المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصفصافة



محمود الديدامونى
20/05/2007, 12:25 PM
الصفصافة
عندما اتخذت قرارك ، ساعتها فقط ، أحسست بدوار رهيب يلف رأسى وبأن سياجاً حديدياً ألقيته حول جسدى ، لم أفهم لماذا اتخذت هذا القرار ، سنوات مضت ، وكلماتك لاتفارقنى .. علمتنى أن الحياة ماهى إلا عاشق ومعشوق غذيتنى من شهد ثغرك ، فصرت أحلق معك نحو سحب الخيال .. أدركت أن الحياة لم تعد لتعطينى ظهرها ..

كنا نسافر سوياً فى ظلام الليل نبدد حلكته ونستضيف البدر ليشهد عرسنا .. تحتوينى كل ليلة بين ذراعيك .. أنام على صدرك ، .. هناك .. حيث ينقطع الطريق ، .. لم أشعر بالأمن إلا فى رحابك ، ولم تشعر بالسعادة إلا عندما أقبل ، .. نعم .. كنت أحس بارتعاشة جسدك النحيل وأقرأ فى عينيك عبارات الوجد 0
لحظاتك الساكنة فقط هى التى كانت تثير اهتمامى ، كنت تعيدنى بها إلى عالمى الكئيب .. أنت تعرفه جيداً .. لم أكن لأشك فيك ، لم أشأ لأقتحم لحظاتك .. سوف تخبرنى .. نعم .. فأنا لا أخف شيئاً عنك 0

صفصافة نعمات كانت شاهداً على ميلادك فى روحى .. أتذكر ذلك اليوم .. كنت قد قررت الهروب من طغيان زوجة أبى .. لم أستطع تحملها أكثر من ذلك .. كنت أنت هناك تصطاد فى مياه الترع .. لم ألتفت إليك .. بينما خرجت تحمل بعض السمك .. القيته بين يدى .. رفعت طرف عينى إليك مستنكرة ..
ابتسمت ، ثم أطلقت كلمة كأنك تقرأ ما بداخلي : لا شيء فى الدنيا يستحق الحزن هيا .. هيا .. ادع لى ..
ساعتها أدركت أنني إذا هربت سأخسرك .. فعدت أتحمل لسان زوجة أبى الذي تعودته ..

كنت مجنوناً وأنا أطيعك .. واعدتني في كل أوقات اليوم.. ساعة بساعة حتى فى ساعات الليل المتأخرة وقبيل الفجر ووقت الفجر .. كنت تريد أن يكون الزمان شاهداً علينا .. لكنك تقيدت بمكان واحد .. هناك حيث ينقطع الطريق تحت صفصافة نعمات .. كنت تحبها مثلى .. كانت فروعها تتدلى خضراء تنبض بالحياة ، يسمونها صفصافة شعر البنات .. تتموج مع الريح تعزف نغمات فريدة .. كانت ألحانها تستثيرنا .. فنغنى ونطلق أغنياتنا للريح ، ترددها العصافير وأسراب الحمام وفراخ الغيط .

أذهب كل يوم إلى نفس المكان .. أشعر باختلاف كبير ، لايقلل منه إلا تلك الذكريات .. تتناوب على عقلى لحظاتنا ، .. أحس بمرارة تلف حلقى .. أذويها داخلى وأعود ..
لم يعد المكان يثيرنى .. يتساوى الليل والنهار فى عينى كلاهما .. يمر بطيئاً ثقيلاً .. جاراتى يتناوبن على زيارتى .. يثرثرن فى كل شئ .. أشعر بالحسد يمرح فى عيونهن .. أبتسم رغماً منى .. وأعطيهن أذنى .. أكاد لا أفهم شيئاً مما يقلن .. فقط أعطيهن أذنى وأمارس شرودى ..

الآن وبعد كل تلك السنوات .. تشوهت الذكريات .. ماعادت تكفى .. كلما أرسلت لى شيكاً .. تختلط الذكريات ، وأحس بأننى مازلت فى دائرتك أمضغ ألامى وتحملنى قدماى إلى صفصفاتنا العتيقة .. نعم .. أصبحت عتيقة .. ضرب السوس جذعها المائل .. حاولت تثبيتها على قائم .. أعتقد أنه لن يتحمل كثيراً.. فقط .. كل ما يربطني بك منذ قرارك تلك الوريقات ..
عندما تفكر فى العودة ستجدها معلقة هناك فى أعلى شجرة الصفصاف , عد بسرعة فقد سمعت أنها على وشك الرحيل ..
وعندما تعود لا تحاول البحث عنى فهذه المرة قد صممت على قرارى ..

محمد فؤاد منصور
21/05/2007, 01:46 AM
:good: الأخ العزيز محمود الديدامونى
كالعهد بك دائماً تنسج خيوط الكلمات فى شاعرية تليق بالموقف الرومانسى المشحون بالشجن وهى خاصية ربما تكون أحد المتفردين بها إنسياب الكلمات فى رقة وعذوبة وإختيار الألفاظ الموحية والمعبرة فى همس يؤكد أنك مثل الشاعر المجيد يتقن الغوص فى بحور الشعر فيختار لكل موقف مايناسبه.. أهنئك.
ولك تحياتى..
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية

محمود الديدامونى
22/05/2007, 12:22 PM
:good: الأخ العزيز محمود الديدامونى
كالعهد بك دائماً تنسج خيوط الكلمات فى شاعرية تليق بالموقف الرومانسى المشحون بالشجن وهى خاصية ربما تكون أحد المتفردين بها إنسياب الكلمات فى رقة وعذوبة وإختيار الألفاظ الموحية والمعبرة فى همس يؤكد أنك مثل الشاعر المجيد يتقن الغوص فى بحور الشعر فيختار لكل موقف مايناسبه.. أهنئك.
ولك تحياتى..
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية

القاص الكبير د / محمد فؤاد منصور
تقديرى العميق لمداخلتك الراقية
ودائما أنتظر مداخلاتك الراقية

ريمه الخاني
22/05/2007, 01:14 PM
لمستك الخاصة في القصة تعجبني
دمت مبدعا

محمود الديدامونى
24/05/2007, 10:03 PM
لمستك الخاصة في القصة تعجبني
دمت مبدعا

ومرورك سيدتى اثلج صدرى
لك الود

محمود الديدامونى
29/05/2007, 10:02 AM
هذا وكفى ؟
تقديرى لمروركم

fadya
29/05/2007, 10:45 AM
لا شيء في الدنيا يستحق الحزن هيا.. هيا
قدّم قصة جديدة
شكراً

جمال عبد القادر الجلاصي
29/05/2007, 01:05 PM
المبدع محمود الديداموني

روحك العذبة مبثوثة في ثنايا القصة

أسلوب رائع في القص

ولغة معبرة شفيفة

سلم قلمك

محبتي

محمود الديدامونى
02/06/2007, 01:51 AM
لا شيء في الدنيا يستحق الحزن هيا.. هيا
قدّم قصة جديدة
شكراً

صدقا ما قلته قاصتنا الجميلة
سعيد بحضورك

د.حنان فاروق
10/06/2007, 01:01 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذ محمود..
لي سؤال..ربما أدرى بأنك ناقد فقد شرفت بتعليق لك على أحد أعمالي المتواضعة لكنى ألمح لغة شعرية متميزة من خلال قصتك القصيرة ..هي أقرب إلى القصيدة منها للقصة لولا الشكل الخارجي..
لست بناقدة ولا أطمح أن أكون..لكن اعتبره انطباع قارئة عادية استراحت لأسلوب خاص..

محمود الديدامونى
03/07/2007, 12:14 PM
المبدع محمود الديداموني

روحك العذبة مبثوثة في ثنايا القصة

أسلوب رائع في القص

ولغة معبرة شفيفة

سلم قلمك

محبتي

الأديب الكبير / جمال عبدالقادر الجلاصى
شرف كبير أن أجدك هنا وسعيد بتواجدك أيما سعادة
لك الود

حنان الأغا
24/07/2007, 02:43 PM
الديداموني

القاص المبدع

نص يموج شعرا وعاطفة وحزنا
ليتها عرفت أن تلك الصفصافة هي الصفصافة المنتحبة دائما ، تولول مع كل هبة ريح !

لا أكتمك أنني أهرع إلى النص الذي يحمل شاعرية في زمن تعولمت فيه الكلمة ففقدت روحها أو تكاد.
الترعة والسمك والصفصافة هي القرية المصرية التي أنتجت أرقى الفنون الإبداعية شعرا ونثرا وموسيقا
الديداموني

عازف شجن أنت .

محمود الديدامونى
12/10/2007, 12:43 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذ محمود..
لي سؤال..ربما أدرى بأنك ناقد فقد شرفت بتعليق لك على أحد أعمالي المتواضعة لكنى ألمح لغة شعرية متميزة من خلال قصتك القصيرة ..هي أقرب إلى القصيدة منها للقصة لولا الشكل الخارجي..
لست بناقدة ولا أطمح أن أكون..لكن اعتبره انطباع قارئة عادية استراحت لأسلوب خاص..

معك الكثير من الحق
فالنص المقدم يا دكتورة يحمل فى طياته شاعرية ما
لكنه أيضا فى السياق القصصى
سعادتى كبيرة بتعليقكم ومداخلتكم الراقية
لك الود