المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أول شارع شمال



ابراهيم عبد المعطى داود
17/05/2007, 07:06 PM
أول شارع شمال

متولي أفندي رجل رث الهيئة -- حليق الشعر دائما -- غائر العينين
دقيق الجسم --لكن ذو قوة ومهابة
توفيت زوجتة منذ سنين طويلة --فآثر تربية الأولاد
وقال لنفسه:
"أربى أولادي أحسن من امراة تعكنن علي حياتي"
ود ارت الأيام دورتها -- وكبر الأولاد --وانشغل كل في دراسته
وشعر بالملل والفراغ
اشترى تلفزيون ملونا وجلس أمامه مبهورا يتابع البرامج والمحطات الفضائية.
بمرور الزمن، أصبح خبيرا فى السياسة والاجتماع والفن -- بل أصبح ناقدا فنيا ومتابعا
لكل مسلسلات التلفزيون
درامي مع الدراما ----كومديان مع الكوميديا
أشفق عليه أولاده من جلسته الطويلة -- لكن يغرق في أحلامه ويقول:
" إنه علم يتعلم منه كل شيء فى هذه الدنيا "
تأتية فترات من الجنون المطبق عندما يشاهد كليب
لكنة يبسمل ويستعيذ باللة من الشيطان الرجيم
ويظل متحفزا ومتطلعا إلى لحظة جنون مطبق
حتى واتتة الفرصة
سمع همسا بين زملائة فى العمل
بأن هناك بيت كذا ---أول شارع شمال فيه نساء كذا --!
قاوم رغبة خفية تسيطر على جسده الثائر --
صلى العشاء والفجر فى جماعة
صام الإثنين والخميس
أغلق التلفزيون واستعاض عنه بمحطة القرآن الكريم --كان الشيخ المنشاوي يرتل القرآن
فاستمع له وهو يهتز طربا
ما أن يأوي إلى فراشه -- حتى يفور الدم الثائر فى شرايينة و أوردته
ماباليد حيلة
سيطر الجنون عليه فارتدى ملابسه على عجل
اتجه إلى عمله وطلب إجازة وسط دهشة و استغراب زملائه
ثم إلى أول شارع شمال
طرق الباب -- بضة -- نضرة -- عينان ساحرتان -- فتحت لة الباب
لم يتكلم -- لاهثة أنفاسه، طبع على خديها قبلة ساخنة --
ضحكت فى مجون -- وهمست فى إغراء:
"المارة --- فى الداخل يكون الحلم --"
فى الداخل -- تبادلا القبلات وملحقاتها---!!
دار الدم الثائر فى الأوردة والشرايين دوران الثور فى الساقية
حتى استسلم للنصب
فتح عينيه إاذا هو شبة عار
ذهب الجنون وجاء العقل ---ثم عاد الجنون مرة أخرى --
خرج من المنزل تتنازعه قوتان
لاعنا نفسه ----منتشيا بقوته
تردد على الدار حتى ثمل ---واشتد جنونه يوما بعد يوم
أولاده يشيعونه بنظرة رثاء
زملاؤه يرمقونة فى احتقار لم يلبثوا أن عقبوا عليه بنظرة رثاء
لكنه كان يشعر بأن رأسه حبيسة في خوذة من فولاذ
وأدار له الزمن ظهر المجن
اعتلت الصحة -------وسقم الجسم
لكن النفس هي النفس ---والجنون هو الجنون
فى يوم ما --بعد خروجة من الدار --صمم على التوبة وفى الحال
قال فى سره:
"أول شروط التوبة : الاغتسال
دخل إلى كافتريا --وملأ زجاجة ماء كبيرة -- وخرج
اختار شارعا مطفأ الأنوار ليس به أثر للرائح أو الغادي
خلع ملابسه ، وبدأ في الاغتسال
أطبق عليه جنود الشرطة ---
قال فى بلاهة:
ـ إنى أغتسل -- مالعجب فى ذلك -- !!!
قادوه بعد ارتداء ملابسه إلى قسم الشرطة ---
تحقيق هنا --- وتحقيق هناك --
وجملة دائما يكتبها المحقق فى مثل هذه الأحوال
( يحال للكشف الطبى عن قواه العقلية ---؟؟؟)
ابراهيم عبد المعطى ابراهيم

عبد الحميد الغرباوي
17/05/2007, 10:15 PM
أهلا بك أخي إبراهيم عبد المعطي إبراهيم في منتدى القصة القصيرة،..
تعاملت مع هذه القصة قراءة و تنقيحا..و لا أخفي عنك أني ضحكت من قلبي لموقف البطل، في النهاية..
موقف كوميدي بكل ما تحمله الكوميديا من معنى..
المضحك، أو المثير للضحك، أصلا يكون غريبا و شاذا، خارجا عن المألوف، و قيامه بعملية الاغتسال في زقاق مظلم خال من المارة، يستبعد وقوعه في الواقع، لكنه الأدب، و التخييل، و الانزياح، عوامل تسمح للكاتب (الأديب) أن يحلق في فضاء الغرابة، دون افتعال أو تصنع، و بما أن بؤرة الغرابة في النص كانت قفلة (خاتمة)، فقد رفعت من قيمة النص و جعلته ناجحا و يستحق أن نصفق له و لمبدعه..
مودتي

محمد فؤاد منصور
18/05/2007, 12:12 AM
الأخ الكريم/ أبراهيم عبد المعطى
أنت كاتب واعد تملك أدوات الكتابة والقدرة على القص والوصول بالقارئ متلاحق الأنفاس حتى نهاية النص وهى مواهب ليست هينة فى العمل الأبداعى.
نحن هنا أمام أزمة أوصلت صاحبها إلى الجنون حين يغيب الهدف ويفترس الأنسان شيطان الفراغ وتوقد الشهوات وقد عرضت العمل بما يحمله من مواعظ مخفية بشكل لايؤدى إلى الملل ولايشعر القارئ أن هناك من يعظه أو يحذره وهذه هى براعة الكاتب المعلم.
تحياتى..
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية

ابراهيم عبد المعطى داود
18/05/2007, 04:06 PM
الاستاذ الجليل / عبد الحميد الغرباوى
لشد مأسعدنى كلماتكم الرقيقة التى فتحت مجالا ونبهتنى الى قصور ارجوا ان اتداركة فى أعمالى المقبلة ولكن لى توضيح أرجو أن يحالفنى التوفيق
فى عرضة 0
1- اول شارع شمال وكما يفهم من العنوان وكما استقر علية الخاصة والعامة أن لفظ شمال يكنى للباطل والقبيح والعمل السىء 00لذا فاننى كتبتها
لأوضح للقارىء عقوبة الفساد والشهوة الجامحة والانغماس فى الملزات فالرجل أخيرا فقد عقلة وحدث لة بلة وهى نتيجة منطقية لما أقترفة من آثام
فالنهاية هنا للعبرة
2- وكما قرأنا للآساتذة الكبار أن النفس الانسانية كالنهر الجارى ينساب أحيانا برفق وأحيانا يهدر بضخب وتارة تصفو مياهة وتارة تتعكر هذة المياة
وحينا يفيض وحينا ينضب واحيانا قليلة تكون النفس الانسانية محملة بكل ماسبق 00!!
فهل هناك ضير فى أن أكتب عن لمحة بسيطة وحركة خاصة من حركة انسياب هذا النهر العظيم 000؟؟؟
دمتم فى محراب الادب عبادا ونساكا
ابراهيم عبد المعطى ابراهيم