المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا ارتبط اسم الرحمن بالتهديد والوعيد ؟



أبو مسلم العرابلي
23/05/2016, 11:55 PM
رد وتعليق على القول بأن
اسم الرحمن غير مرتبط بالرحمة

يقول الشيخ إبراهيم أبو عرفة المدرس في المسجد الأقصى : أن اسم الرحمن غير مرتبط بالرحمة ولا يأتي ذكره مع الرحمة، ويذكر دائمًا في سياق التهديد والوعيد وأنه الخالق والمالك والآمر والقدير، وهو غير الرحيم الذي يذكر في سياق الرحمة والرأفة والود والرفق، فالخشية من الرحمن والرجاء للرحيم.
واستعرض معظم الآيات التي ذكر فيها اسم الرحمن، مبينًا ما توصل إليه.
وما توصل إليه كأن اسم الرحمن غير مرتبط بالرحمة،
وما توصل إليه هو صحيح، في أنه نفي الفهم الخاطئ للرحمة عن اسم الرحمن،
لكنه وقع في نفى ارتباط الرحمة بالرحمن، وما قع فيه أبو عرفة أنه لم يدرك سبب هذا الاستعمال وهذا الخلاف، ولذلك جعل الفارق كبير بين الرحمن والرحيم، مع أن للشيخ قدرة كبيرة مشهود له بها في البحث والاستنباط، والتمكن الكبير في علوم الشرع واللغة.
وما وقع فيه هو بسبب غياب "فقه استعمال الجذور"، عن منهاج العلماء والمفكرين واللغويين والمفسرين، أحد أركان وأعمدة هندسة اللغة الأربعة، فانقادت دراساتهم إلى مثل هذه الاستنباط.... والتقصير هو آت من أهل اللغة، فانعكس التقصير على من يظن به خيرًا من أصحاب اللغة والعلوم الشرعية.
استعمال مادة "رحم" في العطاء المسبب للامتداد، هذا هو الاستعمال لهذه المادة، وكل مبني أو مشتق من مادة "رحم" قائم على هذا الاستعمال للجذر.
وليس استعمال الرحمة للحديث عن الرأفة، والمودة، والتسهيل، والرفق، والرأفة، وما قارب ذلك، حتى تنفى عن استعمالها مع اسم الرحمن، فكل جذر له استعماله الخاص الذي يفسر سبب تسمية كل المبنيات والمشتقات منه.
ويجب أن يبين استعمال كل جذر وما يشتق منه بجملة وليس بلفظ، لأن بيانه بلفظ يجعل اللفظ مرادف للاسم، وفي ذلك خروج وتعمية عن الاستعمال أو عن سبب التسمية.
الرحم والرحمة أطلقت على أكثر من شيء، وكلها فيها عطاء مسبب للامتداد والاستمرار؛
فمثلاً نزول المطر هو رحمة؛ لأنه سبب في امتداد حياة النبات ومن ثم حياة الحيوان والإنسان؛
: {فانظر إلى آثار رحمت الله كيف يحي الأرض بعد موتها {50} الروم.
والجنة رحمة؛ لأن عطائها أبدي دائم ممتد لأصحابها لا ينقطع؛
: {ففي رحمة الله هم خالدون {107} آل عمران.
والخُلُق الحسن المؤلف للجماعة واستمرارها رحمة؛
: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك {159} آل عمران.
بل إن إنزال الكتاب وأمر الله رحمة؛ وكل هداية رحمة، لأن الإيمان والعمل بها يؤدي إلى استمرار الحال في الدنيا والآخرة.
وكل نعمة وعطاء من الله هو مؤدي إلى الاستمرار وخاصة بعد ضراء هو رحمة.
والشواهد كثيرة في القرآن.
ورحم الإنسان سبب لامتداد علاقاته مع عائلات أخرى، فتكون له بهم صلة واهتمام وترابط يعطي للإنسان امتداد وقوة وقد يأتي الفرج من قبلهم لضيق يلم به.
والرحم كذلك امتداد لصلاح الذرية بتباعد التزاوج بين الناس.
ورحم المرأة: يمد الجنين بما يحتاجه إلى أن يصبح قادرًا على العيش خارجه.
والمعطي لهذا الامتداد هو الله الرحمن الرحيم.
فهو سبحانه وتعالى الذي أعطاء الوجود وأمده بكل أسباب الاستمرار في جسده، وبكل ما يحتاجه لاستمراره في الحياة.
فبدأ الله تعالى في أول آية في أول سورة في القرآن : {بسم الله الرحمن الرحيم {1}
فاستعمال الباء في هندسة اللغة؛ هي للخروج والظهور،
والاسم : هو أحد صفات الذات الدائمة،
واسم الرحمن دال على صفة رحمته للجميع؛ مؤمنهم وكافرهم،
واسم الرحيم دال على صفة رحمته الدائمة للمؤمنين،
فدلالة الآية أنه لا خروج ولا ديمومة ولا استمرار إلا بالله الرحمن الرحيم؛ لأنه وحده الموجد لكل شيء والمعطي والمسبب لهذا لاستمراره.
اسم الرحمن ؛ على وزن "فعلان"، كغضبان، وعطشان، وما شابه ذلك، من الحالات المؤقتة التي لا تدوم.
وعطاء الله في الدنيا عطاء لا يدوم ومآله إلى الانقطاع،
والرحيم على وزن "فعيل" وهو وزن للصفات الدائمة الثابتة، وعطاء الله تعالى للمؤمنين دائم ومستمر في الآخرة بعد الدنيا.
وقد قدم الرحمن على الرحيم، لأن المنتفع بعطاء الله تعالى في الدنيا جميع الناس مؤمنهم وكافرهم، أما الرحيم فعطاؤه للمؤمنين فقط، وهم قلة بين الناس في الدنيا والآخرة. فقدم الاسم الدال على العطاء الأشمل والأوسع، على الاسم الدال على العطاء الأقل المخصوص لفئة منهم؛ فئة المؤمنين فقط.، وقدم العطاء الأقل الزائل على العطاء الدائم المستمر، وفي الواخر يكون الاستقرار والدوام
وكان عدد ذكر "الرحيم" ضعفي عدد ذكر "الرحمن" (114 : 57)؛ لدوام واستمرار رحمة الله بالمؤمنين. (ذكر الرحيم صفة للنبي في موضع وحيد؛ {حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم {128} التوبة.
والرحيم بالمؤمنين خاصة غفور لهم، ومرجو منهم، فهو الغفور الرحيم الذي يرجوه المؤمنون، خلاف الخوف من الرحمن المالك القوي المعطي، الذي يخشى منه بالمحاسبة أو بالحرمان لهم بقطع عطائه عنهم.
وقد ذكر الله الرحيم بالغفور (71) مرة، وبأنه رؤوف رحيم (9) مرات، وبأنه العزيز الرحيم (13) مرة، بأنه الرحمن الرحيم (6) مرات، من أصل (114) مرة.
ولما كان الرحمن قد مد رحمته للكافر مع كفره، فسيحاسبه على هذا العطاء، فالله تعالى لا يحاسب الأعمى كمحاسبة من له بصر، ولا يحاسب الأصم كمحاسبة من له سمع، ولا يحاسب المجنون كمن له فؤاد وعقل. وكل نعيم مادي أو معنوي وفكري وهداية سيسأل عنه الإنسان، والخشية تأتي من المحاسبة عليها، أو من سلبها، فيجب أن يسجد للرحمن وينفذ أمره، ويدعوه ليمد عطاءه إليه.
ومد رحمة الله للكافر مد من لا يخشى شيئًا من أحد، وهي علامة ودلالة على عظم قدرة الله وقوته، ومدى ملكه للأشياء، وتحكمه في الأمور، فالذي يتصف بذلك غير محتاج لشريك ولا ظهير ولا ولد؛ فكيف ينسب للرحمن ولد. فانظر كيف أتى اسم الرحمن خمس مرات في سياق التهديد والوعيد والاستنكار على الكافرين؛
: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا {87} وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا {88} لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا {89} تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا {90} أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا {91} وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا {92} إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا {93} لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا {94} وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا {95} مريم.
فقدرة الرحمن على العطاء ومد الناس بالحياة في الدنيا والآخرة يغنيه عن الحاجة للولد؛ لأن الحاجة تدل على الضعف وعدم القدرة على الاستمرار وعلى التحكم في الأمور .... فهو ادعاء يغضب الرحمن غضبًا كبيرَا.
فتسمية الله تعالى بالرحمن أو الرحيم لا علاقة له بالرأفة والمودة والرقة، وكل المعاني التي فيها لين وسهولة.
والسؤال لماذا يذكر الرحمن في الآخرة ... ورحمة منقطعة عن الكافرين ؟
والجواب على ذلك؛
أن قدرة الله الرحمن تتجلى بالبعث يوم القيامة، ومد الحياة للجميع من الإنس والجن، وأن رحمة الله للكافر ممتدة إلى موقف الحساب في الآخرة، بأن يعطيه المجال ليرى رحمة الله التي كانت له في الحياة الدنيا، ويراجع أعماله فيها في سجل أعماله، وأنه لم يكتب عليه شيء لم يفعله، وأن يفسح له المجال ليجادل عن نفسه ليدفع عنها العذاب إن كان له حجة يثبتها، قبل أن يدخله النار.
فانظر إلى سياق الآيات التي جاء فيها ذكر الرحمن؛
1. : {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا {93} مريم.
2. : {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا {26} الفرقان.
3. : {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا {108} طه.
4. : {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا {38} النبأ
5. : {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا {87} مريم.
6. : {يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا {109} طه
7. { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا {69} مريم.
أن الكافر يذكر الله تعالى باسم الرحمن، راجيًا أن تمتد رحمته إليه في الآخرة كما امتدت في الدنيا كمثل؛
8. : {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ {52} يس.
وذكر اسم الرحمن في موضعين آخرين يوم القيامة، بمد سبيل النجاة للمؤمنين من النار إلى أن يدخلوا الجنة، وهو مد في موقف لا يتكرر، ولن يكون له مثيل بعد ذلك؛
9. : {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا {85} مريم.
10. : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا {96} مريم.
هذا أقل ما يقال لبيان المواضع التي ذكر فيها الرحمن وعلاقته بالرحمة، وبالرحيم، ولو وقفت على المواضع الأخرى الني ذكر فيها الرحمن لم تخرج عما بيناه،
وأرجو ان يطلع على المكتوب من تلاميذ الشيخ صلاح الدين إبراهيم أبو عرفة، ويوصله إليه.

هيثم العبيدي
24/05/2016, 11:53 AM
شكرا لكم على

أبو مسلم العرابلي
24/05/2016, 05:19 PM
شكرا لكم على

ولكم الشكر وبارك الله فيكم ولكم

أبو مسلم العرابلي
11/09/2016, 10:37 AM
كتبت رحمة بالتاء المقبوضة والتاء المبسوطة
وقد بيناسر هذا البسط والقبض
في منتدى فقه المعاني للرسم القرآني
على رابط عنوان التالي
سر التاءات التي بسطت في القرآن
في حزمة كاملة (http://www.wata.cc/forums/showthread.php?31816-)