عيسى جرابا
12/05/2007, 06:45 PM
زِنَادُ العَوَادِي
شعر: عيسى جرابا
يُكَلِّفُنِي مَا لا أُطِيْقُ زَمَانِيَا
فَمَا لَكَ يَا هَذَا الزَّمَانُ وَمَا لِيَا؟
قَدَحْتَ زِنَاداً لِلعَوَادِي فَأَشْعَلَتْ
شُجُوْنِي وَأَجْرَتْ مِنْ دُمُوْعِي غَوَادِيَا
يَغَصُّ فُؤَادِي بِالهُمُوْمِ وَكُلَّمَا
هَمَسْتُ لَهُ صَبْراً تَفَجَّرَ شَاكِيَا!
تُبَعْثِرُنِي الآهَاتُ تَرْسُمُ صُوْرَتِي
خَيَالاً بِلا مَأْوَى يَجُوْبُ الفَيَافِيَا
وَيَلْبَسُنِي اللَّيْلُ الضَّرِيْرُ فَيَنْتَشِي
وَيَسْتَلُّ مِنْ عَيْنِي رَفِيْفَ أَمَانِيَا
وَيُغْرِقُنِي فِي لُجَّةٍ لا أَرَى بِهَا
سِوَى سَحْنَةٍ سَوْدَاءَ تَجْتَرُّ مَا بِيَا
وَكَأْسٍ مِنَ الأَحْلامِ لَمَّا تَكَسَّرَتْ
بِعَيْنِي قَلَيْتُ العَيْشَ كَأْساً وَسَاقِيَا!
إِذَا لاحَ طَيْفٌ كَمْ أُنَادِي... وَإِنَّمَا
يُجَاوِبُنِي بِاليَأْسِ رَجْعُ نِدَائِيَا
كَأَنِّي وَهَذَا اللَّيْلَ فِي حَمْأَةِ الوَغَى
أَرَاعَكَ مُبْيَضُّ الثََّلاثِيْنَ بَادِيَا؟
يَقُوْلُوْنَ مَنْ تَرْثِي؟ فَتَضْحَكُ أَحْرُفِي...
وَمَاذَا جَنَى مَنْ صَاغَ تِلْكَ المَرَاثِيَا؟
وَإِنْ كَانَ مَا أَوْدَعْتُ فِيْهِ حُشَاشَتِي
رِثَاءً فَمَنْ أَرْثِي بِهِ غَيْرَ حَالِيَا؟
عَجِبْتُ لِهَذَا الدَّهْرِ لَيْسَ بِنَاقِدٍ
وَأَعْجَبُ مِنْهُ النَّقْدُ يُغْضِي مُحَابِيَا
فَيَسْتَبْدِلُ الدَّيْجُوْرَ بِالنُّوْرِ مُرْخِصاً
وَيَبْتَاعُ بِالتِّبْرِ التُّرَابَ مُغَالِيَا
وَمِيْزَانُهُ طَاشَتْ بِهِ كِفَّةُ النُّهَى
فَمَاذَا تَبَقَّى وَالهَوَى صَارَ قَاضِيَا؟!
وَفِطْرَتُهُ البَيْضَاءُ مَنْكُوْسَةٌ فَكَمْ
تَرَى رَأْسَهُ أَرْضاً وَرِجْلَيْهِ عَالِيَا
فَقُدَّامُهُ خَلْفٌ وَمَا فَوْقَ... تَحْتُهُ
وَإِنْ قِيْلَ ذِي يُمْنَاكَ قَالَ شِمَالِيَا!
يَفِيْضُ زُلالُ المَاءِ مِنْ بَيْنِ كَفِّهِ
وَمَازَالَ كَالمَحْمُوْمِ يَرْكُضُ صَادِيَا!
وَمَا الدَّهْرُ مَقْصُوْدِي وَلَكِنْ أُهَيْلُهُ
وَهَلْ يَسْمَعُ المَيْتُ المُسَجَّى المُنَادِيَا؟!
أَلا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ ضَاقَ الثَّرَى بِنَا؟
ونَحْنُ الثَّرَى نَسْعَى إِلَيْهِ خَوَالِيَا
أُقَلِّبُ طَرْفَ الفِكْرِ مَا كُنْتُ سَاخِطاً
عَلَى مَا أَرَى كَلا وَلا كُنْتُ رَاضِيَا
وَمَا بَيْنَ آلامِي وَآمَالِيَ اغْتَلَتْ
حُرُوْبٌ وَقَدْ أَبْلَيْتُ فِيْهَا رِدَائِيَا
تُوَبِّخُنِي الأَشْوَاقُ أَيْنَ أَحِبَّةٌ؟
وَتَصْفَعُنِي الأَحْدَاثُ أَلاَّ تَلاقِيَا
أُجَرْجِرُ خَلْفِي ذِكْرَيَاتٍ مَرِيْرَةً
وَأُخْرَى أُنَاغِي فِي سَنَاهَا عَزَائِيَا
وَلَسْتُ كَمَا قَالُوا... وَلَكِنْ مَشَاعِرٌ
تُلِحُّ عَلَى شِعْرِي فَيَنْسَابُ شَادِيَا
أَأَكْتُمُهُ؟ مَا لِي بِذَلِكَ حِيْلَةٌ
وَبَيْنَ ضُلُوْعِي مَا يَضِجُّ مَآسِيَا
وَلَوْلا حُدَاءٌ مِنْ فَمِ الشِّعْرِ مَا ارْتَقَتْ
نُفُوْسٌ وَلا لاقَى الشَّجِيُّ مُوَاسِيَا
وَمَا الشَّاعِرُ الإِنْسَانُ إِلا كَبُلْبُلٍ
شَدَا رَائِحاً مِنْ غَيْرِ مَنٍّ وَغَادِيَا
وَلِلشِّعْرِ رُوْحٌ لَوْ خَلَتْ مِنْ ضِيَائِهَا
قُلُوْبُ البَرَايَا لاسْتَحَالَتْ لَيَالِيَا
شعر: عيسى جرابا
يُكَلِّفُنِي مَا لا أُطِيْقُ زَمَانِيَا
فَمَا لَكَ يَا هَذَا الزَّمَانُ وَمَا لِيَا؟
قَدَحْتَ زِنَاداً لِلعَوَادِي فَأَشْعَلَتْ
شُجُوْنِي وَأَجْرَتْ مِنْ دُمُوْعِي غَوَادِيَا
يَغَصُّ فُؤَادِي بِالهُمُوْمِ وَكُلَّمَا
هَمَسْتُ لَهُ صَبْراً تَفَجَّرَ شَاكِيَا!
تُبَعْثِرُنِي الآهَاتُ تَرْسُمُ صُوْرَتِي
خَيَالاً بِلا مَأْوَى يَجُوْبُ الفَيَافِيَا
وَيَلْبَسُنِي اللَّيْلُ الضَّرِيْرُ فَيَنْتَشِي
وَيَسْتَلُّ مِنْ عَيْنِي رَفِيْفَ أَمَانِيَا
وَيُغْرِقُنِي فِي لُجَّةٍ لا أَرَى بِهَا
سِوَى سَحْنَةٍ سَوْدَاءَ تَجْتَرُّ مَا بِيَا
وَكَأْسٍ مِنَ الأَحْلامِ لَمَّا تَكَسَّرَتْ
بِعَيْنِي قَلَيْتُ العَيْشَ كَأْساً وَسَاقِيَا!
إِذَا لاحَ طَيْفٌ كَمْ أُنَادِي... وَإِنَّمَا
يُجَاوِبُنِي بِاليَأْسِ رَجْعُ نِدَائِيَا
كَأَنِّي وَهَذَا اللَّيْلَ فِي حَمْأَةِ الوَغَى
أَرَاعَكَ مُبْيَضُّ الثََّلاثِيْنَ بَادِيَا؟
يَقُوْلُوْنَ مَنْ تَرْثِي؟ فَتَضْحَكُ أَحْرُفِي...
وَمَاذَا جَنَى مَنْ صَاغَ تِلْكَ المَرَاثِيَا؟
وَإِنْ كَانَ مَا أَوْدَعْتُ فِيْهِ حُشَاشَتِي
رِثَاءً فَمَنْ أَرْثِي بِهِ غَيْرَ حَالِيَا؟
عَجِبْتُ لِهَذَا الدَّهْرِ لَيْسَ بِنَاقِدٍ
وَأَعْجَبُ مِنْهُ النَّقْدُ يُغْضِي مُحَابِيَا
فَيَسْتَبْدِلُ الدَّيْجُوْرَ بِالنُّوْرِ مُرْخِصاً
وَيَبْتَاعُ بِالتِّبْرِ التُّرَابَ مُغَالِيَا
وَمِيْزَانُهُ طَاشَتْ بِهِ كِفَّةُ النُّهَى
فَمَاذَا تَبَقَّى وَالهَوَى صَارَ قَاضِيَا؟!
وَفِطْرَتُهُ البَيْضَاءُ مَنْكُوْسَةٌ فَكَمْ
تَرَى رَأْسَهُ أَرْضاً وَرِجْلَيْهِ عَالِيَا
فَقُدَّامُهُ خَلْفٌ وَمَا فَوْقَ... تَحْتُهُ
وَإِنْ قِيْلَ ذِي يُمْنَاكَ قَالَ شِمَالِيَا!
يَفِيْضُ زُلالُ المَاءِ مِنْ بَيْنِ كَفِّهِ
وَمَازَالَ كَالمَحْمُوْمِ يَرْكُضُ صَادِيَا!
وَمَا الدَّهْرُ مَقْصُوْدِي وَلَكِنْ أُهَيْلُهُ
وَهَلْ يَسْمَعُ المَيْتُ المُسَجَّى المُنَادِيَا؟!
أَلا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ ضَاقَ الثَّرَى بِنَا؟
ونَحْنُ الثَّرَى نَسْعَى إِلَيْهِ خَوَالِيَا
أُقَلِّبُ طَرْفَ الفِكْرِ مَا كُنْتُ سَاخِطاً
عَلَى مَا أَرَى كَلا وَلا كُنْتُ رَاضِيَا
وَمَا بَيْنَ آلامِي وَآمَالِيَ اغْتَلَتْ
حُرُوْبٌ وَقَدْ أَبْلَيْتُ فِيْهَا رِدَائِيَا
تُوَبِّخُنِي الأَشْوَاقُ أَيْنَ أَحِبَّةٌ؟
وَتَصْفَعُنِي الأَحْدَاثُ أَلاَّ تَلاقِيَا
أُجَرْجِرُ خَلْفِي ذِكْرَيَاتٍ مَرِيْرَةً
وَأُخْرَى أُنَاغِي فِي سَنَاهَا عَزَائِيَا
وَلَسْتُ كَمَا قَالُوا... وَلَكِنْ مَشَاعِرٌ
تُلِحُّ عَلَى شِعْرِي فَيَنْسَابُ شَادِيَا
أَأَكْتُمُهُ؟ مَا لِي بِذَلِكَ حِيْلَةٌ
وَبَيْنَ ضُلُوْعِي مَا يَضِجُّ مَآسِيَا
وَلَوْلا حُدَاءٌ مِنْ فَمِ الشِّعْرِ مَا ارْتَقَتْ
نُفُوْسٌ وَلا لاقَى الشَّجِيُّ مُوَاسِيَا
وَمَا الشَّاعِرُ الإِنْسَانُ إِلا كَبُلْبُلٍ
شَدَا رَائِحاً مِنْ غَيْرِ مَنٍّ وَغَادِيَا
وَلِلشِّعْرِ رُوْحٌ لَوْ خَلَتْ مِنْ ضِيَائِهَا
قُلُوْبُ البَرَايَا لاسْتَحَالَتْ لَيَالِيَا