المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضاع عمري



صبيحة شبر
20/05/2007, 08:22 PM
ضاع عمري
الجو جميل ، رائق ،في ايام الربيع القليلة ، والمعدودة على أصابع اليد ،أحب ان يتمشى بين أشجار البرتقال الزاهية ،والتي تبعث بأريجها القوي البديع ،فتخفق القلوب ، ويهيمن على الأفئدة شعور قوي من البهجة ، يملآ النفوس جمال رائع ، يستولي على الألباب ، ويغمرها بالدهشة والتسبيح والحمد لله ، واهب الفتنة ومبدع الجمال ،وهو ما زال في حاله ، يسير بافتتان ، بين الأشجار ، المتشابكة ، ويملآ العين بجمال الزهور ، المتلألئة ، حيث السكينة تهيمن على النفوس ، وتأخذ بمجامع الأفئدة ، وتسيطر على القلوب ، المعجبة بجمال الطبيعة الأخاذ ، ذات المناظر الخلابة ، وهو على هذا الشعور بالاستحواذ واذ بصرخة عالية تمزق أستار الصمت المخيم على المكان
- النجدة ،،، أغيثوني ، لقد سرق مني عمري
- ويحك ، يا إنسان ، كيف سرقوا منك العمر ، ومن هم أولئك السارقون ؟؟
- سرقوا عمري وولوا هاربين ، ساعدني ،أرجوك ، لأعيد منهم عمري المسروق ، قبل ان يتمكنوا من بيعه ....
يذهب المشتكي بعيدا ، لعله معتوه ، أقبلت به سبل الحياة الغريبة ، والمتعرجة ، وكثيرة الأعباء ، والمخاطر والصعوبات ...
ولكن العبارة الغريبة ، والصرخة المنبعثة من إنسان ، يشعر بهول الفقدان ، وفداحة الضياع ، ما زالت تحيا معه ، تقض شعوره بالسكينة ، وتسرق إحساسه بالأمان ، والطمأنينة ، وان العالم جميل بديع ، والحياة ينبغي ان تعاش ، بحلوها ومرها
الأشجار متشابكة خضراء الأغصان ، والزهور جميلة ن والعطر المنبعث منها فواح ، يملأ الإنسان بشعور أخاذ بالجمال والبهجة ، لقد صمم ان يئد ذلك الشعور الأليم بالفقدان الذي جاءه على غير موعد سابق ، حين سمع الصرخة المستنجدة ..
يمضي الى داره ، مسلوب الفؤاد ، يمضه التفكير المضني ، بغربة الأمور
تستقبله امرأته ، كالعهد بها ، بابتسامة ، كانت تنسيه في السابق ، متاعب يومه
والامه والمنغصات التي لابد ان يراها كل امريء في الحياة ، ما ان تطأ قدمه ارض المنزل الذي اعتبره دائما واحة أمان واطمئنان ، حتى كان ينسى كل همومه
- هيا ، عزيزي ، يبدو عليك التعب والإرهاق
- مشكلة ألمت بصديق لي
- ما هي المشكلة ؟ ومن صديقك هذا ؟
- صديق لا تعرفينه ، ومشكلته غريبة ، سوف أحدثك عنها ، ونحن نتناول الطعام
المائدة بسيطة ، لم يكونوا ميسوري الحال ، لكنهم كانوا راضين عن حياتهم ، التي يسودها الود ، ويجمعها الحب والتفاهم ...
مرق البامية والرز ، الوجبة الرئيسية للناس هنا ،، وصحن السلطة الذي تحرص الزوجة على تهيئته ، وقنينة الماء ، وصحن الرقي المنزوع القشور
ما ان جلس الرجل على كرسيه ، لتناول الطعام ، حتى استفزته تلك الصرخة ، شعر بتأنيب كبير ، كيف لا يساعد إنسانا ، طلب منه المساعدة ، ، ولا يمد يديه يعين مخلوق ، استغاث بمروءته ، واستنجد بشهامته ، وقبل ان يمد يده لتناول قطعة من الصمون ، الموضوع على المائدة ، حتى أعاد القطعة الى مكانها ، ونهض واقفا
- الى أين ؟ عزيزي
- إنسان بحاجة الى معونتي ، سأقدمها له ، واعود
- كل طعامك اولا
- لا . لا استطيع ، المسكين يستغيث
- لكن الظلام حل بكلكله ألان ،كيف يمكنك ان تخرج ؟
- استعين بالمصباح اليدوي
- المصباح بلا بطارية ، سأضعها به
يخرج الرجل من منزله ، بعد ان بدأت جيوش الظلام تغزو المدينة ، لم تكن الليلة مقمرة ، غيوم سوداء كانت تحجب القمر ، وتبعث دياجير الظلمات الى المدينة التي أخذت تأوي الى السبات
لم يعهد مثل هذا الظلام من قبل ، فهو لم يكن يكثر من الخروج ، في الليالي التي أفل قمرها ،،، يبدأ عمله في الصباح ، تتخلله ساعة واحدة للراحة خلال الظهر ، يتناول بها الطعام الذي هيأته الزوجة ، لكن هذه الليلة تختلف عن سابقاتها ، فهو إنسان معروف بتقديم الخير والمعونة لكل شخص يحتاجها ، كيف يمكنه التخلف عن نجدة إنسان ملهوف يستصرخه ان يفعل ؟؟
يعود الى البقعة الجميلة التي استمتع بها ،بجمال الأشجار المتكاتفة البديع ، ولكن من يمكن ان يكون في هذه البقعة النائية الان ؟ والظلام قد سد منافذ الرؤية أمام الجميع ، يشعل المصباح ، فينبعث ضوءه ، مما يسبب له حرجا
- من هنا ؟؟ ما ذا تفعل في هذه الساعة من الليل ؟ وفي هذه المنطقة المعزولة ، والخالية من الناس ؟
- جئت لأساعد إنسانا بحاجة الى مساعدتي
- من يكون ذلك الشخص ؟
- لا أعرفه
- كيف تساعد من لا تعرف ، وبمثل هذه الظروف ؟
- لقد تعرض الى صعوبات ، غريبة ن وناشدني ان أساعده في تذليلها
- وما هذه الصعوبات ؟؟
- إنها غريبة ، لم اسمع بمثلها ، قبل اليوم
- اذكرها لي ، علني اشترك معك في مساعدة هذا الرجل
- كان يصرخ طالبا النجدة ، ويزعم انه أضاع عمره
- وكيف فقد عمره ؟؟
- لا أدري
يفكر الشرطي برهة ، فتلوح امام ناظريه فكرة جديدة ، تظهر على محياه علامات الاهتمام
- هل رأيت الرجل ؟؟
- سمعت صوته فقط
- ماذا كان يقول
- النجدة ، أغيثوني ،، لقد ضاع عمري
- أكان صوته فتي ام طاعنا في السن ؟؟
يفكر الرجل قليلا ، ويتوصل الى جواب شاف ، فالرجل المستغيث كان بلا أسنان
- هناك رجل واحد طاعن في السن يمر من هنا ، انه محمود
- وهل أضاع عمره ؟؟
- انه مدمن على لعب القمار ن خسر كل ما بجيبه من نقود ، ولعب على عمره ، فخسر مرة أخرى
- وهل يأخذون عمره وقد استوفى كل عمره ؟
- من يدري ؟ قد يفيد اللاعبين ان يحصلوا على عمر إنسان قد أوشك ان يودع عمره





صبيحة شبر

مالكة عسال
20/05/2007, 10:24 PM
قصة تجسد رذيلة القمار ،التي يبتلى بها
المرء خاصة إذا كان معوزا ،ويعاسره
تدبر المبالغ المالية للعب ..
قصة تشكل كثل واحدة بانطلاقها من فكرة واحدة ..
لغة سهلة تنساب كالماء من بين الأصابع ..
السارد العالم بكل شيء لايضع أية مسافة
بينه وبين شخوص القصة ..يمرر عينه المجهرية
علىالأحداث بأدق التفاصيل ..
كما عودتنا صبيحة بشر على الجمال نستشفه
من هذه القصة بوضوح..3
مودة مالكة عسال

ابراهيم عبد المعطى داود
20/05/2007, 10:49 PM
الاعمار يملكها صاحب الامر والنهى 00صاحب الجلالة 00ملك الملوك 00لااله الا الله وحده لاشريك له 00
قصة رائعه اختلطت فيها طبيعتين 00طبيعة الشهامه 00وطبيعة المقامرة حتى آخر رمق فى الحياة
كتبت باقتدار شديد 00وبحرفة عالية جدا
ودمتم فى محراب الادب عبادا ونساكا
ابراهيم عبد المعطى ابراهيم

د- صلاح الدين محمد ابوالرب
20/05/2007, 10:51 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفاضلة صبيحة شبر الرائعة دوما
ترى من اضاع عمرة من لغب القمار على عمره ام من اشترى ما لا يمكن ان يحصل
ام من اضاع عمره في انقاذ من اضاع عمره
تحية

صبيحة شبر
22/05/2007, 06:30 PM
الصديقة العزيزة والاديبة المتألقة مالكة عسال
قراءة واعية لاحداث القصة بقلم مبدعة تستهويني كتاباتها
اسعدتني قراءتك عزيزتي
دمت بمحبة وارفة الظلال

صبيحة شبر
22/05/2007, 06:33 PM
الاخ العزيز ابراهيم عبد المعطي ابراهيم
الانسان خليط عجيب من متناقضين خير وشر
اسعدني تقييمك الجميل
الشكر الجزيل لك
دمت بخير وسرور

صبيحة شبر
22/05/2007, 06:36 PM
الاخ العزيز والمبدع الكبير صلاح الدين محمد ابو الرب
اطلالة رائعة اسعدتني
و(كثير من الناس ضيع في الاوهام عمره)
دمت بخير وسرور

ريمه الخاني
22/05/2007, 06:36 PM
غالبا مانكون اول من يظلم انفسنا.....
ولن يضيع عمر كلل بانجازات
فضاء رائع ما طرحتيه غاليتي
تثديري

صبيحة شبر
24/05/2007, 06:25 PM
غالبا مانكون اول من يظلم انفسنا.....
ولن يضيع عمر كلل بانجازات
فضاء رائع ما طرحتيه غاليتي
تثديري
الاخت العزيزة ريمة الخاني
الشكر الجزيل على الاطلالة الجميلة
وعلى عذوبة الكلمات
دمت بخير ومحبة

نزار ب. الزين
25/05/2007, 01:08 AM
الأخت الرائعة صبيحة شبر
هناك من أضاع عمره بالفعل على موائد الميسر ، نحن نذهب من حين لآخر إلى ( لاس فيغاس ) للسياحة و الاستجمام فهي مدينة سياحية خيالية بمرافقها و مبانيها و نوافيرها ، و لكنها تعج بكازينوهات الميسر ، نمر باللاعبين فنرى الوجوه الكالحة و العيون الحمراء المركزة على الآلات أو حول الموائد الخضراء ، شاهدنا مرة سيدة تندب حظها العاثر و تبكي بحرقة ، قالت لنا :" لقد أضعت إيجار البيت و لا أدري كيف أسدده !."
أما بطل قصتك فقد أضاع عمره...
إبداع جديد لموضوع مؤلم
دمت و دام تألقك
نزار

صبيحة شبر
25/05/2007, 03:14 AM
المبدع المميز نزار ب.الزين
قراءة جميلة للقصة اسعدتني
وثناء عاطر غمرني بالبهجة
دمت راعيا للابداع مشجعا للمبدعين
ايها المبدع القدير

محمد فؤاد منصور
25/05/2007, 09:05 AM
:vg: الأخت العزيزة صبيحة
أهنئك على هذا النص الممتاز والذى يظهر قدرتك الهائلة ليس فقط على القص ولكن على إثارتك للتأمل والخيال فالنص يأخذ بمجامع القلب ونحن نتنقل بين شخصية الأنسان البسيط الذى يستمتع بما حبا الله الكون من جمال وبما وهبه للطبيعة من سحر بالرغم من فقره وضيق ذات يده وإضطراره للعيش البسيط ومع ذلك فهو راضٍ قانع يستمتع باليسير الذى بين يديه مادامت قد بقيت لديه القدرة على مساعدة الآخرين ممن يحتاجون إليه فى لحظة الشدة ثم الشخصية الأخرى التى بعثرت ثروتها على موائد القمار حتى إذا لم يبق شئ صرخت قد أضعت عمرى ! حقاً قيمة الأنسان لاتقاس بكم مايملك ولكن بكيفية تصرفه فيما يملكه .
دمت عزيزتى ودام إبداعك الجميل.
ولك تحياتى..
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية

صبيحة شبر
26/05/2007, 03:21 PM
:vg: الأخت العزيزة صبيحة
أهنئك على هذا النص الممتاز والذى يظهر قدرتك الهائلة ليس فقط على القص ولكن على إثارتك للتأمل والخيال فالنص يأخذ بمجامع القلب ونحن نتنقل بين شخصية الأنسان البسيط الذى يستمتع بما حبا الله الكون من جمال وبما وهبه للطبيعة من سحر بالرغم من فقره وضيق ذات يده وإضطراره للعيش البسيط ومع ذلك فهو راضٍ قانع يستمتع باليسير الذى بين يديه مادامت قد بقيت لديه القدرة على مساعدة الآخرين ممن يحتاجون إليه فى لحظة الشدة ثم الشخصية الأخرى التى بعثرت ثروتها على موائد القمار حتى إذا لم يبق شئ صرخت قد أضعت عمرى ! حقاً قيمة الأنسان لاتقاس بكم مايملك ولكن بكيفية تصرفه فيما يملكه .
دمت عزيزتى ودام إبداعك الجميل.
ولك تحياتى..
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية
الاخ العزيز دكتور محمد فؤاد منصور
قراءة جميلة للقصة اسعدتني
وتحليل دقيق صائب
الشكر الجزيل لك ايها الاخ العزيز

عبد العزيز غوردو
27/05/2007, 02:32 AM
أن يقامر الإنسان بالمال، أمر يمكن استيعابه، رغم الوجع الذي يخلفه...
أن يقامر بروحه... يعني اندحار القيم، وانتحارها...
وأنتِ، أختي صبيحة، توفقت في نحت هذا التشكيل المؤلم والمَرَضي، في آن...
تحيتي لقلم مبدع

صبيحة شبر
27/05/2007, 02:35 AM
أن يقامر الإنسان بالمال، أمر يمكن استيعابه، رغم الوجع الذي يخلفه...
أن يقامر بروحه... يعني اندحار القيم، وانتحارها...
وأنتِ، أختي صبيحة، توفقت في نحت هذا التشكيل المؤلم والمَرَضي، في آن...
تحيتي لقلم مبدع
الاخ العزيز عبد العزيز غوردو
الشكر الجزيل لجمال التقييم
وروعة الثناء
دمت بخير ومحبة

جمال عبد القادر الجلاصي
27/05/2007, 12:32 PM
المبدعة صبيحة

قدرتك على السرد مبهرة

ولعبة التخييل رائعة

لغتك كعادتها شفيفة مبلغة واضحة وبسيطة كالماء

محبتي وتقديري

صبيحة شبر
27/05/2007, 11:23 PM
المبدعة صبيحة

قدرتك على السرد مبهرة

ولعبة التخييل رائعة

لغتك كعادتها شفيفة مبلغة واضحة وبسيطة كالماء

محبتي وتقديري
المبدع العزيز جمال عبد القادر الجلاصي
تقييمك الجميل اسعدني كثيرا
الشكر الجزيل لك
دمت بخير ومحبة

سها جلال جودت
02/06/2007, 01:17 AM
المبدعة الخبيرة بكوامن القص صبحية شبر
تحية لك ولقلمك الجريء المتمكن من اللعب بقضيتين هامتين القمار وضياع العمر هباء
شكراً لك عزيزتي
دمت بخير ومحبة أبدا

صبيحة شبر
02/06/2007, 02:30 AM
المبدعة الخبيرة بكوامن القص صبحية شبر
تحية لك ولقلمك الجريء المتمكن من اللعب بقضيتين هامتين القمار وضياع العمر هباء
شكراً لك عزيزتي
دمت بخير ومحبة أبدا
الاخت العزيزة سها جلال جودت
الشكر الجزيل على الكلمات الرقيقة والثناء العاطر
دمت بخير ومحبة