المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : امرأة ... موقف !! ( قصة قصيرة )



منى العمد
25/05/2007, 02:36 AM
امرأة .... موقف

تعالت الأصوات في مقر القيادة , وأخذ 1لجنود الصهاينة يروحون ويجيئون في فرح ظاهر, يهنئ بعضهم بعضا ً, فقد نجحوا في اغتيال المجاهد الذي أعياهم وزرع الخوف في دروبهم كما غرسه في نفوسهم وقلوبهم , أعدوا له كمينا ً, ساعدهم في ذلك أبو رغال* آخر عليهم كلهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
دخل أحد الجنود فجأة ونظر إلى وجه الشهيد وقال في تخوف : أخشى ألا يكون هو !‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍
قال هذه الكلمة وكأ نما فجر قنبلة في المعسكر, ودب الرعب في قلوب الجميع وانتقلت كلماته هذه بين الجنود كما تنتقل النار في الهشيم وشاع الخوف , إذا لم يكن هو فأين هو الآن ؟
ربما يخطط الآن لعملية جديدة , بل ربما يكون بيننا يحاول تنفيذ عملية جديدة , أخذوا يتلفتون حولهم في حذر يشوبه الخوف , فقد بذلوا الكثير من الجهد والوقت والمال ونصبوا له عدة كمائن حتى إذا ظنوا أنهم ظفروا به أتاهم هذا الشك فأقلقهم وأحال سرورهم إلى يأس قاتل , قال الضابط مهدئاًَ من روعهم : بل إنه هو سنأتي بأمه إلى هنا للتعرف عليه .
وأرسل عصابة من جنوده ليأتوا بأم البطل وسرعان ما عاد الجنود بصحبتهم امرأة كبيرة في السن , تمشي بقوة لا تكترث لهؤلاء المدججين بالسلاح حولها حتى وقفت قرب جسد الشهيد المسجى .
سألها الضابط وهو يكشف وجهه : هل هذا ولدك ؟؟ نظرت المرأة إلى وجه يكاد يشع منه النور, وهم يرقبونها في تخوف واضح , يتمنون أن تنهار باكية وتتعرف إلى ولدها . لكنها خيبت آمالهم جميعاً, استمدت من ضعفهم قوة ومن خوفهم عزة ثم رفعت رأسها في كبرياء وقالت : إنه ليس ولدي.
ومضت تشق طريقها بين الجنود الذين دب الذعر واليأس في قلوبهم , حتى غادرت المعسكر وقد أحدثت كلماتها فيه فوضى عارمة .
لا يمكن , قال أحد الجنود : إنه هو, إنني أعرفه جيدا ً, قالوا : بل لا يمكن أن يكون هو , أرأيت لو كان هو ألا تصرخ أمه أو تبكي أو على الأقل تنحني لتقبله , تودعه ...!!
ولكن أيمكن أن تكون بهذه القوة وتكتم مشاعرها إلى هذا الحد ؟! لقد بدت غير مكترثة .. لا يمكن .. ربما لهول الصدمة ؟؟ ربما . ولكن ألا ترى أننا نتعامل مع صنف غريب من البشر؟ ألا تذكر تلك الأم التي زغردت إذ بشرت بمقتل ولدها , إنهم يبحثون عن الموت مظانه ربما أكثر مما نبحث نحن عن الحياة.
قرروا أخيراً أن يأتوا بخاله للتعرف عليه , وجاء الخال ومشى الطريق الذي مشته أخته قبله حتى إذا كشفوا له عن وجه الشهيد انكب عليه يقبله ويبكي ويقول : في ذمة الله يا ابن أختي في ذمة الله يا ولدي . احتار الجنود , لم يفرحوا هذه المرة , بل راحوا يتساءلون : هل أنت متأكد أنه أبن أختك ؟ ثم رجعوا إلى أنفسهم هذا خاله غارق بدموعه , إنه هو لا شك في ذلك , يحاولون إقناع أنفسهم وتسكين مخاوفهم دون جدوى فنفي المرأة لا يدع لهم مجالا للشعور بالأمان , تشاوروا فيما بينهم ثم قرروا استدعاء الأم بوجود أخيها ..
وأتت الأم رابطة الجأش ثابتة الفؤاد . وفوجئت بأخيها يبكي عند رأس الشهيد . فأطرقت تغالب مشاعرها , وأدركت أن لا سبيل للاستمرار في الإنكار التفتت إلى أخيها كالمعاتبة , لماذا؟؟
شعر الضابط ببعض الارتياح لكنه قال لها : أريد أن أسألك سؤالاً واحداً فقط : لماذا أنكرت في المرة السابقة ؟؟ لم تلتفت إليه . لكنها رفعت رأسها وقالت لأخيها : سامحك الله يا أخي لماذا أبلغتهم انه هو , كنت أريدهم أن يخافوه ميتاً كما خافوه حياً .


__________________________________________________ ______

*أبو رغال هو ذلك العربي الذي دل أبرهة على طريق البيت الحرام وهو يعلم أنه ينوي هدمه , فأصبح اسمه رمزاً لكل خائن.

محمد فؤاد منصور
25/05/2007, 08:44 AM
عزيزتى منى العمد
أهنئك على هذه اللقطة البارعة والتى تصور شجاعة هذه المناضلة الشريفة ليس فقط أمام الموت ولكن فى مواجهة النفس ومشاعرها الغريزية .
إن فقد الولد هو غياب لأبن واحد ولكن فقد الوطن هو فقدان لكل شئ ..معانٍ جميلة جديرة بالتأمل.
لك تحياتى.
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية

ابراهيم عبد المعطى داود
25/05/2007, 09:43 AM
المبدعه / منى العمد
نحن أمام عدة شخصيات متناقضه
الأم : باشراقها 000وكفاحها 00وتضحياتها 00وأخيرا بذكاءها الفطرى الذى استعملته فى أحلك فترات حياتها
كأم وأسعد لحظه كمناضله 00
الخال : صوره عكسيه لتجلد أخته وصبرها وذكاءها الفطرى
أبو رغال : رمز لكل خائن ( وما أكثرهم ) على مدى العصور
الجنود : بكل مافيهم من جبن ونذاله وعنصريه بغيضه
النص جمع بين كل هذه المتناقضات فى حبكة رائعه جذبت اهتمام القارىء بل ومست أوتار قلبه وجعلت الدمع يترقرق من مآقيه
تحيه لقلمك المبدع
ابراهيم عبد المعطى ابراهيم

صبيحة شبر
25/05/2007, 04:39 PM
المبدعة منى العمد
قصة تصور الشجاعة في اجمل صورها
الام تنكر التعرف الى جتمان الابن الشهيد
رغبة في زرع الرعب في قلوب الاعداء
امتعتني قصتك ايتها العزيزة
الشكر الجزيل لك

منى العمد
27/05/2007, 05:13 PM
أهنئك على هذه اللقطة البارعة والتى تصور شجاعة هذه المناضلة الشريفة ليس فقط أمام الموت ولكن فى مواجهة النفس ومشاعرها الغريزية .
إن فقد الولد هو غياب لأبن واحد ولكن فقد الوطن هو فقدان لكل شئ ..معانٍ جميلة جديرة بالتأمل.

الأخ الفاضل الدكتور محمد فؤاد منصور
أشكر لك ثناؤك العطر على قصتي .
نعم , إن التضحية بالغالي لا يكون إلا من أجل أغلى .
جزاك الله خيرا

منى العمد
27/05/2007, 05:20 PM
النص جمع بين كل هذه المتناقضات فى حبكة رائعه جذبت اهتمام القارىء بل ومست أوتار قلبه وجعلت الدمع يترقرق من مآقيه


الأخ الفاضل ابراهيم عبد المعطي إبراهيم
تبشرني أن قصتي وصلت قلب القارئ وفكره , وماذا أريد أكثر من ذلك ؟
شاكرة ردك الكريم وجزاك الله خيرا

منى العمد
27/05/2007, 05:31 PM
المبدعة منى العمد
قصة تصور الشجاعة في اجمل صورها
الام تنكر التعرف الى جتمان الابن الشهيد
رغبة في زرع الرعب في قلوب الاعداء
امتعتني قصتك ايتها العزيزة
الشكر الجزيل لك

اختي الكريمة صبيحة شبر
وأمتعني ردك الجميل
لك شكري وتقديري ومودتي