محمد المهدي السقال
29/10/2006, 12:04 AM
ورقة متأخرة حول :
هيأة الإنصاف والمصالحة
في المغرب
في انتظارِ اكتمالِ النِّصابِ بِالأحْياء
محمد المهدي السقال
هل يندرج إحداث هيأة للإنصاف والمصالحة في المغرب , ضمن سياق التفاعل مع متغيرات الوضع الدولي , في اتجاه استكمال الشروط المؤهلة للاندماج في نظام العولمة ؟!؟!
هل كانت الهيأة منذ البداية , استجابة لضرورات المرحلة التاريخية , على خلفية التحول في رؤية النظام الرسمي , لمفهوم وممارسة اللعبة الديموقراطية ؟!؟!
أم أنها في النهاية , محصلة مخاض سياسي , عاشته النخب الإيديولوجية الطليعية , في صدامها مع المؤسسة الحاكمة ؟!؟!
بغض النظر عما شاب الولادة والنشأة والتكوين , من سجالات حادة , مرجع أكثرها , خلاف حول المبادئ و القيم والرؤى , بحثا عن تشكل أرضية للتوافق الممكن مرحليا ,
فإن الانتهاء إلى صيغة وبنية هيأة الإنصاف والمصالحة في المغرب , يمثل تحديا فعليا لوهم الخوف التاريخي من إمكانية تجاوز الطابو السياسي.....
بل يمكن اعتبارها بحق , ضمن شروط الظرفية الانتقالية لمؤسسة النظام, والمرتبطة بالحرص على الوفاء لديباجة الدستور , بمثابة الاعتراف الرسمي بعودة الوعي للحقيقة المغيبة , خلف حُجُب القلاع التي كانت و ما تزال منتصبة , و إن بدرجات متباينة , شاهدة على الزيف الذي تعرضت له الذاكرة الوطنية , خلال ما صار يصطلح عليه بسنوات الرصاص .... وهو تعبير لكثرة تداوله بين الخاصة والعامة بحق و بغير حق , بمناسبة و بغير مناسبة , أصبح مفتقدا لدلالته الأصلية , بل يمكن الادعاء بأنه فقد مصداقية الاستمرار في تداوله , بعدما تساوى في توظيفه في الخطاب والخطاب المضاد, بين الضحية والجلاد .
غير أن ثمة ترددا لدى البعض (فرادى وجماعات) , في التعاطي مع مصداقية الهيأة , انطلاقا من طبيعة تركيبتها , وظرفية وجودها , وهو تردد مبرر , بالنظر إلى تراكمات أكثر من نصف قرن ... مع ما رافقها من ضبابية في الرؤية للواقع وتقييمه , أو ما واكبها من نزوع نحو تضخيم الأنا الإيديولوجية , لمنع بروز أية قيمة مغايرة , يمكن أن تستند إلى مرجعية مذهبية أو عقدية..... ناهيك عما أثير في الكواليس , من عصبيات إثنية أو قومية , كادت تعصف بها منذ البداية....
وازداد هذا الحرج أكثر , بعد الاستماع للدفعة الأولى من الشهادات , ضمن الجلسات العمومية على شاشة التلفزة الوطنية , إذ تكون لدى البعض , إحساس بانحياز الصوت والصورة , للاستجابة الفنية للإخراج المسرحي ....
خاصة وأن الكلمات التي سمح لها بالتعبير , قد استجابت لمعايير لفظية وأسلوبية , تعكس حرصا مسبقا على عدم الوقوع في خطأ الانفلات تحت إكراه فورة الانفعال..... مما أعاد إلى الأذهان , ذلك التوجس , من عودة الحياة إلى لغة التوافـقـات الخشبية , كما أطرتها أفعال المحاضر الحزبية والنقابية , نهاية الثمانينات وأوائل التسعينات.... بحيث هيمن بالواضح , منحى اللوم والعتاب والمؤاخذة , على الأموات من المسؤولين عن تلك الاختلالات والانحرافات . ( الأموات هنا على الحقيقة والمجاز , لأن كثيرا من الأسماء , مازالت حية ترزق , إما داخل الوطن وإما خارجه)....
و بدا واضحا توخي الحذر من عدم الزج بالأسماء الوازنة من الأحياء , وما أكثرها , سواء في الساحة السياسية , أو الاقتصادية أو الثقافية....
بعد إطلاق العنان للمزايدة على الغائب نكرة أو معرفة .... لدرجة التوصل على التواصل بين طرفي السلب والإيجاب , إلى ما يشبه الاقتناع , بأن العزف على نغمة الحاضر وآفاق المستقبل , بديلا عن النقر في الماضي و أبعاده , يمكن أن تحيل على الأمل والرجاء , فيصبح الغدُ موضوعَ الحوار , بعد أن كانت الموائد في الأصل , مُعدَّة للوصف بالبيان والتوصيف بالقانون , بل موضوعة للتعرِّي دون الافتضاح بالإساءة للضحية والجلاد ...
وهكذا , بدأ الترويج للتأليف بين المتنافر , إطرابا للنفوس الجريحة في صمت , وتمويها للحق بلباس الباطل , على صهوة يركبها فرسان عزل لا يملكون غير رصيد يبحث عن تحويل بالعملة الوطنية أو الصعبة ,
فهل كان مقصوداً ذلك السكوتُ عن إثارة مَنْ تُرجى شهادته , ولو على سبيل الاستئناس ( ومرة أخرى سواء كان داخل الوطن أو خارجه).
من هذا المنطلق , يطرح السؤال حول جدية الاتجاه الذي تسعى فيه هيأة الإنصاف والمصالحة , مادام عملها متكئا على عصا واحدة , في غياب المشاركة الفعلية للأحياء , ممن لهم كلمتهم في تبيان الحقيقة , قبل أي حديث عن المصالحة.... واللائحة طويلة عريضة , تعرف نفسها كما يعرفها التاريخ بشقيه الرسمي والشعبي ,
بمعنى أن الهيأة مطالبة باستدراج كل المعنيين بالشهادة على العصر, في موضوع انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب , تحقيقا لاكتمال النصاب القانوني , واكتساب الحكم المُتداوَل بشأنها , مصداقية إجرائية قمينة بالإقناع قبل المواساة.
أما بعد , فإذا كان الأموات جسديا , من المسؤولين قد انتهوا , ولم تتبق سوى ملامح الوشم في الذاكرة , لقراءة أسطرها المكتوبة بحروف مخضبة بالدم والنار ,
وإذا كان الأموات معنويا من المفضوحين أو المسكوت عنهم , مطالبين بالإدلاء بشهادتهم , لإنجاح مشروع طيِّ صفحة الماضي , و الانتقال بالفعل إلى مرحلة المصالحة.... مصالحة صريحة تسمي الأشياء بأسمائها , دون مجاز أو استعارة أو حتى كناية ,
فما أحوجنا إلى سماع أصوات الأحياء أيضا , ممن كان لهم نصيب ماديا كان أومعنويا , من قريب أو بعيد , في دوران طاحونة تلك الانتهاكات .... بالقول كما بالفعل , بالهمز كما بالغمز واللمز , بالإشارة كما بالتلميح والإيحاء ...
ذلك أن استمرار هيأة الإنصاف والمصالحة في الوجود , مرهون بقوة الدفع التي يمكن أن يساهم بها هؤلاء الأحياء , على اختلاف انتماءاتهم وطبقاتهم ومواقعهم , إما من تلقاء أنفسهم , بدافع المصالحة مع الذات , في إطار النقد الذاتي , وإما بإيعاز أو إشارة , ممن يعتبرون مكلفين شرعا وقانونا , بتحريك الدعوى العمومية , ضد الخطأ الجسيم في حق المجتمع المدني......
قال أحد الأصدقاء , معلقا على هذا الموضوع ,
ولماذا لا تقول: ما أحوجنا إلى هيأة موازية , تكتفي بالسماع , من خلف حجاب , للأسماء الفاعلة في التاريخ المعاصر للمغرب , ممن كانوا شهودا على الأزمات , فكانوا فاعلين و منفعلين بها , جسدا و روحا وفكرا وجدانا....
وما حسبت صديقي إلا ساخرا مما أدعو إليه , لولا أنه ألح على السير في هذا الاتجاه , مقترحا تعديل الهيأة , لتـضم تمثيليات المنظمات الجماهيرية , السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ..... وعلى رأسها قياديو الأحزاب والنقابات و الجمعيات المهنية , والدينية .... للاجتماع فيما بينهم , والخروج منهم بلجنة يتحرى فيها الصدق بالإجماع , لتشكيل هيأة للحكماء , تكون قيمة على الفصل في الشهادات , على أساس الأخذ بها أو طرحها....دون مواربة أو مكايسة .
كان علي أن أعـترف لصديقي بمنطلقي حين فكرت في الكتابة حول هذا الموضوع ,
فما كنت منشغل البال , إلا بالوقوف عند لفظة الهيأة من الناحية اللغوية , ولسان حالي يسأل: هل استشير اللغويون في صياغة تسمية الهيأة؟
لست أدري لماذا اختير لفظ الهيأة دون اللجنة
هل يمكن للهيئة أن تنفتح على مختلف مكونات المجتمع المدني , من خلال فعالياته غير الحكومية , من جمعيات حقوقية وثقافية ودينية واقتصادية ومنظمات جماهيرية , من نقابات وأحزاب وتجمعات .؟
يبدو للمتتبع الحقوقي في المغرب , أن الاتجاه الذي تسير فيه الدعوة للإنصاف والمصالحة , ذو بعد واحد , بحكم مراهنته على التصالح مع المعارضة الإيديولوجية , ذات الطابع اليساري الماركسي بالمنطق الستيني , وقد كانت تتأسس على خلفية تنازع السلطة مع النظام , انطلاقا من الاعتقاد المبدئي بقيم التغيير .
ثمة سؤال يطرح حول مدى استفادة الأحزاب السياسية خاصة , من انفتاح النظام المغربي على المجتمع المدني , وإقدامه على فتح صدره بكل جرأة , للاستماع لجراحات الأمس , هل سيجرؤ حزب سياسي من العيار الثقيل مثلا , على فتح أبوابه لمناقشة الملفات الخاصة بدوره فيما صار يصطلح عليه بسنوات الرصاص....
هل ستعلن نقابة من العيار الثقيل مثلا عن اعتزامها تكوين لجنة وطنية مستقلة ,تناط بها مهمة الفحص والتحري في ملفات الفساد والتواطؤ , كما توكل إليها مهمة الاستماع إلى كل المتضررين والشهود , ولو على سبيل إعادة الاعتبار ونفض الغبار.......
محمد المهدي السقال
المغرب
هيأة الإنصاف والمصالحة
في المغرب
في انتظارِ اكتمالِ النِّصابِ بِالأحْياء
محمد المهدي السقال
هل يندرج إحداث هيأة للإنصاف والمصالحة في المغرب , ضمن سياق التفاعل مع متغيرات الوضع الدولي , في اتجاه استكمال الشروط المؤهلة للاندماج في نظام العولمة ؟!؟!
هل كانت الهيأة منذ البداية , استجابة لضرورات المرحلة التاريخية , على خلفية التحول في رؤية النظام الرسمي , لمفهوم وممارسة اللعبة الديموقراطية ؟!؟!
أم أنها في النهاية , محصلة مخاض سياسي , عاشته النخب الإيديولوجية الطليعية , في صدامها مع المؤسسة الحاكمة ؟!؟!
بغض النظر عما شاب الولادة والنشأة والتكوين , من سجالات حادة , مرجع أكثرها , خلاف حول المبادئ و القيم والرؤى , بحثا عن تشكل أرضية للتوافق الممكن مرحليا ,
فإن الانتهاء إلى صيغة وبنية هيأة الإنصاف والمصالحة في المغرب , يمثل تحديا فعليا لوهم الخوف التاريخي من إمكانية تجاوز الطابو السياسي.....
بل يمكن اعتبارها بحق , ضمن شروط الظرفية الانتقالية لمؤسسة النظام, والمرتبطة بالحرص على الوفاء لديباجة الدستور , بمثابة الاعتراف الرسمي بعودة الوعي للحقيقة المغيبة , خلف حُجُب القلاع التي كانت و ما تزال منتصبة , و إن بدرجات متباينة , شاهدة على الزيف الذي تعرضت له الذاكرة الوطنية , خلال ما صار يصطلح عليه بسنوات الرصاص .... وهو تعبير لكثرة تداوله بين الخاصة والعامة بحق و بغير حق , بمناسبة و بغير مناسبة , أصبح مفتقدا لدلالته الأصلية , بل يمكن الادعاء بأنه فقد مصداقية الاستمرار في تداوله , بعدما تساوى في توظيفه في الخطاب والخطاب المضاد, بين الضحية والجلاد .
غير أن ثمة ترددا لدى البعض (فرادى وجماعات) , في التعاطي مع مصداقية الهيأة , انطلاقا من طبيعة تركيبتها , وظرفية وجودها , وهو تردد مبرر , بالنظر إلى تراكمات أكثر من نصف قرن ... مع ما رافقها من ضبابية في الرؤية للواقع وتقييمه , أو ما واكبها من نزوع نحو تضخيم الأنا الإيديولوجية , لمنع بروز أية قيمة مغايرة , يمكن أن تستند إلى مرجعية مذهبية أو عقدية..... ناهيك عما أثير في الكواليس , من عصبيات إثنية أو قومية , كادت تعصف بها منذ البداية....
وازداد هذا الحرج أكثر , بعد الاستماع للدفعة الأولى من الشهادات , ضمن الجلسات العمومية على شاشة التلفزة الوطنية , إذ تكون لدى البعض , إحساس بانحياز الصوت والصورة , للاستجابة الفنية للإخراج المسرحي ....
خاصة وأن الكلمات التي سمح لها بالتعبير , قد استجابت لمعايير لفظية وأسلوبية , تعكس حرصا مسبقا على عدم الوقوع في خطأ الانفلات تحت إكراه فورة الانفعال..... مما أعاد إلى الأذهان , ذلك التوجس , من عودة الحياة إلى لغة التوافـقـات الخشبية , كما أطرتها أفعال المحاضر الحزبية والنقابية , نهاية الثمانينات وأوائل التسعينات.... بحيث هيمن بالواضح , منحى اللوم والعتاب والمؤاخذة , على الأموات من المسؤولين عن تلك الاختلالات والانحرافات . ( الأموات هنا على الحقيقة والمجاز , لأن كثيرا من الأسماء , مازالت حية ترزق , إما داخل الوطن وإما خارجه)....
و بدا واضحا توخي الحذر من عدم الزج بالأسماء الوازنة من الأحياء , وما أكثرها , سواء في الساحة السياسية , أو الاقتصادية أو الثقافية....
بعد إطلاق العنان للمزايدة على الغائب نكرة أو معرفة .... لدرجة التوصل على التواصل بين طرفي السلب والإيجاب , إلى ما يشبه الاقتناع , بأن العزف على نغمة الحاضر وآفاق المستقبل , بديلا عن النقر في الماضي و أبعاده , يمكن أن تحيل على الأمل والرجاء , فيصبح الغدُ موضوعَ الحوار , بعد أن كانت الموائد في الأصل , مُعدَّة للوصف بالبيان والتوصيف بالقانون , بل موضوعة للتعرِّي دون الافتضاح بالإساءة للضحية والجلاد ...
وهكذا , بدأ الترويج للتأليف بين المتنافر , إطرابا للنفوس الجريحة في صمت , وتمويها للحق بلباس الباطل , على صهوة يركبها فرسان عزل لا يملكون غير رصيد يبحث عن تحويل بالعملة الوطنية أو الصعبة ,
فهل كان مقصوداً ذلك السكوتُ عن إثارة مَنْ تُرجى شهادته , ولو على سبيل الاستئناس ( ومرة أخرى سواء كان داخل الوطن أو خارجه).
من هذا المنطلق , يطرح السؤال حول جدية الاتجاه الذي تسعى فيه هيأة الإنصاف والمصالحة , مادام عملها متكئا على عصا واحدة , في غياب المشاركة الفعلية للأحياء , ممن لهم كلمتهم في تبيان الحقيقة , قبل أي حديث عن المصالحة.... واللائحة طويلة عريضة , تعرف نفسها كما يعرفها التاريخ بشقيه الرسمي والشعبي ,
بمعنى أن الهيأة مطالبة باستدراج كل المعنيين بالشهادة على العصر, في موضوع انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب , تحقيقا لاكتمال النصاب القانوني , واكتساب الحكم المُتداوَل بشأنها , مصداقية إجرائية قمينة بالإقناع قبل المواساة.
أما بعد , فإذا كان الأموات جسديا , من المسؤولين قد انتهوا , ولم تتبق سوى ملامح الوشم في الذاكرة , لقراءة أسطرها المكتوبة بحروف مخضبة بالدم والنار ,
وإذا كان الأموات معنويا من المفضوحين أو المسكوت عنهم , مطالبين بالإدلاء بشهادتهم , لإنجاح مشروع طيِّ صفحة الماضي , و الانتقال بالفعل إلى مرحلة المصالحة.... مصالحة صريحة تسمي الأشياء بأسمائها , دون مجاز أو استعارة أو حتى كناية ,
فما أحوجنا إلى سماع أصوات الأحياء أيضا , ممن كان لهم نصيب ماديا كان أومعنويا , من قريب أو بعيد , في دوران طاحونة تلك الانتهاكات .... بالقول كما بالفعل , بالهمز كما بالغمز واللمز , بالإشارة كما بالتلميح والإيحاء ...
ذلك أن استمرار هيأة الإنصاف والمصالحة في الوجود , مرهون بقوة الدفع التي يمكن أن يساهم بها هؤلاء الأحياء , على اختلاف انتماءاتهم وطبقاتهم ومواقعهم , إما من تلقاء أنفسهم , بدافع المصالحة مع الذات , في إطار النقد الذاتي , وإما بإيعاز أو إشارة , ممن يعتبرون مكلفين شرعا وقانونا , بتحريك الدعوى العمومية , ضد الخطأ الجسيم في حق المجتمع المدني......
قال أحد الأصدقاء , معلقا على هذا الموضوع ,
ولماذا لا تقول: ما أحوجنا إلى هيأة موازية , تكتفي بالسماع , من خلف حجاب , للأسماء الفاعلة في التاريخ المعاصر للمغرب , ممن كانوا شهودا على الأزمات , فكانوا فاعلين و منفعلين بها , جسدا و روحا وفكرا وجدانا....
وما حسبت صديقي إلا ساخرا مما أدعو إليه , لولا أنه ألح على السير في هذا الاتجاه , مقترحا تعديل الهيأة , لتـضم تمثيليات المنظمات الجماهيرية , السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ..... وعلى رأسها قياديو الأحزاب والنقابات و الجمعيات المهنية , والدينية .... للاجتماع فيما بينهم , والخروج منهم بلجنة يتحرى فيها الصدق بالإجماع , لتشكيل هيأة للحكماء , تكون قيمة على الفصل في الشهادات , على أساس الأخذ بها أو طرحها....دون مواربة أو مكايسة .
كان علي أن أعـترف لصديقي بمنطلقي حين فكرت في الكتابة حول هذا الموضوع ,
فما كنت منشغل البال , إلا بالوقوف عند لفظة الهيأة من الناحية اللغوية , ولسان حالي يسأل: هل استشير اللغويون في صياغة تسمية الهيأة؟
لست أدري لماذا اختير لفظ الهيأة دون اللجنة
هل يمكن للهيئة أن تنفتح على مختلف مكونات المجتمع المدني , من خلال فعالياته غير الحكومية , من جمعيات حقوقية وثقافية ودينية واقتصادية ومنظمات جماهيرية , من نقابات وأحزاب وتجمعات .؟
يبدو للمتتبع الحقوقي في المغرب , أن الاتجاه الذي تسير فيه الدعوة للإنصاف والمصالحة , ذو بعد واحد , بحكم مراهنته على التصالح مع المعارضة الإيديولوجية , ذات الطابع اليساري الماركسي بالمنطق الستيني , وقد كانت تتأسس على خلفية تنازع السلطة مع النظام , انطلاقا من الاعتقاد المبدئي بقيم التغيير .
ثمة سؤال يطرح حول مدى استفادة الأحزاب السياسية خاصة , من انفتاح النظام المغربي على المجتمع المدني , وإقدامه على فتح صدره بكل جرأة , للاستماع لجراحات الأمس , هل سيجرؤ حزب سياسي من العيار الثقيل مثلا , على فتح أبوابه لمناقشة الملفات الخاصة بدوره فيما صار يصطلح عليه بسنوات الرصاص....
هل ستعلن نقابة من العيار الثقيل مثلا عن اعتزامها تكوين لجنة وطنية مستقلة ,تناط بها مهمة الفحص والتحري في ملفات الفساد والتواطؤ , كما توكل إليها مهمة الاستماع إلى كل المتضررين والشهود , ولو على سبيل إعادة الاعتبار ونفض الغبار.......
محمد المهدي السقال
المغرب