محمد التهامي بنيس
30/01/2019, 09:37 PM
لا للاعتداء , نعم لانتصار السلام
حطت عصفورتان على شجرة في أعلى قمة الجبل بعد تعب رحلة طويلة , فكل واحدة قدمت من منطقة مجاورة للأخرى , وانضمتا إلى السرب الذي انتظم في رحلة جماعية , ولكنهما عند نقطة الوصول , قررتا الاستجمام بعيدا عن الصخب , فوق بساط أخضر تكسوه ندف ثلج , وبنتا عشا صغيرا مؤقتا لتستمتعا بالهواء الرطب ودفء أشعة الشمس المشرقة على جبال مكسوة ببساط أبيض بارد , وعاشتا لحظات سعيدة , إلى أن فطنتا لسماع صوت دبيب غير عاد , لا يشبه صوت حركات العصافير , فزعتا وأرختا سمعهما خوفا من أن يكون حيوان جبلي يهدد أمنهما أو ينوي إيذاءهما – ويا ليته كان كذلك – فما وقع لهما كان بفعل ثلاثة أو أربعة آدميين أو هكذا بدوا لهما من لباسهم . اضطربتا وسألتاهم . ما هذا ؟ لم نفعل جرما . إذا كان المكان محظورا فلنغيره . ولكن الوحوش الآدمية كشرت عن أنيابها وسلت سكاكينها . فتحول الفزع إلى صراخ وعويل , ولم تكد تخرج أول صيحة حتى كمموا أفواههما فلم يسمع أحد استغاثتهما . والمقاومة لم تعد ممكنة ولا حيلة لعصفورتين أمام بطش وحوش شرسة مدججة بسلاح أبيض . كانت يداهما لم تكبلا بعد فمدتا لهم ما بحوزتهما من مال ومتاع , وحاولتا استعمال الإغراء الجسدي فقد يكون هو المطلوب . فألقي بهما على الأرض ونتف منهما ريشهما الكاسي لجسديهما الناعمين , واستسلمتا مكرهتين . ولكنه كان استسلام الشاة لجزارها , فالسكين الحادة فعلت فعلها بسرعة , بنحر العنق وعزل الرأس عن الجسد بدم بارد , لتتحول العصفورتان إلى جثتين هامدتين متروكتين في العراء
بحث السرب عن أعضائه , فتبين أنه ينقص اثنتين , فتعالت الأصوات بالنداء عليهما فيرجع صدى الأصوات بين الجبال , وانطلقت الجماعات في كل الاتجاهات وهي لا تزال تردد اسميهما , وانضمت لها فرق الإغاثة وحماة المنطقة , وقد تطلب الأمر وقتا طويلا ليعثروا على الذبيحتين جثتين مفصول عنهما الرأسان . يا إلهي ما هذا ؟ ما هذه الوحشية ؟ إنه ليس فعل حيوان مفترس , فالحيوانات لا تقطع الرؤوس . تم إخبار حراس المنطقة وإخبار الأمن الذي توافدت قواته لعين المكان , وانطلق البحث عن الجناة , وحملت الجثتان وسط صراخ واستنكار وبكاء وحيرة وشدوه , وتساءل أعضاء السرب , ألم يقولوا لنا إن المنطقة غير ملوثة وآمنة ومن حقنا زيارتها والاستمتاع بجمال طبيعتها , والعيش بين أهلها في اطمئنان ؟
حزنت الأشجار وبكت السحب بكاء ساخنا عميقا تدفئه أشعة الشمس الحزينة , وعم الصمت الحزين وأصبح الجبل مقبرة قاتمة الألوان , لا عصافير ولا أزهار , وبكت المنطقة حظها لأنها فقدت أناشيد الحب والصفاء ولوثها العنف الرهيب , وقد اضطرت العصافير إلى الرحيل مهاجرة في أفواج حتى لا يلحقها الموت بأجساد واهنة , وقد تملكتها الحيرة كما تملكها الخوف , وهو ما تملك سكان الجبل في شدوه
وفجأة حطت حمامات جميلات كسفيرات للطبيعة قادمات لمنطقة السحر والجمال , وقد علق في فمهما غصن زيتون شعارا للسلام , ودعوة لعدم الدخول مع أعداء السلام في أي موقف متوتر , فغردت عصفورة صادحة . إن طائر الغراب هو الذي علم ابن آدم دفن السوأة , وعلينا أن نلقن للإرهابيين درسا في أن الحياة ستستمر , والسعادة ستعم على المكان الجميل , وتدب الحياة في الأشجار وتنمو الأزهار وتضحك الطبيعة وتغرد وتفرح العصافير المهاجرة مع ما تغرد به عصافير المنطقة وهي تستقبل عودتنا , فنحن ننتمي لنفس الجنس مهما اختلفت ألواننا وألستنا وتغاريدنا وأصواتنا الداعية لنبذ العنف والقتل
عاد الهدوء وساد الاطمئنان وانتصر السلام
محمد التهامي بنيس
حطت عصفورتان على شجرة في أعلى قمة الجبل بعد تعب رحلة طويلة , فكل واحدة قدمت من منطقة مجاورة للأخرى , وانضمتا إلى السرب الذي انتظم في رحلة جماعية , ولكنهما عند نقطة الوصول , قررتا الاستجمام بعيدا عن الصخب , فوق بساط أخضر تكسوه ندف ثلج , وبنتا عشا صغيرا مؤقتا لتستمتعا بالهواء الرطب ودفء أشعة الشمس المشرقة على جبال مكسوة ببساط أبيض بارد , وعاشتا لحظات سعيدة , إلى أن فطنتا لسماع صوت دبيب غير عاد , لا يشبه صوت حركات العصافير , فزعتا وأرختا سمعهما خوفا من أن يكون حيوان جبلي يهدد أمنهما أو ينوي إيذاءهما – ويا ليته كان كذلك – فما وقع لهما كان بفعل ثلاثة أو أربعة آدميين أو هكذا بدوا لهما من لباسهم . اضطربتا وسألتاهم . ما هذا ؟ لم نفعل جرما . إذا كان المكان محظورا فلنغيره . ولكن الوحوش الآدمية كشرت عن أنيابها وسلت سكاكينها . فتحول الفزع إلى صراخ وعويل , ولم تكد تخرج أول صيحة حتى كمموا أفواههما فلم يسمع أحد استغاثتهما . والمقاومة لم تعد ممكنة ولا حيلة لعصفورتين أمام بطش وحوش شرسة مدججة بسلاح أبيض . كانت يداهما لم تكبلا بعد فمدتا لهم ما بحوزتهما من مال ومتاع , وحاولتا استعمال الإغراء الجسدي فقد يكون هو المطلوب . فألقي بهما على الأرض ونتف منهما ريشهما الكاسي لجسديهما الناعمين , واستسلمتا مكرهتين . ولكنه كان استسلام الشاة لجزارها , فالسكين الحادة فعلت فعلها بسرعة , بنحر العنق وعزل الرأس عن الجسد بدم بارد , لتتحول العصفورتان إلى جثتين هامدتين متروكتين في العراء
بحث السرب عن أعضائه , فتبين أنه ينقص اثنتين , فتعالت الأصوات بالنداء عليهما فيرجع صدى الأصوات بين الجبال , وانطلقت الجماعات في كل الاتجاهات وهي لا تزال تردد اسميهما , وانضمت لها فرق الإغاثة وحماة المنطقة , وقد تطلب الأمر وقتا طويلا ليعثروا على الذبيحتين جثتين مفصول عنهما الرأسان . يا إلهي ما هذا ؟ ما هذه الوحشية ؟ إنه ليس فعل حيوان مفترس , فالحيوانات لا تقطع الرؤوس . تم إخبار حراس المنطقة وإخبار الأمن الذي توافدت قواته لعين المكان , وانطلق البحث عن الجناة , وحملت الجثتان وسط صراخ واستنكار وبكاء وحيرة وشدوه , وتساءل أعضاء السرب , ألم يقولوا لنا إن المنطقة غير ملوثة وآمنة ومن حقنا زيارتها والاستمتاع بجمال طبيعتها , والعيش بين أهلها في اطمئنان ؟
حزنت الأشجار وبكت السحب بكاء ساخنا عميقا تدفئه أشعة الشمس الحزينة , وعم الصمت الحزين وأصبح الجبل مقبرة قاتمة الألوان , لا عصافير ولا أزهار , وبكت المنطقة حظها لأنها فقدت أناشيد الحب والصفاء ولوثها العنف الرهيب , وقد اضطرت العصافير إلى الرحيل مهاجرة في أفواج حتى لا يلحقها الموت بأجساد واهنة , وقد تملكتها الحيرة كما تملكها الخوف , وهو ما تملك سكان الجبل في شدوه
وفجأة حطت حمامات جميلات كسفيرات للطبيعة قادمات لمنطقة السحر والجمال , وقد علق في فمهما غصن زيتون شعارا للسلام , ودعوة لعدم الدخول مع أعداء السلام في أي موقف متوتر , فغردت عصفورة صادحة . إن طائر الغراب هو الذي علم ابن آدم دفن السوأة , وعلينا أن نلقن للإرهابيين درسا في أن الحياة ستستمر , والسعادة ستعم على المكان الجميل , وتدب الحياة في الأشجار وتنمو الأزهار وتضحك الطبيعة وتغرد وتفرح العصافير المهاجرة مع ما تغرد به عصافير المنطقة وهي تستقبل عودتنا , فنحن ننتمي لنفس الجنس مهما اختلفت ألواننا وألستنا وتغاريدنا وأصواتنا الداعية لنبذ العنف والقتل
عاد الهدوء وساد الاطمئنان وانتصر السلام
محمد التهامي بنيس