المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ...... مبالاة



fadya
21/05/2007, 11:14 AM
....... مبالاة

فاديا سعد


صديقي:

بشقِّ النفس استطعت التركيز على أمر هذه الرسالة، يكاد دماغي ينفجر بسبب الصخب المتواصل للأصوات، واختلاط مصدرها.

في آخر رسالة كتبتها لي سألتني عن أحوالي، وهل ما زلت أمتلك الحماس اللازم لمهنة التعليم؟

لقد تسرب منه الكثير يا صاح، فقط هذه الرياضة، التي كنا نمارسها معاً أيام الشباب، مازلت أزاولها، فأمشي مسافة كيلو مترين، متخذاً قبلة المنطقة هدفاً.

ما عاد لدي الرغبة، أو القوة لتشجيع الجيل الجديد بمبارزات شعرية.

أريد العودة عن الجملة الأخيرة لو سمحت لي، إذ أعتقد أن مسألة التشجيع لا تخضع لمفهوم الرغبة فقط، بل بمصطلح المبالاة.

أتستغرب؟ نعم هو كذلك.. مبالاتي بالاخرين.

شيء وحيد يذكرني بتاريخي.. بولعي الساذج لأمر "المبالاة": حملي المدونة الشعرية، ودفتر الملاحظات التي أخطها عن الطلاب. ذاك ما بقي من حماس صاحبك، وأرجو ألا أستيقظ يوماً لتكون هذه -اللا مبالاة- قد امتدت إلى المدونة لتأكل جزئي الأخير.

هل حدثتك عن المبالاة بالآخرين؟ هذا الإحساس، الذي يغمرك من حيث لا تدري.. حرارة تملأ قلبك، تدفعك لترمي التحية عليهم.. تبش بصغار يلعبون.. تفرح لعاشقين مرا قربك، وتود أن تقدم لهما زنبقة.

إحساس يدفعك لتربّت على كتف أحدهم، يذرف دمعة، وتنهمر بالمساعدة لمكروب أصابه.. شعور يدعوك للوثوب نحوه وقت يحتاجك، أو تشاركه فرحة حصلت عنده.
إنه إحساس رائع بالفعل هذا الذي يدعى: "المبالاة"، وقد افتقدته مؤخراً.

كنت تقول لي:
"المستقبل للكيمياء والفيزياء" وأرد عليك:
"بل للشعر أيها الجاف"
وكنت تقول بثقة: سيكتشفون يوماً أن الحب تركيب كيميائي، وأن مشاعر الغرام مثيرات داخلية للشخص ذاته.. حينذاك سيضحكون من قيس وليلى وروميو وجولييت" بينما أنفخ في وجهك:
"كش.."

أعجب حقاً من تفسيرك للحب. كنت أستهجن سلوكك الخالي من اللطف، مع ذلك، كنت تحصل على الفتاة التي تريدها، وكنت متبجحاً، لا تهتم سوى بنفسك.

أنت ضربت بالمبالاة عرض الحائط:
"بلا بلد.. بلا بطيخ"
"بلا حب.. بلا بطيخ" وتفلسف الأمر أكثر:
" اللا مبالاة خليط كيميائي آخر بحاجة إلى تفاعلات معينة كي تنتعش"

و المشكلة مع عقلك اللامبالي أنك تفوز.. في نهاية الأمر أنت فزت، وهذا يثير حفيظتي إلى حد:
" الخلل إما بي أو بالناس أو .... أكفر!!"

ذكرتني أن أسألك: ألم تعلمك الغربة درساً ما؟ ألا تحن ولو قليلاً لتمارس فكرة المبالاة؟ أما زلت تؤمن، ولو قليلاً بما كنت تفعله؟
أنتظر ردك.

زاهية بنت البحر
21/05/2007, 01:33 PM
و المشكلة مع عقلك اللامبالي أنك تفوز.. في نهاية الأمر أنت فزت، وهذا يثير حفيظتي إلى حد:
" الخلل إما بي أو بالناس أو .... أكفر!!"

ربما كان الخلل بعدم استطاعة الآخر الوصول لعقل الآخر ولو قليلا، فيظل محجوبًا عنه بالغموض ،وهذا بتصوري أمر طبيعي فلكل إنسان عالم عقلي خاص به يفتح أبوابه لمن يشاء يومًا ويغلقها ربما دهرًا ،ولكن لن يكون هذا محبطًا يدعو إلى الكفر بأي حال من الأحوال مادام حتى العقل لايملك حريته كاملة ..أجد قلمًا واعيًا أحترم حاملته حدَّ الإعجاب..
أهلا بك فاديا سعد أختي المكرمة
أختك
بنت البحر

صبيحة شبر
21/05/2007, 07:17 PM
الاخت العزيزة فاديا سعيد
نص جميل امتعني
المبالاة بردود الاخرين على افعالنا هي التي تمنعنا احيانا
ان نفعل ما نريد
لهذا وجدنا في نصك الجميل ان الذين لايهتمون بموقف الاخرين من اعمالهم
يحققون نجاحا اكبر من المبالين كثيرا

fadya
22/05/2007, 10:45 AM
استاذة صبيحة
وجودك ومرورك لهما نكهة صباح الربيع
شكراً لك

fadya
22/05/2007, 10:47 AM
بنت البحر
أنت دائماً على الرحب والسعة في قلبي وموضوعي
لكن لا ترعبك كلمة "كفر" فبطل قصتي بشر.

ريمه الخاني
22/05/2007, 01:22 PM
نعم دعيني اصفق لك غاليتي قد اجبت على سؤالي في قصتي
لن اكتب ابدا
او كلام ادباء
كنت قد ادرجت فكرتي بطريقه اخرى
قلمك امتعني جدا جدا
تحية وتقدير

محمد فؤاد منصور
30/05/2007, 02:01 AM
عزيزتى فادية
أهنئك على هذا الطرح الثرى للتناقض بين أمرأة مبالية ورجل لايبالى بشئ ومع ذلك يربح دائماً ثم وقوفك حائرة فى منتصف المسافة بين الأثنين تتساءلين عما إذا كان مر الزمن قد دفعه ناحية المبالاة كما دفعك أنت ناحية اللامبالاة أى أنكما فى النهاية لابد أن تلتقيا فى نقطة ما.إن الأنسان المبالى تقيده حدود وتحده ضوابط ولذلك لاينطلق بنفس السرعة ولايحقق ذات النجاحات التى يحققها إنسان يصل إلى مايريد لأنه لايراعى أى ضوابط هنا يكمن حل اللغز وإجابة التساؤل عن سر النجاح الظاهرى الذى لايدوم طويلاً.
قصتك مثيرة للشجون وتدفع العقل للتفكير ولغتك المشحونة بالأسى موظفة بشكل جيد لخدمة الفكرة.أهنئك وتقبلى تحياتى..
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية :vg:

أحمد الأقطش
30/05/2007, 03:03 AM
سيدتي فاديا :
لأنني أبالي فاسمحي لي أن أخبرك أن قصتك أرسلتني فوق الحياة قليلاً
وأسلوبك في السرد أغرقني في "الولع الساذج" برهافة المشاعر الإنسانية ، التي لا نعرف قيمتها إلا بنقائضها

سلمتِ سيدتي على هذا النص البديع

fadya
30/05/2007, 11:27 AM
ريمة المتفوقة دائماً باللطف، الحس الأنثوي المبالي
شكراً لك

fadya
30/05/2007, 11:29 AM
د. محمد
كم أحب القراءات الذكية والعميقة للنص.
قراءتك كانت كذلك
شكراً لك

fadya
30/05/2007, 11:37 AM
أستاذ أحمد:
لو لم تكن تبالي لما جاء توقيعك الحساس على النص.
شكراً لمرور أناس مثلك.. مثلكم.

د. مصطفى عراقي
04/06/2007, 01:25 PM
....... مبالاة

فاديا سعد


صديقي:

بشقِّ النفس استطعت التركيز على أمر هذه الرسالة، يكاد دماغي ينفجر بسبب الصخب المتواصل للأصوات، واختلاط مصدرها.

في آخر رسالة كتبتها لي سألتني عن أحوالي، وهل ما زلت أمتلك الحماس اللازم لمهنة التعليم؟

لقد تسرب منه الكثير يا صاح، فقط هذه الرياضة، التي كنا نمارسها معاً أيام الشباب، مازلت أزاولها، فأمشي مسافة كيلو مترين، متخذاً قبلة المنطقة هدفاً.

ما عاد لدي الرغبة، أو القوة لتشجيع الجيل الجديد بمبارزات شعرية.

أريد العودة عن الجملة الأخيرة لو سمحت لي، إذ أعتقد أن مسألة التشجيع لا تخضع لمفهوم الرغبة فقط، بل بمصطلح المبالاة.

أتستغرب؟ نعم هو كذلك.. مبالاتي بالاخرين.

شيء وحيد يذكرني بتاريخي.. بولعي الساذج لأمر "المبالاة": حملي المدونة الشعرية، ودفتر الملاحظات التي أخطها عن الطلاب. ذاك ما بقي من حماس صاحبك، وأرجو ألا أستيقظ يوماً لتكون هذه -اللا مبالاة- قد امتدت إلى المدونة لتأكل جزئي الأخير.

هل حدثتك عن المبالاة بالآخرين؟ هذا الإحساس، الذي يغمرك من حيث لا تدري.. حرارة تملأ قلبك، تدفعك لترمي التحية عليهم.. تبش بصغار يلعبون.. تفرح لعاشقين مرا قربك، وتود أن تقدم لهما زنبقة.

إحساس يدفعك لتربّت على كتف أحدهم، يذرف دمعة، وتنهمر بالمساعدة لمكروب أصابه.. شعور يدعوك للوثوب نحوه وقت يحتاجك، أو تشاركه فرحة حصلت عنده.
إنه إحساس رائع بالفعل هذا الذي يدعى: "المبالاة"، وقد افتقدته مؤخراً.

كنت تقول لي:
"المستقبل للكيمياء والفيزياء" وأرد عليك:
"بل للشعر أيها الجاف"
وكنت تقول بثقة: سيكتشفون يوماً أن الحب تركيب كيميائي، وأن مشاعر الغرام مثيرات داخلية للشخص ذاته.. حينذاك سيضحكون من قيس وليلى وروميو وجولييت" بينما أنفخ في وجهك:
"كش.."

أعجب حقاً من تفسيرك للحب. كنت أستهجن سلوكك الخالي من اللطف، مع ذلك، كنت تحصل على الفتاة التي تريدها، وكنت متبجحاً، لا تهتم سوى بنفسك.

أنت ضربت بالمبالاة عرض الحائط:
"بلا بلد.. بلا بطيخ"
"بلا حب.. بلا بطيخ" وتفلسف الأمر أكثر:
" اللا مبالاة خليط كيميائي آخر بحاجة إلى تفاعلات معينة كي تنتعش"

و المشكلة مع عقلك اللامبالي أنك تفوز.. في نهاية الأمر أنت فزت، وهذا يثير حفيظتي إلى حد:
" الخلل إما بي أو بالناس أو .... أكفر!!"

ذكرتني أن أسألك: ألم تعلمك الغربة درساً ما؟ ألا تحن ولو قليلاً لتمارس فكرة المبالاة؟ أما زلت تؤمن، ولو قليلاً بما كنت تفعله؟
أنتظر ردك.


أديبتنا الصادقة الأستاذة فاديا سعد

أجدت الانتقال بنا بمهارة بين المشاعر بدءا بالحماس المتسرب ومرورا بالرغبة ثم وصولا إلى هذا الصراع الناشب متجسدا في لعبة شطرنج عجيبة لا تنتهي بكلمة "كش" لأن الطرف الآخر يجيد اللعب بقوانين أخرى ، و في مباراة مستمرة بين لامبالاة متبلدة جافة تترجم كل شيء في الحياة إلى معادلات رياضية ، ومبالاة متشبثة بأمل منتظرٍ رغم مايحوطها من إحباط هزائم معتادة!
فهل تنجح الغربة بكل ما تحمل من معانٍ ثرية ، ودلالات شجية في تغيير المعادلة الصعبة ، وريّ القلب الجاف؟


و لك أطيب تحياتي ، وأصدق ودعواتي



مصطفى

fadya
05/06/2007, 11:20 AM
الأستاذ مصطفى:
أشهد بظهور ارتقاء في: اللغة. القراءة، والتعليق.
شكراً لك