المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صفحة بيضاء



عبدالله الطليان
11/12/2016, 06:40 PM
المكان يخلب القلب رسمه الخالق لوحة بديعة تبهج النفس وتزيل الكدر , أشجار مرصوصة ومنسقه وحقول ممتدة من الزهور العطرة مختلفة في اللون والشكل تبهر البصر تجعله في نهم مستمر , ولأذن تطرب لأنغام الطيور التي تحلق هنا وهناك في حرية يتوق إليها البشر, الذي راحت أصواتهم تقترب من المكان تعلو في ضحكات متموجة تنطلق إلى عنان السماء بلا خوف أو ريبة من أطفال اعتادوا ان يهرعون إليه بحماس منذ بزوغ الشمس يرحل الوقت ويمضي وهم غارقون في اللعب طفل يجمع أغصان يابسة ليصنع بها بيت وطفلة تقطف مجموعة من الزهور وتعيد غرسها حول ذلك البيت الذي شيد من الأغصان تقف لحظات ثم تصدح بصوتها الشجي :
يا زهرتي الجميلة ..... كم أنتي جميلة
ينقطع صوتها فجاءه وتهجم عليها الحيرة وتكبلها عندما تاه بصرها بين ألوان الزهور سوف أضع هذه الزهرة الحمراء بل الصفراء لا هذه البنفسجية اللون سوف اغرسهم جميعاً هنا , فك قيد حيرتها صوت صديقها الذي طلب منها جلب المزيد من هذه الزهور فهرولت وهي ترقص مرة ومرة تتمايل بجسدها الممتلى حيوية ونشاط إلى الحقل تعيد التغريد من جديد ترسم بخطواتها نوته عذبه , وهم منغمسون في اللهو راح المساء يقبل و يرخي سدوله ببطء فعاد الجميع إلى دورهم وهم في شوق إلى لقاء آخر , غمر المكان الظلام وتوقف حركات الطيور وأصواتها في السماء أما الأرض فراحت الحقول ترسل أصوات بعض الحشرات تعلن وجودها ولكنها لم تصمد كثيرا فلقد أسكتها صوت الرعد وانهمار المطر الذي اخذ يهطل بغزارة جعل الخوف يتسرب إلى تلك الطفلة وهي جاثمة في حجر أبيها تغمض عينيها أحيانا لكي لاتشاهد منظر البرق وأبيها يبتسم وبيعث الطمانينه فيها لاتخافي ياصغيرتي سوف يتوقف الرعد وهطول المطر , غمرة جسمها بقوة في حجر ابيها وهي توتمتم ببعض الكلمات التي كان الخوف يغلفها ابي هل بلامكان ان نعود الى الحقول غدا ؟ اتمنى ذلك ياصغيرتي ولكن هذا في حال توقف المطر اغمضت عينيها من جديد فتسرب النعاس إليها الذي رسى بها الى السبات .

سعيد نويضي
14/12/2016, 08:20 PM
بسم الله و الحمد لله و سلام الله على الأديب الفاضل عبد الله الطليان...

كل عام و أنتم بألف خير...


وصف جميل و دقة في التعبير عن مشهد هادئ رومانسي حتى النخاع ... بريء إلى درجة البياض... ناصع إلى حد الصفاء...ذاك الذي يعكس الطفولة القابعة في الذكريات...
كان الأب في غياب الأم يلعب الدورين معا…يصاحبها هي و صديقها من الجيران أو من تلامذة المدرسة و يراقبهما و هما يؤسسان بيت الحلم المستقبلي و يزينانه بالورود كجمال تكشف الطبيعة به عن فصلها من فصولها التي لم تعد مستقرة كما كانت من قبل…فهو الربيع حيث تغدو الورود و الزهور و الطيور في حفل تشترك في إقامته كل الكائنات الحية…لكن الطبيعة غير آمنة و لا يمكن أن تظل على حالها و لا يمكن الثقة في أمانها…فقد أرعدت السماء و أبرقت و تساقطت الأمطار حتى احتضن الأب الطفلة ليذهب عنها الخوف و يشعرها بالأمن و الأمان و الطمانينة…كان المساء قد حل و لكن الطفلة قد أحبت المكان فسألت أباها عن العودة…العودة إلى جمالية المكان و حب الزهور و اللعب…غلب التعب على الطفلة فنامت…هكذا هم الأطفال صفائح بيضاء تعكس أمانة التنشئة و مسئولية التربية و التعليم…فهل حقا أعددنا لهم من البرامج ما نلقى به رضا رب العالمين و نحن مطمئنين…؟فكل صفحة بيضاء ستملأ بحبر…فما هي الدلالات التي سيحملها ذاك الحبر و ما مصير تلك الصفحة البيضاء…؟

تحيتي و تقديري...