المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسرحيتان للأطفال



أيمن خالد دراوشة
24/05/2007, 03:15 PM
مسرحيات للأطفال



1-الفقير والطماع.
2-الطيب والحسود.

تأليف :
أيمن خالد مصطفى دراوشة
الدوحة/ قطر
ص.ب : 36238
جوال : 5377457


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

من أحسن أيام المرء أن يرى أبناءه وقد نبتوا منبتاً حسناً فاستقام خلقهم وحسن أدبهم ونمـــا علمهم ، وهاتان المسرحيتان اللتان أقدّمهما تناولتا قضايا متنوعة حاولنا فيها غرس القيم والمثل العليا فــي نفوس وتفكير أطفالنـــــــــــــــــا كحب الآخرين ، ونبذ الطمع والحسد ، إضافــة إلى الأخلاق الرفيعة ، والإصرار على التغلب على الصعوبات التي تواجهنا في حياتنا ، واكتساب الدروس والعبر المفيدة منها ، وهذا ما هدفنا إليه في هاتين المسرحيتين.

ولا بدَّ لنا من الإشارة أنهما مقتبستين مــن تراثنا العربي الأصيل ، وقد تعرضنا فيهما إلى ظاهرتي الطمع والحسد ، ومآل أصحابها إلى عاقبة الأمور ، وقد حاولنا جاهدين معالجة مختلف القضايا بقالب جديد وأسلوب سهل بعيد عن الابتذال والغموض حتى يكتسب منها الطفل دقة الملاحظة ومجال الفهم والتذوق للغته العربية الجميلة ....
تتكون كل مسرحية من فصل ومشهدين

والله ولي التوفيق



المسرحية الأولى : الفقير والطماع


شخوص المسرحية

1-أبو أمية (التاجر الطماع ).
2-أبو الطيب ( الصياد الفقير القنوع).
3-الابن الأكبر للصياد الفقير القنوع.
4-قائد السفينة.
5-حاكم الجزيرة .
6-أتباع حاكم الجزيرة .
7-الابن الأصغر للصياد القنوع.



تقع المسرحية في بلدة صغيرة يحكمها والٍ




الفصل الأول

المشهد الأوَّل

الراوي :
في قديم الزمان وسالف العصر والأوان ، كان هناك صياد فقير يُدعى أبو الطيب وكان لهذا الصياد ثلاثة أولاد يحبهم حباً عظيماً ويشقى من أجلهم ومن أجل تأمين لقمة العيش لهم .

كان أبو الطيب يخرج في الصباح طلباً للرزق حيث يملك قارباً متواضعاً يستخدمه لصيد السمك ، وآنذاك لم يكن الرزق وفيراً إلا فيما ندر، وهذا لم يمنع أبو الطيب من أن يكون سعيداً دائماً والابتسامة لا تفارقه دائماً ، فعلى الرغم من ظروفه الصعبة إلا أنه سعيد هو وأولاده الثلاثة ، راضياً بما قسَّمه الله لـه ، وقانعاً بحياته دون تذمر أو حسد للآخرين .

وطالما شكر أبو الطيب ربَّه على سعادته وسعادة أولاده ، والأمر الذي كان يُنغِّص حياة الصياد أبي الطيب أنه كان جاراً لتاجر أقمشة يُدعى أبو أمية وكان هذا الجار غنياً غنى فاحشاً وله محل أقمشة كبير جداً وعمال كثيرون يعملون لديه ، وكان هذا التاجر قد طلب من أبي الطيب أن يبيعه بيته حتى يستطيع التاجر أن يهدمه ويحصل على الأرض المقامة عليه ليوسِّعَ تجارته مقابل ثمن بخس ، إلا أنَّ الصياد أبا الطيب رفض هذا الأمر رفضاً قاطعاً ، فكيف له أن يبيعه بيته وهو المأوى الوحيد له ولزوجته ولأولاده الثلاثة ، ولهذا السبب كره التاجر الصياد ، وطالما صمم على الانتقام منه ، خاصةً بعد أنْ رآه سعيداً مع أسرته على الرغم من فقره الشديد ، أمَّا التاجر فلم يكن سعيداً كأبي الطيب الإنسان الودود المحب للخير.

وفي إحدى المرات التقى الجاران في الطريق حيث كان أبو الطيب يغني ، ودار بينهما هذا الحوار:

أبو أمية : ما أعجبك أيها الجار المزعج ، فأنا لا أعرف سرَّ سعادتك فعلى الرغم من فقرك إلا أنك دائماً في سعادة غامرة ، تغني وتضحك وعلى الرغم من أن في رقبتك ثلاثة أولاد وأمهم ، ولا تملك شيئاً سوى هذا البيت الحقير ومهنة حمقاء إلا أني أراك في وافر السعادة ، فإلى متى تكف عن هذا الغناء القبيح ؟! ألم أحذرك من قبل أنْ لا تعود لهذا الغناء الذي يقلقني ويعكر مزاجي ، ثم قل لي أيها الصياد الفقير ، ألم توافق بعد على بيع بيتك ، لقد أضفت على المبلغ السابق مائة دينار ، فما رأيك؟

الصياد : لن أبيع بيتي حتى لو دفعت لي كنوز الدنيا.

التاجـر: إذن بهذا تكون قد جنيتَ على نفسك ، وشرَّدتَ عائلتك، ولا أدري كيف يهون عليك ذلك بعد أن يجوع أولادُك ، وتشقى أنت وزوجتك ؟!

الصياد : ولماذا تؤذيني وتؤذي أسرتي ؟! وتعيِّرني بفقري وضعفي كلما أراك، أكرر لك للمرة الألف بيتي ليس للبيع ، ونحن راضون بما قسَّمه الله لنا ، عسى أن يجعل لنا مخرجاً.

التاجر : إذن سوف ترى ، سأرسل عمّالي كي يهدموا بيتك ، ويحطِّموا قاربك القذر، وهكذا أستولي على أرضك ، وأوسع تجارتي ، فلا أعود أسمع صوتك القبيح .

الصياد : سامحك الله أيها الجار، ولماذا تفعل ذلك ؟ فأنا لم أفعل لك شيئاً ، ولا أذكر أنني آذيتك لا أنا ولا أولادي . فلماذا كل هذه الكراهية ؟!

التاجر : لقد سئمتك وسئمت رؤيتك ، ألا يكفي أنْ ترفض بيع الأرض حتى أكرهك ، هيا أغرب عن وجهي الآن فأنا لا أطيق رؤيتك.

(يذهب الصياد وهو يحدِّث نفسه) :

وماذا أفعل الآن إن كان فعلاً سوف يؤذيني بأن يحطم قاربي مصدر رزقي ، ويهدم بيتي المأوى الوحيد لي ولأسرتي.

الراوي :
عاد أبو الطيب (الصياد) إلى بيته بسرعة خوفاً من أن يأتيَ عمال التاجر أبي أمية فيحطِّمون بيته ، ويؤذوه هو وعائلته . دخل الصياد إلى بيته حزيناً مهموماً فوجد أولاده يلعبون بمرح وهنا لاحظ ابنه الأكبر شحوب وجه والده فسأله :
الابن الأكبر : مالي أراك يا أبي حزيناً ، وأنت دائماً في سعادة غامرة .

الصياد : لقد هدَّدني جارُنا التاجر أبو أمية بأنه سوف يحطم قاربي مصدر رزقي ، ويهدم هذا البيت الذي يأوينا ليوسع تجارته.

الابن الأصغر: ولماذا يفعل ذلك يا والدي ؟ هل آذيته في شيء؟

الصياد : كلا يا ولدي ، فأنا لم أظهر لـه غير المودة والاحترام.

الابن الأكبر : نحن عائلة فقيرة جداً وجارنا التاجر غني ونحن لم نؤذِ أحداً أبداً ، فلماذا يحسدنا ويكرهنا؟

الصياد: إنه الطَّمَع يا ولدي فعلى الرغم من ثرائه وامتلاكه لكثير من الأراضي ، إلا أنه يريد أرضنا حتى يزداد ثراؤه ولو كان ذلك بتدمير أسرة بأكملها ، فنحن على الرغم من فقرنا إلا أننا سعداء ومحبوبون من الناس ، أما هو فمنبوذ ، لمعرفة الناس به وبطباعه الشريرة .

الابن الأصغر : وماذا لو نفّذ هذا التاجر اللعين كلامه ؟!

الابن الأكبر : لا أتوقع أن يفعل شيئاً ، فلا تخف يا والدي العزيز، فنحن معك وإن آذانا لا سمح الله فسوف نشكيه للوالي .
الصيــــــاد : أبو أمية يا ولدي من المقرَّبين للوالي ولا أعتقد أن الوالي سوف يساعدنا إن آذانا هذا التاجر الشرير.

الابن الأصغر : ألا يخاف هذا الوالي غضب الله عز وجل، فلماذا لا يمنع عنا جبروت هذا التاجر الطاغي؟

الصياد : قلت لك يا ولدي أنَّ التاجر من المقرَّبين جداً إلى الوالي ، وفي عهده الميمون ظُلِم الكثير من الناس على يد التاجر المستبد ، ولم يتحرك الوالي ساكناً.

الابن الأكبر: عجباً لأمر هذا الوالي الذي لا يخشى ربَّه ويمد يده للظلم ، والأولى أن يتصف بالعدل.

الصياد: لقد سمعت أنَّ الوالي والتاجر أبا أمية شركاء في تجارة ، ولهذا فمن الصعب أن يقف الوالي ضده.

الابن الأكبر: لا عليك يا والدي العزيز فلنا الله الذي لا ينسى عباده أبداً.

الصياد : حسبي الله ونعم الوكيل.

الابن الأكبر: أرجو أن تتحلى بالصبر يا والدي ، وغداً عليك بالذهاب إلى عملك كالمعتاد، وسوف يكون كل شيء قد انتهى ، وربَّما انتهت ثورة الجار الظالم ، فلن يؤذيك بإذن الله ، فكن مطمئناً.

الصياد : إنكم لا تعرفون جبروته وأذيته لعباد الله.
الابن الأصغر: توكل على الله يا والدي ، ولا تخف من أحد غيره.
الصيـــــــــــاد: أجل يا بني ، فليس لي ناصرٌ سواه.

الراوي:
في هذه الليلة الصعبة بات الصياد خائفاً متوتراً من المجهول ، وفي الصباح نهض فصلى الفجر في المسجد كعادته ودعا في صلاته أن يُذْهِبَ الله عنه شرَّ التاجر الذي يتربَّصُ لـه بالشر، ثم قفل راجعاً إلى بيته حتى يطمئن على أسرته ، ويسألهم عن حوائجهم قبل أن يذهب للصيد.

الابن الأصغر: أريد حلوى يا والدي فأنا أشتهيها منذ زمن طويل.

الصيــــــــاد : إن شاء الله سوف أطلب من أمِّكم أن تعملها لكم في المساء ولكننا نحتاج إلى السمن لزوم الحلوى ، ولهذا أحضر لي يا ولدي السلطانية حتى أملأها بالسمن.

الابن الأصغر: حاضر يا والدي.

الراوي:
ناول الابن الأصغر السلطانية لوالده ، وطلب منه أنْ لا يتأخر، فَقَبَّلَ الصياد ابنه وقال لـه : إن شاء الله لن تبيت الليلة دون الحلوى.

ستار

المشهد الثاني

الراوي :
وحمل الصياد السلطانية في يده ، وسار متجهاً صوب قاربه المتواضع على أمل أن يصطاد شيئا فيبيعه من أجل شراء السَّمن بعد أن وعد ابنه الصغير بالحلوى التي يحبها .

اقترب الصياد رويداً رويداً من قارب الصيد الذي يملكه ، ولكن يا للأسف عما رأى ، فقد وجد القارب مصدر الرزق الوحيد قد تحطَّم وتناثر أشلاء هنا وهناك. حينئذٍ صاح بأعلى صوته : يا ويلي .... يا ويلي .... لقد قُضِيَ عليَّ وعلى أسرتي فمن لي من معين ؟!

وهكذا أخذ الصياد يهذي ويولول من هول ما رأى ، وفجأة لمح الصياد التاجر المعتدي ورجاله من بعيد ، فهرب خائفاً من أن يصيبه مكروه من التاجر أو رجاله المرعبين.

وسار الصياد لا يدري أين يذهب، وكيف سيعود إلى بيته ؟! وماذا سيخبر أبناءه إذا سألوه عن السمن؟!وهل سيخبرهم بأمر القارب الذي أصبح حطاما؟!

واستمر الصياد في المسير حتى أرسلته قدماه إلى الميناء ، وهناك وجد سفينة كبيرة تستعد للإبحار ، اقترب الصياد من السفينة ، ونادى بأعلى صوته ، يا رجال ، يا قائد السفينة ، خذني معك ، خذني معك ....

قائد السفينة : ماذا تريد يا رجل ؟! فنحن ذاهبون إلى مكان بعيد جداً.

الصيــــــــاد: أنا سأذهب معكم حتى لو ذهبتم إلى آخر الدنيا .... خذوني معكم أرجوكم .

قائد السفينة : إذن احمل أمتعتك وضعها في السفينة .

الصيــــــــاد : ليس معي سوى هذه السلطانية.

قائد السفينة (باستغراب) : سلطانية ها ..ها.. ضعها على رأسك وأركب السفينة هيا بسرعة..

قائد السفينة (بصوت عالٍ) : هيا يا رجال شدّوا الحبال فنحن على وشك التحرك هيا ...هيا....



الراوي :
ركب الصياد السفينة ، وساعد البحارة في أعمالهم ، وسارت بهم أياماً عديدة ، وكانت الأمور طبيعية حتى هَبّت فجأة عاصفةٌ قويةٌ حَطََّمت السفينة ....قفز الرجال من السفينة إلى البحر ، فقُضِي عليهم غرقاً ، أما الصياد فقد تمسك بأحد الألواح الخشبية الكبيرة من حطام السفينة ، وحملته الأمواج إلى شاطئ جزيرة ، وكان متعباً لا يشعر بما يجري ....فنام على رمال الشاطئ من التعب ...وبعد ساعات استيقظ من نومه ، فوجد عدداً كبيراً من سكان الجزيرة غريبي الأطوار يحيطون به ويحملون الحراب الطويلة ، ويصوبونها باتجاهه ، ثم حملوه إلى حاكم الجزيرة .
(يَمْثُل الصياد أمام حاكم الجزيرة )
الحاكـم : من أنت؟ ! ومن الذي أتى بك إلى جزيرتنا ؟!
الصيـاد : صدّقوني أنا لا أقصد الأذية .
الحاكـم : أين أتباعك ؟
الصيـاد : لقد غرقوا جميعاً في البحر .
الحاكـم : وأين أمتعتهم؟
الصيـاد : ضاع كل شيء ...ولم يبقَ سوى هذه السلطانية !
الحاكم (في دهشة ) : تاج.... عظيم ...تاج.... عظيم..
الرعايا (يهتفون) : تاج عظيم.....تاج عظيم....!
الراوي:
نزل الصياد ضيفاً على حاكم الجزيرة ، يلقى منه كل الرعاية وحسن المعاملة ....وبعد أسبوع من إقامته لديهم طلب الصياد من حاكم الجزيرة أن يعيده إلى وطنه.
الحاكـم : لماذا تريد العودة إلى وطنك فهل أسأنا معاملتك ؟
الصيـاد : لا يا مولاي الحاكم ، فأنا لم ألقَ منكم سوى كل خير ، وقد عشتُ عندكم أسعد أيام حياتي .
الحاكـم : ولماذا تريد أن تفارقنا إذن؟
الصياد : أنا لا أريد أن أفارق شعبك الطيب ، ولكن لدي أسرة تحتاج لمساعدتي ، ولعلهم الآن لا يجدون اللقمة التي تسد جوعهم .
الحاكـم : لديك أسرة إذن.
الصيـاد : نعم يا مولاي ، وهم بحاجة إلى الرعاية.
الحاكـم : وماذا تعمل في بلدك؟
الصياد : أصطاد السمك وأبيعه للتجار ، ومنه أكسب رزقي.
الحاكـم : هل تكسب كثيراً من عملك هذا؟
الصياد : نادراً يا مولاي ، ولكن هذا رزقي ، وعليّ أن أشكر الله على كل حال .
الحاكـم : أحسنت يا رجل .
(ينادي الحاكم أحد أتباعه ويأمره ببناء سفينة حتى يستطيع الصياد العودة بها إلى وطنه)
الراوي :
وبعد فترة تم بناء السفينة بعد أنْ أمر الحاكم بأن تملأ بالحلي والمجوهرات واللآلئ ، وتزويدها بما لَذَّ وطاب من طعام وشراب. وَدَََََّع الصياد الحاكم وأبحرت السفينة قافلةً إلى بلد الصياد.
(وصل الصياد إلى بلده ، فسار مسرعاً إلى بيته فوجد أولاده على النافذة يتأملون المارة وهم يبكون )
الابن الأصغر : هذا أبي ... هذا أبي ...قد جاء.
الابن الأكبــر : نعم إنه أبونا نحمد الله ونشكره.
(وصل الأب واحتضن أولاده الثلاثة بعطف وحنان )
الصيـــــــاد : أولادي الأعزاء أحبكم أحبكم .
الابن الأكبــر : لقد طالت غيبتك يا والدي أين كنت ؟
الابن الأصغر : وأين الحلوى التي وعدتنا بها؟
الصيـــــــاد : سأشتري لكم كل الحلوى التي في البلدة ولكن تعالوا أروي لكم ما حدث معي.
الراوي :
حكى الصياد لأولاده ما جرى معه بالتفصيل وكيف وجد قاربه قد تحطم على أيدي عمال التاجر الظالم ، وكيف وجد سفينةً كبيرةً على وشك الإبحار ، وقصة حاكم الجزيرة.
الابن الأصغر : نحن أثرياء الآن يا والدي .
الصيــاد: نعم نحن أثرياء جدًّا ، وسوف نشتري بيتاً جديداً ونوسع تجارتنا .
الابن الأكبر : نحمد الله على ذلك ، فقد رزقنا الله على قدر سعينا ، وكافأ أبانا على صبره فالشكر لله أولاً وأخيراً.
الراوي :
شاع الخبر بين سكان البلدة وأصبح حديث الناس الشاغل حتى وصل الخبر إلى التاجر الشرير أبي أمية.
أبو أمية (يحدث نفسه) : سلطانية حقيرة تصنع كل هذا الثراء للصياد الأحمق ، هذا شئ لا يصدق ....سوف أذهب إلى هذه الجزيرة وأستولي على كل ثرواتها من حاكمها المغفَّل ، وأصبح أغنى رجل في هذه البلدة.
الراوي :
أصاب الطمع من التاجر الشرير مقتلاً ، وصمم على تنفيذ خطته الدنيئة بالذهاب إلى الجزيرة وخداع الحاكم والحصول على ثروات هذه الجزيرة النائية .
ومكث أبو أمية وعمَّاله شهوراً ، يعدون الملابس الفاخرة للحاكم وأهله ، ملابس من كل شكل ولون ، وأنفق كل أمواله على شراء سفينة كبيرة لحمل كل هذه الهدايا ، وأبحر التاجر وعمَّاله صوب الجزيرة النائية .
ووصل التاجر الطمَّاع إلى الجزيرة ، فتصدَّى لـه أتباع الحاكم وسألوه عن وجهته.
أتباع الحاكم : إلى أين تقصد أيها الرجل الغريب؟!
أبو أمية : أقصد حاكم هذه الجزيرة ، فقد أحضرت لـه الكثير الكثير من الهدايا الغالية .
الـــراوي :
اقتاد الحراس التاجر إلى حاكم الجزيرة وَمَثُلَ أمامَه .
الحاكــــم : من أنت ؟ هل أنت عدو أم صديق ؟ تكلم بسرعة .
التاجـــــر : صديق يا مولاي الحاكم ، والدليل أنني أحضرت لك الكثير من الهدايا التي سوف تعجبك وتنال رضاك ومحبتك .
الحاكــــــم : وأين هذه الهدايا ؟
التاجــــــر : إنها في السفينة .
(الحاكم يأمر حراسه بإحضارها )
الــراوي :
وصل الحرَّاس إلى الحاكم بعد أن أحضروا لـه هدايا التاجر ووضعوها في مرأى منه.
الحاكم بإعجاب : إنها ملابس رائعة! ملابس عجيبة! لا بدَّ أنني في حلم أخشى أن أستفيق منه.
التاجر : بل هو حقيقة وليس حلماً يا مولاي ، اُنظر إلى العباءات المنقوشة بأحلى الرسومات ، هذه كلها لمولاي الحاكم ، وهذا الحرير المطرَّز بالذهب لنسائكم ، وانظر إلى هذه الرماح العجيبة إنها لجنودكم البواسل وحراسكم المخلصين.
الحاكم : رائع ، مدهش ، هذا أجمل ما رأت عيني ، وما سمعت أذني ، وأروع ما وصلني من هدايا طيلة فترة حكمي لهذه الجزيرة.
التاجر : ولن يصلك هدايا بمثل قيمتها المادية ، ولا بجمالها الأخَّاذ حتى ولو كان ذلك من أغنى شخص في الدنيا...
الحاكم : صدقت أيها التاجر الكريم ، فأنت أكرم ما رأيت ، وإني لعاجزٌ أنْ أردَّ لك هذا الجميل ، ولكن النفيس لا يقابل إلا بالنفيس ، فاطلب أيها التاجر ما تتمنى.
التاجر: أنا لا أطمع بك أيها الحاكم الكريم ، يكفي أن تعطيَني أغلى شيء عندكم ، ويشهد الله أنني لا أريد أكثر من ذلك ، فغرضي ليس المادة بقدر ما هو شيء نفيس يذكرني بك أيها الحاكم الكريم وإلى الأبد.
الحاكم : ولكن أغلى شيء عندي لا أستطيع منحك إياه ، فقد أصبح رمزاً لهذه الجزيرة وبه نُعْرَف.
التاجر : أعرف أن طلبي ثقيل ، ولكني لا أطمع في شيء آخر.
الحاكم : وهل يوجد أكثر من هذا نعطيك إياه؟!
التاجر( بدهاء) : لا يا مولاي العزيز ، فأنا لا أريد سوى ما طلبت فقط ، وأنت كما سمعت عنك لا ترد الضيف خائباً أبدا.
الحاكم : لقد خجلتُ منك والله ، ولن أرُدَّكَ خائباً حتى أعطيك ما تتمناه مني ، وأقسم لك أنه أغلى شيء عندي ، ولكن ما باليد حيلة ، ولا أجِدُ بدًّا من أن أخلع عليك هذا التاج الذي هو أعز ما نملك على أرض هذه الجزيرة.
الراوي : وبحزن شديد خلع الحاكم السلطانية ، وقدَّمَها للتاجر الذي بَدَا عليه أثر الاندهاش والاستغراب.
التاجر بذهول : السلطانيَّة !
الحاكم موجها كلامه للتاجر: أراك أيها التاجر قد ذُهِلْت ، فلم تتوقع أن أعطيك هذا الشيء الذي لا يستبدل بكنوز الدنيا.
التاجر بارتباك : أجل... أجل.
الحاكم : إذن تفضل التاج ، وادعُ لي.
التاجر باضطراب : وفقك الله لرعيتك.
الراوي : وهكذا وضع التاجر السلطانية على رأسه ، وسار بين عمَّاله كالمجنون لا يُصدِّق ما جرى.
التاجر (يُحدِّث نفسه) : يا إلهي أنفقت كل نقودي جريا وراء سراب اسمه كنوز الحاكم ، قبحه الله من حاكم ، لقد سعيت وراء ثروة وهمية ، وأردت أن أصبح أغنى رجل في البلدة ، ولكن لم أنلْ في النهاية سوى سلطانية الصياد أبو الطيب الذي حسدته لسعادته وآذيته كثيراً ، وأردتُ أن أستولي على أرضه بغير حق ، وقطعت مصدر رزقه الوحيد بدلاً من مساعدته. الآن عرفت لماذا يحب الناس أبا الطيب ويكرهونني ، أبو الطيب لم يؤذ أحدا ، أما أنا فقد آذيتْ ، أبو الطيب لم يحسدْ أحداً لا على غناه ، ولا على سعادته ، أمَّا أنا فقد حَسَدْت ، إنه عقاب الله على ما اقترفت من ذنوب بحق أناس لا حول لهم ولا قوة ، اللهمَّ أغفر لي... اللهم أغفر لي ، وسامحني على ما اقترفت من ذنوب لا تحصى.
وهكذا رجع التاجر أبو أمية خائباً ذليلا ً إلى بلدته حاملاً السلطانية طالباً الصفح والغفران من ربِّ العباد عَلَّهُ يغفر لــه خطاياه.
الراوي :
ليس عيباً أن يخطئ الإنسان ، ولكن العيب أن يستمر في خطئه ، ولعل في قصة الفقير والطماع عبرةً لكل من اتخذ من أذية الناس حرفة لـه ، وقد رأينا كيف أدَّى الطمع والجبروت بالتاجر إلى نهاية مؤلمة ، وإن كان قد تاب عن أذية الناس ، فالله يغفر الذنوب جميعاً إن كانت النية صادقة في إصلاح ما اقترفه المرء من ذنوب ، فحب الآخرين ، ومساعدتهم عند الحاجة ، والابتعاد عن نصب الكيد لهم ، يؤدي بنا في النهاية إلى السعادة في الدنيا والآخرة ، وقد رأينا ماذا حدث للفقير ، الذي كان محباً للناس ، وقانعاً بما قسَّمه الله لـه من رزق دون أن يطمع في مغريات الدنيا الفانية ، فقد كافأه الله بأن أغناه بعد فقر شديد.
قال تعالى :
( وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً). (الإسراء:80)

ستار


----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

المسرحية الثانية الطيب والحسود



شخوص المسرحية


1ـ الحاج صادق القمّاش" الطيب "
2 ـ أبو كف َّحسن العطّار" الحسود "
3 ـ القاضي
4 ـ تاجر القافلة
5 ـ رجل1
6 ـ رجل2
7 ـ الشرطيان
8 ـ الشاهدان
9 ـ الصبي











الفصل الأول

المشهد الأول


الراوي :
يحكى أن تاجرا ً للأقمشة في قديم الزمان يدعى الحاج صادق القَمَّاش ، وهذا التاجر معروفٌ لدى الناس في البلدة التي يقطن بها بأمانته وإخلاصه وحبِّه لعمل الخير ومساعدة المحتاجين ، ولهذا كان الجميع يقصدونه من مختلف أنحاء البلدة ، حتى تعدَّى ذلك البلدات الأخرى المجاورة ، وشعارُ الحاج صادق القمَّاش هو الأمانة والإخلاص ، والتفاني بالعمل ، والصدق مع الزبائن ، ومخافة الله عز وجل ، أما بضاعته فكانت من أجود أنواع الأقمشة المختلفة سواء أكانت من الصوف أو الحرير أو القطن ، وكان الحاج صادق يبيعُها بأرخص الأسعار مراعيا ً حاجات ِ الناس وعدم قدرتهم على دَفْع ِ الثمن الكامل أحيانا ً ، وكان المشترون من الحاج صادق يصنعون من أقمشته الثياب والعباءات والفساتين …إلخ

( يَمُرُّ أحدُ الرجال ِ من محلِّ الحاج صادق)

رجل1 :
من فضلك يا حاج صادق الطيب ، أريد قطعةَ قماش من اختيارك لأصنع منها عباءة لوالدي ، ولهذا أريدها من النوع الفاخر.
رجل2:
لا يوجد عند الحاج صادق إلا أجودُ أنواع ِالأقمشة ، و أفخرِها والتجربة أكبرُ برهان.

( يَمُرُّ أحدُ الأشخاص من أمام ِ محل الحاج صادق وينظر بحسد إلى المبتاعين داخل دكانه ، هذا الشخص يدعى " أبو كف العطار " ، وكانَ يحسدُ الحاج صادق على سمعته الطيبة ، ورزقه الوفير ، ونشاطه الذي لا يكل في السوق ، أما هو فعاطلٌ عن العمل بسبب حسدِه وكسلِه ).

أبو كف العطار : " يحدث نفسه في ضيق "
مالي أرى الناسَ يتهافتون على هذا المحل ألا يوجد في السوق غير الحاج صادق ؟ لقد خَدَعَ الناسَ بمعسول كلامه ، وأوهمهم أن بضاعته فاخرة ، وأنَّهُ يبيعُها بأرخص الأسعار ، أقسمُ بالله العظيم لأعرفنًَّ السرَّ يا حاج صادق ، حينئذ ٍ سأنالُ منك .

(يقتربُ العطارُ من محل الحاج صادق) .

العطار :
السلام عليكم يا حاج صادق .

الحاج صادق :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، تفضلْ يا أخي ألستَ أنتَ أبو كف العطار ؟
العطار :
نعم يا سيدي ، هو أنا .
الحاج صادق :
تفضلْ يا أخي ، لقد كانَ والدكَ من أعزِّ أصدقائي .
العطار :
شكرا ً .. شكرا ً .
الحاج صادق :
هل تشربُ قهوة ً أم شايا ً .
العطار :
لا .. شكرا ً .. لا أريدُ شيئا ً .
الحاج صادق :
جارُنا أبو عبد الله يبيعُ عصيرا ً لذيذاً ، ما رأيكَ بكوبٍ من العصير اللذيذ من عنده ؟
العطاَّر :
كل ما يأتي منكَ يا حاج مقبول ، ومشكورٌ عليه .
الحاج صادق :
يا صبيّ أحضرْ لنا كوبين من العصير اللذيذ من عند جارِنا أبي عبد الله .
الصَّبي :
حاضر يا حاج صادق .
العطار :
لقد غَمَرْتني يا حاج صادق بكرم ِ ضيافتك ، وشهامتك ، وحسن ِ معاملتك .
الحاج صادق :
لا شكرَ على واجب يا أخي الكريم .
العطار : " مخاطبا ً الحاج صادق " :
لقد لاحظتُ في الصباح أنَّ محلَّك قَدْ ازدحمَ بالمشترين ، حتى أصبحَ كأنَّهُ خليةَ نَحْل ٍ ، فقلتُ في نفسي لِمَ لا أنتظرُ حتى يهدأ هؤلاءِ الناس ، ثم أزورُ عمي الحاج صادق فلدي موضوعٌ هامٌّ أريدُ أنْ أحَدِّثك به .
الحاج صادق :
أهلا ً بك وسهلا ً ، خيرٌ إنْ شاءَ الله .
العطار :
أنتَ تعرفُ والدي حسنَ العطار ، كان صديقُك المخلصُ والملازمُ لك دائما ً .
الحاج صادق :
أجل يا أبا كف ، رَحِمَ الله والدك ، فقد كانَ نِعْمَ الصديقُ ، وَنِعْمَ التاجرُ الأمين .
العطار :
شكرا ً لك على هذا الإطراء الجميل ، فوالدي رَحِمَهُ الله ، كانَ يعملُ في مهنة العطارة كما تعلمُ .
الحاج صادق :
نعم .. ووالدي رحمه الله كانَ لا يتعاملُ إلا مع والدك ، ولكنْ قُلْ لي يا أخي : لماذا أغلقتمْ مَحَلَّ العطارة ؟ ألم يكنْ مردوده جيدا ً ؟
العطار :
طَمَعُ الدُّنيا يا حاج صادق ، فبعد وفاةِ والدي رَحِمَهُ الله ، دَخَلَ الشيطانُ بيننا ، فقرَّرْنا إغلاقَ محلِّ العطارة ، وذهبَ كلُّ واحد ٍ مِنَّا في حال سبيله .
الحاج صادق :
لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي ّ العظيم .

( يُحْضِرُ الصَبِيُّ كوبي العصير)

الحاج صادق :
تفضَّلْ الآن كوبَ العصير يا أخي .
العطار : " يشربُ العصيرَ بنهم "
الحمدُ لله
الحاج صادق :
صحتين وعافية ، بالهناء والشفاء .
العطار :
شكرا ً لك يا حاج صادق على هذا الكوبِ اللذيذ ، وعلى كرم ِ ضيافتك .

الحاج صادق :
هذا من لطفك ، لكنْ قلْ لي : ماذا تعملُ الآن ؟
العطار :
لا أعملُ شيئا ً .
الحاج صادق :
وكيفَ تعيشُ إذا ً ؟!

العطار :
أعيشُ من إيجار بيت ٍ ورثته عن والدي رَحِمَهُ الله ، غير أني كثيرُ العيال ، والحياة كما تعلمُ لا ترحمُ ، وطلبات العيال وأمّهم كثيرة ، لا تنتهي أبدا ً .

الحاج صادق :
ولماذا لا تحاولُ أنْ تفتحَ محلَّ العطارة من جديد ، وتديرُها وَحْدَك ولحسابك الخاص ؟!


العطار :
لأني لا أملكُ المالَ الكافي لإعادة فتح ِ المحل ، وشراء ِ أدوات ِ العطارة ، ثم إنني لم أجدْ أحدا ً يُقرضُني المبلغ ، فأصِبْت بإحباط ٍ ويأس ٍ شديدين ، فقررتُ غَضُّ الطَرْفَ عن ذلك .

الحاج صادق :
أعانكَ اللهُ يا أخي أبا كف ، ولكنْ لا تشغلْ نفسَك بهذا الأمر ، فأنا والحمدُ لله قدْ باركَ الله لي في تجارتي ، و أستطيعُ أنْ أقْرِضَك المبلغَ الذي تطلبه .

العطار :
شكرا ً لكَ على إنسانيتك يا حاج صادق ، فأنت تصنعُ معروفا ً معي لنْ أنساهُ لك أبدَ الدَّهر .

الحاج صادق :
أحَبُّ شيءٍ عندي يا أخي هو مساعدةُ الناس ، وأنْ أراهم جميعا ً في سعادة ٍ وهناء ، ولكنْ لا يقدرُ على القدرة سوى الله سبحانه وتعالى ، حيث يقولُ في كتابه الكريم : " وفي السماءِ رزقُكم وما توعدون " ، صدق الله العظيم ، فعلينا - نحن المسلمين ـ أنْ نرضى بما قَسَّمَ اللهُ لنا ، أليسَ كذلك يا أخي .
العطار :
بالطبع ِ لأنَّها حِكمةُ الله ِ عَزََّ وجل .

الحاج صادق :
هلْ ممكنٌ أنْ تُمْهلَني أسبوعا ً حتى أستطيعَ أنْ أقرضَكَ المبلغ ؟
العطار :
أجل يا حاج صادق .
الحاج صادق :
كم تريدُ مني ؟
العطار :
ثلاثمائة دينار .
الحاج صادق :
سأعمل على توفيره بمشيئة الله عزَّ وجل .
العطار :
جزاك الله كل خير ، ووَسَّعَ عليك رزقك ، والآن أستئذنُ للخروج .
الحاج صادق :
إلى أينَ أنت ذاهبٌ يا عطَّار ، اجلسْ قليلا ً حتى نرى هذه القافلة ِ القادمة من بعيد .

العطار :
ما هذه القافلة ؟

الحاج صادق :
هؤلاء ِ تُجَّارُ الحلي والمجوهرات والأشياء النَّفيسة ، وهم لا يأتون إلا مرةً في العام ، فلا تدعْ فرصةَ المشاهدة تفوتُك ، فربما يعرضون علينا منتوجاتهم ، فنستمتعُ بجمال ِ المنظر .

الراوي :
القافلةُ تقتربُ رويدا ً رويدا ً من البلدة ، وأصواتُ الناس تتعالى في السوق ، فقد وصلتِ القافلة ، وبدأ تجارُها بعرض ِ منتوجاتهم من حُلِيٍّ وجواهر ٍ نادرة على التجار والأغنياء ، فيشتريها المقتدرون ويكتفي ميسورو الحال بالمشاهدة فقط .

(اقتربَ الموكبُ من مَحَلِّ الحاج صادق حتى أصبحَ بمحاذاته) .

الحاج صادق :
اقتربوا أيها التجار من هنا ، أرونا ما عندكم .

أحد تجار القافلة :
لدينا يا حاج الكثير الكثير من الجواهر واللآلئ النفيسة .


الحاج صادق :
أرني أغْرَبَ شيء عندكم .

تاجر القافلة :
لدينا عِقْدٌ نفيسٌ من الزبرجد الأخضر ، والياقوت ِالأحمر ، شيءٌ غال ٍ ونادر ، لا مثيلَ له في كلِّ أسواق العرب .


الحاج صادق :
أرني بسرعة فأنا لا أحتملُ الصبرَ أمامَ الأشياء النادرة .

تاجر القافلة:
هاك هو العِقْد .. تَفَحَّصَهُ جيدا ً يا سيدي .

الحاج صادق : " مذهولا ً "
يا الله ما أجملَ هذا العِقْدَ ! وما أروعَه ! إنَّهُ أجملُ ما وقعتْ عليه عيناي ، وما سمعت به أذناي.
العطار :
إنَّهُ تُحْفَةٌ نادرة .
الحاج صادق : " موجِّها ً كلامَه إلى تاجر القافلة " :
بكم تبيعُه يا أخي .
تاجر القافلة :
بمائتي دينار .

الحاج صادق : " مندهشا ً ":
هذا كثيرٌ والله ، ألا تستطيع أنْ تُخَفِّضَ لي من ثمنه ؟
تاجر القافلة :
اسمعني يا حاج صادق ، نحن لا نطمعُ بأحد ، وغايتنا الكسب الحلال ، لأنَّنا نخافُ الله ونخشاه ، وربحُنا لا يتعدى قَدْرَ المشقَّة ِ التي نتكبدُها أثناء السفر ، والترحال من بلدة إلى بلدة لعرض منتوجاتنا على الناس ، وهذا العِقْدُ في بَلَدِ صُنْعِهِ بمائة ٍ وتسعين دينارا ً ، ألا نربح ُعَشَرَة دنانيرٍ مقابلَ هذا التعب ِ الذي نبذلُه ؟

الحاج صادق : " يصمتُ قليلا ً ويوجِّهُ كلامَه إلى العطار " :
ما رأيُك يا أبا كف ؟
العطار :
معذرةً يا حاج صادق ، فأنا لا أعرفُ بأمور الصياغة شيئا ً ، وخبرتي تنحصرُ فقط في أمور العطارة ، وما شابهها ، ولكنْ لا أخفي عليك أنَّ منظرَ هذا العِقْدِ قدْ جَذَبَني وَسَحَرَ بَصَرِي .

( و بخبث مستغلا ً مرور الناس أمام دكان الحاج صادق):

العطار :
أعطني العِقْدْ يا حاج لأتفحَّصَهُ جَيِّدا ً .

( يناولُ الحاج صادق العِقْدَ للعطار ، فَيُقَلِّبُ العطَّارُ العِقْدَ أمامَ الناظرين ثم يعيدُه للحاج صادق ) .

الحاج صادق :
إذا ً توكلت على الله ، واشتريتُ هذا العِقْد.
تاجر القافلة :
مُبَارَكٌ عليك هذا العقد ، وعوَّضَكَ اللهُ بثمنه خيرا ً .

( يَعُدُّ الحاج صادق النقودَ لتاجر القافلة ، وَيُعيدُ ما تبقى إلى الدرج)

العطار :
مباركٌ عليك هذا العقد يا حاج .
الحاج صادق :
باركَ الله فيك .
العطار :
أستئذنُ الآن يا حاج فقد تأخرتُ على العيال .

الحاج صادق :
اذْهَبْ وَرَافَقَتْكَ السلامة ، ولا تنسَ يا أخي أنْ تمرَّ عَلَيَّ بعدَ أسبوع ٍ حتى أعطيكَ المبلغَ كما اتفقْنا .
العطار :
إنْ شاءَ الله .

ستا





المشهد الثاني

الراوي :
انصرفَ العطارُ بَعْدَ أنْ رأى الحاج صادق يضعُ العِقْدَ في درج المحل ، وبدلا ً من الذهاب إلى بيته انتظرَ قليلا ً حتى انصرفتْ القافلة ، وابتعدَ الناسُ ، ثم توجَّهَ في سرعة ٍ إلى قاضي البلدة ، وهو يصيحُ بأعلى صوتِه.
العطار :
أعينوني .. أغيثوني
( وحاولَ الحارسُ إيقافه فأخذ ينادي ويصرخ ) :

يا حضرة القاضي ، يا ناصرَ المظلومين ، سُرِقَتْ أموالي ، سُرِقَتْ أموالي...
القاضي : " مندهشا ً" :
ما هذه الفوضى في الخارج ؟

الشرطي :
إنَّهُ رجلٌ يَصْرُخُ يا سيدي القاضي .
القاضي :
أدْخِلُوهُ فورا ً .

(يُدْخِلُ أحدُ الحراس العطَّار إلى قاعة القاضي)

القاضي :
ما بِكَ يا رجل ؟ وَلِمَ كُلُّ هذه الضجة ؟
العطار :
أغِثْنِي يا سيدي القاضي ، ضَاعتْ نقودي .
القاضي :
اهدأ يا هذا ، وقل لي ما حكايتُك .
العطار :
ذهبتُ في هذا الصباح لأشتريَ حوائج َبيتي ، ثم صَادفتُ قافلةَ تجَّار ِ الحُلْيِّ والجواهر ، وكان معهم عِقْدٌ من الزبرجد والياقوت ، فأعْجِبْتُ به واشتريتُه لابنتي بمائتي دينار ، فَخِفْتُ أنْ أضَعْهُ في جيبي فَيُسْرَقَ مني ، فذهبتُ إلى صاحبي الحاج صادق الذي يدَّعي الأمانة ، وهو منها بَراء .

القاضي : " بغضب " :
اختصرْ يا رجل ، فلدينا العديد من القضايا التي تحتاجُ إلى حل .
العطار :
طلبت من صديقي هذا أنْ يحفظَ العِقْدَ عنده في دكانه ، حتى أشتريَ حوائجي من السوق ، ثم أعودُ إليه ، وأتسلم العقد .
القاضي :
ثم ماذا ؟ هيا أكملْ .
العطار :
ثم عُدْتُ بعد ساعتين ، وقلتُ له أعطني الأمانة ، فقال لي : أية أمانة هذه ؟ فصرختُ وقلتُ له : العِقْد يا حاج ، فأجابني باستفزاز : اذهبْ من دكاني يا هذا فأنا لا أعرفُك حتى أحتفظَ لك بأمانة ! لا بُدَّ أنَّك مجنون ، حينئذ ٍ جنَّ جنوني يا سيدي القاضي ، وبدأتُ أصرخُ كالمجانين ، حتى وجدتُ نفسي بين أيديكم .
القاضي :
هل كان هناك شهود ؟
العطار :
نعم ، بعض المارة في السوق يشهدون على كلامي .
القاضي :
ما أسماؤهم ؟
العطار :
أذكر يا سيدي منهم الصباغ عباس .. والنجار منصور .
القاضي : " ينادي " :
يا شرطي احْضِرْ لنا الصبَّاغ عباس والنجار منصور في الحال.
الشرطي :
حاضر يا سيدي

( الشرطي يُحْضِرًُ الرجلين من السوق وَيَمْثُلان أمامَ القاضي)

القاضي : " يوجِّهُ كلامَه إلى الشاهدين " :
هل شاهدتم هذا الرجل يعطي عِقْدا ً للحاج صادق ؟

الشاهد الأول :
لقد شاهدتُ هذا الرجلَ يتفحَّصُ عِقدا ً ، ثم يَدْفَعَهُ للحاج صادق الذي بدوره وَضَعَهُ في الدرج .

الشاهد الثاني :
وأنا كذلك شاهدتُ نَفْسَ الشيء يا سيدي القاضي .
العطار :
أرأيتَ يا سيدي القاضي أنني صادقٌ فيما قلته .
القاضي :
ليس بعد يا عطَّار .

(ينادي القاضي على شرطيين ويأمرهما بتفتيش دكان الحاج صادق).





الراوي :
يذهبُ الشرطيان إلى الدكان ، فيجدانه مغلقا ً ، فيكسرُ أحدهما القفلَ ، ويفتِّشُ الدكان بأكمله ، حتى يعثرَ على العِقْد ِالمطلوب في أحد الأدراج ، ثُمَّ يعودُ الشرطيان إلى قاعة القاضي ويسلِّمانه العِقْد .
القاضي :
اتَّضَحتِ الأمور الآن ، هيا يا شرطي اذهبْ واقْبِضْ على الحاج صادق ، وأحضرْهُ إلى هنا حتى ينالَ عقابَه الرادع...
الشرطي :
سَمْعا ً وطاعة يا سيدي .
العطار : " بفرح " :
يحيا العدلُ .. يحيا العدل .


الراوي :
يذهبُ الشرطيُّ ويقبض على الحاج صادق من بيته ، ويأخُذُهُ إلى القاضي .

(يَدْخُلُ الشرطيُّ ومعه الحاج صادق الذي يَمْثُلُ مندهشا ً أمامَ حضرةِ القاضي ، ولا يدري ماذا يجري ، ولماذا تَمَّ استدعاؤه بهذه الطريقة ، وازدادتْ دَهْشَتُهُ واستغرابُه عندما رأى العطار واقفا ً بجوار القاضي ينظرُ إليه " أي العطَّار " والشررُ يتطايرُ من عينيه ).
القاضي :
أنتَ الحاج صادق تاجرُ الأقمشة المعروف .
الحاج صادق :
نعم يا حضرة القاضي أنا هو الحاج صادق .
القاضي :
هَلْ أخذتَ اليومَ عِقْدا ً من الياقوت والزبرجد من هذا الرجل أمانة ًعندك ، وحينَ طالبَكَ به أنكرتَ حقََّه واتهمتُه بالجنون ؟
الحاج صادق : " مندهشا ً " :
أنا ؟

القاضي :
ومن إذا ً ؟ أنا ؟‍ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍رُد ّ عَلَيَّ ما هو دفاعُك ؟
الحاج صادق : " ينظرُ إلى العطار .. ثم يتوجَّهُ نحو القاضي " :
هل يسمحُ لي سيدي ، يا مَنْ يحكمُ بالعدل أن أتحدَّثَ مع العطار لمدة دقائق فقط على انفراد ؟

العطار :
لا .. لا أريدُ أن أكلِّمَ هذا الرجلَ اللص ، خائنُ الأمانة حتى يأخذَ العدلُ مجراه وأحصلُ على حقي ...عِقْدِي الثمين يا سيدي القاضي .
القاضي :
أمِنَ الضروري أن تكلِّمَه يا حاج صادق ؟
الحاج صادق :
نعم يا سيدي القاضي ، فربما كان لكلامي معه فائدة .
القاضي :
إذا ً لا مانع … استمعْ لما سيقولُه لك يا أبا كف .
العطار :
سَمْعا ً وطاعة يا سيدي القاضي ، لأجلك فقط سأستمعُ إلى خائن ِالأمانة .
الحاج صادق : " يتوجَّهُ إلى العطار ويخاطبُه " :
لماذا فعلتَ ذلك يا أبا كف ّ ؟
العطار :
ما هذا الهراء ؟ هل ستحاسِبُنِي مقابلَ خيانتِك للأمانة .



الحاج صادق :

أريدُ فقط معرفة السبب الذي جعلَك تفعلُ هذا العملَ الشنيعَ معي ، ألمْ أعِدُك بالمساعدة لفتح محل العطارة من جديد ؟
العطار :
لا أريدُ منك شيئا ً .
الحاج صادق :
وهل هذا جزاءُ المعروف ؟
العطار :
ومن قالَ لكَ أنْ تعملَ مَعروفا ً ؟
الحاج صادق :
خُلُقِي هو ما دَفَعَني إلى عمل المعروف .
العطار :
وأنا سوءُ خُلُقي دفعني إلى فعل ِ هذا ...هل تريدُ شيئا ً آخر ؟

الحاج صادق : لا

القاضي :
هلْ أنهيتَ حديثَك مع العطار يا حاج صادق ؟

الحاج صادق :
أجل يا سيدي القاضي وأريدُكَ أنْ تحكمَ بما يرضيك .
القاضي :
معنى ذلك أنك اعترفتَ بذنبك .
العطار :
وهل يستطيعُ الإنكار بعد أنْ تمَّ اكتشافَ أمره ؟ ، وهل يستطيعُ أنْ يدافعَ عن نفسه بعد شهادة ِ الشهودِ ، والعثور على عِقْدِي النَّفيس في درج دكَّانِه ؟
القاضي :
خُذْ عِقْدَكَ يا عطار , أمَّا أنتَ يا حاج صادق فقدْ أمرْنا بجلدِك خمسينَ جلدةً إضافةً إلى عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات عقاباً لك على خيانتِك للأمانة وحتى تكونَ عبرةً لمن اعتبر .
الراوي :
وفي هذه اللحظة كانَ تاجرُ القافلة الذي باعَ العقدَ للحاج صادق يجري مسرعا ً نَحْوَ قاعة القاضي متجاوزا ً الحراس ، حاملا ً عِقْدا ً بيده وهو يصيح ُ:

التاجر :
يا سيدي القاضي ..يا سيدي القاضي
القاضي :
من هذا المزعج ؟

الحاج صادق :
إنَّه تاجرُ القافلة ِ الذي باعني العِقْدَ يا مولاي.
القاضي :
أدْخِلوه فورا ً.

( يَدْخُلُ التاجرُ وَيَمْثُلُ أمامَ القاضي.)
القاضي :
ما حكايتُك ؟ وَلِمَ كلُّ هذه الضَجَّة ؟
التاجر :

أعرفُ يا سيدي أنَّ الحاج يشكونا لحضرتك ، ونحنُ لا نريدً أنْ نُضَيِّعَ سمعتنا في البلاد التي نَقْصِدُها ، فنحنُ بحقِّ الله أشرافٌ ..أشراف

القاضي :
ولم يشكوكم الحاج صادق ؟
التاجر :
يا سيدي القاضي لقد بعْنا للحاج صاد ق عِقْدا ً من الياقوت والزبرجد وَقَدْرُهُ مائتا دينار ، وعندما رجعتُ إلى والدي وأخبرتُه بالأمر .. لَطَمَني على وجهي .

القاضي :
ولماذا ؟
التاجر :
قال لي ويلَك .. لقد فضحتنا عندَ سيَّد ِالسُّوق وأكرمِهم جميعا ً، الحاج صادق التَّاجرُ الطَّيِّبُ الأمين .
القاضي :
وما الفضيحةُ التي خافَ منها والدُك ؟


التاجر :
يا مولاي .. طريقُ السفر محفوفٌ بالمخاطرِ وَقُطَّاع ِ الطرق ، وحمولتُنا غاليةُ الثَّمن ، ونخشى عليها كثيرا ً ، ومن أجل ِ هذا نَضَعُ بضائعَ زائفةً في حقائب ٍ وأكياس ٍ خاصة ، وَنَخفي الأشياء الثمينة في رحال الجِّمال .
القاضي : " مستغربا ً " :
وما علاقة هذا بموضوعنا ؟

التاجر :
يا مولاي .. عندما حَضَرْنَا إلى بلدتِكم الكريمة ، وأخرجنا الجواهر واللآلئ بقصدِ بيعها ، خَلَطْنَا العقودَ المزيفةَ مع العقود الحقيقية , من دونِ قصدٍ بحق الله .
القاضي :
تريدُ أنْ تقولَ أنَّ العِقْدَ الذي بعتَهُ للحاج صادق كان مزيَّفا ‍‍ً؟!

التاجر :
نعم يا مولاي , هذا العِقْدُ مزيفٌ ، ولمْ أعْرِفُ حقيقتَهُ إلا عندما عُدْتُ لأبي الذي بدوره أخبرني أنَّهُ مُزَيَّفٌ .
القاضي :
وبعد ذلك ؟



التاجر :
جَريتُ مسرعا ً أبحثُ عن الحاج صادق ، ولكني لم أجِدْه وأخبرني بعضُ سكان ِالبلدة أنَّهُ ذَهَبَ إلى القاضي ، والبعضُ الآخر قالوا : قُبِضَ عليه بسبب تلفيق ِ تهمة ٍ نكراء...
القاضي :
وهلْ أحْضَرْتَ مَعْكَ العِقْدَ الحقيقي؟
التاجر :
نعم يا مولاي ، هذا هو العِقدُ الحقيقي .
القاضي :
سبحانَ الله .. سبحانَ الله .. ظَهَرَ الحقُّ وَزَهَقَ الباطل ُ، وهو على كلِّ شيءٍ قدير .
الحاج صادق :
حمدا ً لله على كلِّ شيء .

القاضي :
" مُوجِّها ً كلامَهُ إلى العطَّار " : مالي أرى وجْهَكَ قَدِ اسْوَدَّ يا عطار ؟ ألا تدري أنَّ مَنْ حَفَرَ حفرةً لأخيه وَقَعَ فيها ؟ وعلى الباغي تدور الدوائر ، أخزاك اللهُ أيها الكاذب الحسود .
العطار :
العفو .. العفو .. يا سيدي لقد تبتُ إلى الله .
القاضي :
خذوه واجلدوه مائة جلدة ، ثم جُرُّوهُ في البلدة حتى يعرفَ جميعُ السكان ِ حقيقتَه ، وحتى نَحْفَظُ للحاج صادق اسمَه وسمعتَه التي لُوِّثَتْ بِحَسَدِ هذا العطَّارِ وَحِقْدِه ، ذلكَ الكاذب ِ ناكر ِ الجميل...

الحاج صادق :
لقدْ عَفَوْتُ عنه أيها القاضي ، فالعفوُ عند المقدرة .
القاضي :
على الرَّغم مما فَعَلَهُ بك تُريدُ أنْ تعفوَ عَنْه ؟
الحاج صادق :
يقول تعالى في كتابه العزيز : " (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)
صدق الله العظيم .
القاضي : " للشرطيين " :
اتركوا هذا العطَّارَ يَنْصَرِفُ ، وَلْيَبْقَ الحاج صادق ، هذا الرجل الطيب بجواري .

(يغادرُ العطَّاُر قاعةَ القاضي مطأطئَ الرأس ِ)

ستار




تم بعون الله

الشاعرمحمدأسامةالبهائي
24/05/2007, 07:32 PM
أخي الفاضل /
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته

منذ أن أهتم المسرحي بالأعمال المقدمة للطفل وخلال العقود المنقضية الماضية خلصت هذه الحقبة إلي وضع يدنا علي بعض الأسس والمفاهيم التي يجب إتباعها وخصوصا منذ المراحل الأولي للكتابة منها علي سبيل المثال لا الحصر تراكيب اللغة ونوعية مفرداتها وكيفية صناعة الفرجة البصرية والحرص علي عدم المباشرة في التلقين للمعلومات والأفكار لأن هناك ثمة خلل في المناهج التعليمية لها مرجعيتها بالسلبية المنعكسة علي الطفل وسلوكياته وخاصة والأستحداثات العلمية التي باتت هي الأقرب للطفل من الكبار وسرعان ماوجدنا أبنائنا هم من سبقونا لتشغيل الكمبيوتر وممارسة الألعاب الكومبيوترية الأكثر تعقيدا
الطفل لديه طاقة قادرة علي التحليق في الخيال ودائما يميل للتشويق والأثارة والمغامرة ولا يجلس أمام معلمة ليتعلم درساً لنصف ساعة وبنفس الوقت يستطيع متابعة فيلما كرتونياً لما يزيد علي الساعتين ومن هنا نري ان عناصر الجذب تفوقت علي اللغة لأنك وكما تعلم سيدي الفاضل أن معظم هذه الأفلام بلغات لايتقنها طفلنا .
والطفل العربي لديه مستوي من الذكاء يفوق غيره من الأجناس وحتي يومنا لم نستطع تنظيم الخطاب الأنشائي والمعماري لبناء شخصية هذا الطفل الذكي بالفطرة وسبحان الله في أوروبا وأميريكا الطفل لديهم أقل ذكاءً ولكن الذكاء الحقيقي في إعداده للغد وتنشئته بأساليب علمية .
وإذا ماعدنا للمسرح فهناك نصوص مسرحية يقدمها الكبار للصغار ونصوصا يقدمها الطفل نفسه للصغار وهنالك نصوصا أخري تجمع الكبار والصغار معا بالعمل المسرحي والمتعاملين مع هذه التجارب يراعون الأسس والمعايير والمتطلبات بعناية فائقة لأن الفيديو والسينما والكليبات توفر كل عناصر الفرجة مما جعل من مسرح الطفل مطالب للبحث عن بدائل لتضيق الفجوة ولذلك نهتم بالنص المكتوب منذ البداية لنصل في النهاية لمسرح لديه القدرة علي توفير الفرجة بما لها من مزايا ومميزات وقدرة علي إثبات وجودها والقوالب الأخري المستخدمة بتكنولوجيا رقمية عالية لصناعة الصورة والصوت والمؤثرات وتوفير الألوان ومحاكاة وترجمة أي فكرة مهما غاصت وحلقت في الخيال

أشكرك أخي الفاضل ومعذرة فلا تعليق علي ماكتبت من نصين مسرحيان للأطفال أقل مايقال فيهم ( مسرحة المناهج المدرسية )

تقبل تحياتي ووافر الأحترام

محمدأسامةالبهائي