المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سر حذف ألف "أل" من الأيكة



أبو مسلم العرابلي
18/01/2017, 10:37 AM
حذف ألف "أل" من الأيكة


يرجع اختيار الألف واللام لتكون أداة تعريف إلى استعمالهما؛
فاستعمال الألف هو للامتداد المنفصل، ويعني ذلك أنه تميز بنفسه، واستقل بذاته، غير متصل بغيره، ولا مختلط به،
واستعمال اللام هو للقرب والإلصاق؛ ويعني ذلك أنه لا شيء يبعده ويفصله ويحجبه عن معرفته،
فالألف أعطته صفة التميز والاستقلالية التي يجعله بين واضح،
واللام شدة القرب التي لا يحجبه شيء،
وعلى وضعيه تقدم الألف على اللام؛
فإن الألف أفادت أنه كان منفصلاً ويحمل الانفصال صفة الجهل به أولا لبعده؛ فأصبح قريبًا معلومًا؛ ولذلك فإن التعريف يحصل من دلالة استعمال اللام، ويظهر هذا الاستعمال بقوة وجود الألف كبيان لحاله قبل التعريف على هذا الترتيب. وأنك تتحدث عنه لوحده لا تشرك معه غيره.
وفي بعض الأحوال يمكن الاستغناء عن الألف عند دخول لام الجر على الاسم المعرف بأل؛ لأنه دخل إليه بهذه اللام شيء جديد آخر.
والتعريف يكون لشيء موجود ويكون بعد الجهل به، ولذلك لا تدخل "أل" إلا على الأسماء، ولا تدخل على الأفعال، لأن الفعل حدث لا ثبات له.
واختلاف ترتيبهما يجعلهما يشكلان أداة النفي والرفض؛ "لا" ؛ أي كان قريبًا فانفصل وأصبح بعيدًا، فهو يعرفه؛ ولكن لا يريده، أو لا يقر به.
وأما سر إسقاط ألف الأيكة في موضعين؛
فإن تعريف الجماعات من الناس يكون بأصلها وأفعالها وصفاتها، ولا يكون بدابة أو نبات، إلا إذا كان ذلك علامة على انحطاطهم؛ وشدة تعلقهم بما نسبوا إليه كأصحاب الأيكة،
فموضعين في القرآن الكريم لم يذكر شيء آخر مع الأيكة يعرف بها هؤلاء القوم فثبتت الألف لذلك؛
في قوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (79) الحجر
وفي قوله تعالى: (وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) ق
وموضعين عرفوا بشي آخر بجانب وصفهم بأصحاب الأيكة؛ فذكر نبيهم شعيب عليه السلام؛
في قوله تعالى: (كَذَّبَ أَصْحَابُ لْئَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) الشعراء
في قوله تعالى: (وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ لْئَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (13) ص
فلم تعد الأيكة في هذين الموضعين هي المعرف الوحيد لهم؛ فسقطت لذلك ألف التمييز منها.
ووصفهم بأنهم من الأحزاب؛ أي من الذين تحزبوا واجتمعوا على عداوة نبيهم، ولم يقفوا عند حد التكذيب به فقط؛