالسهم الخاصة، وما أكثر المظاهر السلبية التي تستفزهم وتثير غضبهم وتعكر أمزجتهم.
لا شيء يبعث على الارتياح، فكل ما نراه في مسلسل المشاهدات اليومية، يعكس صورة مؤلمة واحدة تشترك في مكوناتها المزرية لترسم ملامح الانحدار والتردي. حتى الهواء الذي نستنشقه صار فاسداً وملوثاً، وحتى الماء الذي يفترض أن نشربه فسد هو الآخر، ولم يعد مستساغا من حيث الطعم واللون والرائحة.
لا ريب أن تنظيف الدولة من مخلفات الفساد يشبه تنظيف الدرج، ينبغي أن يبدأ من الأعلى نزولا إلى الأسفل. لكننا اعتدنا منذ زمن بعيد على تنظيف الفساد من أسفل الدرج، فنحاسب الفقير ونغض النظر عن الوزير. نعاقب العامل المقصر، ولا نعاتب المدير المدمر. نوَّبخ صاحب المخبز الذي يغش في بيع الخبز والغذاء، ونرضخ لأسعار صاحب الصيدلية الذي يمارس أبشع أنواع التحايل في بيع الدواء. نصفع الموظف الذكي المعروف بمواهبه المهنية والتقنية لأنه أخطأ مرة واحدة في ورشته، ونصفق لمديره الغبي الذي لا يفهم شيئاً في عمله، ولا نعترض على الذين حذفتهم علينا رياح المحاصصة والمحسوبية والمنسوبية.
لا شك أن عدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب سيؤدي حتماً إلى تفشي الفوضى في أي موقع يشغله الشخص (غير المناسب)، فكيف يأتي التغيير على يد الذين لا يجيدون التغيير ؟، وكيف يمكن أن نصحح المسارات الخاطئة إذا كنا غير قادرين على منع تكرار المخالفات والانتهاكات ؟. وكيف نستطيع محاربة الفاسد إذا كان مديره وحزبه وعشيرته يوفرون له فرص الإفلات من العقوبة والمحاسبة والمسائلة ؟.
فمن أين يأتي التغيير إذا كان الحرامي يسرق علانية وفي ضوء النهار من دون أن يخشى أحد، ومن دون أن نحاول ردعه ومقاومته ؟، ومن أين يأتي التغيير إذا كنا نحن أنفسنا لا رغبة لنا بالتغيير، ولا نفكر في التغيير، ولا نطالب المفسدين بأبسط حقوقنا وأبسط استحقاقاتنا ؟.