المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تطاول - أقصوصة - نزار ب. الزين



نزار ب. الزين
20/05/2007, 08:07 AM
تطاول
أقصوصة
نزار ب. الزين*
عندما توفي الأمير رئيس الدولة ، حزن عليه عبد الحميد حتى البكاء ، فقد كان الأمير طيب القلب ، عطوفا على شعبه و على ضيوف أمارته من العمال و الموظفين ، سواء بسواء ، فقدم لهم الكثير الكثير من الإصلاحات و نفذ الكثير الكثير من وعوده يوم تبوأ منصبه ، فبنى بيوتا لذوي الدخل المحدود مقابل أقساط مريحة ، و أمر بشق شوارع و طرقات جديدة لتستوعب الضغط المروري الهائل ، و أصلح نظام العلاج الطبي ، و أمر ببناء المدارس و المستشفيات ، و الأهم من هذا كله فقد رفع مستوى رواتب الموظفين و العمال بدون تمييز لتتناسب مع التضخم المالي الذي اكتوى بناره الكثيرون ، و كان عبد الحميد من المنتفعين بهذه المكرمة الأميرية التي أنعشته و جعلته يشعر بالفضل و الإمتنان.
و في يوم التعزية ، ترك أدواته التي يستخدمها في جمع القمامة ، و توجه مسرعا نحو قصر الأمير ، ثم وقف في طابور طويل ، تحت لظى شمس حارقة ، ينتظر دوره لتقديم واجب العزاء ... كان الطابور طويلا يصل إلى حوالي كيلومترين كما وصفه مذيع التلفزة ، و استغرق الوصول إلى بوابة القصر أكثر من ساعة ..
كانت مشاعره مزيجا من الحزن الشديد على الفقيد الكبير ، و الفرحة العارمة لوقوفه بين شخصيات البلد من وزراء و سفراء و وجهاء ، و مشاركتهم في اهتمام الصحافة المطبوعة و المسموعة و المرئية بهم .
ستظهر صورته في التلفزة و سيراه أولاده و أقاربه و أصحابه ، في قريته النائية حيث مسقط رأسه على بعد مئات الكيلومترات ؛ لم يعد ذلك النكرة عبد الحميد أبو ليلى عامل النظافة المركون على هامش الحياة ، فقد ترقى إلى مرتبة إنسان إعتبارا من هذا اليوم المشهود .
دخل القصر مع الداخلين ، و ابتدأ في مصافحة أفراد العائلة الأميرية ..
و على حين غرة ...
تنبه إلى وجوده إبن الفقيد و هو أيضا وزير..
ترك العائلة الأميرية المصطفة لتقبل التعازي ، و اندفع نحو عبد الحميد ، الذي ميزته ملابسه الصفراء* ...
و أمام عدسات التلفزة ..
دفعه بعيدا عن طابور المعزين بكل ما يملك من قوة ..
ثم
دفعه ثانية حتى ألقاه أرضا ..
ثم
اندفع نحوه عدد من رجال الأمن ، فبينوا له حجمه الحقيقي بأساليبهم المعروفة ...
ثم
و بسرعة مذهلة تحول إلى كيس قمامة ، ما لبث أن ألقي به في إحدى الحاويات ، بعيدا خارج القصر .
=======================
* الملابس الصفراء : زي موحد لعمال النظافة
=======================
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو جمعية المترجمين العرب ( ArabWata )
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com

صبيحة شبر
20/05/2007, 09:23 PM
المدع القدير نزار ب.الزين
هذه القصة الواقعية بدرجة المرارة تبين عدة امور
انه لامساواة في هذه الدنيا رغم الادعاءات الكثيرة
ان الابن ليس سر ابيه دائما
ان الزبال لايمكن ان يكون في مستوى علية القوم
وان هذا الزبال نفسه لم يبال ابدا بفقدان الامير وانما كان يفكر بحاله

ابراهيم عبد المعطى داود
20/05/2007, 11:08 PM
قصه رائعه تجمع بين الواقعية والرمزيه 00نسجت باقتدار ومهاره شديدة جدا 00
وأظهرت مدى جبروت الانظمة الحاكمه 00 حتى فى لحظة الموت لم ينس ابن الفقيد
أنه من سلالة اخرى 00 ومن طين آخر 00
وكيف يجرؤ هذا الصعلوك حتى يدخل قصر الملوك
ودمتم فى محراب الادب عبادا ونساكا
ابراهيم عبد المعطى ابراهيم

د- صلاح الدين محمد ابوالرب
20/05/2007, 11:14 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفاضل نزار ب. الزبن
كلماتك جميلة ومعانيها واسعة
والسؤال ان لم يكن بلباسه الاصفر ترى هل سيختلف رد الفعل

تحية لقلمك المبدع

د. تيسير الناشف
22/05/2007, 04:37 PM
القاص المبدع نزار ب. الزين،

هذه قصة مثيرة ومؤثرة. إنها مستمدة من واقع الحياة. تبين القصة وجود النظرة الطبقية في المجتمع (طرد ابن الأمير لعبد الحميد)، وتعقّد (أي تعدد العوامل) السلوك البشري (دوافع دخول عبد الحميد لقصر الأمير المتوفى).

دام عطاؤك القصصي.

نزار ب. الزين
22/05/2007, 07:07 PM
أختي الفاضلة صبيحة
رؤيتك للنص رؤية تحليلية تفاعلية ، شكرا لمشاركتك في نقاشه
و دمت متألقة
نزار

نزار ب. الزين
22/05/2007, 07:09 PM
أخي الكريم الأستاذ ابراهيم
شكرا لمشاركتك في نقاش الأقصوصة و ثنائك عليها
صدقت يا أخي فالغرور و التعالي يصيب ذوي الشأن مما يؤدي إلى تعميق التنافر و الحقد الطبقي
عميق مودتي
نزار

نزار ب. الزين
22/05/2007, 07:11 PM
أخي الكريم الدكتور صلاح الدين
لباسه الأصفر فضحه ، و لو أنه خطر في باله أن يرتدي الثوب العربي و العباءة و الكوفية و العقال ، لما تنبه إليه أحد .
شكرا لمشاركتك و ثنائك الطيِّب
عميق المودة
نزار

نزار ب. الزين
22/05/2007, 07:19 PM
أخي الكريم الدكتور تيسير الناشف
شكرا لمشاركتك في نقاش الأقصوصة و تفاعلك مع أحداثها
و امتناني الكبير لدعائك الطيب
عميق مودتي
نزار

بديعة بنمراح
23/05/2007, 10:16 PM
الأخ المبدع نزار
:fl:
قصة تبين واقع الطبقات في بلداننا العربية . هذا عامل في جمع القمامة . حتى لم كانت شخصية البطل موظفا بسيطا او تاجرا أو.. كان سيحدث نفس الشيء.. لان الإنسان عندنا لا يؤخذ بعلمه أو بأدبه بل فقط بالطبقة التي ينتمي إليها. و هذا عنصر من عناصر تخلفنا للأسف الشديد.
كل الود لك على عمق تفكيرك و اختيارك للمواضيع. دمت متألقا

محمد فؤاد منصور
23/05/2007, 11:39 PM
الأستاذ الفاضل نزار الزين
نحن أمام قصة تبعث على التأمل وإمعان التفكير فى أحوالنا.
لاينسى الأنسان طبقته حتى فى موقف الموت الذى يساوى بين الناس والكبير كبير على الكبراء من القوم أما أصاغر الناس فهم حصى الأرض لايستحقون سوى الوطء بالنعال وهم فى سبيل ذلك يضربون الأصاغر ببعضهم وتلك هى آفة شعوبنا.
أهنئك على المقدرة الفذة فى إثارة الخيال..ولك تحياتى.
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية

نزار ب. الزين
24/05/2007, 01:23 AM
الأخ المبدع نزار
:fl:كل الود لك على عمق تفكيرك و اختيارك للمواضيع. دمت متألقا
============================
أختي الكريمة بديعة
تلك هي مشكلة الطبقية ، تعالي و استكبار و نظرة فوقية نحو المعدمين
شكرا لمشاركتك القيِّمة و لثنائك العاطر
مودتي و احترامي
نزار

نزار ب. الزين
24/05/2007, 01:26 AM
الأستاذ الفاضل نزار الزين
نحن أمام قصة تبعث على التأمل وإمعان التفكير فى أحوالنا.
أهنئك على المقدرة الفذة فى إثارة الخيال..ولك تحياتى.
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية
==========================
أخي الكريم د. محمد فؤاد
شكرا لمصافحتك لأقصوصتي و تفاعلك معها
و ألف شكر لثنائك الحافز الذي أعتبره وساما أعتز به
عميق مودتي و تقديري
نزار

د . محمد أيوب
25/05/2007, 02:14 AM
تطاول
أقصوصة
نزار ب. الزين*
عندما توفي الأمير رئيس الدولة ، حزن عليه عبد الحميد حتى البكاء ، فقد كان الأمير طيب القلب ، عطوفا على شعبه و على ضيوف أمارته من العمال و الموظفين ، سواء بسواء ، فقدم لهم الكثير الكثير من الإصلاحات و نفذ الكثير الكثير من وعوده يوم تبوأ منصبه ، فبنى بيوتا لذوي الدخل المحدود مقابل أقساط مريحة ، و أمر بشق شوارع و طرقات جديدة لتستوعب الضغط المروري الهائل ، و أصلح نظام العلاج الطبي ، و أمر ببناء المدارس و المستشفيات ، و الأهم من هذا كله فقد رفع مستوى رواتب الموظفين و العمال بدون تمييز لتتناسب مع التضخم المالي الذي اكتوى بناره الكثيرون ، و كان عبد الحميد من المنتفعين بهذه المكرمة الأميرية التي أنعشته و جعلته يشعر بالفضل و الإمتنان.
و في يوم التعزية ، ترك أدواته التي يستخدمها في جمع القمامة ، و توجه مسرعا نحو قصر الأمير ، ثم وقف في طابور طويل ، تحت لظى شمس حارقة ، ينتظر دوره لتقديم واجب العزاء ... كان الطابور طويلا يصل إلى حوالي كيلومترين كما وصفه مذيع التلفزة ، و استغرق الوصول إلى بوابة القصر أكثر من ساعة ..
كانت مشاعره مزيجا من الحزن الشديد على الفقيد الكبير ، و الفرحة العارمة لوقوفه بين شخصيات البلد من وزراء و سفراء و وجهاء ، و مشاركتهم في اهتمام الصحافة المطبوعة و المسموعة و المرئية بهم .
ستظهر صورته في التلفزة و سيراه أولاده و أقاربه و أصحابه ، في قريته النائية حيث مسقط رأسه على بعد مئات الكيلومترات ؛ لم يعد ذلك النكرة عبد الحميد أبو ليلى عامل النظافة المركون على هامش الحياة ، فقد ترقى إلى مرتبة إنسان إعتبارا من هذا اليوم المشهود .
دخل القصر مع الداخلين ، و ابتدأ في مصافحة أفراد العائلة الأميرية ..
و على حين غرة ...
تنبه إلى وجوده إبن الفقيد و هو أيضا وزير..
ترك العائلة الأميرية المصطفة لتقبل التعازي ، و اندفع نحو عبد الحميد ، الذي ميزته ملابسه الصفراء* ...
و أمام عدسات التلفزة ..
دفعه بعيدا عن طابور المعزين بكل ما يملك من قوة ..
ثم
دفعه ثانية حتى ألقاه أرضا ..
ثم
اندفع نحوه عدد من رجال الأمن ، فبينوا له حجمه الحقيقي بأساليبهم المعروفة ...
ثم
و بسرعة مذهلة تحول إلى كيس قمامة ، ما لبث أن ألقي به في إحدى الحاويات ، بعيدا خارج القصر .
=======================
* الملابس الصفراء : زي موحد لعمال النظافة
=======================
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو جمعية المترجمين العرب ( ArabWata )
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com
أخي العزيز نزار الزين أحييك وأشكرك وبعد :
سأتطرق إلى المسكوت عنه في القصة ، فهي تحمل دلالات وإيحاءات كثيرة ، ولعل العنوان يحمل في طياته بعض هذه الإيحاءات ، وكأن النظام الطبقي في المجتمع يفرض على الناس قيودا تمنعهم من التطاول أو التفكير بالخروج عن القالب الاجتماعي لكل طبقة، على الفقير أن يظل فقيرا وأن يعرف حدوده حتى ولو فكر في تقديم واجب الامتنان والعرفان لمن حاول تخفيف عبء الحياة عنه بزيادة الرواتب قليلا ، كما تشير القصة إلى أن أحلام الفقراء بسيطة ومحدودة ، أن يراه أبناء أسرته على شاشة التلفاز هو حلم ذلك العامل الذي لا يطمح بالحصول على بيت مريح أو على سيارة فارهة ، كل أمله أن يؤدي واجب العزاء لمن قدم له بعض حقوقه كمواطن وليس جل أو كل حقوقه في التعليم والرعايةالصحية والعيش الكريم ، وأخيراً تقول لنا القصة بصوت عال إن الحكام مهما أبدوا من اللين والعطف فهم قساة يقدمون ما يقدمونه للشعب على أنه منة منهم ومن خاص مالهم وليس واجبا عليهم نحو أبناء الشعب ، ولعل ما فعله الأمير بالعامل ، وما قام به الحراس من تنكيل بالعامل لأنه تطاول ورفع رأسه قليلا إلى أعلى ، فقد دفع العامل حياته ثمنا لغلطته ، وقد أشار السارد إلى ذلك تلميحا لا تصريحا حين قال : " و بسرعة مذهلة تحول إلى كيس قمامة ، ما لبث أن ألقي به في إحدى الحاويات ، بعيدا خارج القصر " لقد أصبح الرجل جثة هامدة لا فرق بينه وبين أي كيس قمامة لأنه لوث بملابسه ومنظره مزاج الوزير أو ولي العهد الذي ينتظر مراسيم تنصيبه بعد انتهاء فترة العزاء .
مودتي
د . محمد أيوب

نزار ب. الزين
25/05/2007, 04:58 PM
أخي الفاضل الدكتور محمد أيوب
أجدت و أفضت في تحليلك و قراءتك لما بين السطور
شكرا لمشاركتك القيِّمة التي أثرت النص
عميق مودتي
نزار