نزار ب. الزين
27/10/2006, 01:36 AM
عقلاء المجانين
قصة قصيرة
نزار ب. الزين*
مجموعة من طلاب كلية الطب برفقة أستاذهم ، يزورون مصح الأمراض العصبية و النفسية .
أحد الطلاب يلفت نظره مريض في ريعان الشباب ، جلس على طاولة في أحد أركان القاعة الثالثة ، و قد ملأ جيب قميصه بالأقلام ، و غرس وراء كل من أذنيه قلما إضافيا و انكب على ورقة بين يديه يرسم عليها خطوطا متقاطعة ؛ فتقدم منه و جرى بينه و بين المريض الحوار التالي :
- أنا محمد الأحمد طالب بكلية الطب ، هل لي أن أتعرف عليك ؟
فحملق المريض في وجهه مليا ، ثم أجابه هامسا :
- ألست من المكتب الثاني ( المخابرات ) ؟
- أبدا و الله أنا طالب جامعي و أقوم مع رفاقي بكتابة بعض الملاحظات عن مرضى المصح ، و قالوا لنا أن مرضى القاعة الثالثة يمكن التفاهم معهم لأن حالاتهم معتدلة .
وقف المريض و اقترب من الطالب ، ثم أجابه بصوت خفيض :
- هل يمكنك مساعدتي للخروج من هذا المعتقل ؟
أجابه الطالب هامسا :
- سأفعل ما بوسعي إذا أجبتني على كل أسئلتي :
عاد المريض إلى مقعده و ابتدأ من ثم يجيب :
* أنا إبراهيم السيد
* أنا ضحية مؤامرة دبرتها لي المعارضة يا دكتور..
* أنا من أعوان الرئيس ، و أكثر الناس التصاقا به ، و لكن عندما اكتشفت أنهم يخططون لإغتياله ، دبروا لي تهمة ، و ألقوني في غياهب هذا المعتقل .
* الرئيس لا يعلم أنني في المعتقل و من المؤكد أنه يبحث عني في كل مكان ..
* هل بإمكانك تمرير رسالة إليه ، أرجوك إفعل فالمؤامرة كبيرة وتشترك فيها بعض السفارات الأجنبية .
* أما هذه الأوراق فهي ملفات اختراعاتي التي ستغير العالم !
* الأول ، يتعلق بسلامة النقل بين القارات ، فأنت تعلم بمآسي حوادث الطيران و اختراعي هو بديل للطيران ، هو بكل بساطة عبارة عن تمديد كابلات بين الدول تتجاوز الجبال و البحار و المحيطات ، و تتنقل فوقها المركبات كأنها فوق سكك القطارات .
تجمع الآن حول ابراهيم طلاب آخرون و مرضى آخرون
يستريح ابراهيم قليلا ثم يتابع :
* أما الإختراع الثاني فهو أكثر أهمية ، هو حفر بئر عميقة .. عميقة جدا تخترق مركز الكرة الأرضية ثم تنفذ من الطرف الآخر ، فمثلاً إذا حفرنا البئر في دمشق يمكن أن تنفذ من إحدى المدن الأمريكية ! أليست الأرض كرة ؟
نشر ابراهيم أوراقه و قد امتلأت خطوطا غير مفهومة في كل اتجاه ، ثم أضاف :
- هذه هي مخططاتي هل يمكنك يا دكتور محمد أن توصلها إلى الرئيس ؟
أجابه محمد مبتسما :
- طبعا طبعا !
ثم أضاف هامسا :
- و تبلغه أن ساعده الأيمن ابراهيم السيد معتقل ؟
فأجابه :
- سأفعل ( على عيني و راسي ) !
*****
و أمام ذهول طلاب الجامعة و أستاذهم و مدير المصح صعد ابراهيم فوق الطاولة ، و أخذ يهتف :
-عاش ...عاش فكري بك ...
فرد المرضى بصوت واحد :
- عاش ... عاش... عاش
ثم هتف :
- من زعيمكم يا شباب ؟
فأجابوه بصوت واحد :
- فكري بك ...
من أبوكم يا شباب ؟
فأجابوه بأعلى أصواتهم :
- فكري بك ...
ثم أخذوا يهزجون مرددين وراء ابراهيم :
* فكري بيك ....فكري بيك
* لعينيك ... لعينك
* و يا دوّاره دوري دوري
* على عِداك دوري دوري
* و عِزي و بلادي ... سوريه
* الله يحميك ..... سوريه
* من شر عِداك ...سوريه
ثم هتف بصوت مبحوح :
- تسقط المعارضة العميلة .... تا
فردد المرضى :
- تسقط ... تسقط.... تسقط
ثم اتخذ موقف الخطيب و أضاف مقلدا صوت الرئيس و حركات يديه :
- أيها المواطنون ...يا معشر شباب القاعة رقم 3 ، أبشركم بأنني حصلت على وعد شرف من زوارنا الكرام ، بأنهم سيتعاونون معنا على فضح المؤامرة الإستعمارية ...الصهيونية .. الأمبريالية .....البلشفية.... الفاشية ..الماسونية.. الدنيئة ، و أنهم سينضمون إلينا في هذا الصرح الجبار ...صرح القاعة رقم 3 ... رمز النضال من أجل الحرية ...و ذلك لكشف المؤامرة الخسيسة ...التعيسة... .النجيسة .. النحيسة...الكبيسة ....و سيعملون على إخراجنا من هذا المعتقل في القريب العاجل !
* يحيى( طباطبة) المستقبل ....يا
و بصوت واحد رددوا :
* يحيى ....يحيى ....يحيى
----------------------------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو جمعية المترجمين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com
قصة قصيرة
نزار ب. الزين*
مجموعة من طلاب كلية الطب برفقة أستاذهم ، يزورون مصح الأمراض العصبية و النفسية .
أحد الطلاب يلفت نظره مريض في ريعان الشباب ، جلس على طاولة في أحد أركان القاعة الثالثة ، و قد ملأ جيب قميصه بالأقلام ، و غرس وراء كل من أذنيه قلما إضافيا و انكب على ورقة بين يديه يرسم عليها خطوطا متقاطعة ؛ فتقدم منه و جرى بينه و بين المريض الحوار التالي :
- أنا محمد الأحمد طالب بكلية الطب ، هل لي أن أتعرف عليك ؟
فحملق المريض في وجهه مليا ، ثم أجابه هامسا :
- ألست من المكتب الثاني ( المخابرات ) ؟
- أبدا و الله أنا طالب جامعي و أقوم مع رفاقي بكتابة بعض الملاحظات عن مرضى المصح ، و قالوا لنا أن مرضى القاعة الثالثة يمكن التفاهم معهم لأن حالاتهم معتدلة .
وقف المريض و اقترب من الطالب ، ثم أجابه بصوت خفيض :
- هل يمكنك مساعدتي للخروج من هذا المعتقل ؟
أجابه الطالب هامسا :
- سأفعل ما بوسعي إذا أجبتني على كل أسئلتي :
عاد المريض إلى مقعده و ابتدأ من ثم يجيب :
* أنا إبراهيم السيد
* أنا ضحية مؤامرة دبرتها لي المعارضة يا دكتور..
* أنا من أعوان الرئيس ، و أكثر الناس التصاقا به ، و لكن عندما اكتشفت أنهم يخططون لإغتياله ، دبروا لي تهمة ، و ألقوني في غياهب هذا المعتقل .
* الرئيس لا يعلم أنني في المعتقل و من المؤكد أنه يبحث عني في كل مكان ..
* هل بإمكانك تمرير رسالة إليه ، أرجوك إفعل فالمؤامرة كبيرة وتشترك فيها بعض السفارات الأجنبية .
* أما هذه الأوراق فهي ملفات اختراعاتي التي ستغير العالم !
* الأول ، يتعلق بسلامة النقل بين القارات ، فأنت تعلم بمآسي حوادث الطيران و اختراعي هو بديل للطيران ، هو بكل بساطة عبارة عن تمديد كابلات بين الدول تتجاوز الجبال و البحار و المحيطات ، و تتنقل فوقها المركبات كأنها فوق سكك القطارات .
تجمع الآن حول ابراهيم طلاب آخرون و مرضى آخرون
يستريح ابراهيم قليلا ثم يتابع :
* أما الإختراع الثاني فهو أكثر أهمية ، هو حفر بئر عميقة .. عميقة جدا تخترق مركز الكرة الأرضية ثم تنفذ من الطرف الآخر ، فمثلاً إذا حفرنا البئر في دمشق يمكن أن تنفذ من إحدى المدن الأمريكية ! أليست الأرض كرة ؟
نشر ابراهيم أوراقه و قد امتلأت خطوطا غير مفهومة في كل اتجاه ، ثم أضاف :
- هذه هي مخططاتي هل يمكنك يا دكتور محمد أن توصلها إلى الرئيس ؟
أجابه محمد مبتسما :
- طبعا طبعا !
ثم أضاف هامسا :
- و تبلغه أن ساعده الأيمن ابراهيم السيد معتقل ؟
فأجابه :
- سأفعل ( على عيني و راسي ) !
*****
و أمام ذهول طلاب الجامعة و أستاذهم و مدير المصح صعد ابراهيم فوق الطاولة ، و أخذ يهتف :
-عاش ...عاش فكري بك ...
فرد المرضى بصوت واحد :
- عاش ... عاش... عاش
ثم هتف :
- من زعيمكم يا شباب ؟
فأجابوه بصوت واحد :
- فكري بك ...
من أبوكم يا شباب ؟
فأجابوه بأعلى أصواتهم :
- فكري بك ...
ثم أخذوا يهزجون مرددين وراء ابراهيم :
* فكري بيك ....فكري بيك
* لعينيك ... لعينك
* و يا دوّاره دوري دوري
* على عِداك دوري دوري
* و عِزي و بلادي ... سوريه
* الله يحميك ..... سوريه
* من شر عِداك ...سوريه
ثم هتف بصوت مبحوح :
- تسقط المعارضة العميلة .... تا
فردد المرضى :
- تسقط ... تسقط.... تسقط
ثم اتخذ موقف الخطيب و أضاف مقلدا صوت الرئيس و حركات يديه :
- أيها المواطنون ...يا معشر شباب القاعة رقم 3 ، أبشركم بأنني حصلت على وعد شرف من زوارنا الكرام ، بأنهم سيتعاونون معنا على فضح المؤامرة الإستعمارية ...الصهيونية .. الأمبريالية .....البلشفية.... الفاشية ..الماسونية.. الدنيئة ، و أنهم سينضمون إلينا في هذا الصرح الجبار ...صرح القاعة رقم 3 ... رمز النضال من أجل الحرية ...و ذلك لكشف المؤامرة الخسيسة ...التعيسة... .النجيسة .. النحيسة...الكبيسة ....و سيعملون على إخراجنا من هذا المعتقل في القريب العاجل !
* يحيى( طباطبة) المستقبل ....يا
و بصوت واحد رددوا :
* يحيى ....يحيى ....يحيى
----------------------------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو جمعية المترجمين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com