المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحلة توثيق



إبراهيم شقير
18/08/2016, 01:28 PM
رحلة توثيق ‏
تكتظ الطرقات الوعرة كل صباح بأفواج من البشر التي ارتسمت على جباههم ملامح لم يعهدها الناظر ‏في أي عرق آخر على وجه الكرة الأرضية. وأنت ترقب مشيتهم يتخيّل إليك أنك أمام طابور ‏عكسري مع اختلاف عن المعنى النمطي الذي اعتدنا عليه، بل دعني أقول أنك أمام خلية نحل منهمكة ‏في تأدية واجباتها بشكل دؤوب ومنظّم. كان صباحا أشبه ما يكون بحقبة زمنية جديدة لو تأملها أشباه ‏الآدميين لما فهموا ماذا تعني، لا لصعوبة تضاريس المكان أو التوقيت الذي غرس في نفس الطفولة ‏عشقا لا يمكن أن يتجلّى في أية أمة كانت، بل لأن لغة الزمان والمكان لها طلاسم يتعذّر على من باع ‏نفسه للشيطان أن يفهمها أو يُفهمها للأمم الغارقة في صراعات مقيتة.‏
ألوان الطيف تكتمل في تلك المسيرة لتنقل لك صورة حيّة لما يجري على أرض الإسراء والمعراج ورسالة ‏صيغت حروفها بيد أول رضيع يرى النور، ومحراث فلاح يسمو بفكره كالطود ليطغى على فكر ‏الصفحات الصفراء التي أضحت ظاهرة. وتبدأ بتأمّل مكوّنات هذه المسيرة العفوية المنظّمة لترى أنها ‏الطبيب، والمهندس، والمعلّم .‏‎.‎‏.الخ. ‏
الكل في رحلة عمل أو لنقل رحلة توثيق لتاريخ أرض الإسراء والمعراج بشكل يختلف عن توثيق الأمم ‏المتحدة وباقي المؤسسات التي سقط قناعها بسقوط أول شهيد أبى إلّا أن يروي بدمه ثرى فلسطين ‏التي أعطت ولم تأخذ، وجاعت دون أن تقبل أن تمتليء معدتها بلقمة خبز ممزوجة بالذل والمهانة كما ‏يجري في الأمم الآخرى. ‏
هنا! تقف أنت وحدك دون غيرك، وتتميّز بفهمك للأشياء، وهامتك تعانق السحاب، تتفرّد في عشقك ‏للموت على ثرى وطنك وانتمائك الذي أصبح يُدرّس في أكاديميات العالم الوطنية.‏