المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أتعرف من الذي ألقي جسدًا على كرسيِّ سليمان ؟



أبو مسلم العرابلي
08/04/2017, 08:04 AM
{وألقينا على كرسيه جسدًا ثم أناب}

الجسد هو الجسم بالصفات التالية؛

أنه لا يأكل ولا يشرب؛
وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8) الأنبياء.

وأنه لا يتكلم؛
قال تعالى: (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148) الأعراف.

وأنه لا يرد على أحد قولاً، ولا يأمر ولا ينهى،
وأنه عاجز عن جلب خير أو دفع شر؛
وقال تعالى: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ {88} أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا {89} طه

فسليمان عليه السلام لما فتن بالصافنات الجياد؛
قال تعالى عنه: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ {34} ص
جلس سليمان على كرسيه جسدًا لا يأكل ولا يشرب من الهم الذي هو فيه، ولا يأمر ولا ينهى،
ولم يذكر الله تعالى أنه هو الذي ألقى سليمان على كرسيه جسدًا؛ بل نكر بقوله: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ }، ولم يقل: {وَأَلْقَيْنَاه عَلَى كُرْسِيِّهِ}؛ لأن سليمان عليه السلام هو الذي فعل ذلك بنفسه هذا لما فتن، ولم يرد الله تعالى له أن يفعل ذلك بنفسه،
ولم يسمه بسليمان لأن اسمه يدل على العلو والعزة، وكان هو في حال يخالف مدلول اسمه،
وعلاج الذنب هو سرعة الاستغفار وليس الجلوس في هم وغم، فتفطن سليمان لذلك متأخرًا؛
: {ثُمَّ أَنَابَ {34} قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ {35} ص.
فاستجاب الله تعالى دعاءه، فغفر له، ولكنه لم يصرح بالمغفرة له لأنه تأخر في الاستغفار؛
قال تعالى: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ {36} وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ {37} وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ {38} هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {39} وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ {40} ص.
فهذا العطاء علامة على المغفرة له، ولو لم تذكر مباشرة.
انظر كيف جاءت المغفرة سريعة بعد سرعة استغفار موسى وداود عليهما السلام لما بادرا بالاستغفار بعد الفتنة التي وقعا فيها؛ فصرح تعالى بالمغفرة لهما؛
قال تعالى: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ {15} قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {16} القصص.
وقال تعالى: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ {24} فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ {25} ص.
فكان مع سرعة الاستغفار سرعة الاستجابة بالغفران.
أما تفسير الجسد بأنه جني لبس خاتم سليمان بعد خلعه عندما اراد الاغتسال، فأخذه جني ووضعه في يده، وجلس مكان سليمان يأمر وينهى، قد نسوا عدة أمور يجب أن لا تنسى؛
- أن النبوة لا ترتبط بخاتم في يد، إن ضاع الخاتم ضاعت معه النبوة.
- وكيف يقبل الله تعالى لنبيه أن ينتهك عرضه من شيطان من الجن بالدخول على أهله.
- وأن تحكم سليمان بالجن لم يكن قبل الفتنة، وإنما كان بعدها.
لقد جاء القرآن ليطهر سيرة الأنبياء مما نسب إليهم من الموبقات،
فيطهر المسلمين من الخوض فيها،
ويصحح لأهل الكتاب ما أفسدوه في دينهم،
لا أن ننقل فسادهم ونفسر به ما ورد عنهم في ديننا، وما لم يرد.

أبو مسلم العرابلي
09/05/2017, 09:27 AM
وفوق ذلك لم ترد هذه القصة في القرآن لأجل السرد القصصي،
بل للعبرة لمن اعتبر ..
فكل من يجلس على كرسي صغر أم كبر، ولا يعود في أموره إلى الله،
بالاستغفار وطلب العون من الله وحده،
هو جسد على كرسي وإن خدع نفسه بكل الأوهام ...
ولا حول ولا قوة إلا بالله

أبو مسلم العرابلي
21/09/2017, 12:34 AM
فسليمان عليه السلام لما فتن بالصافنات الجياد
التي ذكرت في الآيات السابقة لهذه الآية؛ فقد تحددت أسباب الفتنة،
قال تعالى عنه: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ {34} ص
وهذه الآية محتاجة إلى زيادة بيان،
فما زال بعض الناس لا يقنع بأنه سليمان عليه السلام هو الجسد،
لأن الله تعالى لم يقل ألقيناه، ليدل الضمير على سليمان عليه السلام،
لقد سمي عرش الملك التي يجلس عليه كرسيًا؛
لأن صاحبه قد اجتمع له ملك مملكته، وهو يدير الملك من مكانه،
ولا يجوز لأحد أن يجلس عليه غير الملك، ولم يسم كرسيًا لشكله
فلا يصح أن يجلس عليه أحد غير سليمان عله السلام.
وقد بينا لماذا وصف سليمان بأنه جسد ألقي عليه بما لا يحتاج إلى إعادة القول،
ولو جلس أحد غير سليمان على الكرسي وأدار الملك لما صح وصفه بجسد،
لا جني ولا ولد ناقص معاق ...
و"ثم" في الآية؛ تفيد العطف، أي أن الذي أناب هو الذي فتن،
وهوا الجسد الذي على الكرسي؛ أي هو سليمان عليه السلام،
إن تصديق الإسرائيليات وخواطر بعض المفسرين التي لا تبنى على لغة ولا شيء معقول
تشوش المفاهيم الصحيحة لكثير من الناس وحتى العلماء.
ولهذا أردت بيان هذه المسألة ليكون الناس على علم بين فيها
ولله تعالى العلم البالغ .