المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يعيد التاريخ نفسه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟



سمير الشريف
30/05/2007, 10:29 AM
هل يعيد التاريخ نفسه؟


بسبب انعدام الوعي الفكري ،أصبحنا نحكم على الواقع من خلال تعميمات نسجتها بعض المواقف التي مرت ،لإهمال أو غفلة أو حسن نية أو عبث ، وخرجنا بنتيجة أن تلك المواقف علامات فارقة في جسد الأمة ،الأمر الذي انسحب على الشك في الفكر نفسه ،وكأن التاريخ هو مصدر الفكر وليس نتاجا له.
هذا الخلط ، وعدم الدقة دخلا إلينا من ضبابية التحديد لماهية التاريخ ، وضعف قدرة التمييز بين المصادر وبين الماهوية التاريخية.
إن بحثنا عن تعريف لماهية التاريخ ، فلن نجد أفضل من... الزمن محمولا حملا مكانيا حيا على الإنسان..." فردا وأمة وبشرية، بينما مصادر التاريخ هي كتبه التاريخية والآثار والرواية .
ومع ما قد يشوب النقطة الأولى والثانية من أخطاء ، قد ينتج عنها الإساءة للتاريخ نفسه ، فإن الرواية تظل أسلم الطرق لاستجلاء التاريخ ، بعيدا عن عثرات منقبي الآثار وأهواء مؤرخي المصالح.
نعود للتاريخ، فهل تراه يعيد نفسه؟
لا بد ، قبل الدخول في التفاصيل ، من الإشارة إلى أجواء الظروف التي دفعت بنا لتكرار هذه المقولات الهروبية التي تحمينا من مواجهة الحقيقة ، فهذه - كما غيرها - أقمناها ستارا نحتمي خلفه لنداري سوءة ضعفنا ونشرح حقيقة عجزنا.
تجّسد هذا الضعف موضوعيا ، بعد الصفعات التي تلقيناها متتابعة من وجود طفيلي، بين الزحوف البشرية العربية المتلاطمة، وما أصابنا من ذهول أفقدنا القدرة على التحليل الذي ما تعودنا عليه نتيجة سرحاننا في افياء الماضي الذي خدرنا به الإعلام المتورم ، فلم نع حقيقة وضعنا ، ولا حقيقة أنفسنا ، وجاء الأمل في رمضان 73، يمسح الذهول عن عيوننا ، لكن الذهول والحيرة ارتسما مرة أخرى عندما ُقطعت أجنحة الآمال بنصر مقصوص الجناح – والذي ثبت انه ما أريد له إلا أن يكون صفعة أخرى ، تفقدنا ما لدينا من بقية أمل.
لهذا وجد المثقف ، نفسه محبطا بعد سلسلة الانتظارات والآمال التي رسمها ، والتي كانت مذهلة النتائج ، فبدأنا بالتقوقع والعودة – منسلخين عن واقعنا ، محتمين بالجلوس تحت ظلال التاريخ - الذي يحتاج منا إعادة نظر - متناسين معنى التاريخ.
عندما نقول أن التاريخ هو الزمن محمولا حملا مكانيا على الإنسان، فإننا نعني أن التاريخ ليس هو الماضي منفصلا- ، كما أنه ليس الحاضر وليس المستقبل، بل الماضي والحاضر والمستقبل:حلقات تتداخل بتلاحم مؤثر ومتأثر ، وإلا كيف نفهم الماضي ، وكيف ننظر إليه بدون حاضر نقف عليه؟ بل كيف يتسنى لنا القفز من الحاضر إلى المستقبل بدون ماض نجعله منطلقا ؟
التاريخ زمن محدود وليس مطلق محمول ليشمل مكانا محددا بأبعاد خاصة ، مرتبط بمكان محدود وإنسان ( فرد أو أمة) حسب معادلة: زمن (ماض - حاضر – مستقبل) + مكان + إنسان.
وحتى يكون التاريخ تاريخا بحرفية المعنى، لا يمكن الاستغناء عن أحد عناصر المعادلة، فكيف للتاريخ أن يعيد نفسه؟
من خلال نظرة مدققة لعناصر المعادلة نظريا ،واستقراء سطور التاريخ، نرى أن عنصر الزمن يمكن إعادته ، بمعنى تكراره ، كيف لا ونحن في كل لحظة نحيا زمنا ؟
لكن هل هذا الزمن يطلق عليه معنى التاريخ؟
كذلك الحال بالنسبة للمكان الذي يمكن السيطرة عليه وقولبته، لكنه لن يأخذ الإطار التاريخي بعيدا ومنفصلا عن الزمان والإنسان.
من هنا نتأكد أن أية محاولة لإعادة التاريخ لن تحدث إلا من خلال التحكم بالإنسان - الأداة التي تملك القدرة على صياغة وتشكيل التاريخ بقدرته الفاعلة في التحكم بعنصري المعادلة حيث انه الذي يملك القدرة على صياغة وتشكيل التاريخ بفهمه واستيعابه للنظرية التاريخية بشمول واضح، مع فهم حقيقة دوره الفعّال، أما فهم مقولة "التاريخ يعيد نفسه"فلن يكتب لها التحقق إلا بإمساك الإنسان نفسه بعنصري المعادلة وإعادة صياغتهما من جديد ، لنضع التاريخ في سياقه.
لحظة الحركة إذا مرهونة بالإنسان ، طالما أن عنصر الزمن وعنصري المكان والزمان موجودين، فالإنسان هو الأخطر عندما يستعيد ثقته بنفسه ويستجلي حقيقة دوره الذي استخلف فيه ليقوم بيده وفكره بإعادة التاريخ صياغة وإيجادا وتشكيلا،لا نقلا واستنساخا لآليات كان لها ناسها وزمكانها، لتدور عجلة الحياة ويسير دولاب الزمن، وعندئذ نكون قد أعدنا التاريخ لا أن يعيد التاريخ نفسه، فنكون بحق خير أمة أخرجت للناس.

ريمه الخاني
30/05/2007, 10:52 PM
اعتر الموضوع دعوة لاستقراء تاريخنا واستجلاء مكامن النصر فيه ومحاولة اعادته بطريقة اسلامية
دعني اصفق لك اديبنا وناقدنا

سمير الشريف
31/05/2007, 02:10 AM
أشكرك أديبتنا العزيزة.......
ارجو أن يجد نداؤك آذانا صاغية
سرني مرورك

ريمه الخاني
01/06/2007, 08:04 AM
اتمنى فعلا
تحية لحرفك القوي

سعيد نويضي
01/07/2007, 01:51 AM
بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...الأستاذ سمير الشريف...
الحقيقة أن كلمتي البسيطة ليست بمستوى حجم السؤال المطروح... و لا بحجم المكانة التي تتمتعون بها في المسار التاريخي في عالم الفكر و الإبداع...فاعذرني أستاذي إن صدر مني سوء فهم للموضوع أو شيء من هذا القبيل...
هل التاريخ يعيد نفسه؟ مقولة تتكرر في العديد من المناسبات...خاصة عندما يحدث شيء يتجاوز حدود المألوف...و يكون قد تم من قبل بشكل متشابه له أو مطابق له...هنا تبدو لي فكرة العادة هي الفيصل في تكرار هذه المقولة...فالتاريخ لا يعيد نفسه إلا بالقدر الذي نسقط عليه ذواتنا و طرق تفكيرنا...دون أن ندرك أن الليل لا يشبه الليل...أو النهار لا يشبه النهار...إلا من حيث الكلمة التي تعني الشيء في ذاته...صحيح أن الوعي بصفة عامة هو الحد الفاصل بين معرفة الأشياء على حقيقتها...و الوعي الفكري بشكل خاص هو المحدد لما هو ثابت و ما هو متغير في حركة الزمن...أعتقد أن التاريخ هو حركة الإنسان ذات الأثر الملموس في واقع الزمن...فسؤال ما هو التاريخ؟ أو كما تفضلتم بطرح ماهية التاريخ...جعلني أرى أن الإنسان إما في حالة حركة أو في حالة سكون...فالحركة هي المنتجة ...هي الفاعلة...هي المؤثرة...هي التي تحمل سر الحياة...و سر فعل أحيا...فالأبعاد التي لا يمكن للإنسان أن يعيش خارجها هي كما تفضلتم أربعة:ثلاثة منها زمنية و الرابعة مكانية...و ليس عبثا أن يكون للإنسان ماض و حاضر و مستقبل...ذلك هذه الأبعاد الأربعة لا يمكن أن تتم إلا بين توالي الليل و النهار و تعاقبهما...يقول الله عز و جل: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً }الإسراء12
وجعلنا الليل والنهار علامتين دالَّتين على وحدانيتنا وقدرتنا، فمَحَوْنا علامة الليل -وهي القمر- وجعلنا علامة النهار -وهي الشمس- مضيئة؛ ليبصر الإنسان في ضوء النهار كيف يتصرف في شؤون معاشه، ويخلد في الليل إلى السكن والراحة، وليعلم الناس -من تعاقب الليل والنهار- عدد السنين وحساب الأشهر والأيام، فيرتبون عليها ما يشاءون من مصالحهم. وكل شيء بيَّناه تبيينًا كافيًا...فالحركة التي تصدر من الإنسان هي :ابتغاء الفضل...و ابتغاء الفضل لا يكون إلا بعلم لحركة الزمن في ما مضى و في ما سيأتي...و في اللحظة التي نجسدها بالحركة بفعل وعينا بها...فالمعادلة التي أشرت إليها يا أستاذ،التاريخ= زمن[ماض+حاضر+مستقبل]+مكان+إنسان...أعتقد أنه إذا أضفنا علامةx في[التفاعل الحيوي]...يصبح الماضي الساكن يحمل حياة...يحمل شحنة موجبة...و يصبح الحاضر الذي هو بشكل أو بآخر امتداد للماضي...امتداد للحياة...للحيوية...للتفاعل...للتدافع...للتأثير...و ليس للخمول و الاتكالية و السلبية...فالتراكم دون تفاعل يضل في دائرة الأقوال دون الأفعال...فلا يمكن بحال من الأحوال أن نعيد للوجود زمن البعثة المحمدية، زمن الرسول عليه أفضل صلوات الله و سلامه عليه أو عهد الصحابة رضوان الله عليهم جميعا...بل لن نستطيع إعادة اللحظة التي مرت بنا مند قليل...فكيف نعيد زمنا ولى و أصبح في خبر كان...لماذا؟لأن الحياة لا تنطبق إلا على الحاضر و المستقبل...و فعل الحياة لا يمكن أن يكون في الماضي إلا بالقدر ـــ و هذا هو بيت القصيد في ظاهرة التاريخ كظاهرة اجتماعية و في ماهية التاريخ كسؤال وجودي يفرض نفسه على كل إنسان ـــ أقول إلا بالقدر الذي يستنبط و يستقرأ منه العبر و السنن لبناء ما هو آت و ما هو مستقبلي...فالله عز و جل قد حدد الأشهر يوم خلق السماوات و الأرض... {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ ...سورة التوبة الآية 36]...الدورة الزمنية محددة لا يمكن أن نضيف إليها أو ننقص منها...و لكن ما عسانا أن نفعل؟يقول جل و علا: {ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ }هود100
ذلك الذي ذكرناه لك -أيها الرسول- من أخبار القرى التي أهلكنا أهلها نخبرك به, ومن تلك القرى ما له آثار باقية, ومنها ما قد مُحِيَتْ آثاره, فلم يَبْق منه شيء...فالعالم أصبح قرية صغيرة...في عرف الإنسان...أما في ملك الله جل و علا فلا يساوي جناح بعوضة...و لذلك كانت القصص لنأخذ العبرة... {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ }الأعراف101
تلك القرى التي تَقَدَّم ذِكْرُها, وهي قرى قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب, نقصُّ عليك -أيها الرسول- من أخبارها, وما كان من أَمْر رسل الله التي أرسلت إليهم, ما يحصل به عبرة للمعتبرين وازدجار للظالمين. ولقد جاءت أهلَ القرى رسلنا بالحجج البينات على صدقهم, فما كانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرسل; بسبب طغيانهم وتكذيبهم بالحق, ومثل خَتْمِ الله على قلوب هؤلاء الكافرين المذكورين يختم الله على قلوب الكافرين بمحمد صلى الله عليه وسلم. فلو استوعبنا قصص القرآن الكريم الذي تم في زمن أبعد بكثير من زمننا...و استعبنا قصص زماننا الحديث...و استطعنا أن نصل إلى السنن و القوانين التي تتحكم في الحياة بكليتها و شموليتها...لكان النصر حليفنا...و سيكون... إن شاء الله عز و جل ذلك ...و خير مثال على ما أعطيت هو 73 فهل كان نصرا أم صفعة؟ يقول الله جل و علا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }الأنفال24
يا أيها الذين صدِّقوا بالله ربًا وبمحمد نبيًا ورسولا استجيبوا لله وللرسول بالطاعة إذا دعاكم لما يحييكم من الحق, ففي الاستجابة إصلاح حياتكم في الدنيا والآخرة, واعلموا -أيها المؤمنون- أن الله تعالى هو المتصرف في جميع الأشياء, والقادر على أن يحول بين الإنسان وما يشتهيه قلبه, فهو سبحانه الذي ينبغي أن يستجاب له إذا دعاكم; إذ بيده ملكوت كل شيء, واعلموا أنكم تُجمعون ليوم لا ريب فيه, فيجازي كلا بما يستحق. فالحياة هي الفعل الأساسي لممارسة الوجود و الكينونة...و لا يمكن أن تتحقق في الدارين إلا بالاستجابة لنداء الله و لرسوله...و الاستجابة لا تكون بدون علم و وعي...فهل استطاعت خير أمة أخرجت للناس أن لا تسقط في دائرة الآية الكريمة التي تقول في حق أمة حق عليها القول من قبل: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }الجمعة5
شَبَهُ اليهود الذين كُلِّفوا العمل بالتوراة ثم لم يعملوا بها, كشَبه الحمار الذي يحمل كتبًا لا يدري ما فيها, قَبُحَ مَثَلُ القوم الذين كذَّبوا بآيات الله, ولم ينتفعوا بها, والله لا يوفِّق القوم الظالمين الذين يتجاوزون حدوده, ويخرجون عن طاعته.
فهل حملنا كتاب الله جل و علا كما ينبغي قولا و عملا...فهما و تطبيقا...نظرية و سلوكا...أم أننا فهمنا كتاب الله جل و علا و عجزنا عن التطبيق؟؟؟؟؟؟...و هنا الخطاب موجه لكل من يملكون العلم بالكتاب و سلطة القرار و استيعاب الواقع بكل تناقضاته... فهل هناك من يشد إرادتنا و إرادتهم بأغلال و قيود... ورد في الحديث القدسي عن رب العزة عن الرسول صلى الله عليه و سلم:ياداوود أنت تريد و أنا أريد فإن سلمت لي فيما أريد سلمت لك فيما تريد و إن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد و لا يكون إلا ما أريد...فهل سلمنا لله عز و جل فيما يريد؟
أعتذر أستاذي إن قلت أننا لازلنا أبعد ما نكون عن التسليم لله عز و جل فيما يريد....
أستغفر الله لي و لكم و للمسلمين و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...

سعيد نويضي
01/07/2007, 01:51 AM
بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...الأستاذ سمير الشريف...
الحقيقة أن كلمتي البسيطة ليست بمستوى حجم السؤال المطروح... و لا بحجم المكانة التي تتمتعون بها في المسار التاريخي في عالم الفكر و الإبداع...فاعذرني أستاذي إن صدر مني سوء فهم للموضوع أو شيء من هذا القبيل...
هل التاريخ يعيد نفسه؟ مقولة تتكرر في العديد من المناسبات...خاصة عندما يحدث شيء يتجاوز حدود المألوف...و يكون قد تم من قبل بشكل متشابه له أو مطابق له...هنا تبدو لي فكرة العادة هي الفيصل في تكرار هذه المقولة...فالتاريخ لا يعيد نفسه إلا بالقدر الذي نسقط عليه ذواتنا و طرق تفكيرنا...دون أن ندرك أن الليل لا يشبه الليل...أو النهار لا يشبه النهار...إلا من حيث الكلمة التي تعني الشيء في ذاته...صحيح أن الوعي بصفة عامة هو الحد الفاصل بين معرفة الأشياء على حقيقتها...و الوعي الفكري بشكل خاص هو المحدد لما هو ثابت و ما هو متغير في حركة الزمن...أعتقد أن التاريخ هو حركة الإنسان ذات الأثر الملموس في واقع الزمن...فسؤال ما هو التاريخ؟ أو كما تفضلتم بطرح ماهية التاريخ...جعلني أرى أن الإنسان إما في حالة حركة أو في حالة سكون...فالحركة هي المنتجة ...هي الفاعلة...هي المؤثرة...هي التي تحمل سر الحياة...و سر فعل أحيا...فالأبعاد التي لا يمكن للإنسان أن يعيش خارجها هي كما تفضلتم أربعة:ثلاثة منها زمنية و الرابعة مكانية...و ليس عبثا أن يكون للإنسان ماض و حاضر و مستقبل...ذلك هذه الأبعاد الأربعة لا يمكن أن تتم إلا بين توالي الليل و النهار و تعاقبهما...يقول الله عز و جل: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً }الإسراء12
وجعلنا الليل والنهار علامتين دالَّتين على وحدانيتنا وقدرتنا، فمَحَوْنا علامة الليل -وهي القمر- وجعلنا علامة النهار -وهي الشمس- مضيئة؛ ليبصر الإنسان في ضوء النهار كيف يتصرف في شؤون معاشه، ويخلد في الليل إلى السكن والراحة، وليعلم الناس -من تعاقب الليل والنهار- عدد السنين وحساب الأشهر والأيام، فيرتبون عليها ما يشاءون من مصالحهم. وكل شيء بيَّناه تبيينًا كافيًا...فالحركة التي تصدر من الإنسان هي :ابتغاء الفضل...و ابتغاء الفضل لا يكون إلا بعلم لحركة الزمن في ما مضى و في ما سيأتي...و في اللحظة التي نجسدها بالحركة بفعل وعينا بها...فالمعادلة التي أشرت إليها يا أستاذ،التاريخ= زمن[ماض+حاضر+مستقبل]+مكان+إنسان...أعتقد أنه إذا أضفنا علامةx في[التفاعل الحيوي]...يصبح الماضي الساكن يحمل حياة...يحمل شحنة موجبة...و يصبح الحاضر الذي هو بشكل أو بآخر امتداد للماضي...امتداد للحياة...للحيوية...للتفاعل...للتدافع...للتأثير...و ليس للخمول و الاتكالية و السلبية...فالتراكم دون تفاعل يضل في دائرة الأقوال دون الأفعال...فلا يمكن بحال من الأحوال أن نعيد للوجود زمن البعثة المحمدية، زمن الرسول عليه أفضل صلوات الله و سلامه عليه أو عهد الصحابة رضوان الله عليهم جميعا...بل لن نستطيع إعادة اللحظة التي مرت بنا مند قليل...فكيف نعيد زمنا ولى و أصبح في خبر كان...لماذا؟لأن الحياة لا تنطبق إلا على الحاضر و المستقبل...و فعل الحياة لا يمكن أن يكون في الماضي إلا بالقدر ـــ و هذا هو بيت القصيد في ظاهرة التاريخ كظاهرة اجتماعية و في ماهية التاريخ كسؤال وجودي يفرض نفسه على كل إنسان ـــ أقول إلا بالقدر الذي يستنبط و يستقرأ منه العبر و السنن لبناء ما هو آت و ما هو مستقبلي...فالله عز و جل قد حدد الأشهر يوم خلق السماوات و الأرض... {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ ...سورة التوبة الآية 36]...الدورة الزمنية محددة لا يمكن أن نضيف إليها أو ننقص منها...و لكن ما عسانا أن نفعل؟يقول جل و علا: {ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ }هود100
ذلك الذي ذكرناه لك -أيها الرسول- من أخبار القرى التي أهلكنا أهلها نخبرك به, ومن تلك القرى ما له آثار باقية, ومنها ما قد مُحِيَتْ آثاره, فلم يَبْق منه شيء...فالعالم أصبح قرية صغيرة...في عرف الإنسان...أما في ملك الله جل و علا فلا يساوي جناح بعوضة...و لذلك كانت القصص لنأخذ العبرة... {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ }الأعراف101
تلك القرى التي تَقَدَّم ذِكْرُها, وهي قرى قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب, نقصُّ عليك -أيها الرسول- من أخبارها, وما كان من أَمْر رسل الله التي أرسلت إليهم, ما يحصل به عبرة للمعتبرين وازدجار للظالمين. ولقد جاءت أهلَ القرى رسلنا بالحجج البينات على صدقهم, فما كانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرسل; بسبب طغيانهم وتكذيبهم بالحق, ومثل خَتْمِ الله على قلوب هؤلاء الكافرين المذكورين يختم الله على قلوب الكافرين بمحمد صلى الله عليه وسلم. فلو استوعبنا قصص القرآن الكريم الذي تم في زمن أبعد بكثير من زمننا...و استعبنا قصص زماننا الحديث...و استطعنا أن نصل إلى السنن و القوانين التي تتحكم في الحياة بكليتها و شموليتها...لكان النصر حليفنا...و سيكون... إن شاء الله عز و جل ذلك ...و خير مثال على ما أعطيت هو 73 فهل كان نصرا أم صفعة؟ يقول الله جل و علا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }الأنفال24
يا أيها الذين صدِّقوا بالله ربًا وبمحمد نبيًا ورسولا استجيبوا لله وللرسول بالطاعة إذا دعاكم لما يحييكم من الحق, ففي الاستجابة إصلاح حياتكم في الدنيا والآخرة, واعلموا -أيها المؤمنون- أن الله تعالى هو المتصرف في جميع الأشياء, والقادر على أن يحول بين الإنسان وما يشتهيه قلبه, فهو سبحانه الذي ينبغي أن يستجاب له إذا دعاكم; إذ بيده ملكوت كل شيء, واعلموا أنكم تُجمعون ليوم لا ريب فيه, فيجازي كلا بما يستحق. فالحياة هي الفعل الأساسي لممارسة الوجود و الكينونة...و لا يمكن أن تتحقق في الدارين إلا بالاستجابة لنداء الله و لرسوله...و الاستجابة لا تكون بدون علم و وعي...فهل استطاعت خير أمة أخرجت للناس أن لا تسقط في دائرة الآية الكريمة التي تقول في حق أمة حق عليها القول من قبل: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }الجمعة5
شَبَهُ اليهود الذين كُلِّفوا العمل بالتوراة ثم لم يعملوا بها, كشَبه الحمار الذي يحمل كتبًا لا يدري ما فيها, قَبُحَ مَثَلُ القوم الذين كذَّبوا بآيات الله, ولم ينتفعوا بها, والله لا يوفِّق القوم الظالمين الذين يتجاوزون حدوده, ويخرجون عن طاعته.
فهل حملنا كتاب الله جل و علا كما ينبغي قولا و عملا...فهما و تطبيقا...نظرية و سلوكا...أم أننا فهمنا كتاب الله جل و علا و عجزنا عن التطبيق؟؟؟؟؟؟...و هنا الخطاب موجه لكل من يملكون العلم بالكتاب و سلطة القرار و استيعاب الواقع بكل تناقضاته... فهل هناك من يشد إرادتنا و إرادتهم بأغلال و قيود... ورد في الحديث القدسي عن رب العزة عن الرسول صلى الله عليه و سلم:ياداوود أنت تريد و أنا أريد فإن سلمت لي فيما أريد سلمت لك فيما تريد و إن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد و لا يكون إلا ما أريد...فهل سلمنا لله عز و جل فيما يريد؟
أعتذر أستاذي إن قلت أننا لازلنا أبعد ما نكون عن التسليم لله عز و جل فيما يريد....
أستغفر الله لي و لكم و للمسلمين و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...

سمير الشريف
01/07/2007, 04:29 PM
جزاكم الله اخي الكريم و بارك في علمك وأنار بصيرتك.........
إضافة حقيقية وإضاءة قيمة .....
ما زلنا ننتظر التيه الأكبر
حتى نعود....وصدق الله بقوله( حتى يغيروا ما بانفسهم)
اشكرك
وأتمنى لك
التوفيق
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

سمير الشريف
01/07/2007, 04:29 PM
جزاكم الله اخي الكريم و بارك في علمك وأنار بصيرتك.........
إضافة حقيقية وإضاءة قيمة .....
ما زلنا ننتظر التيه الأكبر
حتى نعود....وصدق الله بقوله( حتى يغيروا ما بانفسهم)
اشكرك
وأتمنى لك
التوفيق
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أمير جبار الساعدي
07/07/2007, 03:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتم الله عليكم أستاذتي الاكارم نعمة علمه ومنة رحمته لما تكتبون من طروحات نستمد منها التجدد والتواصل مع ماضينا وحاضرنا سعيا نحو المستقبل ، قلتم سادتي بأن التأريخ = زمن[ماض+حاضر+مستقبل]+مكان+إنسان... فإن الزمن المستقبل الذي لم يأتي بعد وقد بينه لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه في معجزة المعراج ،وما بينته الآية الكريمة من العودة الى تحرير أرض المقدس .الأ ترون سادتي إن الإخبار عنها كان في الزمن الماضي وإن مجرياتها تستمر وصلا الى زمن المستقبل ،وأين الآية الكريمة تخبرنا ((تلك الأيام نداولها بين الناس)) هل تدوال هذه الايام قد تكون هي أن التأريخ يعيد نفسه مرة أخرى .مع العلم بأني أتفق مع كل ما طرحتوه من أن الأصل في ذلك هي الوصول الى التجدد في قرأة التأريخ وليس إعادة تفاصيل الأحداث والمسميات ولكني أعتقد بأن وجود نفس سيناريوهات الأحداث على مرالزمن قد تعيد التأريخ.
باحث وإعلامي: http://iraqisoul.friendsofdemocracy.net

سمير الشريف
09/07/2007, 01:35 AM
أخي العزيز أمير......
هو كذلك أيها الحبيب
لكننا نحتاج لرجال
يستوعبون حراك التاريخ ونهوض الأمم وشروط النهضة
ويقرأون ذلك على هدى من فكرهم ورسالتهم
غير مضبوعين بالاخر ومنجزه المادي...
دم بود...................