المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عربية أسماء الأنبياء وغيرهم



أبو مسلم العرابلي
20/10/2016, 02:06 PM
اليوم / السبت
الساعة : 4.30 مساء
التاريخ : 22/10/2016م
المكان : رابطة الأدب الإسلامي / عمان / عرجان / بجوار مدارس العروبة، ومستشفى الاستقلال
الموضوع : عربية أسماء الأنبياء
وحضوركم يسعدنا
وسيتم عرض أسماء الأنبياء وأسماء أقوامهم تباعًا
ثم يلحق بهم أسماء الملائكة
وأسماء الصالحين من غير الأنبياء
وأسماء الطالحين ممن وردت أسماؤهم في القرآن

أبو مسلم العرابلي
27/10/2016, 06:45 PM
(1) آدم عليه السلام

اسمه من الأديم وهو الجلد ، وهو أول ما عرف به؛
لأنه لا سابق له ينتسب إليه،
ولا آخر يقارن به ،
ولا فعل قام به ،
فوصف بجلده الضعيف خلاف بقية دواب الأرض ذات الجلد السميك،
والمغطى بوبر أو شعر أوصوف،
ولأنه لا قرون له يدافع بها أو مخالب ،
صنع الأدوات التي يدافع بها عن نفسه
فكان ضعفه مصدر قوته؛
ولأنه يريد أن يحمي جلده من البرد والحر فصنع من الجلود والخيوط ملابس،
وبنى البيوت من الحجر أو الشجر أو الجلد أو من الشعر وأمثاله ليحتمي بها،
ولأنه لا يأكل العشب، زرع ودجن ليأكل الحب واللحم والبيض ويشرب اللبن،
ثم الخضار والفواكه، وكل الأدوات التي تمكنه من تكثير كمها،
ودجن الدواب لتحمله وتحمل أثقاله المسافات البعيدة،
وظل يطلب المزيد والمزيد ... وكلما استطاع عمل شيء ... طلب ما بعده ...
حتى تمكن من غزو الفضاء
فضعفه كان نعمة عليه ميزته عن دواب الأرض

وقد ذكر اسم آدم في مواضع الحاجة لسد باب ضعفه؛
فهو وذريته بحاجة إلى العلم والتفوق فيه في التغلب على الصعاب التي تواجهه،
وتعلم العبادة والسجود لله بمن سبقه بالسجود من الملائكة وغيرهم،
ولتحقق الهدف من خلقه للعبادته،
وتنبيهه وتحذيره من الشيطان والهوى والنسيان،
وستر العورة بالملابس والتزين بها، التي تميز بها عن الحيوان،
وحاجته للسكن والأكل والشرب،
والرأفة به والتوبة عليه بالتجاوز عن أخطائعه وسيئاته؛
وغير ذلك مما يتعلق بضعفه المتمثل بتسميته،
لأنه خلق من ضعف، من تراب وماء،
فكل ما دار من ذكر عن آدم في القرآن هو متعلق بضعفه، فناسبت ما ذكر عنه هذه التسمية ،
:{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا {31} البقرة.
:{قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ {33} البقرة.
:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ {34} البقرة.
:{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ {35} البقرة.
:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {37} البقرة.
:{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ {33} آل عمران.
:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ {59} آل عمران.
:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ (27} المائدة.
:{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ {11} الأعؤاف.
:{وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ {19} الأعراف.
:{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ {26} الأعراف.
:{يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ{27} الأعراف.
:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {31} الأعراف.
:{يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {35} وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلَـَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {36} الأعراف.
:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ {172} الأعراف.
:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ {61} الإسراء.
:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً {70} الإسراء.
:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ {50} الكهف.
:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا {58} مريم.
:{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا {115} طه.
:{فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى {117} طه.
:{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى {121} ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى{122} طه.
:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ {60} وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ {61} يس.
واسم آدم عليه السلام لا ينصرف،
ليس لأنه اعجمي؛ فقد سمي بآدم قبل أن يكون هناك بشر ينقسمون إلى عرب وعجم،
فعدم صرفه لأنه علم، ولأنه على وزن فعل المشاركة "فاعَل"

أبو مسلم العرابلي
27/10/2016, 06:56 PM
(2) إدريس عليه السلام

أول الأنبياء بعد آدم عليهم السلام
من مادة "درس" وهي مستعملة في التضييق على الشيء حتى ينفصل قشره عن لبه،
كما يفعل في درس الحبوب بعد حصادها،
والدراسة للعلم ، التشديد عليه بالتعلم والمذاكرة حتى تنكشف أستار الجهل عنه،
ويصبح مكشوفًا معلومًا ومعروفًا فينتفع به،
واسم ادريس ارتبط بأول مراحل سكنى الإنسان في الأرض، وحاجته الكبيرة للتعرف على ما فيها،
وإيجاد المعارف اللازمة لتسهيل حياته في الأرض،
فذكر أنه كان خياطًا ، وهي أول المهن المطلوبة لحماية جلده من الحر والبرد،
وستر عورة الإنسان التي تمكنه من مخالطة الناس، والتميز بينهم بما يختار من أشكال وألوان الباس،
وإيجاد الأدوات التي تمكنه من صنع ذلك.
ولما ارتبط اسم إدريس البحث وطلب العلم والبحث على الوسائل؛ فإن عمله يحتاج إلى الصبر الطويل والصدق في الطلب، وسييقود عمله إلى رفعته بزيادة العطاء له، وسعة البسط على الأمور بإمكانياته وعلوه؛
: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا 56 وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا {57} مريم.
: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ {85} الأنبياء.

أبو مسلم العرابلي
27/10/2016, 07:15 PM
(3) نوح عليه السلام : الأب الثاني للبشرية

اسم نوح عليه السلام من مادة " نوح" ؛ وهي مستعملة في تقابل المختلفين دون التقاء، مهما طال الزمن،
وقد طالت مدة نوح عليه السلام في مقابلة قومه الكافرين دون أن يتحولوا إلى الإيمان معه،
ولذلك هو النبي الوحيد الذي صرح بذكر عمره؛ لتناسب هذا الذكر مع تسميته،
وكذلك لا بد من هلاك قومه وتطهير الأرض منهم؛ لأنهم لن يتحولوا إلى الإيمان أبدًا،
ولن يلدوا إلا كافرًا فاجرًا مثلهم ،
وعلى قلة علمهم سيبقون على جهل كبير،
فبقاؤهم في الأرض مفسدة وخطر كبير على أهل الإيمان لأنهم هم الأكثرية ،
فلم يؤمن مع نوح إلا القليل من قومه.
وعندما لا يحقق المرء وصاحب الدعوة نجاحًا، وخاصة إذا طال عمره في دعوته،
كنوح عليه السلام الذي كان يدعو قومه ليلاً ونهارًا وسرًا وعلانية، دون جدوى،
حتى شكا إلى الله تعالى تكذيبهم، فقد امتد فسادهم إلى أقرب الناس إليه؛
إلى امرأته فكانت من الكافرين، فحال كحال لوط عليه السلام من بعده،
وامتد كذلك إلى ابنه الوحيد الذي أخفى كفره
الذي منعه من الركوب في السفينة،
وطول عمر نوح عليه السلام، دل على طول إمهال الله تعالى لقومه،
مع استمرار دعوته لهم،
وابتلاؤهم بالقحط وقلة الأنهار والجنات، وقلة الولد، وقلة المال،
التي تعيدهم بشدتها عليهم إلى الله، فلم يفعلوا،
فلم يبق الله لهم عذرًا يعتذرون به،
فإذا ذكر هلاك الأقوام الكافرة، يكون قوم نوح أول المذكورين،
وذرية نوح عليه السلام هم من بناته وأزواجهن،
وتباعدت ذرية نوح لتباعد نسب أزواج بناته،
وتقسيم ذريته إلى سام وحام ويافث كان تبعًا لاختلاف الآباء،
وهي تسمية عنصرية كان وراءها أهل الكتاب،
وقد ذكر الله تعالى ذرية من حملنا مع نوح،
لقوة نسب الأبناء إلى الآباء على النسب إلى الأمهات،
ولو كانت الذرية من أبناء نوح عليه السلام لما ذكروا،
لأنه أعلى منهم منزلة، وذكره أعلى من ذكرهم،
وقد يكون زوج أو ابن النبي كافرًا،
لكنه لا يكون من والدين كافرين، وإن خفي على الناس إيمانهم،
هذا ما أراه، والأب تطلق على الوالد الذي خلق الابن من نفسه،
وعلى العم المربي، فيحدث التباس بينهما،
ولذلك دعا نوح عليه السلام لوالديه،
وكذلك إبراهيم عليه السلام لوالديه، وتبرأ من أبيه آزر،

أبو مسلم العرابلي
28/10/2016, 09:11 PM
(4) هود عليه السلام نبي عاد

هود من "هَوَد" أخت "هَدِي" وهما مستعملتان في الثبات،
و"الهدى" هو الثبات على طريق الحق، والطريق المؤدي إلى الغاية المطلوبة،
ومن ذلك "فاهدوهم إلى صراط الجحيم"
أي ثبِّتوهم على الطريق حتى تدخولهم في الجحيم،
و"الهديَّة" تثبِّت المودة بين المتهادين،
و"الهّدْي" الذي يساق في الحج يوزع على فقراء مكة،
فيثبتهم في واد غير ذي زرع،
وقوله تعالى "ووجدك ضالا فهدى"؛
ضالا: مفارقًا قومك على ما هم عليه من الشرك،
فهي شهادة تبرئة له من كفر وشرك قومه،
فهدى: أي ثبتك في هذه المفارقة بما أنزله عليك من الكتاب،
و"عاد" قوم "هود" قد عادوا إلى الكفر والشرك،
بعد أن طهر الله عز وجل الأرض من الكافرين، فجاءت تسميتهم من ذلك،
و"هود" هو الذي بقي ثابتًا على دين الله بعد أن عاد قومه إلى الكفر ،
و"هود" و"عاد" اسمان مصروفان؛ لسكون العين،
وسكون العين لا يكون إلا في الأسماء، والأسماء لها صفة الثبات،
والكسرة علامة الاعتماد،
والاعتماد لا يكون إلا على ثابت معلوم غير مجهول،
وسكون العين يكون في الفعل الماضي الذي عينه حرف علة،
والماضي قد تم الخروج منه، وهو على حال ثابت لا يزاد فيه ولا ينقص،
و"اليهود" هم الذين يعودون إلى الكفر كلما خرجوا منه، اسم غير مصروف،
لأنه على وزن الفعل المضارع، والفعل حادث لا ثبات فيه،
ولا بد من الخروج منه،
و"الذين هادوا" وصف لليهود،
ولكن تسميتهم "يهود" لا يكون إلا في الذم،
وتسميتهم بـ"الذين هادوا" عندما يراد البيان أن فيهم بعض الصالحين؛
لأن التسمية من الثبات،
ويكون الثبات على الحق، ويكون على الباطل كذلك،
ففيهم من ثبت على الحق،
وذلك قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أخفى إيمانه بعد ذلك،
ولذلك قالوا بعد رجوعهم عن المعصية وإصابتهم بالرجفة "إنا هدنا إليك"؛
أي رجعنا بالثبات على دينك بعد الخروج منه بالمعصية،
وقول موسى "أتهلكنا بما فعل السفهاء منا"

أبو مسلم العرابلي
29/10/2016, 01:41 PM
(5) صالح عليه السلام نبي ثمود


كما أن "هود " عليه السلام الثابت على الإيمان بالله،
بعد عودة قومه إلى الكفر والشرك الذي كان قبل الطوفان،
فإن "صالح" هو الممتنع عن فساد قومه، المحافظ على فطرته،
المنفصل عن قومه فيما هم عليه من الكفر والشرك،
وكل مولود يولد على الفطرة،
والصلاح بقاء المرء على فطرته السليمة التي فطره الله عليها، وهي الإسلام،
ممتنع عن قبول الفساد، ومنفرد ومنفصل عنه، لا يلتصق بشيء منه فيبعده ويشتته،
وهذا التعريف من دلالة حروف الجذر "صلح".
فقد وصف الله تعالى عيسى عليه السلام بعد النزول بالصلاح،
؛ {ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين{46} آل عمران.
فتكليم الناس في المهد كان في حياته الأولى،
وقد تعلم لغة قومه الذين أرسل إليهم وهو في المهد،
فما الحاجة لروح القدس ليكلمهم كهلاً؛
لأنه سينزل على قوم آخرين لهم لسانًا غير لسان قومه،
وسينزل كهلاً كما رفع، وقد مر على رفعه حوالي ألفي سنة،
وأمثاله يكونون قد فقدوا صلاحهم للعمل والدعوة وكل شيء لو بلغوا هذا العمر،
ولكن المسيح يبقى محافظًا على صلاحه بعد هذا العمر،
وقد وصف الله تعالى إبراهيم عليه السلام أيضًا بالصلاح يوم القيامة،
: {وإنه في الآخرة من الصالحين{130} البقرة، {122} النحل، {27} العنكبوت،
والصلاح يكون في العقيدة والخلق والعمل، ويكون في البدن،
والصلاة في الآخرة لأصحاب الجنة أهل الإيمان، باستمرار حالهم على أكمل ما كانوا،
ولدلالة اسمه؛ فهو النبي الوحيد الذي شهد له قومه بالصلاح من قبل؛
:{يا صالح قد كنت فينا مرجوًا قبل هذا {62} هود.
ولأن الثبات على الصلاح يحتاج إلى معين وجمع؛
فقد انقسم قومه إلى فريقين؛ {فإذا هم فريقان يختصمون{45} النمل،
وقد كان الرهط المجرمون يخشون وليه:
:{لنبيتنه وأهله ثم نقول لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون{49} النمل.
ومن تمام صلاحه في الرد على تكذيبهم؛ أن يكون أول نبي يأتي بآية الناقة
وهذه الآية في صلاحها كانت على خير ما تكون عليه النوق، ومعروفة من الجميع،
وقسم الماء بينها وبين قومه، وشرب الجميع من لبنها،
وقد نحتوا الجبال بيوت ليدوم صلاحها آلاف السنين،
خلافًا للبيوت من الجلد أو الشعر أو الطين أو الحجر أو الخشب،
وإن كانوا هم أول من نحت صخور الجبال يخرجون ما في باطنها،
لتكون لهم بيوتًا يسكنون في داخلها،
فكانت آيتهم أن خرجت ناقة حية من صخرة انشقت عنها،
تشرب من الماء ويشربون هم من لبنها المحلوب.

وثمود هم قوم صالح
واسم ثمود جاء من "الثمد" ؛ وهو الماء الذي يتجمع في صنع،
أو تجويف في صخر أو في حفرة،
ولا يكفي الناس إلا أيامًا أو شهورًا قليلة ثم يرحلون عنه بعد نفاذه،
ولذلك كثر ذكر الماء والصخر في قصة ثمود،
وأن الماء كان قليلاً عندهم،
وذكرت لهم عيون ولم تذكر أنهار؛
: {في جنات وعيون {147} وزروع ونخل طلعها هضيم {148} الشعراء.
: {ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر{28} القمر،
: {قال هذه ناقة الله لها شرب ولكم شرب يوم معلوم{155} الشعراء.
: {تتخذون من سهولها قصورًا{74} الأعراف [أي من حجارة الطين]
: {وتنحتون الحبال بيوتًا{74} الأعراف،
: {وتنحتون من الجبال بيوتًا فارهين{149} الشعراء.
ويدخلون في قوله تعالى : {فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة
فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد{45} الحج.
وكذلك في قوله تعالى: {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها
فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين {58} القصص.
وقد جاء في الحديث النهي عن الشرب من آبارهم،
وانفراد السائر وحيدًا في ديارهم.

أبو مسلم العرابلي
31/10/2016, 11:09 PM
(6) إبراهيم عليه السلام


اسم إبراهيم عليه السلام من "البرهمة"، البَرهمة : البرعمة،
لكن الفرق بين البُرعمة والبَرهمة؛ أن البُرعمة تخرج بعد الشتاء من شجرة سقط ورقها.
والبَرهمة تخرج من شجرة من أسفلها أو جذورها بعد موتها،
وولادة إبراهيم عليه السلام كانت بعد موت والده (تارح) كولادة محمد وموسى عليهما الصلاة والسلام
وتولى رعايته بعد والده أبيه "آزر" حتى صار فتى وخرج فجأة للناس؛
فإذا بالشجرة الميتة تخرج برهمتها؛ فسمي لأجل ذلك بإبراهيم،
والعم المربي وغير المربي عند العرب يسمى أبًا،
وما زالت بعض قبائل الجزيرة العربية تسمي العم أبًا،
ولكنهم يفرقون بين الأب الوالد والأب العم؛ بتسمية الأب العم؛
فإذا قال: أبي فلان؛ فاعلم أنه يقصد عمه،
وإذا قال؛ أبي فقط؛ فاعلم أنه يقصد والده.
ولما ميز الله تعالى في القرآن أبا إبراهيم بتسميته "آزر"؛ فدل ذلك على أنه عمه وليس والده،
وآزر اسمه من المؤازرة؛ أي الذي تولى حفظ إبراهيم من النمرود ورعايته له بعد والده،
وقد ذكر بأن والده كان اسمه "تارح" ولا أهمية لمعرفة الاسم الحقيقي لوالده،
فأبيه آزر الذي هو عمه؛ كان كافرًا وتبرأ منه في شبابه:
: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ {114} التوبة.
ومعنى ذلك أن لن يعود للاستغفار له بعد التبرؤ منه،
ثم هو يستغفر لوالديه في آخر عمره؛ حيث يكون "آزر " في حكم المتوفى أيضًا ؛
والوالد مرتبط بالوالدة، ولا ارتباط للعم بالأم،
: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء {39} رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء {40} رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ {41} إبراهيم.
وقد وصف الله تعال ىإسماعيل عمَّ يعقوب بأنه أب له كذلك؛
: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {133} البقرة.

في حياة إبراهيم عليه السلام مواقف وقصص كثيرة، وما ذكر منها في القرآن قليل،
وما ذكر متعلق بسبب تسميته، ويعد ذلك اختيارًا لهذه القصص من بين ما حدث له،
فالقرآن يعرض من القصص ما يوافق سبب التسمية التي اختص بها كل نبي،
وما ذكر عن إبراهيم وتعلق باسمه ظاهرًا أو خفيًا، كثير، وسنعرض أكثره إن شاء الله تعالى؛
- لما كان اسم إبراهيم من البرهمة أي البرعمة الخضراء النامية الممتدة،
فحرق البرهمة بالنار أو تجفيفها ولو لم تحترق يذهب صفتها، ويصبح الاسم فارغًا منصفته،
فجاءت المعجزة في قوله تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ {68}
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ{69} الأنبياء.
- ولما كان اسمه دال على موت والده، وهو ابتلاء له، وابتداؤه أصبح جديدًا وأساسًا لمن بعده؛
جعله الله تعالى إمامًا للناس وهو المتبوع غير التابع وتطلع إلى امتداد ذلك لبنيه
: { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا
قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ {124} البقرة.
وامتدت إمامة ببقاء ملته؛
: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ {130} البقرة.
ووصيته بالإسلام لذريته؛
{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ {132} البقرة.
وهو الوحيد الذي ذكر امتداد صلاحة في الآخرة؛
: {وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ {130} البقرة، {122} النحل، {27} العنكبوت،
وامتد البيت الذي بناه؛
: {َوَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً {125} البقرة،
: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ {126} البقرة،
: {َإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا {35} إبراهيم.
وجعله الله تعالى امتدادًا لنوح عليه السلام، فهو من شيعته،
فالبرهمة نبتت من جذور بقيت حية لشجرة ميتة؛
ولم يربطه بأبيه الميت الذي لم يكن له شأن يذكر،
قال تعالى: {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ {83} الصافات،
- ولما كانت البراعمة تنتج البذور التي يكون بها استمرار جنسها،
قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ{26} الحديد.
وقال تعالى: {وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ {27} العنكبوت.
ويكون التزواج مع براعم أخرى قريبة أو بعيدة،
فكان له زواج من قريبة له؛ ابنت عمه "سارة"، ومن بعيدة عنه؛ "هاجر" المصرية،
- وبذور البراهم لا تنبت في مكان الشجرة الأم، بل تحمل بعيدًا عنها؛
فكان ابتداء ذريته من إسماعيل في جزيرة العرب، خارج العراق بلد الأب،
وابتداء ذريته من إسحاق في بلاد الشام، خارج العراق كذلك،
- ولما كانت البراهم معرضة للأخذ الفرع والوراق والثمار؛
فإن سننًا نسب ابتداؤها إلى إبراهيم عليه السلام،
كحلق الرأس، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق الحانة، والختان،
- ولما كانت الدواب تسمن من البراعم الخضراء،
فإن طبخ لحمها يكون على وقود يابس البراعم الذي يكون حطبًا،
فقد قال تعالى: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ {26} الذاريات.
وقال تعالى: {فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ {69} هود.
- ولما كانت الجذور التي تنبت منها البراهم تفتت الصخور وتقطعها؛
فقد كثر ذكر الحجارة في قصص إبراهيم عليه السلام،
: {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ 95 وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ {96} الصافات.
: {لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ {57} فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا {58} الأنبياء.
: {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ {97} الصافات.
: {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا {46} مريم.
: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ {127} البقرة.
: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى {125} البقرة.
فالنحت والأصنام وجعلها جذاذَا، والبناء، ورفع القواعد، والبيت، والمقام؛ كلها من الحجارة.
- وكان من مراعاة القرآن لسبب تسمية إبراهيم الدال على الحياة والنماء؛ ألا يذكر نوع الهلاك الذي هلك فيه قوم إبراهيم عليه السلام،
وأن يذكر هلاكهم مع هلاك أقوام آخرين دون تفصيل؛
قال تعالى: {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {70} التوبة.
وقال تعالى: {وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ {42} وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ {43} وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ {44} الحج.
......

أبو مسلم العرابلي
02/11/2016, 11:54 AM
(7) لوط عليه السلام


اسم لوط من مادة "لَوَطَ" وهي مستعلمة فيمن التصق بغيره،
فيقال : التاط بالقلب : تعلق به، والتاط بالقوم: انتسب إليهم،
فلوط عليه السلام التاط قلبه بإبراهيم وتعلق به فهاجر معه،
والتاط بقوم أرسل إليهم، وكان قوم سوء،
والنبي يبعث من أوسط قومه؛ أي من أكملهم خلقًا وشرفًا،
وهؤلاء القوم كلهم كانوا سفلة ليس فيهم من يصلح ليكون رسولاً منهم،
فبعث الله لهم رسولا من غير أنفسهم، حتى لا يكون لهم حجة على الله،
فاسم لوط دال على أنه ليس منهم، تبرئة له من الانتساب لهم؛
لأن الانتساب إليهم خزي وعار، من شدة سوئهم وقبح أفعالهم،
ومن حكمة الله تعالى أن لوط رزق بنات ولم يرزق بنين من امرأته،
لأنه لن يستطيع حماية أبنائه من شرهم واعتدائهم عليهم،

أبو مسلم العرابلي
02/11/2016, 11:23 PM
(8) إسماعيل عليه السلام


أسم إسماعيل من مادة "سمع"
وهو مستعمل في التجاوب مع ما يصل النفس،
وليس وصول الصوت فقط إلى الأذن،

وكانت استجابة إسماعيل لأبية في الرؤية التي أمر فيها بذبح ابنه،
استجابة عظيمة لا مثيل لها، حيث الأمر جاء في المنام، ولم يقترف ذنبًا،
وشجع أباه على تنفيذ الأمر وألا يتردد فيه مع أن الأمر عظيم وشديد على النفس،
:{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى
قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ {102} الصافات،
وقد وصفه الله تعالى بأن صادق الوعد؛
: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا {54}
وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا {55} مريم.

ولم تكن هذه الرؤية من باب العبث أو الامتحان لهما؛
بل لأنه ستكون من ذريتهما أمة مسلمة تكلف بحمل دين الله لجميع الناس،
وستتحمل تبعات حمل الدين ونشره من دائها وأموالها،
وسيدفع الآباء أبناءهم إلى الموت في سبيل الله،

وسيقبل الأبناء بهذه المهمة التي هي شرف لهم،
والأبناء يعظمون فعل الآباء،
فكانت قصة الفداء التي بقيت في ذاكرة الأبناء أمرًا يثبتهم فيما أتى من بعد،
وقد افتخر أحد المسلمين بأنه ابن الشهيد ابن الشهيد ابن الشهيد،
وحمدت الخنساء الله على قتل أبنائها الأربعة في سبيل الله،
وقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم

وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة عامر بن الجراح،
ولقبه بأمين هذه الأمة، فلم يتردد بقتل أبيه الكافر المعادي لدين الله،
فدين الله أعظم من الآباء والأبناء،
فقد حمل الأمانة التي حملها أول آباء هذه الأمة،

أبو مسلم العرابلي
03/11/2016, 08:11 AM
(9) إسحاق عليه السلام


اسم إسحاق من مادة "سحق" وهي مستعملة في البعد الشديد
ومن ذلك قوله تعالى : {أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ {31} الحج.
وقوله تعالى : {فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ {11} الملك.

وقد ولدت أم إسحاق ولدها إسحاق بعد أن كانت عقيمًا
وأصحبت عجوزًا وقد بلغت من العمر عتيًا ،
قال تعالى: {قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ {72 } هود.
وقال تعالى: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ {29} الذاريات.

فلما أسحقت أم إسحاق جاءت بإسحاق،
فاسم إسحاق دال على معجزة من معجزات الله تعالى،
بحمل أمه في هذا العمر الذي أبعد ما تكون فيه عن الحمل والولادة،

ولما كان الحمل في هذا العمر يأتي بمواليد مشوهين في الغالب ويسمون بالمنغولين،
ولا يكون لهم ذرية من بعدهم، فهذا الأمر مقلق لأمه،
فجاءت لها البشرى وحدها دون زوجها بأنه سيكون سليمًا
ويكون له ولد من بعده هو يعقوب عليهم الصلاة والسلام،
قال تعالى : { وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ {71) هود
أما إبراهيم عليه السلام فإنه يكتفي بإسماعيل عليه السلام لو كان إسحاق غير سوي،
والبشرى تكون لأمثاله بعد الكبر بأول ولد، فكانت بشراه بإسماعيل عليه السلام؛
قال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ {101) الصافات.
وكانت الهبة له نافلة بإسحاق ويعقوب فوق البشرى بإسماعيل؛
قال تعالى: { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ {84} الأنعام،
وقال تعالى : {وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا {49} مريم،
وقال تعالى : {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ {72} الأنبياء.
وقال تعالى : {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ {27} العنكبوت.
وقد قدم إسماعيل على إسحاق في كل الآيات التي اجتمع فيها ذكرهما عليهما الصلاة والسلام، على ترتيب ميلادهما؛
قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء {39} إبراهيم.

أبو مسلم العرابلي
05/11/2016, 03:04 PM
(10) يعقوب (إسرائيل) عليه السلام


جاء اسم يعقوب عليه السلام من مادة "عقب"
وهي مستعملة في الشيء القادم المبني على الشيء الحاضر السابق له،
فالعاقبة مبنية على نتائج الأعمال والأحداث الحالية التي تسبقها
ومجيء يعقوب مبني على مجيء إسحاق قبله،
وجاءت البشرى به مع البشرى بإسحاق عليهما السلام ،
لطمأنت أم إسحاق بأن إسحاق سيكون سليمًا وله ذرية من بعده،
ولو لم يكن الأمر كذلك ... فكأنها لم ينجب ولدًا لها ولزوجها إبراهيم،
بل إن يعقوب جاء له ذرية كبيرة، اثنتا عشرة قبيلة

ولذلك جاءت تسمية أخرى ليعقوب عليه السلام بـ "إسرائيل"
وإسرائيل من مادة "سرأ"، ومنها؛ السرء بيض الجراد،
والجراد يخفي بيضه في الأسفل بين الرمال،
ويضع عددًا كبيرًا من البيض ما بين ؛ 400-500 بيضة،
وقد شكلت ذرية يعقوب عليه السلام اثني عشر قبيلة،
ويجمع الخفاء استعمال كل جذور اللغة التي فيها ؛
الحرفان الصحيحان السين والراء مع أحد حرف العلة،
السرُّ : قول أو خبر خفي لا يعلمه إلا العدد القليل.
السُرر: تكون مخفية في غرف خاصة للجلوس أو النوم،
السرور: عندما يكون بين الأهل بلا عمل، وقد اختفى كل هم وغم وتعب،
السور : يخفي ما في داخله،
السرو: جنس من الشجر يخفي ساقه بفروعه،
اليسر : يخفي الغنى الموسر عن كثرة الخروج لطلب الرزق،
السير : يؤدي إل اختفاء صاحبة من الاستمرار فيه،
السري : السير فيس الليل مستترًا بظلمته،
الأسير : يختفي عن جماعته بأيدي أعدائه، ويوضع فيمكان خفي،
السؤر : بقية الشراء الخفية في قعر الإناء.
السرأ : بيض الجراد المخفي داخل الرمل والتراب،
وقد كتب على بني إسرائيل أن يكونوا متفرقين بين الأمم،
وعيشتهم خفية بينهم، وفي اضطهاد دائم لهم،
ومع ذلك ظل استمرارهم ولم يذوبوا بين شعوب الأرض،
فعندما يمن الله تعالى على اليهود بفضله؛ يصفهم بأنهم بنو إسرائيل،
وإذا ذمهم سماهم ووصفهم : باليهود،
وإذا أراد انه كان فيهم صالحون؛ وصفهم بالذين هادوا،
......

أبو مسلم العرابلي
05/11/2016, 05:54 PM
(11) يوسف عليه السلام

ا
سمي يوسف عليه السلام من مادة "أسف"
ويقرأ "يوسَف" و"يوسُف" و"يوسِف" وفي غير القرآن"يؤسَف" و"يؤسُف" و" يؤسِف".
والأسف يكون على شيء قد مضى وفات ولا سبيل لعودة مرة أخرى،
كمثل الأسف على فرصة ثمينة قد لاحت وفاتت قبل أن تستغل،
أو الأسف على عزيز مات ولا سبيل لإعادة إلى الحياة مرة أخرى،
وقد ترجمت لمعنى يوسف بأنه المغلوب على أمره وأمره ليس بيده،
وإذا تدبرنا سورة يوسف والأحداث التي حدثت له نراها تحكم في تحكم؛
- يعقوب عليه السلام تحكم في يوسف عليه السلام فمنعه من الخروج واللعب مع إخوته،
لتحكم شدة حبه له.
- وإخوة يوسف تحكموا به فجعلوه في غيابة الجب، لتحكم غيرتهم فيهم،
- وتحكم حب المكاسب في السيارة، فتحكموا بيوسف فأسروه بضاعة، ولم يسألوا هن أهله،
- وتحكم العزيز في يوسف فجعله فتى خادمًا لزوجه، وتحكم حب العزيز لزوجه
فجعل يوسف خادمًا لها، وعفا عن مروادتها له بعد ذلك.
- وتحكمت شهوة امرأة العزيز فيها فراودت يوسف، وغلقت عليه الأبواب لئلا يخرج،
- وكذلك تحكمت الشهوة وحب الامتلاك في نساء عليا القوم فروادنه وأردنه لأنفسهن،
- ثم تحكم القوم في يوسف فجعلوه في السجن،
- وتحكم حب المُلك في ملك مصر بعد رؤية سمو خلق يوسف أن يستخلصه لنفسه،
- وأخيرًا تحكمت سنون القحط بأهل مصر جميعًا،
- وتحكمت لذلك خطة العمل لإنقاظ مصر بيوسف خمسة عشرعامًا،
فنرى أن قصة يوسف عليه السلام كلها تحكم في تحكم
ولذلك جاءت مرة واحدة بكل تفاصيلها، ولم تكرر جزئياتها في سور أخرى؛
لأن من طبع الناس التي فطروا عليها؛ حب سماع القصص التي فيها قوة مرات عديدة،
والتي فيها ضعف لا يحبون تكرارها، وتكفيهم سماعها مرة واحدة،
وأن قوتها تكمن في عرضها كاملة وعدم تجزئتها،
فجاءت لذلك قصة يوسف عليه السلام في غاية الروعة وقوة التأثير على السامع .

أبو مسلم العرابلي
05/11/2016, 07:48 PM
(12) شعيب عليه السلام


اسم شعيب من مادة شعب،
ومادة "شعب" مستعملة في تشعب الامتداد للأصل،
وتسمية شعيب بهذه التسمية تعود إلى عدة أمور قيلت فيه؛
أن دعوته تشعيت فزادت على الدعوة إلى التوحيد ونبذ الكفر والشرك؛
: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ {84} هود،
إلى الدعوة إلى الإصلاح والتقيد بالصدق والأمانة في المعاملات؛
: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ {85} هود،
وإما لتعشبه في دروب الفصاحة والبلاغة وذلك مذكور عنه وقابلوه بادعائهم سوء الفهم؛
: {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ {91} هود،
: {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ {87} هود،
وإما لأنه شعَّب قومه وقسمهم فريقين مؤمن وكافر ؛
: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ {91} قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ {92} هود.
وإما لأن قومه تشعبوا لكثرتهم، فتشعب في دعوته يدور عليهم، وكانوا أهل تجارة وأهل زراعة،
: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ {85} هود،

أما اسم "مدين" فهو إما من "مدن" وإما "دين" والميم زائدة،
فإن كانت مدين من مدن؛ فهي من الإقامة الدائمة، في المكان والاستمرار فيه،
وقد يراد بذلك إقامتهم على الكفر واستمرارهم عليه وأصنامهم هي في مواضع ثابتة،
وإن كانت مدين من "دين" فهي كذلك من الدوام والاستمرار، فالدَين بالفتح يلجأ إليه لأجل اسصتمرار الحال الذي سيتوقف دونه،
والدِين بالكسر الشريعة التي يدون عليها أصحابها ويستمرون، وكذلك العادة التي هي دائمة ومستمرة؛ يقال هذا ديني وديدني: أي عادتي،
والدُون بالضم الذي يتمر عليه وأنت تتعداه في استمرارك إلى ما بعده،
فمدين كانت على عادة من الكفر استمرت عليها، أو عادت إلى الكفر والشرك التي هلكت عليه الأمم السابقة التي قبلهم.

أبو مسلم العرابلي
06/11/2016, 09:03 AM
(13) موسى عليه السلام


اسم موسى عليه السلام من مادة " موس"،
وهي مستعملة في قطع القاطع الذي لا يقطع،
وإذا نظرنا في سيرة موسى عليه السلام نجدها كلها في قطع يخرج منه سالمًا،
فأول امره أنه انقطع خبر ولادته عن جنود فرعون، فلم يحضروا لقتله،
وأُلقي في التابوت فأُلقي باليم، وخرج سالمًا حيث التقطه آل فرعون،
وأحضر إلى فرعون فأراد قتله، فتدخلت امرأته وخرج سالمًا إلى أمه،
بقولها : {قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا {9} القصص
بل وتولى فرعون تربيته والإنفاق عليه، فسلم من الاستعباد الذي فرض على قومه،
وقتل قبطيًا، فاجتمع الملأ لقتله فخرج سالمًا إلى مدين،
فنال فيها أهلا وزوجة وعملاً،
وعاد رسولاً من الله تعالى إلى فرعون فدخل عليه وخرج من عنده سالمًا،
فدخل مع السحرة في صراع بين الحق والباطل فانتصر وغُلب السحرة خاسئين،
وانتقم فرعون من السحرة بعد إيمانهم برب موسى وهارون، وظل هو سالمًا،
وأخيرًا دخل البحر بقومه فخرج بهم سالمًا، وأغرق اليم فرعون وجنوده،
وأخذت النقباء الصاعقة لما طلبوا رؤية، وظل هو فائقًا،
ولما قطع قومه أمر الجهاد ورفضوه، قطع بقاءه معهم بقية عمره،
فموسى عليه السلام قطع البحر بعصاه،
وقطع بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا،
وقطع عجل السامري بتحريقه بالنار وذراه في اليم،
وفي قصة الإسراء والمعراج قطع عودة النبي يطلب منه العودة لتخفيف عدد الصلوات،
فموسى عليه السلام تميز بالقوة في مواقفه،
ففرعون لم يحدد موعد اللقاء وجعل لموسى عليه السلام تحديد الموعد،
: {فاجعل بيننا وبينك موعدًا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانًا سوى {58} قال موعدكم يوم الزينة{59} طه
والرجل الصالح في سورة الكهف جعل لموسى قرار الاتباع : {فإن اتبعتني {70} الكهف.
وقال له الرجل الصالح : { فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرى {70} الكهف،
فلم يلتزم موسى عليه السلام بطلبه، وقطعه ثلاث مرات،
وموسى هو الذي طلب قطع الصحبة بينهما إن سأله مرة أخرى؛
: {قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرًا {76} الكهف.
بل إن علامة التقائه بالرجل الصالح؛ قطع بقاء الحوت بأيدي فتاه،
وذلك بسبب النسيان له؛ الذي هو قطع ذكر الشيء، فاتنخذ سبيله في البحر سربًا،
ومن قبل قطع صلة بفرعون بقتله للقبطي،
وقطع بقاءه في مصر بهربه إلى مدين،
وقطع بقاءه عند الشجرة لما رأى عصاه تهتز كأنها جان وولى هاربًا،
وموسى هو الذي طلب من ملك الموت قبض روحه بعدة عودته إليه في المرة الثانية،
وقول الملك له: ضع يدك على ظهر ثور، فيطيل الله في عمرك بقدر الشعر الذي تحت يدك،
فقال : ثم ماذا بعد ذلك، قال : الموت، قال : إذن اقبض روحي،
فجعل الله تعالى بديل قطع الملك لحياة موسى بقبض روحه،
أن يكون هو الطالب لهذا القطع، شأنه في ذلك كالشأن في سائر القرآن
في مراعاته سبب تسمية الأسماء بمسمياتها، فلا يذكر شيء يخالف التسمية.
ولما اتهمه قومه لم يخضع لاتهامهم فيبرئ نفسه،
بل جعل الله تعالى سير الحجر بثوبه في قومه،
لتبرئته مما نسب إليه من غير خضوع منه لهم.
هذا هو موسى عليه السلام القاطع الذي لم يقطع
ففي رسالته تم قطع استعباد فرعون لبني إسرائيل،
وقطع ذبح فرعون لأبناء بني إسرائيل،
وقطع حكم وملك فرعون في مصر بهلاكه وجنوده في اليم،
وقطع انتشار السحر في قومه وقوم فرعون بما أصابهم من القتل،
وقطت آيتي العصا والثعبان الجرأة على الاقتراب منه أو القبض عليه،
وكثرة الآيات التي أرسل بها موسى قطعت كل عذر لفرعون وقومه في عدم
الإيمان بالله تعالى وفي رسالة موسى إليهم.
فنرى أن كل ما ذكر من قصص عن موسى تجد فيها قطعًا،
وما أكثر قطع قومه لأمر الله وعصيانهم لأمه،
باتخاذهم العجل إلهًا، وصيد الحيتان يوم السبت وقد نهوا عنه،
ورفض المجاهدة في سبيل الله،
ورفض المن والسلوى بطلب البقل والقثاء والفوم العدس والبصل،
وإنكارهم قتل رجل منهم، فأحياه الله بقطعة قطعت من بقرة ذبحت لذلك،
لقطع الشك باليقين في قتله،
فقصص موسى عليه السلام كثير ، وما ذكر منها يناسب سبب تسميته.

أبو مسلم العرابلي
06/11/2016, 11:27 AM
(14) هارون عليه السلام


اسم هارون من مادة "هرن"
وهي مستعملة فيما يظن به أنه قادر على ما يكلف به،

ولذلك كان ظن موسى بأخيه هارون عليهما السلام أنه أهل أن يكون نبيًا ووزيرًا له،
: { واجعل لي وزيرًا من أهلي {29} هارون أخي {30} طه
: { ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيًا {53} مريم.
: {وأخي هارون هو أفصح مني لسانًا فأرسله معي ردءًا يصدقني{34} القصص.

ولما اتهم بنو إسرائيل مريم عليها السلام؛
: {يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيًا {28} مريم.
أي ظننا فيك خيرًا أن تكوني مثل أبويك، فجاءوا في قولهم بأخت هارون
بما يناسب قصدهم وزيادة التشنيع بفعلها المخالف لظنهم فيها.
لتسرعهم في الحكم عليها.
وفي اللغة : الهَيْرُون ضرب من التمر جيد لعمل السِّلِّ.
أي يظن بجودته في علاج السل.

]

أبو مسلم العرابلي
07/11/2016, 08:16 AM
(15) داوود عليه السلام


اسم داوود من مادة " دود"
وهي مستعملة في الدخول في قلب وباطن الشيء لإتلافه أو الاحتماء به،
ومن هذه المادة " الدود"
وعمله الدخول في باطن سيقان النبات والخشب وغيره، فيتلف باطنها ويفسدها،
ويصنع شرنقة يحمي نفسه فيها،
حيث يتحول إلى كائن يطير بعد أن كان زاحفًا،
ومن خيوط شرانقه تصنع ملابس الحرير،
ولم يسم الدود بهذه التسمية لحقارته وضآلته،
ولكن بسبب قدرته في القيام بأفعال كبيرة مع هذا الضعف الذي عليه جسمه،

وإذا نظرنا في أفعال داوود عليه السلام نجد تعدد التشابه بين أفعالهما؛
فأول تسمية له بداوود كانت بعد قتله جالوت قلب جيشه المتماسك به، فانهزم الجيش كله بهذا قتله،
: {فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ {251} البقرة،
وتغير حال داوود بعد ذلك من جندي مغمور إلى حاكم ونبي متميز بالحكمة والعلم،
وصنع الدروع السابغات لحماية جسده وأجساد جنده في الحرب،
: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {11} سبأ.
: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ {80} الأنبياء.
وتأثير داوود عليه السلام أثر في بواطن الجبال والطير فسبحت معه،
وألان الله له قلب الحديد، يشكله كيف يشاء،
: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ {10} سبأ.
: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ {79} الأنبياء.
وكان داوود عليه السلام يعزل الناس للعبادة في داخل محرابه،
: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ {21} إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ {22) ص.
ومن عجيب الأمر أن يخرج من صلب داوود ونفسه، ابنه سليمان عليه السلام الذي الله تعالى منطق الطير، وحملته الريح فوق البر والبحر والجبال؛
: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ {81} الأنبياء.
: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ{12} سبأ.
: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ {16} النمل.
وحتى فتنته كانت في الحكم بعد سماعه أحد الخصمين وقبل أن يسمع من الخصم الآخر،
فمن كان داخل شيء يرى جانبًا منه فقط، ومن كان خارج الشيء رأى كل جوانبه؛ والشكوى كانت في إدخال القليل في الكثير؛ نعجة واحدة في نعاج كثيرة؛
: {إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ {22} إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ {23} قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ {24} ص.
فنحن نرى فيما ذكر عن داوود عليه السلام دار بما يوافق سبب تسميته،
وما اختصت به هذه التسمية عن بقية الأسماء،
مع وجود الشيء الكثير المتنوع في حياته،
لكنه لم يذكر في القرآن.

أبو مسلم العرابلي
07/11/2016, 10:22 PM
(16) سليمان عليه السلام


اسم سليمان من مادة "سلم"
ومادة "سلم" مستعملة في العزة والعلو

ومن هذه المادة شجر السلام الذي لا تستطيع اعتلاءه بسبب شوكه،
والسُّلَّم الذي يمكنك من اعتلاء الأسطح وأعالي الأبنية والأشياء القائمة،
والسلام من أسماء الله تعالى لعزه وعلوه على كل شيء،
والإسلام الذي يعطيك العزة والعلو على كل شياطين الإنس والجن،
والجنة دار السلام، الدارالتي يعز فيها أصحابها،
ومن تمام عزة وعلى "سليمان" عليه السلام؛ أن يخضع له الجن والإنس والطير،
: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ {17} النمل.
ومن تمام عزه وعلوه أن يسخر له الريح حيث يشاء يعلو بها البر والبحر والجبال،
: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ {36} النمل،
: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ {12} سبأ
: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ {81} الأنبياء،
ومن تمام عزه وعلوه أن سخر الله تعالى له الشياطين،
وأخضعهم له للقيام بما يريد من الأعمال في البر والبحر، ومعاقبة من يخالف أمره،
: {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ {82} الأنبياء،
: {وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ {12} يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ {13} النمل،
: {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ {37} وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ {38} النمل،
ومن تمام علوه وقدرته؛ أن لا يقف استخراج النحاس والانتفاع به عند تسخينه، بل يذوب ويسيل كالماء،
: {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ {123} سبأ،
ومن تمام عزه وعلوه؛ ألا يقف حائل بينه وبين شيء، حتى أعطي القدرة على معرفة منطق الطير،
: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ {16} النمل،
: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ {18} فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا {19} النمل،
: {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ {23} النمل، وهذا من قول الهدهد،
ومن تمام عزه وعلوه أنه هو الوحيد الذي كان جيش يتكون من الإنس والجن والطير،
: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ {17} النمل،
وبما يوافق تسمية سليمان، أنه لا يقف أمامه حاجر يمنعه، حتى جدران صرحه لا تحجب رؤية ما خلفها،
وأسقله لا يخفي ما تحته؛ فكان بيته صرحًا يشف عما خلفه وتحته وفوقه؛
: {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {44} النمل،
وأن الجن لا يستيطون الاختفاء منه، فلم يعرفوا بموته سريعًا لأنهم لا يجرؤون على الاتيان من أمامه خشية رؤيته لهم، ومساءلتهم عن ترك أعمالهم الشاقة التي كلفوا بها،
: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ {14} سبأ،
ومن تمام عزه وعلوه أن تحضر الأشياء إليه بأسرع ما يكون؛
: {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ {40} النمل،
ومن مراعاة سبب تسمية سليمان أن يظل منتصبًا بعد موته مدة طويلة قدرت بسنة، وأن ينفذ أمره وهو ميت،
: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ {14} سبأ،
ومن تمام المراعاة لسبب تسميته أن يموت وحيدًا في أرض لا بشر فيها،
وليس فيها إلا النمل، ومنه النوع الذي أكل منسأته،
ولا يصل إليها إلا بالريح،
وأن يتولى غسله ودفنه الملائكة،
فلو تولي البشر غسلة وهو في حال لا حول له ولا قوة، يقلبونه كما يشاؤون،
خالف فعلهم تسميته، فأكرمه الله بما يوافق تسميته بعد موته،
وألا يرى الناس قبرة بعد العز والعلو الذي كان فيه،
والنبي يدفن في المكان الذي قبض فيه، كما فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم،
وكما قال تعالى في شأن يونس لو قبض في بطن الحوت؛
: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ {142} فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ {143} لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {144} الصافات،
وكان الصرح هو التراب الذي كفن به ودفن فيه،
وكان على طرف البحر، فغطاه البحر بعد ذلك وأخفاه،
كما يحدث غرق طرف البر تحت البحر في كثير من المواضع،
ثم يغطيها المرجان ويخفي أثرها،
وضاع واختفى معه كل ما صنعه له الجن،
فلو كان موته في أرض مأهولة لورثوا ما كان له من قبل،
وصدَّق الله تعالى دعاءه؛
: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ {35} ص.
وذكر الإسلام أربع مرات مع سليمان لما بينهما من ارتباط؛ وأن عمله لعزة الله ودينه، وليس لنفسه،
: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ {31} النمل
: {قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ {38} النمل،
: {فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ {42} النمل،
: {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {44} النمل.

ولما كان العزيز يهتم بأسباب قوته وعزته،
وأهمها الخيل في ذلك الزمان، فكانت فتنت سليمان فيها،
فمن كثرة اهتمامه بها واستعراضه لها أمام عينيه؛
أن جللها يزينة كثيرة توارت بحجاب من هذه الزينة إلى سوقها،
وكأن النصر لا يتحقق إلا بها، وما هي إلا مما سخره الله تعالى لجنده،
وقد أشغله كثرة الاهتمام بها عن ذكر الله، فأحس بذنبه فطلب ردها إليه؛
: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ {31}
: {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ {32}
: {رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ {33} ص.
ولو أراد قتلها وعقرها لقال : مسحًا للسوق والأعناق،
ففعله كفعل مسح الرأس : {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ {6} المائدة.
ومن شدة همه أن جلس على كرسيه جسدًا،
ومن صفات الجسد أنه لا يأكل ولا يشرب ولا يأمر ولا ينهى،
ونكَّر الله تعالى من على الكرسي، ولم يسمه،
لأن ذكر سليمان يتنافى مع فعله في الاستسلام لهمه،
ولأن الله لا يريد منه فعل ذلك؛
فلم يقل وألقيناه على كرسيه جسدًا،
ثم أدرك سليمان أن علاج الذنب بالاستعفار
وليس بحبس النفس عن أفعالها،
: { قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ {35} ص.
: {َفسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ {36}
: {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ {37} ص.
فصرح تعالى بإعطائه الملك استجابة لدعائه، وهو علامة على الغفران،
ولم يصرح بالغفران له؛ لأن تأخر فيه ولم يبادر به،
فانظر لما بادر موسى عليه السلام بالاستغفار جاءته المغفرة سريعة؛
: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {16} القصص.
وانظر لما بادر داوود عليه السلام بالاستغفار جاءته المغفرة سريعة؛
: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ {24}
فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ {25} ص.

وما قيل من الإسرائيليات بأن الذي كان على الكرسي هو شيطان من الجن؛
لا يستحق النظر فيه، وأبلى من ذلك أن تربط النبوة بخاتم يوضع في إصبع.

أبو مسلم العرابلي
07/11/2016, 11:17 PM
(17) زكريا عليه السلام

اسم زكريا من مادة "زكر"
ومادة "زكر" مستعملة في الامتلاء، زكر الإناء ملأه،
تزكر الشراب: اجتمع، وتزكر بطن الصبي: عظم وحسنت حاله،

والامتلاء عند زكريا عليه السلامهو في العلم والإيمان والتقوى،
وأهم ما في سيرة زكريا عليه السلام؛ ولايته لمريم،
وهي ولاية لأنثى في جمع ذكوري في أحد المعابد،
وصفة من يتولى هذا الأمر أن يكون ممتلئ بالعلم والتقوى،
: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ {37} آل عمران،

وهو الذي خشي على ضياع إرث بني إسرائيل من العلم بعده؛
: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا {4} وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا {5} يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا {6} مريم.

وقرئ زكريا وزكرياء، واسمه منتهي بألف تأنيث مانعة من صرفه.

أبو مسلم العرابلي
08/11/2016, 08:05 AM
(18) يحيى عليه السلام


امرأة زكريا عليه السلام كانت عاقرًا كما وصفها زكريا وليست عقيمًا،
ومعنى ذلك أنها كانت تعقر جنينها فيسقط ميتًا قبل اكتمال نموه في رحمها؛
: {قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء {40} آل عمران،
: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا {5} مريم،
: { قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا {8}مريم.

فكانت البشرى له بأن الغلام الذي تحمل به سيحيى ، ولن تعقره؛ ومن ذلك جاء اسمه
: {فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ {39{ آل عمران،
: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا {7} مريم،
: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا {12} مريم،

وأستبعد أن من يسميه الله تعالى "يحيى" يكون للبشر أثر في انتهاء حياته بالقتل والموت،
كما نقل ذلك عن أهل الكتاب.
واسم يحيى ممنوع من الصرف لانتهائه بألف وأن اسمه على وزن الفعل وكلاهما من موانع الصرف

وهناك من استدل على رفع يحيى بوجوده مع عيسى في السماء الثانية في ليلة الإسراء والمعراج،
وأنه لم يمت بعد؛ لقوله تعالى "ويوم يموت"؛
: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا {15} مريم

أبو مسلم العرابلي
08/11/2016, 09:37 PM
(19) المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام


اسم عيسى من مادة "عيس"
ومادة "عيس" مستعملة في الخالص الذي لم يختلط به شيء يؤثر عليه،
ومن ذلك الإبل العيس، وهي بيضاء، في بعضها صفرة قليلة في أسفلها لا تؤثر على بياضها.
ومن عجيب الأمر أن بويضة المرأة بيضاء فيها صفرة قليلة.
وكل الناس خلقوا من ماءين اختلطا ببعض فكان منهما ذكر أو أنثى ما عدا آدم وزوجه،
وعيسى هو الوحيد الذي لم يخلق إلا من ماء واحد لم يختلط به ماء آخر يؤثرعليه،
أي أنه خلق من ماء أمه فقط،
ولذلك لا ينسب إلا إلى أمه،
فلو نسب إلى غير أمه لكان أسمه فارغًا من صفته وخالف حقيقته،
وقد سمي عيسى ابن مريم : (13) مرة.
المسيح عيسى ابن مريم : (3) مرات.
عيسى بلا نسب إلى أمه : (9) مرات.
المسيح ابن مريم في : (6) مرات.
ابن مريم فقط دون التصريح باسمه أو صفته : (2) مرتان.
المسيح بلا نسب إلى أمه : (2) مرتان .

ودلالة تسميته بالمسيح، يظهر في الفرق بين الممسوح والمسيح
فالممسوح هو الذي وقع عليه شيء ثم أزيل عنه،
والمسيح الذي لم يقع عليه شيء يؤثر عليه،
والصلب علامة وقوع شيء أثر عليه،
فلذلك جاء القرآن بنفي الصلب لمخالفة وصفه بالمسيح،
: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا {157} النساء.
والإقرار بالصلب وتسميته بالمسيح تضارب، ولن تجد في القرآن أي تضارب،
ولو كان قد صلب بل لو صفع لكان وصفه بالمسيح بلا معنى ومخالف لحقيقته،
ولذلك جاء في بشرى الملائكة لمريم بتسميته المسيح قبل تسميته بعيسى،
طمأنة لها من أي سوء وشر سيقع عليه، بسبب حملها وولادتها له بلا أب كبقية الناس،
: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ {45} آل عمران.
ولما جاءت تسميته كذلك بالمسيح وما يحمل هذا الاسم من صفة؛
فقد جاءت معجزاته بما يؤثر في الأشياء ويغير حالها،
تحويل الطين إلى طائر حي يطير _ إبراء الأكمه والأبرص _ إحياء الموتى؛
: {قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {49} آل عمران،


مريم عليها السلام
اسم مريم من مادة "ريم" كما في لسان العرب
ومَرْيَم مَفْعَل من رام يَرِيم.
ومادة "ريم" مستعملة في طلب القريب والالتصاق به،
ومادة "روم" مستعملة في طلب البعيد،
ومن ذلك الروم الذين يتطلعون إلى البعيد، حتى بلغوا الفضاء
والهزيمة لا توقفهم، ولذلك قال الله تعالى لما سماهم بالروم؛
: {غُلِبَتِ الرُّومُ {2} فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ{3} الروم،
ومادة "رمي" مستعملة في طلب البعيد من بعد
وميم مريم زائدة، والميم في استعمال الحروف للإحاطة والغلبة،
فمريم محفوظة ومحاطة من كل من يروم طلبها من قريب أو بعيد،
وبهذا سمتها أمها لأنها نذرتها لله ،
لأنها ستعيش في مجتمع ذكوري في أحد المعابد،
فأرادت بهذه التسمية صونها من كل من يطلبها بسوء،
من القريب منها ومن البعيد.

أبو مسلم العرابلي
09/11/2016, 01:58 PM
ملاحظة

في اسم كل من موسى وعيسى ألف مقصورة زائدة
وهي في الصورة "ياء" وفي الصوت "ألف"
أما دلالة صورتها "ياء"، فالياء في الاستعمال للتحول إلى شيء ثابت،
والثبات في موسى عليه السلام أن الأمر بقي بيده حتى مماته عندما طلب من ملك الموت قبض روحه،
وحتى بعد موته عندما قطع على النبي صلى الله عليه وسلم رجوعه،
ليعود فيسأل الله تعالى التخفيف من أمته عدد الصلوات،
أما الثبات عند عيسى عليه السلام،
فهو في بقائه كهلاً في غاية القوة والشباب بعد آلاف السنين التي مرت عليه
أما دلالة ألف الانفصال المفيدة للتعدد ،
ففي موسى فكأنه متعدد لمضاعفة قوته وكأنه أكثر من واحد ؛
فقد واجه فرعون مصر المدعي للألوهية والربوبية للناس لوحده،
لا يعينه إلا أخوه الذي كان وزيرًا له وفي الإفصاح في البلاغ فقد وحال غيابه،
أما التعدد عند عيسى عليه السلام، فقد عاش وسيعيش في قومين مختلفين،
وله لسانين كلم ويكلم كل منهما بلسانه الخاص بهم،
ومع طول السنين التي تمر عليه يبقى كما هو،
وكأن حياته الطويلة مركبة من حياة أفراد كثيرة،

أبو مسلم العرابلي
11/11/2016, 05:49 PM
(20) يونس عليه السلام

"
"يونس" من مادة "أنس"
ومادة "أنس" مستعملة في التأخير والإبعاد
فكل جديد على الإنسان يلفه الجهل به والريبة فيه،
والأنس يكون إذا أبعدت وأخرت الجهل والريبة عنه،
والونس مثل الأنس،
والجذور التي فيها النون والسين مع احد حروف العلة كلها في التاخير والإبعاد؛
فالنسيان من "نسي" وهو تأخير الشيء عن موعده، أو إبعاده،
والنسيئة من "نسأ" وهي:تأخير الشهر الحرام عن موعده، والنساء
والمنسأة من "نسأ" وقد أخرت علم الجن بموت سليمان مدة طويلة،
والإنسان من "أنس" وخلقه تأخر بعد خلق الملائكة والجن،
ومن الاسم نفسه الناس،أو هو من "نوس".
والنساء من "نسو" وهو اسم للجمع لا مفرد له؛ لأن قائم على تأخير جنس الأنثى عن الذكور في التكاليف والواجبات،
واسم "يونس" عليه السلام من "أنس" وسيرته قائمة على البعد؛
فأبعد عن قومه إلى ركوب السفينة،
ثم أبعد من السفينة في البحر،
ثم من البحر في بطن الحوت،
ثم من الحوت إلى العراء،
ثم العودة إلى قومه،
وذكر يونس أربع مرات،
فمرة ذكر في قصة رفع العذاب وتأخيره عن قومه بعدإيمانهم؛ وهم القوم الوحيدون الذي أخر عنهم العذاب ورفع بعد إيمانهم؛
: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ {98} يونس.
ومرة لما فارق قومه ثم أبعد من السفينة ولما أصابه بعد ذلك؛
: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ {139} إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ {140} فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ {141} فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ {142} فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ {143} لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {144} فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ {145} وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ {146} وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ {147} فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ {148} الصافات.
ومرتين مع جمع من النبيين؛
: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا {163} النساء.
: {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ {86} الأنعام.
}

أبو مسلم العرابلي
11/11/2016, 10:26 PM
ملاحظة
بدأ كل من اسم "يوسف" و"يونس" بياء زائدة
واستعمال الياء هو لبيان التحول من حال سابق إلى لاحق،
وما أكثر التحولات في سيرة كل من "يوسف" و"يونس"

فالتحولات في سيرة يوسف عليه السلام؛
من طفل مدلل في أحضان إبيه إلى جب نبذ فيه،
إلى سيارة أسرَّته بضاعة،
إلى عبد في بيت العزيز،
إلى سجين ملقى فيه بضع سنين
إلى أن ختمت حياته بالتحول ليصبح عزيزًا لمصر،

أما التحولات في سيرت "يونس" عليه السلام؛
متحولا عن قومه إل سفينة تبعده عنهم،
ومن السفينة إلى بحر هائج ،
ومن امواج البحر إلى بطن الحوت،
ومن بطن الحوت إلى العراء الذي نبذ فيه،

وختم بالتحول عائدًا إلى قومه الذين آمنوا بعد خروجه وغيابه عنهم

أبو مسلم العرابلي
13/11/2016, 07:47 AM
(21) أيوب عليه السلام


اسم أيوب من مادة "أوب"
ومادة "أوب" مستعملة في العودة إلى المكان والأصل فيظهر فيه ويستمر.
وأيوب عليه السلام أكثر الأنبياء فتنة في جسده وماله واهله، فكان صبورًا رجّاعًا إلى الله.
حتى ضرب به المثل : صبر أيوب،
ثم رد الله تعالى إليه صحة بدنه وأهله وماله بعد كل هذه الابتلاءات.
وقد ذكر أيوب في القرآن أربع مرات؛ مرتان في جمع من الأنبياء،
ومرتان فيما حدث له من الضر؛
: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {83} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ {84} الأنبياء.
: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ {41} ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ {42} وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ {43} وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ {44} ص.

أبو مسلم العرابلي
13/11/2016, 07:57 AM
(22) إلياس عليه السلام

..
اسم "إلياس" من مادة "ليس"
ومادة "ليس" مستعملة في الثبات،
ومنه سمي الأسد "الأليس" لثباته،
ومنه استخدام "ليس" للنفي؛ أي بقاء الشيء على ثباته،
واسم "إلياس" جاء من ثباته في دعوته ومواجهة قومه،
وقد ذكر مع ثلاثة أنبياء في أسمائهم الدلالة على الثبات؛
: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ {85} الأنعام.
فزكريا الممتلئ علمًا وتقوى أشد الناس ثباتًا، ويحيى الذي ثبت حمل أمه العاقر به، وعيسى الذي ثبت خلقه من نطفة أمه فقط،
ووصف الأربعة بالصالحين، والصلاح من البقاء والثبات على الفطرة السليمة، لا يدخلها فساد في عقيدة أو خلق.
وذكر ثباته في دعوته، والسلام عليه بعد هلاك قومه؛
: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ {123} إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ {124} أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ {125} اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ {126} فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ {127} إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ {128} وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ {129} سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ {130} إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ {131} إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ {132} الصافات.

أبو مسلم العرابلي
13/11/2016, 08:10 AM
(23) ذو الكفل عليه السلام

.
اسم ذو "الكفل" من مادة "كفل".
ومادة "كَفَل" مستعملة في رعاية ما يضمه إليه.
والذي يتولى رعاية غيره هو من الأخيار ومن الصابرين؛
: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ {85} الأنبياء
: {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَارِ {48} ص.

أبو مسلم العرابلي
13/11/2016, 08:15 AM
(24) اليسع عليه السلام

.

نستعرض بعض ما في الجذور التي تتقدم فيها السين على العين ومعهما أحد حروف العلة
الساعة من "سوع" وهي جزء من الزمن، وهو جزء من أربع وعشرين جزءًا من زمن متواصل، يتكون منها الليل والنهار، والساعة جزء من الزمن تؤدى فيه مهمة وعمل، ولذلك تدل على المشقة،
لذلك يسمى يوم البعث بقيام الساعة لأن الدنيا تنتهي فيها لتبدأ بعدها الآخرة، ولما يجري فيه من الحساب والشدائد، وما أن تذكر حتى يثار في النفس الخوف والهلع جراء التهديد والوعيد بها
يقول تعالى: "لا تستأخرون ساعة" ولم يقل "تستقدمون ساعة" لأنه في التأخير زيادة وامتداد في الزمن، وإذا علم بالساعة وأنها قد أخرت قام يستعد لها بكل اجتهاد فيه مشقة عليه، .. أما لو تقدمت وهو في غفلة ولو عرف تقدمها لم يكن هناك أي متسع من الوقت لعمل أي شيء ينفعه عند ربه، فذكرت الساعة مع التأخير ولم تذكر مع التقديم
وساع الماء والسراب : اضطرب وجرى على وجه الأرض، فالماء بهذه الحالة يكون مليئًا بالطين ومنتشرًا على وجه الأرض، وتسوء رؤية ما فيه وفي السراب،
وسيَّع الحائط : طينه بالطين، أي بسط الطين عليه إصلاحًا له حتى يدوم عمره، وسيع السفينة كذلك : طلاها بالقار طليًا خفيفًا،
وأسعت الشيء أضعته، وناقة مسياع ضائعة مهملة تصبر على الجوع والجفاء وسوء القيام عليها فهي تنبسط في الأرض بلا راع يرعاها، وفي كل ذلك كان في امتداد وسعة وزيادة
ووسع المكان والحفرة، صار فيه أو فيها امتداد وزيادة لوضع المزيد
والسعي: العمل، والقصد، والمشي، والمضي، والذهاب، وفي كل ذلك عمل وسعي، وما امتد فوق ذلك من سيره وطلبه للمزيد من الرزق، وقضاء الحوائج، والانبساط في الأفعال الحسنة والسيئة، وقد يكون من سعيه فوق عمله فعل غيره ممن اقتدى به في الخير أو الشر.
وفي كل ما ذكرناه كان هناك زيادة فوق المقدار في الاتساع، والسعي، والساعة، والتسيع
وسواع من مادة "سوع" : اسم صنم عبده قوم نوح عليه السلام، ثم بعثه الشيطان بعد الطوفان فعبدته هذيل، فزادت بذلك مدة عبادة المشركين له.
ويسوع المسيح عليه السلام من مادة "سوع"، ويسوع كما ورد في اللسان هو اسم جاهلي، أي قد عرف عند العرب قبل الإسلام، فعيسى عليه السلام قد زيدت في عمره زيادة لم تحصل لغيره، فهو سيعيش حياة ثانية بين الناس، بعد انقطاع قارب الألفي عام لو نزل اليوم بيننا.
وعلى ذلك فدلالة تسمية عيسى باليسوع على أنه العائد بعد طول غياب، والزائد في عمره فوق المقدار الذي عاشه قبل وفاته ورفعه .
واليسع من نفس العائلة؛ فاسمه حامل صفة الزيادة والامتداد،
ولم يذكر في القرآن إلا في آيتين مع مجموعة من الأنبياء.

: {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ {86} الأنعام.
: {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَارِ {48} ص

.

أبو مسلم العرابلي
13/11/2016, 08:27 AM
(25} ذو القرنين عليه السلام


اسم ذو القرنين من مادة " قرن"
ومادة"قرن" مستعملة في الاجتماع على خلاف؛
فقرنا الثور أو الكبش مجتمعان في الرأس ومتجهان إلى جهتين مختلفتين،
والمشرق والمغرب على نفس المكان قرنا لبعض لأنهما يقعان في جهتين مختلفتين على نفس المكان،
والشيطان قرين للإنسان؛ لأنه يظل معه وهو مخالف له، ويسعى لتكفيره لأجل هلاكه،
والدواب تقرن مع المسافر في سفره؛ فهما مجتمعان في السفر على خلاف بينهما، له الراحة وعليها المشقة،
وكل أمة يرسل لها رسول تنقسم إلى قرنين مختلفين؛ قرن كافر وقرن مؤمن، كل منهما يخالف الآخر ويعاديه، وخص القرن الكافر بالتسمية لأنه هو سبب الخلاف لأنه لم يؤمن، وتكرر في قول الله تعالى "وكم اهلكنا من قرن"، "وكم أهلكنا من القرون"
وقوله عليه الصلاة والسلام: "خير القرون قرني هذا ثم الذين يلونهم ثم الذي يلونهم"
وسمى المؤمنون بالقرن؛ لأنهم هم سبب الخلاف للكافرين، حيث أمروا بمجاهدتهم في عقر دارهم،
وقد حكم الله تعالى ذا القرنين على القرن الكافر والقرن المؤمن معًا بالعقاب والمكافأة؛
: {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا 83 إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا 84 فَأَتْبَعَ سَبَبًا 85 حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا 86 قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا 87 وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا 88 ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا 89 حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا 90 كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا 91 ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا {92} الكهف.
ولا قيمة للقول بأنه كان يلبس على رأسه قرنا ثور ،
فاستعمال التسميات في القرآن لا يبنى على مثل السخف،
وكذلك لم يبن على ذهابه لمغرب الشمس ومشرقها،
فقد ناداه الله تعالى "يا ذا القرنين" قبل ذهاب إلى مشرق الشمس،
ولما ناداه يا "ذا القرنين" قال له : "إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا "
ولكن هل ذو القرنين نبي أو صاحب ملك صالح ؟!
مخاطبة الله تعالى له تدل عندي على نبوته،
وإن كانت التسميات هي للإشهار بإحدى الصفات،
وليست تغييرًا لواقع الحال، والله تعالى أعلم،

أبو مسلم العرابلي
13/11/2016, 08:31 AM
(26) لقمان عليه وعلى الصالحين السلام


اسم لقمان من مادة "لقم"،
ومادة "لقم" مستعملة في ضم الشيء والإحاطة به وغلبته،
ومن ذلك لقم الطعام حيث يضم إلى الفم والإحاطة به وغلبته مضغًا وبلعًا،
والمشهور عن لقمان الحكمة، أي أنه ضم إليه من الحكمة والمعارف، وأحاط بها في نفسه، فعظمت منفعته بها،
: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ 12 وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ {13} لقمان.

أبو مسلم العرابلي
21/11/2016, 07:47 AM
{27) طالوت ملك في بني إسرائيل

اسم طالوت من مادة "طَوَلَ"
ومادة "طول" مستعملة في بيان القدرة.
وقد وردت في القرآن بفتح الطاء وضمها،
فـمادة "طَول" فتح الطاء في القدرة المفتوحة؛
: {اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ منهم {86} التوبة. أي أصحاب القدرة الجسدية والمالية،
: {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ {3} غافر.
والله تعالى ذو القدرة المفتوحة غير المحدودة،
: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم {25} النساء؛
أي قدرة غير محدة على فتح البيت الشرعي والمهر وتكاليف الزواج.
وكذلك لا تحد القدرة في امتداد العمر والزمن والأمد بحدود معلومة؛
{ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ {86} طه.
: {بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاء وَآبَاءهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ {44} الأنبياء،
: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ {16} الحديد.

ومادة "طُول" بضم الطاء في القدرة المحدودة؛
: {إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً ر37} الإسراء،
الجبال نصبت بعد انبساطها، والقدرة في نصبها أوصلها إلى هذا الحد الذي عليه كل جبل.
والطُول بضم الطاء يمكن أن يكون مقاسًا لأنه محدود، ولا يذهب ذلك صفة القدرة فيه،
ويكثر استخدام الطول في القياس في الممتد أكثر من غيره؛ كقولنا طوله كذا وعرضه كذا ...

وطالوت أعطي قدرة مفتوحة لم تحدد؛ مصدرها السعة في العلم والبسطة في الجسم،

: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {247} البقرة
: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ..{249} البقرة.
وزيادة واو الباطن والداخل في اسم طالوت لتدل على ان قدرته في نفسه وجسده، وليس فيما امتلكت يده،
وزيادة تاء التراجع في آخر اسمه للدلالة على أنه وصل مرتبة تتراجع عنه المراتب الأخرى في القوة وتكون دونه، إلا ماكان مثيلا له،

أبو مسلم العرابلي
21/11/2016, 08:33 AM
(28) زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم


اسم "زيد" اسم عربي لا خلاف فيه من مادة "زيد"
ومادة "زيد" مستعملة فيما حصل له امتداد ونماء وكثرة،
وزيد بن حارثة رضي الله عنه حصلت له زيادات كثيرة،
أنه انتقل من العبودية إلى الحرية،
ونال منزلة رفيعة عند سيد الخلق،
بل صار ابنًا لسيده، فأصبح يدعى "زيد بن محمد" أشرف الخلق، حتى نزل تحريم التبني،
وزوجه زواجًا شريفًا؛ فزوجه بابنت عمته؛ "زينب بنت جحش"
وصار اسمه في قرآن يتلى مدى الدهر إلى يوم القيامة،
واختتمت حياته قائدًا وشهيدًا،
: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا {37} الأحزاب.

أبو مسلم العرابلي
21/11/2016, 09:37 AM
{29) عمران عليه السلام


اسم "عمران" على وزن "فعلان" من مادة "عمر"
ومادة "عَمَر" مستعملة فيما دام واستمر في الحياة
أو في البقاء في الشيء مدة طويلة.
ووزن فِعلان بالكسر مستعملة في جموع متكافلة في خدمة غيرها،
أو تكون عليها؛
مثل: فتيان، وغلمان، وولدان، وإخوان،
وصفة عمران أنه تقي نقي لا يؤبه به،
فعمله لغيره لا ينال منه أجرًا أو شكرًا ومدحًا،
ولولا ارتباط اسمه باسم ابنته مريم،
لما عرف وذكر بين الناس.

أبو مسلم العرابلي
21/11/2016, 09:53 AM
{30) جبريل عليه السلام

اسم جبريل من مادة "جبر"
ومادة "جبر"مستعملة في إعادة الوصل والالتزام بين طريفين
وجبريل عليه السلام هو كبير الملائكة، ومكلف بأهم الأعمال وأشرفها،
وهو وصل العباد برب العباد، بما يحمله من رسالات إلى الأنبياء الذي يختارهم الله تعالى لرسالاته،
ليعيد العباد إلى عبادة رب العباد بالأوامر والنواهي التي يأتي بها،
وفي اسم جبريل زيادتان مهمتان؛
الياء المحصورة، واستعمال الياء لبيان التحول من شيء أو أمر سابق إلى لاحق يثبت عليه،
كياء اليتيم في أول "يتم"؛ لقد كان الطفل بأب فأصبح بلا أب؛ فتحول حاله تحولا دائمًا ثابتًا لا يتغير أبدًا ،
وحصر الياء يفيد ثبات الشيء وامتناع التحول فيه،
ومن ذلك استعمال الياء الزائدة في وزن الأسماء والصفات على وزن "فعيل" لبيان أنها صفات دائمة ثابتة،
مثل العزيز، العليم، الحميد ، المجيد، الكريم، وكثر استعماله في الأصوات الدائمة، صهيل، شهيق، زفير، نهيق، خرير، ....
ودلالة الياء المحصورة في اسم جبريل عليه السلام أن المهمة التي هو فيها مهمة دائمة ثابتة.
وقويت هذه الدلالة بلام القرب والالتصاق، وهي الحرف الأخير الذي له صفة الاستقرار والاستمرار،
فهو ملتصق بمهمته واستمرار ثبوته عليها، ولا عمل له في الدنيا غيرها

أبو مسلم العرابلي
21/11/2016, 09:02 PM
(31) مالك خازن النار

ا
سم "مالك" على وزن "فاعِل" من مادة "ملك".
ومادة " ملك" مستعملة في الغلبة والإحاطة بالشيء وضمه،
ومن ذلك "الملِك" لغلبته عظماء رعيته في تولي الأمور والإحاطة بالبلاد والعباد وضمهما إليه،
ومن ذلك "الملَك" وهو المحيط بأمر الله وما يكلف به، فيحيط بما يكلف به، ويؤديه بتمامه وكماله،
فالملائكة جمع "ملَك" يقومون بالتسبيح خير قيام، وحمل الرسائل والأوامر، ونصرة المؤمنين، وهلاك الكافرين، وقبض الأرواح، وغير من التكاليف التي يكلفون بها، وهم قادرون على أدائها، ويكثر ذكرهم في عذاب الكافرين،
و"مالك" خازن النار هو كبير ملائكة العذاب المكلفين بعذاب أهل النار، وتأجيج النار عليهم، والطواف به بين الجحيم والحميم، ومنع خروجهم منها.

أبو مسلم العرابلي
21/11/2016, 09:32 PM
(32) هاروت صاحب ماروت أحد ملائكة العقاب


اسم "هاروت" من مادة "هرت"
ومادة " هرت" مستعملة في التمزيق والشق الطعن،
ومن ذلك شق الثياب وتمزيقها
والطعن في العرض وإفساد العلاقات الزوجية
وهذا عمل هاروت المكلف به في عقاب أهل بابل
ويكمل "ماروت" في قطع هذه العلاقة الزوجية بالطلاق والحرمان من الذرية وتجريدهم منها.
قال تعالى: {وما انزل على الملكين بباهل هاروت وماروت {102} البقرة.
وهاروت وماروت من الملائكة الدائمين في الأرض، وما أنزل على الملكين جاء به ملائكة آخرين أرسلوا إليهم بهذا الأمر،
وعند نقل الأمر من الملائكة القادمين إلى الملائكة المقيمين في الأرض ...
تجد الشياطين فرصتها في استراق السمع، وتعلم مما ينزل على الملائكة،

أبو مسلم العرابلي
21/11/2016, 11:09 PM
(33) ماروت صاحب هاروت أحد ملائكة العقاب

ومادة " مرت" مستعملة فيما جرِّد مما عليه أو من العطاء،
والأرض المرت التي تُمطَر ولا تنبت، والجلد لا يخرج الشعر، وكذلك الحاجب.
وعلى ذلك حرمان الزوجين من الذرية بمرت العلاقة بين الزوجين فيكون الفراق والطلاق، وتجريدهما من الذرية.
وقد يكون ذلك العقاب عقابًا لما شاع بين القوم في (بابل) من عبادة الفرج، ونسبة وجود الذرية إليه لا إلى الله عز وجل، وقد بقي لهذه العبادة آثار إلى يومنا هذا عند قلة من الناس في أرض العراق أرض بابل
واسم "بابل" من مادة "ببل"
واستعمال حروفها " بابل" يدل على خروج وظهور والتصاق بعضهاها ببعض،
وهذا ما يوافق الحدائق المعلقة التي اشتهرت بها بابل

راجع هاروت وماروت الذي ظلموا (www.wata.cc/forums/showthread.php?53106-)

أبو مسلم العرابلي
21/11/2016, 11:18 PM
(34) ميكال ملك الأرزاق


اسم "ميكال" من مادة "كيل"
: {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ {98} البقرة،

ومادة "كيل" مستعملة في المقادير الثابتة التي تصرف وتضم وتلحق بالمحتاجين لها
: {فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ {60} يوسف،
: {وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ {65} يوسف،
وميكال عليه السلام كبير الملائكة المكلفين بتوزيع الأرزاق على الناس بأمر الله تعالى
واسم حامل للصفة الدالة على مهمته وعمله المكلف به.

أبو مسلم العرابلي
22/11/2016, 08:33 AM
(35) الطاغوت اسم جامع لكل مفسد جبار


اسم "الطاغوت" من مادة "طغى"
ومادة "طغى" مستعملة في البسط والهيمنة التي تخفي تحتها خصائص المسيطر عليهم،
وزيادة التاء في "طاغوت" للدلالة أن انه وصل إلى درجة عالية من الفساد،
تتراجع عنها كل منازل الفساد وتكون دونها.
ودلالة الواو أنه في منزلة لا يشاركه أحد فيدخل معه
وبداية الاسم بطاء الاستعلاء والهيمنة، وهي وحدها كافية للدلالة على طغيانه

أبو مسلم العرابلي
22/11/2016, 09:05 AM
(36) إبلس المتحير


اسم "إبليس" من مادة "بلس"
ومادة "بلس" مستعملة للتحير، فكل ما ذكر في القرآن منها كان فيه تحير
ومنه البُلس للعدس؛ لأن حب العدس متحرر في أوعيته لا يثبت في جانب منه،

لما جاء امر الله للملائكة بالسجود لآدم
وقف إبلس متحيرًا؛
أيسجد لآدم خوفًا من عقاب الله له إن لم يسجد ...
أم يسجد لهذا المخلوق من طين وحمأ مسنون ...
قامت الملائكة بتنفيذ أمر الله .. وانتهى السجود ... وإبليس ما زال واقفًا متحيرًا على حاله .. فلم يسجد ...
فساءله الله تعالى عن عدم سجوده : (يا إبلس لم تسجد؟)
فكانت إجابته بيانًا لما في نفسه من الكبر وحكمًا عليه بفعله ...
قال: (خلقتني من نار وخلقته من طين)
أقر بتكبره،
ورد بما أدان به نفسه ؛ بأن الذي اختار له ان يكون خلقه من نار هو الله تعالى
وأن الذي اختار لآدم ان يكون خلقه من طين هو الله تعالى ...
فلم إذن هذا التكبر ؟!
فحكم عليه لذلك بالطرد من الجنة..
ولم يسم إبليس بهذا الاسم إلا في هذا الموقف
وموضعين آخرين فيهما التحير
: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقًا من المؤمنين {30} سبأ
كان متحيرًا ... أيستطيع إغواءهم ... ام لا يستطيع ؟! ... لكنه نجح في إغوائهم.
وموقف آخر يوم القيامة ؛
: { فكبكبوا فيها هم والغاوون {94} وجنود إبلس أجمعون {95} الشعراء.
لقد كان هو وجنوده في موقف الحساب في أشد الحيرة ...
لا يريدون دخول النار .. وليس لهم سبيل يصرف عنهم عذابها
وفي غير ذلك لم يسم الشيطان بإبليس.

أبو مسلم العرابلي
22/11/2016, 09:51 AM
(37) الشيطان الرجيم العدو الأول للإنسان


اسم "الشيطان" من مادة "شطن"
ومادة "شطن" مستعملة في بقاء الشيء معلقًا في الوسط لا يعتمد على شيء

والشطن هو الحبل الثاني للدلو وكل حبل شطن للآخر حتى يبقى الدلو بعيدًا عن جوانب البئر لا يعتمد عليها فيتلف منها،

وعمل الشيطان أن يبعد الإنسان عن الله فلا يجد بعد الله ما يعتمد عليه
واول ما سمي الشيطان بهذا الآسم بعد نجاحه في إغواء آدم وإخراج من الجنة ليأكل من الشجرة،
وانظر إلى هذه الآية بعد انتهاء السجود وتسمية الشيطان بإبليس؛
: { فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى {117} طه.
لم يقل إن إبلس ؛ لأن موقف التحير الذي كان عليه إبليس وسمي به قد انتهى وتم طرده من الجنة
ولم يقل إن هذا الشيطان؛ لأن الشيطان لم يغو آدم بعد ولم يخرجه من الجنة،
ولكن الله تعالى قال : إن هذا، و"هذا" اسم إشارة للقريب لا تدل على أي صفة للمشار إليه.

وكل من يفعل فعل الشيطان في إبعاد العباد عن رب العباد هو شيطان؛ كان من الجن أم كان من إنس !
: { وكذلك جعلنا لكل نبي عدو شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا {112} الأنعام.

أبو مسلم العرابلي
22/11/2016, 10:32 AM
(38) هامان وزير فرعون


وهامان من مادة "همن"
ومادة "همن" مستعملة في اشتمال ما دونه واحتوائه
ومن ذلك اسم الله تعالى "المهيمن"
ووصف القرآن بالمهيمن على الكتب السابقة
والهيمان ؛ المنطق الذي يشد به الإزار ويثبته على حقو الإنسان

وهامان قد هيمن على أمر فرعون وعلى من هم دونه من الملأ والوزراء،
ولذلك خص بالذكر في إرسال موسى إليه مع فرعون وقارون
وهو الذي يشد أزر فرعون في حكمه والمؤتمن عنده وقائد جنده،
: {إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين {8} القصص.

أبو مسلم العرابلي
22/11/2016, 11:34 AM
(39) فرعون رأس الكفر المدعي للألوهية


اسم "فرعون " من مادة "فرع"
ومادة "فرع" مستعملة في امتداد وتطاول الطرف على أصله
والفرع أعلى الشجرة االنامي الممتد إلى الأعلى،
وفرعون هو قمة قومه وفرعها العالي، وجاء اسمه من ذلك،
وقد طلب فرعون العلو في الأرض، واتبع سبيل الفساد لذلك،
وحتى الفراعنه أرادوا العلو في مبانيهم، وصروحهم،
وتجاوزت جرأتهم في طلب العلو إلا الإدعاء بالربوبية والألوهية؛
: {فقال أنا ربكم الأعلى {24} النازعات.
: {وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إلهًا غيري ..{38} القصص.
وزيادة الواو المحصورة التي تشير إلى الباطن والداخل في اسم فرعون
للدلالة على أن الأمر قد حصره بنفسه، ولا يقبل لأحد الدخول معه فيه،
ودلالة نون النزع الأخيرة على انه نزع نفسه عن الآخرين بما ميز به نفسه.

أبو مسلم العرابلي
22/11/2016, 11:39 AM
(40) جالوت قائد القوم الجبارين



اسم جالوت من مادة "جول"
جال في المكان والبلاد بسط سعيه وقدرته فيها،
وجلل الشيء عم جميعه ما بسطه عليه، وجلل الناس بسط عطاؤه عليهم جميعًا،
والأجل بسط الزمان للناس إلى أمد محدد،
وجالوت قد بسط قدرته على العباد وفي البلاد، ووصف قومه بالجبارين،
فلما قتل انفض عقد قومه وهزموا؛
: {قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده {49} البقرة،
: { ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا {50} البقرة،
: {فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت {51} البقرة.

أبو مسلم العرابلي
22/11/2016, 04:18 PM
(41) السامري عابد العجل


اسم "سامر" من مادة "سمر"
ومادة "سمر" مستعملة في السهر جماعة خارج البيت، والسهر داخل البيت
والسامري منسوب لفعله في جمع الناس حول العجل لعبادته
: {مستكبرين به سامرًا تهجرون{67} المؤمنون.
: {قال فإنا فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري {85} طه،
: {فقذفناها فكذلك ألقى السامري {87} طه،
: {قال فما خطبك يا سامري (95} طه

أبو مسلم العرابلي
22/11/2016, 04:48 PM
(42) آزر الأب الثاني لإبراهيم عليه السلام


اسم "آزر" من مادة "أزر"
ومادة "أزر" مستعملة في المساعدة والمعاونة
وآزر الأب العم لإبراهيم عليه السلام،
وقد تبرأ منه إبراهيم في أول عمره لما تبين له أنه عدو لله،
أما الأب الوالد فذكر أن اسمه "تارح" ،
وقد طب إبراهيم لوالديه المغفرة في آخر عمره مما دل على أن آزر ليس والده،
وعند العرب يسمون العم أب، ولكنهم يميزونه عن الوالد بذكر اسمه بجانب وصفه بالأب (أبي فلان)
وقد جاء في القرآن تسمية العم بالأب في قول أولاد يعقوب لأبيهم؛
: {قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق {133} البقرة
وإبراهيم جدهم، وإسماعيل عمهم، وإسحاق والدهم
وآزر قد قدم العون والمساعدة لابن أخيه إبراهيم وإخفائه عن النمرود حتى شب ونما وخرج للناس،
ولهذه المؤازرة لإبراهيم سمي آزر
وهذا الاسم الأخير في هذه السلسلة
أرجو من الله تعالى أن ينفع بها عموم المسلمين
وأن يكونوا على يقين بأن كل ما في القرآن عربي أصيل

أبو مسلم العرابلي
24/11/2016, 09:43 PM
(38) قارون ذو الخزائن الممتلئة بالكنوز


اسم "قارون" من مادة "قرن"،ـ
ومادة " قرن" مستعملة في الاجتماع على خلاف.
فقرين الإنسان دائمًا معه ولكن مخالف له ولا يريد إلا إغواءه،
وقرنا الثور مجتمعان في الرأس ومختلفان في الاتجاه،
ومطع الشمس ومغربها على نفس المكان قرنان؛ لأنهما على جهتين مختلفتين منه،
والمؤمنون والكافرون قرنان؛ لأنهما على خلاف دائم.
وذو القرنين قد حكمه الله تعالى على القرن المؤمن والقرن والكافر،
وقارون هو من بني اسرائيل وابن عم موسى كما يقولون،
فاجتمع مع موسى في الأصل، وخالفه في الفعل وكفر به،
بنو إسرائيل قد اتبعوا موسى وقارون قد اتبع فرعون وعادى لأجله موسى
فسمي لذلك بقارون؛ لمخالفته موسى وقومه،
: {إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولي القوة..{76} القصص.

أبو مسلم العرابلي
26/11/2016, 11:17 PM
(39) أبو لهب : أول الكافرين والأشقياء


أبو لهب ؛ عبد العزى بن عبد المطلب، عم النبي صلى الله عليه وسلم،
وأول الكافرين برسالته،
وكان عضب الله عليه كبيرًا؛ لأنه ليس له أي عذر يعتذر به كافر في كفره،
فليس النبي من قوم آخرين، ولا قبيلة أخرى، ولا من أسرة أخرى،
وتشريف النبي بالنبوة شرف له،
فلم يسم باسمه، ولا بقومه، ولا بفعله، حيث بادر بما لم يقم به من قبل،
فسمي بكنيته، المستمدة من لونه الأبيض المحمَّر بلون اللهب،
موافقة لفعله الذي قاده إلى نار جهنم ولهبها،
ولم يذكر من العرب في القرآن إلا شخصان؛
بعيد النسب وكان عبدًا فأكرمه الله بالحرية ثم نسب إلى محمد،
ثم كان من أول المسلمين الذين آمنوا
بنبوة ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم،
فسماه الله تعالى باسمه "زيد" الذي حمل اسمه فضل الله عليه
فكان حِبَّ محمد الذي رفعه الله تعالى بإيمانه
وحبه وتعلقه بمحمد صلى الله عليه وسلم،
والآخر هو "أبو لهب" شديد القرب في نسبه من النبي عليه الصلاة والسلام،
فلم ينفعه نسبه مع الكفر والصد عن سبيل الله،
فكان من الهالكين من أصحاب الجحيم،
فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

أبو مسلم العرابلي
28/11/2016, 08:02 AM
لرفع العجمة عن أسماء الأنبياء
بدأنا في نشر بحث جديد
أسرار منع صرف الأسماء (http://www.wata.cc/forums/showthread.php?105957-)